برلين.. لكل سائح فيها حيُه

من أكثر المدن الألمانية حيوية

برلين.. لكل سائح فيها حيُه
TT

برلين.. لكل سائح فيها حيُه

برلين.. لكل سائح فيها حيُه

«رجاء لا تنظروا لهذا الموقع كمتحف أو مجرد أثر تاريخي وإنما كدرس حي لما تقوده آلية السياسات الغبية المدمرة وويلات الحروب».
هكذا يرغب أهل برلين أن يتم النظر لبقايا كنيسة «القيصر فيلهلم» التي شيدت خلال الأعوام 1891 - 1895 ودمرت عام 1943 إبان الحرب العالمية التي تسبب فيها «غباء» سياسة النظام النازي.
بعد الحرب لم يتبق من تلك الكنيسة غير أطلال أشبه بـ«ضرس مجوف» احتفظت بها برلين كعبرة ونصب تذكاري يرمز لضرورة السلام والتآخي فيما شيدوا أمامها كنيسة بأسلوب عصري حديث من مكعبات زجاجية حديثة تساعد على التأمل وترمز إلى استمرارية الحياة وأن الأمة الألمانية تعلمت الدرس كما عادت قوية ثرية تمد يدها للعالم في أمن واحترام.
تعد برلين مدينة سياحية من الدرجة الأولى، تزخر بالقديم والحديث سيما بعدما توحدت مستفيدة من الاختلاف البين بين معالم شطريها الغربي الذي كان رأسماليا والشرقي الذي كان شيوعيا.
بلغة الأرقام برلين هي ثاني أكبر المدن الأوروبية بعد لندن ويسكنها 3.5 مليون نسمة، وهي واحدة من 16 ولاية ألمانية.
في عام 1961 قسمها حائط إلى مدينتين، وفي عام 1989 تخلصت المدينة من أسرها وتم هدم الجدار الفاصل بإرادة شعبية فتوحدت المدينة عام 1990.
يوجد في برلين 180 متحفا و440 معرضا، وللمدينة مهرجانها السنوي للسينما «برلينالي» وماراثون ومهرجان لموسيقى الجاز ومهرجان للموسيقى ومهرجان للثقافات العالمية.
وأجمل ما في برلين أن أهم مزاراتها والمناطق السياحية فيها ليست معزولة بل تختلط فيما بعضها البعض حتى مناطق التسوق، فكنيسة «فيلهلم» مثلا تقع وسط شارع كورفورستيندام أو «كودام» أهم شوارع التسوق بالمدينة والذي يبدأ بحديقة الحيوان، ولبرلين حديقة حيوان تستحق الزيارة.
يقول أهل برلين إن مدينتهم لا تقدم لكل زائر ما يناسبه من ملاه ومطاعم فحسب، بل تقدم لكل زائر الحي الذي يناسبه.
وفي هذا السياق هناك مطاعم عربية وأوروبية وآسيوية وأفريقية بما في ذلك سودانية يحمل أحدها اسم «الخرطوم» عاصمة النيلين ويبدعون في تقديم ساندويتشات الفول والطعمية كأشهى ما تكون ولا تفوتكم «اللقيمات».
وفما يتعلق بالأحياء فإن كان الزائر من الباحثين عن الهدوء عليه أن يقصد حي «هيلمهولتس بلاتز»، وان كان ممن يعشقون الحياة الليلية الصاخبة أمامه حي «كرويتسبرغ».
ولن يغلب السائح الذي يبحث عن أجواء عربية في الحصول على ضالته، فالمدينة تتحدث بالعربي في أكثر من حي بمنطقة نوي كولن وأكثر من شارع حول كارل ماركس، ناهيك طبعا عن الأحياء التركية وكأنك في إسطنبول لدرجة أن أمست الشاورمة التركية وجبة شعبية «ألمانية».
أما محبو التسوق فالخيارات أمامهم متعددة يصعب حصرها ومن أشهرها شارع كودام وشارع فردريش ومنطقة ميتا، فيما يمتاز فرانسوزيش اشتراسا أو الشارع الفرنسي بنكهته الباريسية كيف لا ويتوسطه فرع ضخم لمتجر «غاليري لافييت».
عند مقارنة الأسعار في برلين بنظيراتها من مدن تنطق باللغة الألمانية كالعاصمة النمساوية فيينا والعاصمة السويسرية بيرن تكون الغلبة للعاصمة الألمانية برلين لكونها الأرخص دون شك سواء من حيث الأكل والملابس، أضف إلى ذلك أن متاجرها تظل مفتوحة حتى الساعة الثامنة مساء وبعضها لما بعد ذلك، كما تتميز بكثرة مراكز التسوق المسقوفة وأحدثها «مول برلين» المطل على لايبزج بلاتس.
ولا بد لمن يتحدث عن الموضة الراقية والتسوق الفخم في برلين أن يقف طويلا عند«كه دي في» ذلك المركز الذي يضم عددا ضخما من أرقى المتاجر ذات الأسماء اللامعة، كما يزخر بعدد من المقاهي والمطاعم مما يجذب زواره لمعاودته سواء للتسوق أو الأكل أو مجرد الزيارة.
وبالطبع فإن برلين ليس مجرد تلك المعالم المعروفة كبوابة «برانينبرغ»، و«شيك بوينت شارلي»، وبرج التلفزيون أو مبنى «البندستاغ» أو البرلمان بقبته الزجاجية أو حتى ما حافظوا عليه من قطع للحائط بمنقطة بوتسدام أو حتى جزيرة المتاحف التي يزينها تمثال نفرتيتي.
برلين أكثر من كل ذلك بكثير؛ إذ تضم شوارع شاسعة تشجع على المشي والركض، وحدائق عامة، وبحيرات، ومباني مختلفة العمران هذا بجانب نظام مواصلات جيد جدا.
ولبرلين محطة قطارات فخمة وحديثة تنقل المسافر لمعظم أنحاء القارة الأوروبية بدقة متناهية، وفي حال الاهتمام بالحجز مبكرا يمكن أن ينخفض سعر تذاكر السفر بالقطار كثيرا وإلا فإنها أحيانا أغلى من أسعار السفر بالطائرة.
ولا جدال أن برلين مدينة شبابية منعشة لا تعرف النوم وتبدع في تقديم الجديد سياحيا كجولات بالدراجات مقابل 30 يورو للتعرف على أشهر محال الأطعمة التقليدية بما في ذلك أطعمة غير ألمانية تصنع محليا من مواد طبيعية طازجة يشاهد الزائر طريقة صنعها كما يتذوقها.
وتتضمن جولة من تلك زيارة لمخابز ومقاه ومطابخ تمتاز بالطابع الشخصي واللمسات الخاصة، كما هناك جولات لزيارة مواقع تاريخية أشبه بالقلاع، وأخرى لمناطق تنقل الزائر لأجواء القرية حتى وهو داخل المدينة لينعم بكثير من الهدوء والسكينة والعودة للحياة الريفية البسيطة.
ولن نودع برلين قبل اقتراح القيام بجولة داخل سوق من أسواق البضائع المستعملة أو الـ«فلي ماركت» التي تنشط كل يوم أحد وتبيع المستخدم والجديد والكلاسيكي والنادر مما قد لا يخطر على البال، وكل وحظه وكل وشطارته في المساومة للحصول على قطع نادرة بأسعار خيالية.



