* بني سد الموصل عام 1983م يبلغ طوله 3.2 كيلومتر وارتفاعه 131 مترًا، ما يعني أنه أكبر سد في العراق ورابع أكبر سد في الشرق الأوسط. وهو يقع بالقرب من محلة اسكي موصل.
يعد هذا السد مَعلمًا إنشائيًا ذا أهمية استراتيجية كبيرة في العراق، وكان مخصّصًا أصلاً لإرواء مشروع الجزيرة الذي كان يمكن أن يؤدي إلى تخضير مساحات شاسعة من الأراضي عند حوض نهر دجلة. بيد أن الحروب التي خاضها العراق منذ ثمانينات القرن الماضي وحتى إسقاط النظام السابق ومن ثم دخول العراق في عدة دورات عنف دموي بعد عام 2003 كل ذلك أدى إلى تحويل هذا السد من نعمة للعراقيين - لو جرى استثماره طبقا لما خطط له من إحياء مساحات كبيرة من الأراضي إلى توليد الطاقة الكهربائية إلى تغذية أهوار الجنوب - إلى نقمة باتوا قلقين بشأنها.
الماء يمثل مخاطر حقيقية خلال موسم الفيضان الذي يبدأ من النصف الثاني من الشهر الثاني (فبراير) حتى نهاية الشهر الرابع (أبريل)، بينما تقل إطلاقات السد خلال موسم الصيف بسبب عدم وجود إدارة مائية صحيحة من خلال صيانة السد أو إنشاء سد آخر يمثل خزينا إضافيا يدرأ أي مخاطر محتملة في حال انهياره. وتبين فيما بعد أنه بني على تربة ذات طبيعة غير قادرة على التحمّل، لذا توجب حقن خرسانات السد بشكل دوري لضمان عدم انهياره، وبالفعل بدأت هذه العملية في منتصف الثمانينات. ولكن بعد عام 2003 تبين أن السد مهدد بالانهيار بسبب عدم تدعيم خرساناته، وفي حال انهياره فإنه سيؤدي إلى غمر مدينة الموصل وقتل ما يقرب من مليون نسمة من سكان الموصل إضافة إلى تدمير القرى المجاورة لمجرى النهر، خصوصًا في حال عدم تلاحق مشكلة الخرسانات والتربة الضعيفة.
مهدي رشيد، مدير السدود في وزارة الموارد المائية العراقية- يقول إن الصيانة السنوية للسد تبلغ كلفتها نحو 10 ملايين دولار سنويا. ومن جانبه يرى خبير السدود حسن الجنابي الذي كان شغل منصب ممثل العراق الدائم في منظمة الأغذية والزراعة الدولية «الفاو» يرى أنه «بعد الإنشاء بدأ المشغلون بتحشية التجاويف المتكونة تحت جسم السد التي حذر منها الاستشاري بمادة إسمنتية خاصة. ولذا أسس فيما بعد معمل إسمنت خاص قرب موقع السد لإنتاجها»، لافتا إلى أن «هذه المادة الإسمنتية (تزرقها) آليات ومضخات ضخمة وقوية جدا تتحرك في رواق خاص (غاليري) داخل جسم السد».
وحسب الجنابي «شهد العام 2003 آليتين عاملتين داخل الغاليري فقط وتقومان بأعمال التحشية، وفي العام 2005 و2006 ارتفع عدد الآليات إلى 24 آلية تعمل ليل نهار، أي أن السد كان أكثر خطورة قبل عام 2003، وأكثر أمنا بعدها. ومنذ عام 2003 ازدادت معرفتنا بالسد ومشكلاته الفنية بعشرات المرات عما كان عليه الوضع قبل عام 2003 وتم تطوير آليات عمل ونمذجة رياضية ثلاثية الأبعاد لأسس السد وحركة مادة التحشية في طبقات الأرض تحت جسم السد واشتركت في تطويرها وتدريب المعنيين من وزارة الموارد المائية عليها».
وتابع الجنابي موضحًا «منذ احتلال داعش للموقع ولحد اليوم لا نعرف ظروف التشغيل، ولكن بيانات وزارة الموارد المائية مطمئنة إذا كانت صحيحة. وليس أمامي ما يجعلني أكذب تلك البيانات برغم أن لدي ملاحظات جدية حول الطريقة التي يتم بها تثقيف المواطنين وطمأنتهم على الوضع وهذا موضوع مختلف». وأضاف: «إنشاء السد وتشغيله في الظروف السائدة يعد مفخرة هندسية للعراق، ولقد أدى السد دوره لحد اليوم بصورة مرضية برغم حجم الخطر الذي كان يمثله وما يزال يمثله اليوم (وأتمنى أن يتسع الوقت للمزيد من التحليل حول هذا الأمر». ثم قال: إن «سد بادوش كان يفترض إنشاؤه تحت سد الموصل، وبنحو 15 كم شمال الموصل، وكان مخصصًا أساسا لحماية الموصل في حال انهيار سد الموصل وذلك بامتصاص الموجة الكبرى الأولى من الفيضان وإعطاء فرصة زمنية أكبر لإخلاء السكان. غير أن بناء هذا السد توقف عند إنجاز نحو 20 في المائة قبل إسقاط النظام السابق وتوقفت محاولات إكماله بعد عام 2003 لأسباب عدة».
سد الموصل.. تاريخ وجغرافيا
سد الموصل.. تاريخ وجغرافيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة