اليونيسكو يوصي بالتعليم المتعدد اللغات القائم على اللغة الأم

تقارير أممية: أفضل الدول الرائدة عالميًا تدرس بلغاتها الأصلية

شعار اليوم الدولي للغة الأم (اليونيسكو)
شعار اليوم الدولي للغة الأم (اليونيسكو)
TT

اليونيسكو يوصي بالتعليم المتعدد اللغات القائم على اللغة الأم

شعار اليوم الدولي للغة الأم (اليونيسكو)
شعار اليوم الدولي للغة الأم (اليونيسكو)

احتفلت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) يوم 21 فبراير (شباط) الماضي ككل عام باليوم الدولي للغة الأم، وكان الاحتفال هذا العام تحت شعار «التعليم الجيد ولغة التدريس ونتائج التعلم»، تأكيدا على أهمية اختيار اللغات المناسبة للتعليم.
وقالت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونيسكو، في رسالتها بهذه المناسبة إن «اختيار هذا الموضوع (التعليم الجيد ولغة التدريس ونتائج التعلم) يؤكد أهمية اللغات الأم للتعليم الجيد والتنوع اللغوي من أجل المضي قدما في تنفيذ خطة التنمية المستدامة الجديدة لعام 2030، حيث تركز الخطة على التعليم الجيد والتعلم مدى الحياة للجميع سعيا إلى تمكين الناس كافة رجالا ونساء من اكتساب المهارات والمعارف والقيم اللازمة لتحقيق كل تطلعاتهم والمشاركة في حياة مجتمعاتهم على أكمل وجه».
وأضافت أن هذا هو أمر مهم للغاية للفتيات والنساء، وكذلك للأقليات والسكان الأصليين وسكان المناطق الريفية. وقد أخذت هذه المسألة بعين الاعتبار في إطار العمل الخاص بالتعليم حتى عام 2030 الذي أعدته اليونيسكو، وهو ما يعد بمثابة خريطة طريق لتنفيذ جدول أعمال التعليم حتى عام 2030، الذي يشجع على احترام استخدام اللغة الأم في التدريس والتعلم احتراما تاما، وعلى صون التنوع اللغوي وتعزيزه. فالتنوع اللغوي ضروري للمضي قدما في تحقيق هذه الأهداف، كما أنه مهم للغاية في نجاح تنفيذ كل ما تنص عليه خطة التنمية المستدامة لعام 2030 بشأن النمو وفرص العمل والصحة والاستهلاك والإنتاج وتغير المناخ.
وأشارت بوكوفا إلى أن اليونيسكو تركز بالمثل على تعزيز التنوع اللغوي على شبكة الإنترنت، وذلك من خلال دعم مضامين محلية ملائمة، فضلا عن توفير الدراية الإعلامية والمعلوماتية، منوهة بأن اليونيسكو تبرز عن طريق برنامج نظم المعارف المحلية ومعارف السكان الأصليين أهمية اللغة الأم واللغات المحلية بوصفها وسائل لصون ونشر ثقافات ومعارف السكان الأصليين الزاخرة بالمواعظ والحكم.. وتعد اللغات الأم في أي نهج متعدد اللغات من العناصر الأساسية للتعليم الجيد الذي يشكل الأساس الذي تقوم عليه عملية تمكين النساء والرجال ومجتمعاتهم.
وتابعت: «يجب علينا الإقرار بهذه القوة الكامنة في اللغات الأم وتعزيزها لكي لا يتخلف أحد عن الركب، ومن أجل صنع مستقبل أكثر عدلا واستدامة للجميع. إن اللغات هي الأدوات الأقوى التي تحفظ وتطور تراثنا الملموس وغير الملموس، لن تساعد فقط كل التحركات الرامية إلى تعزيز نشر الألسن الأم على تشجيع التعدد اللغوي وثقافة تعدد اللغات، وإنما ستشجع أيضا على تطوير وعي أكمل للتقاليد اللغوية والثقافية في كل أنحاء العالم، كما ستلهم في تحقيق التضامن المبني على التفاهم والتسامح والحوار، وتحظى اللغات بثقل استراتيجي مهم في حياة البشر والكوكب بوصفها من المقومات الجوهرية اللغوية وركيزة أساسية في الاتصال والاندماج الاجتماعي والتعليم والتنمية، ومع ذلك فهي تتعرض جراء العولمة إلى تهديد متزايد أو إلى الاندثار كليا».
