مشاركة القطاع الخاص في السعودية تحمي من تعطيل المشروعات الحكومية والاقتراض

جودة الإدارة وتحسين الخدمات أهم المكاسب

مشاركة القطاع الخاص في السعودية تحمي من تعطيل المشروعات الحكومية والاقتراض
مشاركة القطاع الخاص في السعودية تحمي من تعطيل المشروعات الحكومية والاقتراض
TT

مشاركة القطاع الخاص في السعودية تحمي من تعطيل المشروعات الحكومية والاقتراض

مشاركة القطاع الخاص في السعودية تحمي من تعطيل المشروعات الحكومية والاقتراض
مشاركة القطاع الخاص في السعودية تحمي من تعطيل المشروعات الحكومية والاقتراض

في الوقت الذي يواجه فيه الاقتصاد السعودي تحديات كبرى للحفاظ على مستويات معقولة من الإنفاق الحكومي، توقع محللون أن يحفز ذلك حكومة المملكة لتوسيع المشاركة مع القطاع الخاص، من خلال برنامج للتخصيص، لزيادة الإيرادات والتخفيف من ضغوط الإنفاق على المشاريع الأساسية والحفاظ على تسيير المشاريع التنموية وفقا للمخطط دون الاضطرار للاقتراض.
وقال اقتصاديون إن التوسع في مشاركة القطاع الخاص في مشاريع الخدمات الحكومية سيعزز الاقتصاد السعودي، وهو ضمن التوجهات الاستراتيجية للخطة التنموية، إلا أن الحاجة إلى هذه الخطوة باتت أكثر إلحاحًا في الوقت الذي تنخفض فيه أسعار النفط، المورد الأساسي للبلاد، مؤكدين أن خصخصة القطاعات الحكومية ستعزز إيرادات الدولة ويرفع كفاءة وأداء المشاريع التنموية خصوصًا المرتبطة بالخدمات مثل قطاع المطارات والصحة والموانئ والمياه والطاقة.
وقال سراج الحارثي، نائب رئيس لجنة الأوراق المالية بغرفة جدة غرب السعودية، إن السعودية لديها تجارب ناجحة في خصخصة بعض القطاعات مثل الاتصالات وما نتج عنه من تطوير للخدمات وزيادة إيرادات الدولة من خلال طرح رخص تقديم الخدمات أمام الشركات، مشيرًا إلى أن الفترة المقبلة ستشهد نقلة نوعية كبرى في طريق الخصخصة.
وأضاف الحارثي أن «هناك كثيرا من القطاعات المعنية بالتخصيص، وفي مقدمتها المطارات، إذ بدأت هيئة الطيران المدني في خصخصة القطاع ورفع مشاركة القطاع الخاص في المشاريع والفرص الاستثمارية، كما تم منح القطاع الخاص فرصة تشغيل الأرصفة البحرية بالشراكة مع الموانئ»، لافتا إلى أن هذه الخطوة سترفع إيرادات الدولة وستخفف من اعتمادها على النفط في السنوات المقبلة.
وقالت سارة بغدادي، عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية في جدة، إن الحكومة السعودية لديها توجه قوي خلال الفترة المقبلة للتوسع في إشراك القطاع الخاص في المشاريع من خلال الاستفادة من التجارب العالمية في هذا المجال، مما يساعد في تخفيف الاعتماد على النفط وزيادة الإيرادات الحكومية، نتيجة للعائد الكبير الذي سينتج عن الخصخصة، مشيرة إلى أنه تم تخصيص جلسات منتدى جدة الاقتصادي في الدورة الحالية للحديث عن التحول الحكومي وبرامج الخصخصة، حيث سيتم التوسع في طرح المبادرات ومناقشة الإيجابيات وتجاوز السلبيات من خلال الاطلاع على تجارب الدول المشاركة في فعاليات المنتدى التي يمثلها خبراء ومختصون في التنمية الاقتصادية.
من جانبها، توقعت «أرقام كابيتال»، في تقرير استراتيجي أصدرته بمناسبة انعقاد منتدى جدة الاقتصادي، أن يكون للتغيرات الحاصلة في السياسات الاقتصادية والمالية التي تنتهجها المملكة العربية السعودية، دور في أفق التحول الاقتصادي، وتحقيق التوازن المالي المستدام.