«المعمورة»... شاطئ «الزمن الجميل» في مصر

شاطيء المعمورة (محافظة الإسكندرية)
شاطيء المعمورة (محافظة الإسكندرية)
TT

«المعمورة»... شاطئ «الزمن الجميل» في مصر

شاطيء المعمورة (محافظة الإسكندرية)
شاطيء المعمورة (محافظة الإسكندرية)

بفضل نسمات البحر اللطيفة والمناظر الطبيعية الخلابة، تقدم المدن الساحلية بمصر صيغة رابحة للاستمتاع والاسترخاء عبر شواطئها الممتدة، وتُعد الإسكندرية (شمال البلاد)، أو كما يطلق عليها «عروس البحر المتوسط»، إحدى هذه الوجهات التي تحقق لك ما تبحث عنه؛ سواء كنت ترغب في الاسترخاء على شاطئ من الرمال البيضاء، أو الانغماس في التاريخ والثقافة، أو السباحة في مياهها، ستجد ضالتك في بعض هذه الشواطئ، وعلى رأسها شاطئ «المعمورة».

على الرغم من أن ثمة أمكنة أخرى في مصر باتت تنافس المدينة المصرية العتيقة بشراسة، وتجتذب منها الكثير من روادها، فإنها لا تزال تملك الكثير لعشاقها؛ وواحدة من مميزاتها هي إشباعها للإحساس بالحنين للماضي وذكرياته، وكأنها تؤسس لنوع جديد من السياحة هو «سياحة النوستالجيا» التي تستهوي المولعين بزيارة أمكنة قضوا فيها لحظات عزيزة، ونادرة من العمر، لا يمكن تعويضها حتى في أكثر المقاصد السياحية رفاهيةً وفخامةً؛ لأنها جزء من الطفولة، شاركهم فيها أشخاص فرّقتهم الحياة.

شاطيء المعمورة (محافظة الإسكندرية)

«المعمورة» هي إحدى الوجهات السياحية الرئيسية في المدينة التي توقظ الحنين للماضي، يقع الشاطئ على بُعد نحو 1 كم شرق حدائق المنتزه الملكية، بعيداً عن الطريق الرئيسي، مما جعل له مكانة خاصة منذ القدم بوصفه مكاناً منعزلاً هادئاً مناسباً للاسترخاء والاستمتاع بأشعة الشمس، وفي الوقت نفسه هو مقصد حيوي للغاية، يلبي احتياجات رواده.