وأوضحت بوكوفا أنه حين تضمحل اللغات يخبو كذلك تألق التنوع الثقافي وتبهت ألوانه الزاهية، ويؤدي ذلك أيضا إلى ضياع الفرص والتقاليد والذاكرة والأنماط الفريدة في التفكير والتعبير، أي الموارد الثمينة لتأمين مستقبل أفضل، لافتة إلى أن هناك أكثر من 50 في المائة من اللغات المحكية حاليا في العالم والبالغ عددها 7000 لغة معرضة للاندثار في غضون بضعة أجيال، و96 في المائة من هذه اللغات لا يتحدث بها سوى 4 في المائة من سكان العالم، أما اللغات التي تعطى لها بالفعل أهمية في نظام التعليم فلا يزيد عددها عن بضع مئات، ويقل المستخدم منها في العالم الرقمي عن مائة لغة.
وفي عالم اليوم، يتجسد التعليم الجيد للجميع في مراعاة السياقات الثقافية واللغوية المتعددة والمتنوعة في المجتمعات المعاصرة. إذ إن اللغة، وبوجه خاص تعليم اللغة واختيار لغة التدريس، هي قضايا رئيسية تتولى المرتبة الأولى في النقاش حول الجودة، ويتمثل التحدي الذي يواجهونه واضعو السياسات التعليمية في ضمان معايير تعليم اللغة لجميع سكان بلد ما، وكذلك حماية حقوق أولئك الذين ينتمون إلى مجموعة لغوية أو عرقية محددة.
وتشجع اليونيسكو الدول على اعتماد تعليم ثنائي أو متعدد اللغات قائم على اللغة الأم، ما يمثل عاملا مهما للدمج الشامل والجودة في مجال التعليم. ويشير التعليم المتعدد اللغات بالنسبة لليونيسكو إلى إدراج ثلاث لغات على الأقل في التعليم، أي اللغة الأم، ولغة إقليمية أو وطنية، ولغة عالمية. وتبين البحوث أن التعليم الثنائي أو متعدد اللغات القائم على اللغة الأم تعليم ذو تأثير إيجابي على التعلم ونتائجه، ففي الكاميرون مثلا كشف تقرير الرصد العالمي لتوفير التعليم للجميع أن الأطفال الذين تلقوا دروسا في لغتهم المحلية، لغة «الكوم»، يظهرون ميزة ملحوظة في إتقان القراءة والفهم مقارنة مع الأطفال الذين يتلقون دروسا باللغة الإنجليزية فقط، كما أظهرت أبحاث أخرى أن للتعليم المتعدد اللغات القائم على اللغة الأم تأثيرا إيجابيا في القدرة على اكتساب لغة ثانية.
وصرحت بوكوفا بأن تعدد اللغات مصدر قوة وفرصة للبشرية، فهو يجسد تنوعنا الثقافي ويشجع تبادل وجهات النظر، وتجديد الأفكار وتوسيع قدرتنا على التصور.
وتشير عبارة «التعليم القائم على اللغة الأم» بوجه عام إلى استخدام اللغات الأم في البيئة المنزلية وفي المدارس، ويستحسن أن ترتكز عملية اكتساب الكفاءات اللغوية وتعلم القراءة والكتابة باللغة الأم على موارد مكتوبة تشمل على سبيل المثال لا الحصر المطبوعات والكتب التمهيدية والكتب المدرسية، لأن ذلك يدعم التعبير الشفهي.. وتسهم المواد المكتوبة باللغات الأم في تعزيز قدرة الدارسين على اكتساب مهارات القراءة والكتابة، وفي بناء أسس متينة للتعلم، ويوجد في العالم اليوم كثير من اللغات غير المدونة، علما بأنه أحرز بعض التقدم في تطوير قواعد الإملاء.
