الصراع يحتدم بين المؤيدين والمعارضين لبقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي

وزيرة الدولة لشؤون التنمية الدولية: اتفاق كاميرون سيحمي مصالح بلادنا

الصراع يحتدم بين المؤيدين والمعارضين لبقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي
TT

الصراع يحتدم بين المؤيدين والمعارضين لبقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي

الصراع يحتدم بين المؤيدين والمعارضين لبقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي

أصبح الصراع السياسي في بريطانيا محتدما، بين معسكر يدعو للبقاء في الاتحاد، وآخر يدعو للتخلي عن عضوية البلاد في التكتل الأوروبي الموحد، في وقت يواجه فيه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون صعوبة كبيرة في إقناع المواطنين بالتصويت من أجل بقاء بلادهم داخل الاتحاد الأوروبي خلال الاستفتاء المقرر في 23 من يونيو (حزيران) المقبل.
وخلال الجلسة الأسبوعية أمام البرلمان وقف كاميرون أمس ليعلن للنواب أن «الحكومة البريطانية ستتمتع بموقع أفضل وأقوى في العالم السياسي إذا ظلت داخل الاتحاد الأوروبي»، مضيفا أن «الوزراء لديهم الحرية الشخصية في التصويت لصالح معسكر البقاء أو التخلي عن الاتحاد».
بدورها، قالت جاستن غرينينغ، وزيرة الدولة لشؤون التنمية الدولية البريطانية، لـ«الشرق الأوسط»، أمس إن «رئيس الوزراء البريطاني قام بمحادثات ناجحة لتحقيق اتفاق جيد لبريطانيا حتى تبقى جزءا من أوروبا الموحدة». وأضافت الوزيرة التي تؤيد حملة بقاء بريطانيا في التكتل الأوروبي أن «المهم الآن هو أن الوقت حان لملايين البريطانيين لإبداء آرائهم في الاستفتاء. وهذا الاتفاق سيحمي مصالحنا والعمالة البريطانية كجزء من قرارات أوروبا الموحدة، وستكون لنا مكانة في القرارات المتخذة في أوروبا الموحدة».
من جانبه، أكد صديق خان، مرشح حزب العمال لانتخابات بلدية لندن، لـ«الشرق الأوسط» أن «أمن وعمل سكان العاصمة لندن سيتعرض للخطر بسبب دعم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي». وأضاف خان، وهو أول مرشح مسلم يتولى هذا المنصب، أن «لندن تحتاج إلى رئيس بلدية يؤيد بقاءها في الاتحاد، ويضمن مستقبلا مستقرا وآمنا لها».
وتحدى مايكل غوف، وزير العدل البريطاني، أمس كاميرون، بالتأكيد على أن إعادة التفاوض، التي أجراها زعيم المحافظين بشأن إصلاح الاتحاد الأوروبي، غير ملزمة قانونا، ويمكن نقضها من قبل قضاة محكمة العدل الأوروبية، وقال إن «محكمة العدل الأوروبية يمكنها أن تبطل اتفاق بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي بشأن شروط العضوية الجديدة حتى لو وافقت عليه كل الدول الأعضاء»، مضيفا أن «الحقيقة هي أن محكمة العدل الأوروبية غير ملزمة بهذا الاتفاق إلى أن يتم تعديل المعاهدات، ونحن لا نعرف متى سيحدث هذا».
