السودان: الأمم المتحدة تبدي قلقها لأوضاع المدنيين الإنسانية

الخرطوم تتجاهل 6 طلبات أممية للسماح بالوصول إلى مناطق النازحين

صبايا من مخيم للاجئين في غرب دارفور يكتبن رسالة للمنظمات الدولية للمطالبة بدراسة أوضاعهنا الإنسانية (أ.ف.ب)
صبايا من مخيم للاجئين في غرب دارفور يكتبن رسالة للمنظمات الدولية للمطالبة بدراسة أوضاعهنا الإنسانية (أ.ف.ب)
TT

السودان: الأمم المتحدة تبدي قلقها لأوضاع المدنيين الإنسانية

صبايا من مخيم للاجئين في غرب دارفور يكتبن رسالة للمنظمات الدولية للمطالبة بدراسة أوضاعهنا الإنسانية (أ.ف.ب)
صبايا من مخيم للاجئين في غرب دارفور يكتبن رسالة للمنظمات الدولية للمطالبة بدراسة أوضاعهنا الإنسانية (أ.ف.ب)

اتهمت بعثة الأمم المتحدة الحكومة السودانية بالحيلولة بينها وبين الوصول إلى مناطق تركز اللاجئين، وولاية وسط دارفور، ومناطق تدفق موجات من النازحين الفارين من استمرار الأعمال العدائية في منطقة جبل مرة.
وقالت مارتا رويداس، المنسق العام المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في السودان، في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس، إن البعثة تقدمت بستة طلبات للتصريح لأفرادها بالوصول إلى النازحين وتلبية احتياجاتهم الإنسانية دون تلقي أي رد، ولوحت إلى الاستعانة بالمجتمع الدولي، مشيرة إلى نقاش يدور في مجلس الأمن الدولي بشأن الأعمال العدائية التي تدور في المنطقة. كما أبدت رويداس قلقها البالغ مما سمته «محنة أعداد كبير من النازحين الجدد»، أحصت بعثتها منهم 85 ألفًا في مناطق طويلة وسورتوني بولاية شمال دارفور وحدها.
وقالت رويداس، عقب زيارة إلى منطقة طويلة بالقرب من جبل مرة، التي يعيش فيها أكثر من 22 ألف لاجئ، 90 في المائة منهم نساء وأطفال، تجمعوا بالقرب من معسكر اللاجئين هناك «لعل رؤية المئات من النساء والأطفال في طويلة والتحدث إلى السلطات المحلية هناك، تذكرنا بمقولة إن المدنيين لا يزالون يتحملون وطأة النزاع في كل يوم، وإن حمايتهم تكون شاغلنا الأكبر».
وتشهد منطقة جبل مرة بالإقليم المضطرب منذ الشهر الماضي عمليات عنف وقتال دامٍ بين القوات الحكومية وقوات حركة تحرير السودان المسلحة بقيادة عبد الواحد محمد نور، وظل الطرفان يتبادلان مزاعم تحقيق كل منهما الانتصار على الآخر. ففي حين يقول الجيش السوداني إنه استرد سيطرته على منطقة جبل مرة الوعرة التي فقدها منذ اندلاع النزاع في دارفور، ترد حركة تحرير السودان بأنها حققت انتصارات استراتيجية عليه وردته على أعقابه، بل وتتهمه بمواصلة قصف المدنيين وإحراق قراهم.
ورفضت منسق الأمم المتحدة الجزم بتوقف أو استمرار العمليات الحربية، واكتفت بالقول إنه «ليس لدينا تصاريح دخول لجبل مرة نفسه، وبالتالي فإن كل ما يمكننا قوله إن المدنيين ما زالوا يهربون من مناطقهم، ما يؤكد أن هناك سببا قويا يدفعهم للنزوح على شكل موجات كبيرة ليعيشوا في أوضاع مزرية». وقالت في هذا السياق إن البعثة على اتصال مع الحكومة المركزية والولائية، وإنها تقدمت بستة طلبات للحصول على تصاريح وصول، لكن دون جدوى، وإنهم سيحاولون الاستعانة بالمجتمع الدولي لدفع الأوضاع، وأضافت في هذا السياق «سمعت أن هناك مشروعا سيقدم إلى مجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في جبل مرة، لكن ليس لدينا معلومات عن الخطوات التي يمكن أن تتبع، ولا الجهة التي تتبنى المشروع».
وأوضحت رويداس أن هناك أكثر من 63 ألف نازح جديد في منطقة سورتوني، التمسوا الحماية والملجأ بالقرب من مقر بعثة حفظ السلام، وأن تقارير أولية تشير إلى تزايد أعداد من المدنيين فروا إلى ولاية وسط دارفور عند اندلاع الأعمال العدائية منتصف الشهر الماضي، لكن السلطات لم تسمح للبعثة الدولية والشركاء الإنسانيين في الوصول إلى المناطق الرئيسية التي يتركز فيها، على الرغم من طلب منحهم أذونات وصول إلى هؤلاء النازحين وإحصائهم وتقديم المعونات الإنسانية إليهم.
ودعت منسقة الأمم المتحدة السلطات المعنية إلى منحهم إذن وصول فوري وآمن وغير مقيد إلى جميع المحتاجين أينما وجدوا، لتقديم المساعدات الإنسانية التي هم في أمس الحاجة إليها، وحثت أطراف النزاع للسماح للأمم المتحدة بالوصول للنازحين، وعلى وجه الخصوص في ولاية وسط دارفور.
ووفقًا لمنظمة الهجرة فإن هناك 22.261 نازح جديد في منطقة طويلة، تم التحقق من 18.974 منهم، و63.223 في منطقة سورتوني تم الفراغ من تسجيل 41.530 منهم.
ونقلت رويداس عن الجمعية الخيرية لأصحاب الحيازات الصغيرة بمنطقة كبكابية، وهي منظمة غير ربحية، و«أوكسفام» الدولية أن هناك 2.018 نازح في كبكابية، وبذلك يرتفع عدد النازحين الجدد في ولاية شمال دارفور وحدها إلى 87.502 نازح جديد، بسبب الأعمال العدائية في منطقة جبل مرة. وأوضحت أن عدد النازحين تضاعف خلال أسبوع واحد، وأن منظمتها تبذل جهودًا كبيرة للتعامل مع ما سمته موجة النزوح الجديدة، وتوفير الموارد لتلبية احتياجات النازحين، وأشارت إلى أنهم يواجهون صعوبات في إيصال المعونات الإنسانية إلى منطقة سورتوني، بيد أنهم تمكنوا في النهاية من إيصال 11 شاحنة محملة بالمساعدات للمنطقة، وأنهم يعملون على تقوية قدرتهم على الاستجابة للحاجات المتزايدة لهؤلاء النازحين.
ونوهت رويداس إلى أن المنظمة الدولية لا تملك صورة واضحة عن موجات النزوح الجديدة، لأنها لم تتمكن من الوصول إلى بعض المناطق، ما يجعلها تحصل على تقديرات لا تمكنها من تحديد الأعداد الفعلية لعمليات النزوح الجديد.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».