تجدر الإشارة إلى أن كثيرا من اللغويين وأخصائيي التربية والمعلمين المحليين والدوليين يتعاونون مع شعوب أصلية في أميركا اللاتينية أو مع قبائل في آسيا مثلا من أجل تطوير قواعد الإملاء، ويعتبر استخدام الحواسيب لإنتاج الكتب والتكاليف المنخفضة نسبيا للطباعة الرقمية من الأمور الواعدة، فيما يخص إنتاج مواد مكتوبة بتكلفة أقل يمكن لعدد أكبر من الأشخاص أن يشتروها وينتفعوا بها. وتشجع اليونيسكو التعليم الثنائي اللغة أو المتعدد اللغات القائم على اللغة الأم في سنوات التعليم الأولى نظرا إلى أهمية هذا الأمر في بناء أسس متينة للتعلم، فاستخدام اللغة الأم مع صغار الأطفال في المنزل أو في التعليم ما قبل المدرسي يساعدهم على اكتساب مهارات القراءة والكتابة بلغتهم الأم على نحو سهل، وقد يساعدهم أيضا على اكتساب لغة ثانية (قد تكون لغة وطنية) في مرحلة لاحقة من تعليمهم المدرسي.
وتشير عبارة «التعليم الثنائي اللغة والمتعدد اللغات»، وحسب التعريف الذي اعتمدته اليونيسكو إلى استخدام لغتين أو أكثر كوسيلة للتعليم»، واعتمدت المنظمة في عام 1999 عبارة «التعليم المتعدد للغات» للإشارة إلى استخدام ما لا يقل عن ثلاث لغات في التعليم، هي اللغة الأم، واللغة الإقليمية أو الوطنية، ولغة دولية، وتم التشديد على أهمية التعليم باستخدام اللغة الأم في السنوات الأولى من التعليم المدرسي في عدد من الدراسات والبحوث والتقارير منها التقرير العالمي لرصد التعليم للجميع الذي تصدره اليونيسكو كل سنة.
وتشير دراسات أجريت عن تجربة ماليزيا الاقتصادية والصناعية، التي حققت لها نهضة متميزة في العالم، وهي التي تمثلت في مشروع اعتماد اللغة الإنجليزية في تعليم مبادئ العلوم والرياضيات بدل اللغة الماليزية، ووصف هذا المشروع بأنه «التنازل الأهم في مسيرة الصناعة الاقتصادية الماليزية». وبعد 6 سنوات من التجربة قررت ماليزيا إيقاف مشروع تدريس الرياضيات والعلوم باللغة الإنجليزية والعودة إلى التدريس باللغة الماليزية «المالوية»، والسبب حسب ما جاء في القرار هو أن الدراسات التي أجريت على أكثر من 10 آلاف مدرسة أثبتت فشل التجربة وأن التدريس بالإنجليزية (غير اللغة الأم) أدى إلى تدهور مستوى الطلبة على المدى البعيد، وتدهور في مستوى أدائهم في الرياضيات، بحسب تقرير نشرته وكالة «أنباء الشرق الأوسط» الرسمية المصرية.
وقد ثبت منذ ستينات القرن الماضي أن التدريس بغير اللغة الأم، ولا سيما في المرحلة الابتدائية ذو نتائج سلبية على نمو الطلاب اللغوي والعاطفي وولائهم للغتهم وثقافتهم، وهذا ما تؤكده كثير من الدراسات الأجنبية والعربية التي تلح على أن اللغة الأم هي الأساس في التعليم.