لكن مكتب كاميرون رفض هذا التفسير، وقال إن «الاتفاق قرار لا رجعة فيه بموجب القانون الدولي، الذي سيلزم المحكمة الأوروبية بأن تضعه في الاعتبار». ويتمتع وزير العدل غوف بثقل في الحكومة البريطانية، ويعد صديقا وحليفا مقربا من كاميرون، لكنهما يقفان في معسكرين مختلفين قبل استفتاء يونيو المنتظر. ورغم أن غوف لا يتمتع بشعبية رئيس بلدية لندن بوريس جونسون، فإن رأيه في المسائل القانونية، بوصفه وزيرا للعدل، سيكون له وزن وثقل مهمان.
وفي سياق متصل، أظهر أحدث استطلاع للرأي، أمس، أن المعسكر الداعي لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي يتقدم بفارق 12 نقطة قبل الاستفتاء المقرر على عضوية البلاد في الاتحاد، وإن تقلص الفارق بين المعسكرين.
ووفق الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة «كومريس» لصالح صحيفة «ديلي ميل»، فقد بلغت نسبة التأييد لبقاء بريطانيا في الاتحاد نسبة 51 في المائة، بينما أيد 39 في المائة طلب «خروج بريطانيا» من الاتحاد، فيما لم يحسم عشرة في المائة موقفهم بعد.
وقالت «كومريس» إن تقدم معسكر «البقاء» على معسكر «الخروج» تقلص إلى ست نقاط منذ استطلاع الرأي الأخير الذي أجرته نفس الصحيفة في يناير (كانون الثاني) الماضي، لكنه يتفق مع نتائج الاستطلاع الذي أجرته (لاي تي في) الذي نشر الأسبوع الماضي.
وأضافت المؤسسة أن هذا دليل على أن تفاوض بريطانيا بشأن شروط بقائها عضوا في الاتحاد الأوروبي، والذي انتهى بالاتفاق الذي أبرمه رئيس الوزراء ديفيد كاميرون يوم الجمعة الماضي، دعم بشكل ملموس معسكر البقاء في الاتحاد.
وأظهر استطلاع منفصل أجرته مؤسسة «يوغوف»، ونشرته صحيفة «التايمز»، أن الحملة الداعية للخروج، وتلك الداعية إلى البقاء داخل الاتحاد الأوروبي، تسيران جنبا إلى جنب قبل الاستفتاء. وقالت الصحيفة إن نتائج الاستطلاع تكشف أن محاولات إثارة قلق الناخبين وإقناعهم بالتصويت لصالح البقاء في التكتل الأوروبي نجحت، وأصبح البريطانيون أكثر تحسبا لمخاطر الانسحاب من الاتحاد، مضيفة أن الاستطلاع الأخير يشير إلى أن رئيس بلدية لندن بوريس جونسون، ووزير العدل مايكل غوف، لم يكن لهما تأثير مبكر يذكر بعد أن أعلنا تأييدهما للخروج من الاتحاد الأوروبي، كما يكشف عن انخفاض كبير في عدد من يعتقدون أن كاميرون خرج باتفاق سيئ بعد مفاوضاته في بروكسل الأسبوع الماضي.
وأظهر الاستطلاع أن 38 في المائة من البريطانيين سيصوتون لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، مقابل 37 في المائة يفضلون البقاء، وأن 25 في المائة لم يحسموا أمرهم بعد.
من جهة أخرى، نبه ضباط متقاعدون في رسالة إلى صحيفة «ديلي تلغراف» إلى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد يضر بقدرتها على التصدي للتهديدات، مثل تلك التي يشكلها تنظيم داعش أو روسيا. وكتب 13 ضابطا كبيرا متقاعدا، بينهم رؤساء الأركان السابقون للجيش البريطاني اللورد برامال، واللورد غوثري، واللورد بويس وجوك ستيروب: «أن نكون في الاتحاد الأوروبي داخل عالم خطير، فهذا يساعدنا في حماية شعبنا وازدهارنا وطريقة عيشنا. لدينا إيمان راسخ إذن بان البقاء عضوا في الاتحاد الأوروبي هو في مصلحتنا القومية».



