حين خطّأ هيوم التصور السائد حول السببية التي تقوم على الضرورة

الاستدلال الشائع عن طريقها ومحاججة الغزالي وبرتراند راسل

حين خطّأ هيوم التصور السائد حول السببية التي تقوم على الضرورة
TT

حين خطّأ هيوم التصور السائد حول السببية التي تقوم على الضرورة

حين خطّأ هيوم التصور السائد حول السببية التي تقوم على الضرورة

تعد لفظة «السببية»، من الألفاظ الشائعة جدا، ليست فقط في إطار العلم، بل حتى في لغتنا الدارجة. فنسمع كلاما وكأنه قول مأثور من قبيل «لكل شيء سبب»، أو إذا «عرف السبب بطل العجب»، أو «تعددت الأسباب والموت واحد». وهذا يدل على توغل الاستدلال بطريق السببية، لتفسير الأشياء، إلى عمق التفكير البشري. فالحرارة سبب تمدد الحديد. وكسر الأنف، في ملاكمة، هو نتيجة اللكمة. وارتفاع منسوب الزئبق في الترمومتر، هو نتيجة ارتفاع الحرارة. ووجود أثر قدم في مكان، يدل على أن شخصا قد مر من هناك. ووجود الغيوم يدل على تساقط المطر. وهكذا، فحياتنا مغمورة بالأحداث التي تفسر وفق السبب الذي تتبعه النتيجة. فالعقل البشري، يرى الطبيعة تتصرف وفق هيئة مطردة ونظام ثابت. فهي ليست فوضى ولا خبط عشواء. إذ لا تحصل الأحداث من دون أسباب. لهذا يعد مبدأ «إن لكل شيء سببا»، مبدأ أساسيا في كل معرفة بشرية عامة أو علمية.
إن مبدأ السببية، يبدو واضحا حتى في مملكة الحيوان. فالحيوانات، تتجنب مثلا، مكانا تعرضت فيه للأذى في الماضي، ظنا منها أن ما آذاها مرة يمكن أن يؤذيها مرة أخرى. كما أنها تعود إلى المكان الذي وجدت فيه غذاءها يوما. فالحيوانات تتحرك، بدورها، وفق مبدأ التكرار والتتابع، وكأن في ذهنها، يترابط السبب والنتيجة، أو ما يسميه العقل البشري، «اطراد الطبيعة»، أي أن ما حدث مرة سوف يحدث ثانية في الظروف المتشابهة. فالأمور تسير وفق نمط واحد ومحدد.
إن التفسير بالسببية، أمر صاحب الإنسان على الدوام. فمثلا، في العصور القديمة والعصور الوسطى، اعتبرت السببية العنصر الأساسي والحاسم، سواء في الفيزياء لتفسير الظواهر الطبيعية أو ما وراء الطبيعية، لإثبات وجود كائن أسمى، هو علة أولى، أو صانع، أو محرك أول، أو منظم ومتحكم في سير الظواهر. وإذا ما أخذنا نموذج أرسطو باعتباره المعلم الأول، فنحن نعرف أنه قد وضع للظواهر أربعة أسباب، وهي: السبب الصوري، والسبب المادي، والسبب الفاعل، والسبب الغائي. فإذا أخذنا الكرسي، فسببه الصوري هو شكله، وسبب المادي هو الخشب، وسببه الفاعل هو النجار، وسببه الغائي هو الجلوس.
أما في الزمن الحديث، فسيجري الاقتصار فقط على سبب واحد هو السبب الفاعل، وسيعتبر الركيزة الأساس للعلم الحديث. فالعلوم الطبيعية، منذ غاليليو حتى الآن، تتم بفضل العبارة الشرطية» إذا.. فإن..» وتعبر عن مبدأ السببية، باعتباره يقوم على خاصية الضرورة، التي هي روح قوانين العلم. هذا المبدأ، سيقود إلى نزعة ميكانيكية، ستجر إلى القول بنظرة تسودها الحتمية. أي أن أحداث العالم الحالية، مرتبطة بأحداث العالم السابقة، وهي بدورها أساس للاحق من الأحداث. وهذا ما روج له العالم بيير سيمون دو لابلاس «1749 / 1827»، باعتباره أحد أقطاب الفيزياء الكلاسيكية، وأقوى دعاة الحتمية.
لقد اعتقد معظم الفلاسفة والعلماء، أن مبدأ السببية يحمل سمة الضرورة، وأن عدم افتراض هذه الضرورة سيجعل صياغة قوانين الطبيعة أمرا غير ممكن، ومن ثم ستهتز أركان العلم. فمن المستحيل مثلا، تصور قطعة من الحديد جرى تسخينها من دون أن تتمدد، وأن جسما ترك في الهواء ولم يسقط، أو أن وجود النار لا يؤدي إلى الحرق. فبين السبب الفاعل والنتيجة المترتبة عليه، هناك ضرورة لازمة.
لكن مع مجيء الفيلسوف ديفيد هيوم، في القرن الثامن عشر، سيتغير الأمر إذ سيعمل هذا الرجل على إزعاج العلم بإثبات خطأ التصور السائد حول مبدأ السببية، وأنه يقوم على الضرورة. لقد بث هيوم الشك والريبة في فكرة الحتمية الصارمة، وهو ما أدى إلى نشوب صراع حاد بين الفلاسفة والعلماء، بين القائلين بالحتمية لضمان التنبؤ، ومن ثم إعطاء الأساس الصلب للعلم، والقائلين بالاحتمالية، وأن لا أحد سيضمن أن الشمس ستشرق غدا. كل هذا أدى إلى ظهور ما اصطلح عليه بـ«مشكلة هيوم» أو مشكلة الاستقراء، والتي ستتناسل عنه مشكلات أخرى، من قبيل مشكلة القانون العلمي، ومشكلة مدى عقلانية العلم؟ فما هي مشكلة هيوم؟ وبأي معنى نفهم أن العلاقة بين السبب والنتيجة ليست ضرورية؟ وما تأثيرات ذلك على صلابة العلم؟