ومن جانبها، أشارت الأمم المتحدة في كثير من تقاريرها إلى أن الدول التي تقف في الصدارة العالمية كلها تدرس بلغاتها الأم، وهناك 19 دولة تتصدر العالم تقنيا يسير فيها التعليم والبحث بلغاتها الأم. وفي دراسة حديثة لأفضل 500 جامعة عالمية موجودة في 35 دولة تبين أنها جميعا تدرس بلغاتها الأم.
وقال عالم اللغويات الأميركي ليوناردو بلومفلير إن « تعلم لغة إضافية إلى لغة الأم له فؤاد كثيرة، مشيرا إلى أن أحسن سن للبدء في تعلم لغة ثانية هي بين سن 10 و12 سنة، فإذا تم البدء قبل ذلك فإن العملية التعليمية غالبا ما تكون بطيئة وغير مجدية، موضحا أن إتقان الطفل لأكثر من لغة يكسبه قدرات على التحليل والربط والقياس والاستنتاج والتفكير والتعبير عن المفاهيم بطريقة مختلفة يتقنها نتيجة تعلمه لغتين، وهذا ما لا يتوفر للتلميذ الذي يتعلم لغة واحدة».
وأضاف «أن خير دليل على ذلك هو الدراسة التي قام بها الباحثان (لامبرت وبيل) بمنطقة مونتريال بكندا، حيث تمت مقارنة مجموعتين من الأطفال في سن 10 سنوات، تضمنت المجموعة الأولى أطفالا يتعلمون اللغتين الفرنسية والإنجليزية معا، وتضمنت الثانية أطفالا يتعلمون لغة واحدة فقط، لافتا إلى أن من النتائج التي خلصت إليها الدراسة تفوق الأطفال الذين يتعلمون اللغتين فكريا على الأطفال الذين يتعلمون لغة واحدة، وقد أرجع البحثان هذا التفوق الذي تتمتع بها المجموعة الأولى في الانتقال من نظام رمزي إلى آخر».
ومن جانبه، قال عالم اللغويات جون شومسكي إن « البرامج التعليمية التي تتبنى أسلوب التعليم باللغة الأم ثم بلغة ثانية أجنبية فيما بعد قد أثبتت نجاحا ملحوظا في كثير من مناطق العالم، كما أنها حققت نتائج إيجابية مهمة سواء على الصعيد النفسي والاجتماعي والتربوي، وذلك لأنها تقلل من آثار الصدمة الثقافية التي يتعرض لها الطفل عند دخوله المدرسة، وتقوي إحساسه بقيمته الذاتية وشعوره بهويته، وترفع من إحساسه بإنجازه على المستوى الأكاديمي، كما أنها تساعده في توظيف القدرات والمهارات التي اكتسبها باللغة الأم في تعلم اللغة الثانية».
ويرى آخرون أنه من الثابت علميا أن المتعلمين الأكبر سنا أفضل بكثير من حيث معدل سرعة تعلم اللغة الأجنبية وتحصيلها النهائي، إضافة إلى ذلك أجريت دراسة في عام 1988 لمعرفة إيجابيات وسلبيات تعليم اللغة الأجنبية بالمرحلة الابتدائية خلصت إلى أن أنسب صف لتعليم اللغة الأجنبية هو الصف الرابع الابتدائي بعد أن يكون الطفل قد تمكن من مهارات تعلم لغته الأم.
ومن المعلوم أن قضايا التنوع الثقافي والحوار بين الثقافات وتعزيز التعليم للجميع وتنمية مجتمعات المعرفة تمثل محاور مركزية في عمل اليونيسكو، ولكن يستحيل السير قدما في هذه المجالات من دون توفير التزام واسع ودولي بتعزيز التعدد اللغوي والتنوع اللغوي، بما في ذلك صون اللغات المهددة.