ولطالما كانت المعمورة هي الاختيار الأول للمصطافين بمختلف فئاتهم على مدار عقود ماضية، حتى كان من الأمور المعتادة أن ترى الفنانين والمشاهير جنباً إلى جنب المصطافين من أهالي الإسكندرية أو القاهرة، لا أحد يزعج الآخر، أو يعكر عليه صفو استجمامه، أو يلح لالتقاط صور معه.

شاطيء المعمورة (محافظة الإسكندرية)

«المعمورة هو المعنى الحقيقي للذكريات»، هكذا يصف المرشد السياحي يحيى محمود، الشاطئ المصري العريق، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «الجميع له ذكريات مع المعمورة؛ فقد كان مصيف العائلات من مصر ومختلف الدول العربية».

ويتابع: «أيضاً كانت المعمورة مصيفاً لمعظم الفنانين، ومن يقم بزيارتها فسيستمع إلى الحكايات المتداولة عنهم، ومنها حكايات شادية وتحية كاريوكا ومديحة يسري، ومريم فخر الدين، ونيللي، ووحش الشاشة فريد شوقي، وفؤاد المهندس، وحسن يوسف، فضلاً عن رجال السياسة والمجتمع».

ولذلك، ستجد هناك من يشير إلى مكان ما، ويروي لك علاقته بالمشاهير، ففي هذه الكابينة كان يقضي فريد شوقي أياماً من عطلته الصيفية مع زوجته هدى سلطان وابنتيه، وتلك الفيلا التي تقبع في أعلى مكان في المعمورة اشترتها مريم فخر الدين وكانت تتردد عليها مع ابنتها، وتشاركها إطلاق الطائرات الورقية التي يصنعها زوجها الفنان محمود ذو الفقار، بينما كانت كابينة تحية كاريوكا ملتقى الفنانين، وغير ذلك من ذكريات.

وستجد أهل المكان يفتخرون بأن المعمورة اجتذبت الفنانين للعمل أيضاً؛ فهنا تم تصوير الكثير من الأعمال الفنية الشهيرة مثل «أبي فوق الشجرة»، و«أين عقلي»، و«أجازة صيف»، وهنا أقيم الكثير من الحفلات الغنائية والموسيقية لأشهر الفنانين قبل أن تنتقل إلى الساحل الشمالي والعلمين، وكان الاستمتاع بجلسة غداء مع العائلة ولعب الطاولة والكوتشينة والشطرنج في إحدى الكبائن أو تحت الشمسية، من طقوس زائريها من مختلف الفئات في ذلك الوقت.

ولا يزال شاطئ المعمورة يحتضن محبيه، ويقدم لهم خدماته؛ فبسبب هدوئه النسبي مقارنة بشواطئ الإسكندرية الأخرى لا يزال رواده يستطيعون الاستمتاع بالسباحة، والاستلقاء على رمال الشاطئ، وقراءة الكتاب المفضل، وركوب الدراجات، أو ممارسة صيد السنارة، والتجول في الممشى السياحي بأسواقها الداخلية، وتناول الطعام والمشروبات والآيس كريم من أكشاك الأكل السريع المنتشرة هناك.

شاطيء المعمورة (محافظة الإسكندرية)

ويزين المكان بعض من أفضل المطاعم في مصر، والتي ستمنح الجميع متعة شهية؛ حيث تقدم المطاعم بعضاً من أجمل الأطباق اللذيذة التي تعطي مذاقاً يدوم طويلاً، كما تتوفر في «المعمورة» ملاهٍ ومنطقة الألعاب للأطفال وصالات السينما ومراكز التسوق المختلفة.

وتستطيع زيارة «المعمورة» في مختلف شهور السنة؛ حيث تتمتع بطقس رائع طوال العام، لكن بالتأكيد إذا كانت زيارتك لها بغرض نزول البحر والاستمتاع بالشاطئ نفسه، فعليك زيارتها في الصيف، وفي كل الأوقات تستمتع بالألعاب الشاطئية المتنوعة التي تتيحها لك؛ مثل الكرة الطائرة وكرة القدم الشاطئية وكرة التنس، وركوب قوارب الموز والتزلج على الماء، والغوص، فضلاً عن الاسترخاء في أثناء الاستمتاع بحمامات الشمس تحت أشعة الشمس.

يجتذب الشاطئ هواة المشي لمسافات طويلة مع التمتع بجمال الطبيعة؛ إذ يتميز المكان بتصميم هندسي يوفر مسارات ويجعل الكورنيش ساحة مفتوحة للتنزه، في أمان ونظام، وخلال السير يمكنك تناول الآيس كريم أو الجيلاتي الإسكندراني، وغيرهما من المرطبات التي تشتهر بها المدينة.