مشكلة هيوم
تكمن أصالة هيوم، في تحليله المشهور للسببية، الذي حاول من خلاله، أن ينزع عنها طابع الضرورة، وأن يبرز أن علاقة السبب بالنتيجة علاقة قائمة على العادة فقط. بمعنى أنه سيخرج السببية من عالم المنطق إلى عالم السيكولوجية. فكيف ذلك؟
في كتابه «تحقيق في الذهن البشري»، وهو من ترجمة الدكتور محمد محجوب، وصدر عن المنظمة العربية للترجمة، الطبعة الأولى 2008، يبرز هيوم شكوكه في عمليات الذهن، وبالضبط قضية السببية. فيدعونا مثلا، إلى تخيل كيف ستكون نظرة الإنسان الأول، التي يسميها الحالة الآدمية، للشمس وهو يراها لأول مرة تشرق؟ فهل هذا ضمانة بأنها ستشرق مرة ثانية؟ فليس هناك دليل عقلي. بل كل ما هنالك هو أن العملية ستتكرر مرات كثيرة، وجراء الألفة والعادة، سيستنتج أنها ستطلع يوميا. وبالمثل، كيف سأعرف أن النار ستحرق، وأن الماء يمكن أن يخنقني؟ فالأمر بالنسبة لهيوم لا يعود أبدا للضرورة العقلية، بل الأمر يعود للتجربة والعادة. فإذا ما تأملنا جيدا أي سبب، فلن نجد أي مؤشرات تضمن أنه ستتبعه نتيجة معينة. فالرابط بين السبب والنتيجة ليس مضمونا. وظهور سبب معين لا يلزم عنه ضرورة حدوث نتيجة معينة. وحدوث نتيجة معينة لا يعني مباشرة، أن لها علاقة لازمة مع سببها. بعبارة أخرى، يريد هيوم إثبات أن السببية لا تكشف بالعقل وإنما بالتجربة. فهل من دليل أن الشمس ستشرق غدا؟ لا دليل عقليا إلا انتظار التجربة غدا.
إذن، إذا كانت السببية بالنسبة للإنسان الأول مجرد رابط بين حدثين، أي «أ» يتبعها «ب»، ستصبح مع مر التاريخ، بالنسبة للإنسانية، رابطا ضروريا، أي «أ» تعني «ب». فالإنسان سيحول مجرد تتابع الأحداث، إلى علاقة ضرورية على الرغم من أنها ليست أبدا كذلك.
إن تحليل هيوم للسببية يجرنا إلى ريبة أكيدة. فكأن هيوم يقول لنا إننا ملزمون بالقيام بعدد لا محدود من الاستدلالات، لكن من دون سند عقلي. بعبارة أخرى، وكأن هيوم كان يمرح بأن يعري السببية من شرط الضرورة، للقول بأنها مجرد عادة وتكرار، ومن ثم كان يحاول إظهار أن العلم القائم على السببية، هو مجرد معتقد وبأساسات هشة.
إن ما طرحه هيوم كان زلزالا بالنسبة للفيلسوف كانط، فهو يقول عنه أنه أيقظه من سباته الدغمائي، لأن كلام هيوم خطير، ليس لأنه فقط يزعزع أركان العلم ويظهره بمظهر المعتقد، بل لأن كلامه له تبعات دينية على مستوى العلاقة بين الإله والعالم بما هي علاقة سببية، وتبعات أخلاقية. أي على مستوى العلاقة بين المجرم والجريمة مثلا، بما هي، أيضا علاقة سببية. فنزع الضرورة عن السببية يضعنا في ريبة طاحنة.
إن مسألة التعود التي نبه إليها هيوم، تجرنا أيضا إلى موقف برتراند راسل من مشكلة هيوم. فهو يقول: إن الارتباط بين السبب والنتيجة ليس حكرا على الإنسان، بل هو قوي حتى عند الحيوان. فالحصان الذي ظل يساق على طريق معين، يقاوم أي محاولة لقيادته في اتجاه مختلف. بل حتى الدواجن، تتوقع الطعام من يد من تعودت أن يطعمها. لكن راسل يرى أن كل هذه التوقعات الغشيمة للاطراد، معرضة لأن تكون مضللة. وأن الرجل الذي ظل يطعم الدواجن كل يوم على مدى حياتها، هو الذي يذبحها بدلا من إطعامها مستقبلا. إن مثال الدواجن هذا، يريد راسل أن يبرز من خلاله هشاشة الاستقراء والتنبؤ، لكن على الرغم من ذلك، يؤكد أننا يجب أن نؤمن، وإن يكن على مضض، بصدق مبدأ الاستقراء، ولو كفعل أعمى من أفعال الإيمان، حتى يتسنى لنا المضي قدما في طريق العلم.
إن مشكلة هيوم تذكرنا مباشرة بموقف «حجة الإسلام» ، وإن كان في سياق مختلف وبآفاق أخرى مرتبطة بأسئلة كلامية تخص زمانه. فهو أيضا طرح القضية نفسها، حيث كان الغزالي من دعاة الاقتران والتلازم، منكرا أن السببية تتسم بالضرورة، بل هي عادة وتكرار. فهو أيضا، وضع العالم في مجال الاحتمال بدل الحتمية. ومن ثم يمكن تبرير المعجزات، الأمر الذي دفع ابن رشد للرد وبقوة دفاعا عن الضرورة.