«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
TT

«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»

يقضي الباحثون في العالم العربي أوقاتاً من البحث المضني عن المراجع الإلكترونية التي تساعدهم في تحقيق أغراضهم البحثية. ويدرك هذه المشقة الباحثون الساعون للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه، فإذا لم يكن لديه إمكانية الدخول إلى قواعد البيانات العلمية العالمية عبر إحدى المكتبات الكبرى، التي عادة لا تتاح كاملة أيضاً، فإن عملية البحث سوف تكلفه آلاف الدولارات لمتابعة والوصول لأحدث الأوراق العلمية المتصلة بمجال بحثه، أو أن مسح التراث العلمي سيتوقف لديه على المراجع الورقية.
بينما يحظى الباحثون في مجال البحوث التربوية بوجود «شمعة»، وهي شبكة المعلومات العربية التربوية (www.shamaa.org) التي توفر لهم أحدث البحوث والدوريات المحكمة من مختلف الجامعات العربية، وبثلاث لغات، هي: العربية، والفرنسية، والإنجليزية مجاناً.
تأسست «شمعة» عام 2007 في بيروت كقاعدة معلومات إلكترونية، لا تبغي الربح، توثق الدراسات التربوية الصادرة في البلدان العربية في مجمل ميادين التربية، من كتب ومقالات وتقارير ورسائل جامعية (الماجستير والدكتوراه) وتتيحها مجاناً للباحثين والمهتمين بالدراسات التربوية. تتميز «شمعة» بواجهة إلكترونية غاية في التنظيم والدقة، حيث يمكنك البحث عن مقال أو أطروحة أو كتاب أو فصل أو عدد أو تقرير. فضلاً عن تبويب وفهرسة رائعة، إذ تشتمل اليوم على أكثر من 36000 ألف دراسة، موزعة بنسبة 87 في المائة دراسات عربية، و11 في المائة دراسات بالإنجليزية و2 في المائة بالفرنسية، وهي دراسات عن العالم العربي من 135 جامعة حول العالم، فيما يخص الشأن التربوي والتعليم، إضافة لأقسام خاصة بتنفيذ مشاريع في التربية كورش تدريبية ومؤتمرات.
لا تتبع «شمعة» أي جهة حكومية، بل تخضع لإشراف مجلس أمناء عربي مؤلف من شخصيات عربية مرموقة من ميادين مختلفة، وبخاصة من الحقل التربوي. وهم: د. حسن علي الإبراهيم (رئيساً)، وسلوى السنيورة بعاصيري كرئيسة للجنة التنفيذية، وبسمة شباني (أمينة السر)، والدكتور عدنان الأمين (أمين الصندوق) مستشار التعليم العالي في مكتب اليونيسكو، وهو أول من أطلق فكرة إنشاء «شمعة» ورئيسها لمدة 9 سنوات.
تستمر «شمعة» بخدمة البحث التربوي بفضل كل من يدعمها من أفراد ومؤسّسات ومتطوعين، حيث تحتفل بالذكرى العاشرة لانطلاقتها (2007 - 2017)، وهي تعمل حاليا على إصدار كتيب يروي مسيرة العشر سنوات الأولى. وقد وصل عدد زائريها إلى نحو 35 ألف زائر شهرياً، بعد أن كانوا نحو ألفي زائر فقط في عام 2008.
تواصلت «الشرق الأوسط» مع المديرة التنفيذية لبوابة «شمعة» ببيروت د. ريتا معلوف، للوقوف على حجم مشاركات الباحثين العرب، وهل يقومون بمدّ البوابة بعدد جيّد من الأبحاث والدراسات، أم لا تزال المعدلات أقل من التوقعات؟ فأجابت: «تغطّي (شمعة) الدراسات التربوية الصّادرة في 17 دولة عربيّة بنسب متفاوتة. ولا شك أن حجم مشاركات الباحثين العرب بمد (شمعة) بالدراسات قد ارتفع مع الوقت، خصوصاً مع توّفر وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي سهّلت لهم عملية المشاركة».
وحول طرق تزويد «شمعة» بالأبحاث والدراسات، أوضحت معلوف أن ذلك يتم من خلال عدّة طرق، وهي: «توقيع اتفاقات شراكة مع كليات التربية في الجامعات العربية والمجلات التربوية المحكمة ومراكز الأبحاث التي تعنى بالتربية والتعليم، كما تتيح اتفاقية تعاون مع مركز المعلومات للموارد التربوية (إريك) (ERIC) تزويد (شمعة) بالدراسات الصادرة باللغة الإنجليزية من الدول العربية أو من باحثين عرب. ونعتبر أن الشراكة مع (إريك) هي خطوة كبيرة ومن أهم الإنجازات كمؤسسة عربية، وأيضاً من خلال اشتراكات بالمجلات الورقية التربوية المحكمة العربية، أو عبر الدراسات المتاحة إلكترونياً على شبكة الإنترنت بالمجان أي عبر مصادر الوصول الحر للمعلومات (Open Access)».
وتضيف: «الجدير بالذكر أيضاً أن (شمعة) وقعت اتفاقية من مستوى عالمي مع شركة (EBSCO Discovery Service EDS) التي تعتبر من أهم موزعي قواعد المعلومات في العالم العربي والغربي».
وتوضح معلوف أنه «يمكن تزويد (شمعة) بالدراسات مباشرة من الباحث عبر استمارة متوافرة على موقع (شمعة)، حيث يقوم الفريق التقني من التأكد من توافقها مع معايير القبول في (شمعة) قبل إدراجها في قاعدة المعلومات».
وحول ما إذا كان الباحثون العرب لديهم ثقافة التعاون الأكاديمي، أم أن الخوف من السرقات العلمية يشكل حاجزاً أمام نمو المجتمع البحثي العلمي العربي، قالت د. ريتا معلوف: «رغم أن مشاركة نتائج الأبحاث مع الآخرين ما زالت تخيف بعض الباحثين العرب، إلا أنه نلمس تقدماً ملحوظاً في هذا الموضوع، خصوصاً أن عدد الدراسات المتوافرة إلكترونياً على شبكة الإنترنت في السنين الأخيرة ارتفع كثيراً مقارنة مع بدايات (شمعة) في 2007، إذ تبلغ حالياً نسبة الدراسات المتوافرة مع نصوصها الكاملة 61 في المائة في (شمعة). فكلما تدنّى مستوى الخوف لدى الباحثين، كلما ارتفعت نسبة الدراسات والأبحاث الإلكترونيّة. وكلما ارتفعت نسبة الدراسات الإلكترونية على شبكة الإنترنت، كلما انخفضت نسبة السرقة الأدبية. تحرص (شمعة) على نشر هذا الوعي من خلال البرامج التدريبية التي تطورّها وورش العمل التي تنظمها لطلاب الماستر والدكتوراه في كليات التربية، والتي تبيّن فيها أهمية مشاركة الأبحاث والدراسات العلمية مع الآخرين».
وحول أهداف «شمعة» في العشر سنوات المقبلة، تؤكد د. ريتا معلوف: «(شمعة) هي القاعدة المعلومات العربية التربوية الأولى المجانية التي توّثق الإنتاج الفكري التربوي في أو عن البلدان العربية. ومؤخراً بدأت (شمعة) تلعب دوراً مهماً في تحسين نوعية الأبحاث التربوية في العالم العربي من خلال النشاطات والمشاريع البحثية التي تنفذها. وبالتالي، لم تعدّ تكتفي بأن تكون فقط مرجعيّة يعتمدها الباحثون التربويون وكلّ من يهتمّ في المجال التربوي عبر تجميع الدراسات وإتاحتها لهم إلكترونيّاً؛ بل تتطلّع لتطوير الأبحاث التربوية العلمية، وذلك لبناء مجتمع تربوي عربي لا يقلّ أهمية عن المجتمعات الأجنبية».