باحثة روسية: بوتين لا يخادع وإطلاق صاروخ فرط صوتي متوسط المدى يُعدّ «تحذيراً»

بوتين مجتمعاً مع كبار مسؤولي وزارة الدفاع في الكرملين (أرشيفية - إ.ب.أ)
بوتين مجتمعاً مع كبار مسؤولي وزارة الدفاع في الكرملين (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

باحثة روسية: بوتين لا يخادع وإطلاق صاروخ فرط صوتي متوسط المدى يُعدّ «تحذيراً»

بوتين مجتمعاً مع كبار مسؤولي وزارة الدفاع في الكرملين (أرشيفية - إ.ب.أ)
بوتين مجتمعاً مع كبار مسؤولي وزارة الدفاع في الكرملين (أرشيفية - إ.ب.أ)

في خطوة مثيرة للجدل خلال فترته الانتقالية، كثَّف الرئيس الأميركي جو بايدن دعم بلاده لأوكرانيا من خلال الموافقة على نشر مقاولين عسكريين ونقل ألغامٍ مضادة للأفراد والسماح باستخدام صواريخ «أتاكمز» أميركية الصنع لشن ضربات داخل روسيا. وتستهدف هذه الإجراءات تعزيز دفاعات أوكرانيا قبل تولي خليفة بايدن الرئيس المنتخب دونالد ترمب السلطة، إلا أنها تخاطر بالتعرض لانتقادات دولية، خصوصاً إذا فشلت الصواريخ الغربية. فقد ردت روسيا باختبار صاروخ «أوريشنيك» الذي تفوق سرعته سرعة الصوت؛ ليؤكد بذلك قوته مع تجنب تصعيد أوسع نطاقاً.

«أتاكمز» صاروخ موجَّه بعيد المدى يبلغ مداه نحو 300 كيلومتر (رويترز)

وفي تحليل نشرته مجلة «ناشيونال إنترست» الأميركية، قالت الدكتورة آنا ماتفيفا، الباحثة الزائرة بمعهد روسيا، التابع لكلية كينغز كوليدج لندن، ومؤلفة كتاب «خلال أوقات المتاعب»، إن الرئيس جو بايدن لم يلتزم الحذر وقرر استغلال الفترة الانتقالية لزيادة مخاطر الحرب في أوكرانيا. فقد سمح بانتشار المقاولين العسكريين الأميركيين داخل أوكرانيا ونقل ألغامٍ مضادة للأفراد إلى أوكرانيا. ولا تعدّ هذه الخطوة الأخيرة عملاً غير قانوني؛ نظراً لأن الولايات المتحدة لم توقّع مطلقاً على اتفاقية أوتاوا، إلا أنها تظل موضع شك من الناحية الأخلاقية. وبشكل عام، فإن الرغبة في تعظيم دعم أميركا لحليفتها واضحة لكي تتمكن أوكرانيا من الصمود لفترة بعد انتهاء ولاية بايدن في البيت الأبيض. ومن المتوقع أن يتم تقديم المزيد من الدعم.

فلاديمير بوتين يصافح دونالد ترمب خلال لقاء في اليابان (أ.ب)

ومن الناحية العسكرية، من غير المرجح أن تغير صواريخ «أتاكمز» وصواريخ «ستورم شادو» البريطانية الصنع الأوضاع في أوكرانيا، حيث إن الجيش الروسي على دراية بها من المعارك التي خاضها من قبل، ومن المتوقع أن تكون روسيا قد أبعدت أصولها القيّمة من المدى الذي تصل إليه هذه الصواريخ. ولا تمتلك أوكرانيا مخزونات كبيرة من الصواريخ، وتكمن أولويتها في الدفاع عن أراضيها بدلاً من الاحتفاظ بموطئ قدم في منطقة كورسك الروسية إلى أجل غير مسمى.

وترى الدكتورة ماتفيفا، التي عملت لدى الأمم المتحدة وعاشت في آسيا الوسطى بصفتها المستشارة الإقليمية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي المعني بالسلام والتنمية، أنه إذا حدث خطأ في الملاحة وتسبب في سقوط صاروخ غربي على روضة أطفال روسية، فسيضيف هذا إلى تضرر سمعة الغرب على الصعيد الدولي.