«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
TT

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي»، بدولة قطر، مساء الثلاثاء، الفائزين في فئات الدورة العاشرة، وذلك خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي لأمير البلاد، وشخصيات بارزة، وأعضاء البعثات الدبلوماسية، ونخبة من الباحثين والعاملين بمجال الترجمة.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المترجمين وتقدير دورهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين شعوب العالم، وتقدير دورهم عربياً وعالمياً في مد جسور التواصل بين الأمم، ومكافأة التميز في هذا المجال، وتشجيع الإبداع، وترسيخ القيم السامية، وإشاعة التنوع، والتعددية والانفتاح.

الشيخ ثاني بن حمد لدى حضوره حفل تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كما تطمح إلى تأصيل ثقافة المعرفة والحوار، ونشر الثقافة العربية والإسلامية، وتنمية التفاهم الدولي، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين اللغة العربية وبقية لغات العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب، ويبلغ مجمل قيمة الجائزة في مختلف فئاتها مليوني دولار أميركي.

وقال الدكتور حسن النعمة، أمين عام الجائزة، إنها «تساهم في تعزيز قيم إنسانية حضارةً وأدباً وعلماً وفناً، اقتداءً بأسلافنا الذي أسهموا في بناء هذه الحضارة وسطروا لنا في أسفار تاريخها أمجاداً ما زلنا نحن اليوم الأبناء نحتفل بل ونتيه مفتخرين بذلك الإسهام الحضاري العربي في التراث الإنساني العالمي».

وأشاد النعمة بالكتاب والعلماء الذين ترجموا وأسهموا في إنجاز هذه الجائزة، وبجهود القائمين عليها «الذين دأبوا على إنجاحها وإخراجها لنا في كل عام لتكون بهجة ومسرة لنا وهدية من هدايا الفكر التي نحن بها حريُّون بأن نرى عالمنا أجمل وأسعد وأبهج وأرقى».