وأشار التقرير إلى أن استقراء التاريخ يبرز أن انخفاض أسعار النفط لفترة طويلة مصحوبًا بتخفيض الإنفاق الرأسمالي يؤثر سلبًا في نمو الائتمان، وجودة الأصول، وقيمة الأسهم، وتماسك الاقتصاد بشكل عام.
وتقوم الحكومة السعودية في الوقت الراهن بتمويل أكثر من 80 في المائة من مشاريع البنية التحتية، فيما تمثل الشراكات بين القطاعين العام والخاص حاليًا 4 في المائة فقط من إجمالي المشاريع، وفي هذا الإطار فمن المتوقع أن يتم اللجوء إلى الشراكات بين القطاعين العام والخاص باعتبارها بديلا من أجل تفادي تقليص كبير للإنفاق الرأسمالي الذي من شأنه إضعاف القطاعات غير النفطية.
وقال سهيل حاجي، المدير التنفيذي ورئيس قسم إدارة أصول البنية التحتية في «أرقام كابيتال»: «تتخذ السعودية خطوات ملموسة نحو زيادة التنويع الاقتصادي، ويشمل ذلك خصخصة بعض الأصول المملوكة للدولة، ونتوقع أن يتوسع نطاق موجة الخصخصة عقب إعلان الحكومة عن جاهزية المطارات والمستشفيات والمرافق التعليمية لتلك العملية، ونحن ننظر إلى تلك الخطوة من منظور إيجابي، ويعود ذلك جزئيًا إلى زيادة العائدات التي ستتلقاها الحكومة على المدى القصير، عدا عن كونها ستساعد في تخفيف بعض الضغط الواقع على احتياطات المملكة من النقد الأجنبي، وخفض تكاليف الاقتراض، وستساعد في الوقت ذاته على زيادة كفاءة تلك الأصول».
وأضاف أن «السعودية ملتزمة بالشراكات بين القطاعين العام والخاص، وقد تجسّد ذلك فعليًا في قطاع الطيران المدني، مع إعلان الحكومة عن نيتها خصخصة المطارات الدولية والمحلية بحلول عام 2020، وفي الواقع، لقد أرست الحكومة أسس أول برامج الشراكة من هذا النوع في عام 2015 عندما دشّنت مطار الأمير محمد بن عبد العزيز في المدينة بتكلفة 1.4 مليار دولار أميركي، ونتوقع أن يستمر هذا التوجه، حيث تهدف الحكومة إلى التقليل من التكاليف وتجنب التمويل العام».
وأشار التقرير إلى أنه وبالنظر إلى أوجه التشابه بين التحديات المالية الحالية التي تواجهها السعودية والتداعيات التي واجهتها في أوائل ثمانينات القرن الماضي، حين أجبرتها الزيادة المفرطة في المعروض النفطي حينها على خفض نشاط جميع أصولها، فإنه من المتوقع أن تقوم هذه المرة باستكشاف إمكانية توسيع مبادرات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، الأمر الذي سيحقق مكاسب هائلة عبر الاستفادة من شراكاتها المتنامية مع القطاع الخاص لتوفير مصدر دخل جديد للتمويل، إلى جانب منافع أخرى مهمة مثل الإدارة والتنفيذ والخدمات الأفضل والتقدم على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي.
ويتوقع التقرير أن تشهد أسواق النفط حالة كسادٍ لبعض الوقت، مع عدم توقع انتعاش أسعاره في النصف الأول من العام الحالي، كما يتوقع أن يستمر تراجع الإنفاق الرأسمالي العام في السعودية وارتفاع عدد المشاريع المؤجلة أو الملغاة، التي كانت قد ارتفعت بنسبة 7 في المائة خلال العام الماضي.
ويوضح تقرير أرقام أن تأجيل أو إلغاء الإنفاق الرأسمالي العام بصورة كاملة في قطاعات النقل والإنشاء والطاقة يؤدي إلى وضع البلاد تحت ضغطٍ شديد، خصوصا مع الاحتياجات المتزايدة للسكان.
وقد تسعى السعودية لإعداد برامج شراكات بين القطاعين العام والخاص لتشجيع القطاع الخاص على المشاركة في مجموعة متنوعة من المشاريع، وبالتالي الحد من حاجة الحكومة للحصول على قروض إضافية أو تعليق العمل في مزيد من المشاريع الأساسية.