وأشارت ماتفيفا إلى أن الأمر الواضح هو أن بايدن عازم على ترك إرث معقد في السياسة الخارجية لخليفته قدر الإمكان وعرقلة طموحات ترمب لتحقيق السلام بين روسيا وأوكرانيا.

وظهر الانطباع بأنه يحاول استفزاز روسيا للقيام برد فعل متهور، يجعل مفاوضات السلام مع بوتين صعبة للغاية، حتى بالنسبة لترمب. ولا يستند نهج الرئيس القادم إزاء الصراع إلى هزيمة روسيا، لكنه قد لا يكون قادراً على تحمُّل تصعيد خطير. وهذا ما تردد أن ترمب حذر بوتين من القيام به.

وهكذا، فإن الضربات التي وافقت عليها الولايات المتحدة على منطقتي كورسك وبريانسك الروسيتين يومي 19 و21 نوفمبر (تشرين الثاني) وضعت موسكو أمام معضلة: إما الرد بقوة والتخلي عن آمال السلام أو ابتلاع كبريائها والانتظار لمدة شهرين حتى تنصيب ترمب. ونظراً لأن بوتين يحقق النجاح لأنه يفعل ما يقول، فإنه لا يمكن أن يترك ضربة تمر دون أن يرد عليها ـ وإلا فإن صورة القوة الروسية ستتضرر وستفقد تهديداتها للغرب مصداقيتها. وكان يتعين على بوتين أن يتحرك، على الأقل بدافع احترام الذات.

خبراء أوكرانيون يعاينون بقايا صاروخ روسي الاثنين في خاركيف (إ.ب.أ)

وقالت ماتفيفا إن موسكو اختارت الرد في ساحة المعركة الحالية بدلاً من مهاجمة مصالح غربية في مختلف أنحاء العالم. وقد حققت روسيا هذا الغرض من خلال إطلاق الصاروخ «أوريشنيك» الباليستي متوسط المدى الذي تفوق سرعته سرعة الصوت ومن دون رأس حربية نووية على أوكرانيا المدمرة بالكامل. فقد أظهر هذا الهجوم قوة روسيا دون أن يتسبب في ضرر جسيم. وأظهرت روسيا أن لديها سلاحاً، كشفت عنه في السابق، وأنها مستعدة لاستخدامه.

وقد كانت عملية إطلاق الصاروخ تجربة مذهلة وناجحة وإن كانت محفوفة بالمخاطر. فقد نجح الصاروخ في اختبار ظروف القتال ووصل إلى هدفه وهو منشأة «يوجماش» الأوكرانية للإنتاج العسكري في دنيبرو دون أن يتم اعتراضه.

وأشارت ماتفيفا إلى أن الأمر المشجع هو أن نظام التحذير الروسي - الأميركي أثبت نجاحه، فقد أصدر المركز الروسي للحد من الخطر النووي إشارة إخطار مسبق إلى نظيره الأميركي قبل ثلاثين دقيقة من الإطلاق لكي يعرف نظام تتبع الصواريخ الأميركي أن هذا الإطلاق لم يكن نووياً.

وحذَّر بوتين الذي اكتسب جرأة من أنه يمكن أن يكون هناك المزيد من تجارب إطلاق الصواريخ؛ وذلك بناءً على الطريقة التي سيتصرف بها الغرب، في إشارة واضحة إلى دعوات بعض السياسيين الأوروبيين لإرسال قواتهم إلى أوكرانيا.

واختتمت ماتفيفا تحليلها بالقول إن هذه الأحداث أظهرت أن انتقال السلطة في الولايات المتحدة يمثل فترة غير مستقرة للغاية قد تشهد تصعيداً كبيراً. ويبدو أن الضمانة الرئيسة ضد اندلاع حرب كبرى هي وجود العقل في موسكو وليس الحكمة الصادرة من واشنطن. فهل مات فن الدبلوماسية الدفاعية في الغرب؟ لقد زاد الطلب عليه الآن.