ليبيا: حفتر يستعد لإعلان تحرير بنغازي.. ومهاجمة المتطرفين في درنة

الإعلان عن فتح طريق مطارها لأول مرة منذ عامين

الفريق خليفة حفتر
الفريق خليفة حفتر
TT

ليبيا: حفتر يستعد لإعلان تحرير بنغازي.. ومهاجمة المتطرفين في درنة

الفريق خليفة حفتر
الفريق خليفة حفتر

بدا أمس أن الفريق خليفة حفتر، القائد العام للجيش الليبي، يستعد لمهاجمة معقل الجماعات المتطرفة في مدينة درنة، وذلك بعد إعلان تحرير بنغازي من قبضة المتطرفين في شرق ليبيا، حيث شكل لجنة لإحكام السيطرة الأمنية على مداخل مدينة بنغازي.
وفي قرار وزعه مكتبه أمس وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، طلب حفتر من آمر منطقة بنغازي العسكرية أن تضم اللجنة المقترحة كل مسؤولي الأجهزة الأمنية والعسكرية والاستخبارات، لافتا النظر إلى أن مهام اللجنة تشمل نشر دوريات داخل المدينة، وضبط البوابات، وكذا جمع المعلومات عن المشبوهين للتحقيق معهم.
ولأول مرة منذ نحو عامين تم فتح الطريق المؤدي إلى مطار بنغازي، لكن العميد عبد السلام الحاسي، آمر غرفة عمليات الجيش الليبي، قال في المقابل إن عملية تنظيف الطريق وإزالة العوائق منه لا تعني فتحه أمام المواطنين، موضحا في تصريحات له أمس أن استخدام الطريق سيكون مقتصرا على تحركات الجيش، ولن يكون مفتوحا أمام المواطنين حتى إشعار آخر.
وفي غضون ذلك، ينتظر الجيش الليبي انتهاء قواته من المعركة المحتدمة، ودحر المتطرفين في منطقتي الصابري وسوق الحوت لإعلان اكتمال عملية «دم الشهيد»، التي دشنها حفتر لما وصفه بالحسم النهائي في بنغازي. وفي هذا السياق قال مسؤول إعلامي مقرب من الفريق حفتر إنه حدد عشرة أيام لهذه العملية، تنتهي بحلول الاثنين المقبل، على أن يليها مباشرة إعلان «عيد النصر»، وذلك بعد التأكد من تأمين كامل المناطق، وخلوها من المتفجرات والألغام.
وفى محاولة لضبط أداء رجال الأمن والعسكر في بنغازي، أشار الفريق حفتر في بيان وقعه أمس، وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إلى أن «الأجهزة الأمنية والاستخبارات العسكرية لاحظت قيام بعض العناصر بأعمال منافية للدين والأخلاق، من تخريب وحرق للممتلكات والاعتقالات، بحجة أنهم يدعون تبعيتهم للجيش أو القوة المساندة»، وقال في قراره «إننا ننبه الجميع بأن قيادة الجيش لا صلة لها بهؤلاء وتحذر من الاستمرار في مثل هذه الممارسات»، معلنا عن «تشكيل لجان من الجهات الأمنية لرصد المخالفات، وضبط هذه العناصر وتقديمها لجهات التحقيق». كما تعهد حفتر بتوفير معاملة حسنة، ومحاكمة عادلة وفقا للقوانين المعمول بها في الدولة الليبية للمقاتلين في صفوف الميليشيات المسلحة المتطرفة، في حالة تسليم أنفسهم، والأسلحة والآليات التي بحوزتهم لقوات الجيش.
من جهته، دعا اللواء محمد الفاخري، وزير الداخلية بالحكومة الانتقالية، عقب تفقده للمناطق المحررة من تنظيم داعش في مدينة بنغازي، وبعد اجتماع عقده بمجلسها البلدي مع مسؤوليها الأمنيين، كافة الأجهزة التابعة لوزارة الداخلية إلى تأمين المناطق المحررة، وتسلمها من الجيش حتى تواصل قواته ملاحقة بقية الإرهابيين ودحرهم، موضحا أنه سيتم توفير أجهزة على كل مداخل ومخارج المدينة للكشف على المتفجرات، وأنه اتفق مع رئيس الحكومة عبد الله الثني على وضع خطط أمنية لما بعد تحرير المدينة بالكامل حتى تتمكن الحكومة في أسرع وقت للبدء في عملية إعادة الإعمار.