«ستاندرد آند بورز» تتوقع تأثيراً محدوداً لزيادة أسعار الديزل على كبرى الشركات السعودية

العاصمة السعودية الرياض (واس)
العاصمة السعودية الرياض (واس)
TT

«ستاندرد آند بورز» تتوقع تأثيراً محدوداً لزيادة أسعار الديزل على كبرى الشركات السعودية

العاصمة السعودية الرياض (واس)
العاصمة السعودية الرياض (واس)

قالت وكالة «ستاندرد آند بورز» العالمية للتصنيف الائتماني، إن زيادة أسعار وقود الديزل في السعودية ستؤدي إلى زيادة هامشية في تكاليف الإنتاج للشركات المحلية المصنفة. إلا إن رأت أن هذه الزيادة قد تؤثر بشكل أكبر على هوامش ربحها بشكل عام وقدرتها التنافسية، حيث ستظهر التكلفة الإضافية في البيانات المالية للشركات بدءاً من الربع الأول من العام الحالي.

ورغم ذلك، تؤكد الوكالة في تقرير حديث اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن الشركات الكبرى مثل «سابك» و«المراعي» و«الشركة السعودية للكهرباء» ستكون قادرة على إدارة هذه الزيادة في التكاليف دون تأثير ملموس على جودة الائتمان الخاصة بها. وبالنسبة لـ«سابك» و«المراعي»، لا يُتوقع أن تؤثر زيادة أسعار المواد الأولية بشكل كبير على ربحية الشركتين. أما «الشركة السعودية للكهرباء»، فإن الوكالة تشير إلى أن الحكومة قد تقدم دعماً استثنائياً في حال الحاجة.

تجدر الإشارة إلى أن «أرامكو السعودية» كانت قد أعلنت رفع أسعار الديزل إلى 1.66 ريال للتر، بدءاً من الأول من يناير (كانون الثاني) الحالي. فيما أبقت على أسعار كل أنواع المحروقات الأخرى كما هي عند 2.18 ريال للتر البنزين 91، و2.33 للتر البنزين 95، و1.33 ريال للكيروسين، و1.04 لغاز البترول المسال.

وبحسب التقرير، من المتوقع أن يسهم هذا القرار «في تقليص تكاليف الدعم الحكومي، مع إمكانية إعادة توجيه المدخرات الناتجة لدعم مشاريع (رؤية 2030)، التي تتطلب تمويلات ضخمة تقدر بأكثر من تريليون دولار».

وفيما يتعلق بـ«سابك»، تتوقع الوكالة أن تتمكن الشركة من التخفيف من التأثيرات السلبية المحتملة على هوامش الربح بفضل الحصول على أكثر من نصف المواد الأولية بأسعار تنافسية من مساهمها الرئيسي «أرامكو»، وأن تظل قادرة على التفوق على نظيراتها العالمية في مجال الربحية. وعلى سبيل المثال، تقدر الشركة أن تكلفة مبيعاتها سترتفع بنسبة 0.2 في المائة فقط، ومن المتوقع أن تظل هوامش الأرباح المعدلة قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء بين 15 و18 في المائة في الفترة 2024-2025، مقارنةً مع 14.9 في المائة خلال 2023.

أما «المراعي»، فتتوقع الوكالة أن تكون تكاليفها الإضافية بسبب زيادة أسعار الوقود نحو 200 مليون ريال في عام 2025، بالإضافة إلى تأثيرات غير مباشرة من أجزاء أخرى من سلسلة التوريد. ومع ذلك، تظل الشركة واثقة في قدرتها على الحفاظ على نمو الإيرادات والربحية، مع التركيز على تحسين الكفاءة التشغيلية والتخفيف من هذه الآثار، وفق التقرير. وبحسب التقرير، تشير النتائج المالية الأخيرة لـ«المراعي» إلى زيادة في الإيرادات بنسبة 9 في المائة خلال الـ12 شهراً حتى 30 سبتمبر (أيلول) 2024، حيث بلغ إجمالي الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء 4.2 مليار ريال.

وتتوقع الوكالة نمواً في إيرادات الشركة بنسبة 6 إلى 12 في المائة عام 2025، بفضل النمو السكاني وزيادة الاستهلاك، بالإضافة إلى إضافة سعة جديدة ومنتجات مبتكرة. أما «الشركة السعودية للكهرباء»، فتشير الوكالة إلى أن الحكومة قد تغطي جزءاً من التكاليف الإضافية الناتجة عن ارتفاع أسعار الغاز، بما يعادل 6 إلى 7 مليارات ريال.