ناديا بساط: التقديم التلفزيوني يتطلّب ثقافة وفريقاً يساعد

وصفت برنامجها «مين بيعرف» بالفكرة المناسبة في الوقت المناسب

ناديا بساط
ناديا بساط
TT

ناديا بساط: التقديم التلفزيوني يتطلّب ثقافة وفريقاً يساعد

ناديا بساط
ناديا بساط

قالت المقدمة التلفزيونية ناديا بساط إن التقديم التلفزيوني اليوم يتطلّب التمتّع بثقافة عامة وغنيّة يتّصف بها المقدّم، كون وسائل التواصل الاجتماعي وضعته على المحكّ وهي له بالمرصاد. وأوضحت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هناك تفاعل سريع اليوم ما بين المقدّم التلفزيوني والمشاهد، إذ صار هذا الأخير يدوّن أي ملاحظة تخطر على باله خلال مشاهدته البرنامج على الصفحات الإلكترونية مباشرة وأثناء عرض الحلقة». وتابعت: «هذا الأمر جعله نشرة أخبار قائمة بذاتها، وهو ما ينعكس على المقدّم، بحيث عليه أن يكون مواكبا لأي جديد، ولديه معلومات عامة، عن أي أخبار عالمية ومحليّة، وإلا انكشف ضعفه على الهواء». ورأت ناديا بساط التي عادت إلى الشاشة الصغيرة اليوم ببرنامج «مين بيعرف» على محطة «إم تي في»، أنه طالما استهواها هذا النوع من البرامج المسلّية، وأن المشاهد بحاجة إليها، في ظلّ برامج المواهب الغنائية التي تكتسح الشاشات. وقالت: «أحضّر لهذا البرنامج منذ نحو السنتين، وتمسّكت بأن يحمل التسلية والثقافة العامة معا، فهو يدفع المشاهد إلى المشاركة في الإجابة على الأسئلة المطروحة على ضيوفي، ولا يكون مجرّد متلقٍّ أو مشاهد صامت يحضر أمام الشاشة الصغيرة، بل هو متفاعل ومشارك حقيقي».
وعن صعوبة تحضير هذا النوع من البرامج المرتكزة على تنوّع الأسئلة التي يتجاوز عددها الـ200 في كل حلقة، تقول: «هناك فريق يساعدني في التحضير والإعداد، وأنا في الحقيقة ممتنة لجدارته. فجان نخول يضع الأسئلة، وكارلا عاد شاهين مسؤولة عن الإنتاج، وفدا باسيل تقوم بمهمّة الاتصال بالضيوف، بينما شربل يوسف يتولّى مهمّة الإخراج. هكذا نشكّل معا خلطة ناجحة منسجمة في الأداء والإنتاج والتنفيذ». وأضافت بساط: «كما لا يسعني أن أنسى محطة (إم تي في) التي طالما أشعرتني بأنني فرد من عائلتها، وقدّمت لي جميع التسهيلات اللازمة لتنفيذ البرنامج ودون تردد». ويرتكز البرنامج الذي قدّمت ناديا بساط الحلقة الأولى منه (الأربعاء الماضي)، مستضيفة عددا من مشاهير الإعلام في لبنان، على طرح أسئلة منوّعة عليهم، وكلما كانوا أسرع في الضغط على زرّ المنصّة التي يقفون عليها والإجابة بطريقة صحيحة، تقدّموا في ترتيب مراكزهم للمشاركة بعد 7 حلقات بالتصفيات النهائية له. والفائز في كلّ حلقة ينتقل إلى المرحلة النهائية، التي تشهد حماسا كبيرا في التنافس على الإجابة على أكبر عدد من الأسئلة البسيطة والصعبة معا.
«هو برنامج مختلف اشتقنا إلى إدراجه على لائحة البرامج التلفزيونية اليوم، فجاء في الوقت والمكان المناسبين»، تقول ناديا بساط التي تملك خبرة واسعة في مجال التقديم التلفزيوني، وتنقّلت خلاله على عدة شاشات تلفزة، في برامج مختلفة مما جعلها تتمتّع بلقب المذيعة المخضرمة والمحترفة والهاوية معا.
«نعم، أعتقد أن مشواري في العمل التلفزيوني جعلني أتمتّع بهذه الصفات مجتمعة، فأنا مخضرمة كوني لست جديدة على الساحة، ومحترفة لشدّة احترامي عملي، وهاوية لأنني أسعى دائما إلى الأفضل، ولدي طموح لأقدم ما هو مختلف».