ميدانيا، لقي 5 جنود ليبيين مصرعهم أول من أمس في هجوم انتحاري بمنطقة الهواري، بينما قتل جندي آخر في انفجار لغم أرضي في منطقة سيدي فرج. وفي مؤشر على وقوع عمليات عسكرية وشيكة لقوات الجيش الليبي ضد معقل الجماعات المتطرفة في مدينة درنة، التقى حفتر مع معاون مجموعة عمليات عمر المختار، التابعة لقيادة الجيش العقيد كمال الجبالي، لبحث آخر التطورات العسكرية في مدينة درنة، إذ قال بيان لمكتب حفتر بأنه ناقش تقدم قوات الجيش نحو مدينة درنة، وتحريرها من تنظيم داعش والميليشيات التابعة له.
وأعلن العقيد الجبالي أن سلاح الجو الليبي قصف عدة مواقع تابعة للتنظيم في ضواحي درنة، بما في ذلك مخزن للذخائر والأسلحة، بالإضافة إلى تدمير عدد من الآليات في منطقة الحجاج المطلة على باب طبرق في الساحل بدرنة.
لكن السلطات الليبية تواجه على ما يبدو مشكلة بيئية في التعامل مع المخلفات الموجودة في المناطق التي حررتها قوات الجيش، حيث أعلن ناطق باسم مجلس بنغازي البلدي أن الرائحة الغريبة المنتشرة بالمناطق المحررة، خاصة منطقة الليثي، سببها رش قسم الوقاية البيئية التابع لشركة الخدمات العامة بنغازي، خوفًا من انتشار الأمراض والأوبئة، لافتا النظر إلى أنه تم العثور على عدد من الكلاب المسعورة بتلك المناطق. لكن المتحدث الرسمي باسم جمعية الهلال الأحمر محمد المصراتي، نفى صحة هذه الأخبار جملة وتفصيلاً.
إلى ذلك أعلن مارتن كوبلر، رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، عن ترحيبه باجتماع 40 عضوًا من المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته في العاصمة الليبية طرابلس للتحضير للاجتماع الأول للمجلس الرئاسي، معتبرا في بيان مقتضب أن هذا هو «الطريق الصحيح للمضي قدمًا».
من جهته، قال حزب «العدالة والبناء»، الذي يعتبر الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، بأن رئيسه محمد صوان التقى أول من أمس في تونس بالسفير الأميركي لدى ليبيا بيتر باد، وذلك بعد يوم واحد من موافقة اللجنة القضائية في مجلس النواب الأميركي على مشروع قرار يدعو إلى تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية.
وقال صوان بأنه بمجرد حسم الجدل حول مسألة منح الثقة للحكومة، فإن الخطوة القادمة والهامة هي تسلم الحكومة لمهامها، وممارسة عملها من العاصمة طرابلس، مشيرا إلى أن حزب الإخوان يعمل على ذلك بكل الوسائل الممكنة لإزالة مخاوف الأطراف الرافضة. كما طلب صوان من المجتمع الدولي وضع حد لما وصفه بالدور السلبي الذي تقوم به دول إقليمية سماها، لكن لم يذكرها في بيانه، وذلك من خلال تدخلها في الشأن الليبي، وقيامها بخلط للأوراق، وعرقلتها للوصول إلى حل للأزمة، على حد تعبيره.
من جانبه، قال رئيس الدائرة السياسية بحزب الإخوان زار كعوان إن مشاورات مكثفة لترتيب عقد جلسة رسمية للمجلس الأعلى للدولة، وإن العدد المسجل يفوق 60 عضوا حتى الآن، وعدد كبير ينتظر الإعلان الرسمي للجلسات ليلتحق، على حد زعمه.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.