وعن هذا الاختلاف تقول: «كان لدي هاجس بأن أطلّ بعد هذا الغياب غير الطويل بصورة مختلفة، فكنت لا أريد أن أكرر نفسي، باحثة عمّا يضيف إلى مشواري التطوّر ومواكبة عصر السرعة. وأعتقد أنه بمثابة نقلة نوعيّة لي في مشواري، أضافت لي كثيرا على ثقافتي العامة، وعلى تقنية التقديم الحديث».
في الحلقة الأولى من «مين بيعرف» جمعت ناديا بساط 7 من مشاهير الإعلام، فمن هم المشاهير الذين سنتابعهم في الحلقات المقبلة؟ «سيكون عدد ضيوفي هو نفسه في كلّ حلقة، إنما في كلّ مرة سينتمون إلى مجال مهني ما. فستشاهدون حلقات أستقبل فيها ملكات جمال سابقات ونوابا وموسيقيين ورياضيين محترفين، وما إلى هنالك من مجالات شهرة أخرى».
وأكدت المقدمة التلفزيونية التي سبق وشاهدناها في برامج مختلفة كـ«عالم الصباح» على شاشة «المستقبل» و«alive» و«حقّك تعرف» على «إم تي في» وغيرها على شاشات فضائية عربية ومحليّة، بأن برنامجها الجديد جذب المشاهد أيضًا للوجه المختلف الذي يطلّ فيه ضيوفه من المشاهير. وعلّقت: «أنا شخصيا استمتعت بمشاهدة ملحم رياشي (مستشار الدكتور سمير جعجع) يرقص حماسا، والإعلامية مي شدياق تغني، والمحاورة السياسية بولا يعقوبيان تتفاعل بقوة للمحافظة على مركزها المتقّدم في لعبة البرنامج، مما شكّل مشهدا مختلفا للضيوف أجمعين لم يسبق أن رأيناهم به من قبل».
أما عن أكثر الضيوف الذين لفتوها خلال تصوير حلقات البرنامج، فقالت: «ملكة جمال لبنان السابقة كليمانس أشقر لفتتني بمعلوماتها العامة، وكذلك الريبورتر جاد غصن من (نيو تي في)، ومقدّم الأخبار جورج ياسمين على (أو تي في)».
وأشارت إلى أن ما يستفزّها حاليا على الشاشة الصغيرة هو برامج الكوميديا المعتمدة على العبارات المبتذلة لإضحاك المشاهد. وقالت: «إضحاك الناس عملية صعبة بحدّ ذاتها، ولكنني أفضل لو تأخذ منحى أرقى. فالكوميدي الفرنسي الجزائري جاد المالح مثلا يضحكنا بأسلوب ذكي دون استخدام الكوميديا الهابطة».
وتابعت: «يستفزّني أيضًا بعض الأغبياء في هذه المهنة الذين لا يتمتعون بأي مستوى احترافي، فالعصر تبدّل، والنكات والطرائف منتشرة على جميع وسائل الاتصال الاجتماعي، لذلك توجب علينا أخذ ذلك بعين الاعتبار وتقديم الأفضل والجديد للمشاهد عن طريق الابتكار».
وعن ظاهرة البرامج التلفزيونية الانتقادية المنتشرة على شاشات التلفزة اليوم قالت: «مش غلط أن ننتقد أو أن يتم انتقادنا، فهذا يصبّ في علم قبول الآخر وتحسين أوضاعنا وبرامجنا التلفزيونية، فما دام هناك حقّ الرد في تلك البرامج فأنا لا أجدها تخدش المشاهد أو تؤذي المقدّم التلفزيوني بصورة عامة. وأنا شخصيا أنتظر ردود الفعل والانتقادات التي ستطال برنامجي «مين بيعرف» لأحسّن وأصحح ما هو خطأ فيه».
وعمّا تطلّبه منها في تقديم برنامجها الجديد أجابت: «لقد زوّدني بخبرات جديدة في مجالات عدّة، إن في إدارة الضيوف أو في طريقة طرح الأسئلة وسرعة البديهة التي عليّ أن أستخدمها في تقنية التقديم، وكذلك التزامي في الوقت المحدد لي والذي لا أستطيع أن أتجاوزه أو أن أضيّع أي ثانية منه، فهو برنامج من نوع السهل الممتنع صعب وبسيط في الوقت نفسه».
وعن الفرق الذي لمسته ما بين التقديم التلفزيوني في أمس واليوم قالت: «صار أصعب، وأصبحنا نلمس النجاح أو الفشل بسرعة من خلال التعليقات التي نقرأها على الصفحات الإلكترونية. فتقنية التقديم لم تختلف كثيرا بقدر ما هي تتبدّل حسب نوع كل برنامج. التحدّي صار أكبر والمكافأة بتنا لا ننتظرها من ربّ العمل، بل من المشاهد مباشرة. القصة لم تعد قصة شهرة بقدر ما هي قصّة عطاء وجهد واحتراف بهدف الاستمرار».



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».