الدكتور حسن النعمة أمين عام الجائزة (الشرق الأوسط)

من جانب آخر، أعربت المترجمة والأكاديمية، ستيفاني دوغول، في كلمة نيابة عن الضيوف وممثلة للمترجمين، عن شكرها لجهود دولة قطر وجائزة الشيخ حمد للترجمة في تكريم المترجمين والمثقفين من كل أنحاء العالم، موجهة التحية لجميع الفائزين، وللغة العربية.

يشار إلى أنه في عام 2024، توصلت الجائزة بمشاركات من 35 دولة حول العالم، تمثل أفراداً ومؤسسات معنية بالترجمة، من بينها 17 دولة عربية. وقد اختيرت اللغة الفرنسية لغة رئيسية ثانية إلى جانب اللغة الإنجليزية، بينما اختيرت الهنغارية والبلوشية والتترية واليوربا في فئة اللغات القليلة الانتشار.

الفائزون بالدورة العاشرة

وفاز بالجائزة هذا العام «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية»، في المركز الثاني رانية سماره عن ترجمة كتاب «نجمة البحر» لإلياس خوري، والثالث إلياس أمْحَرار عن ترجمة كتاب «نكت المحصول في علم الأصول» لأبي بكر ابن العربي، والثالث (مكرر): ستيفاني دوغول عن ترجمة كتاب «سمّ في الهواء» لجبور دويهي.

وعن «فئة الترجمة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية»، فاز بالمركز الثاني الحُسين بَنُو هاشم عن ترجمة كتاب «الإمبراطورية الخَطابية» لشاييم بيرلمان، والثاني (مكرر) محمد آيت حنا عن ترجمة كتاب «كونت مونت كريستو» لألكسندر دوما، والثالث زياد السيد محمد فروح عن ترجمة كتاب «في نظم القرآن، قراءة في نظم السور الثلاث والثلاثين الأخيرة من القرآن في ضوء منهج التحليل البلاغي» لميشيل كويبرس، والثالث (مكرر): لينا بدر عن ترجمة كتاب «صحراء» لجان ماري غوستاف لوكليزيو.

من ندوة «الترجمة من اللغة العربية وإليها... واقع وآفاق» (الشرق الأوسط)

أما (الجائزة التشجيعية)، فحصل عليها: عبد الواحد العلمي عن ترجمة كتاب «نبي الإسلام» لمحمد حميد الله. بينما فاز في «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية»، حصلت على المركز الثالث: طاهرة قطب الدين عن ترجمة كتاب «نهج البلاغة» للشريف الرضي. وذهبت الجائزة التشجيعية إلى إميلي درومستا (EMILY DRUMSTA) عن ترجمة المجموعة الشعرية «ثورة على الشمس» لنازك الملائكة.

وفي (فئة الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية) حصل على المركز الثاني مصطفى الفقي وحسام صبري عن ترجمة كتاب «دليل أكسفورد للدراسات القرآنية» من تحرير محمد عبد الحليم ومصطفى شاه، والثاني (مكرر): علاء مصري النهر عن ترجمة كتاب «صلاح الدين وسقوط مملكة بيت المقدس» لستانلي لين بول.

وفي «فئة الإنجاز»، في قسم اللغة الفرنسية: (مؤسسة البراق)، و(دار الكتاب الجديد المتحدة)، و«في قسم اللغة الإنجليزية»: (مركز نهوض للدراسات والبحوث)، و(تشارلز بترورث (Charles E. Butterworth)، وفي لغة اليورُبا: شرف الدين باديبو راجي، ومشهود محمود جمبا. وفي «اللغة التترية»: جامعة قازان الإسلامية، و«في قسم اللغة البلوشية»: دار الضامران للنشر، و«في اللغة الهنغارية»: جامعة أوتفوش لوراند، وهيئة مسلمي المجر، وعبد الله عبد العاطي عبد السلام محمد النجار، ونافع معلا.

من ندوة «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة» (الشرق الأوسط)

عقدٌ من الإنجاز

وعقدت الجائزة في الذكرى العاشرة لتأسيسها ندوة ثقافية وفكرية، جمعت نخبة من أهم العاملين في مجال الترجمة والمثاقفة من اللغة العربية وإليها، تتناول الندوة في (الجلسة الأولى): «الترجمة من اللغة العربية وإليها: واقع وآفاق»، بينما تتناول (الجلسة الثانية): «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة، وكيفية تطوير هذا الدور».

وخلال مشوارها في عشر سنوات، كرّمت الجائزة مئات العاملين في الترجمة من الأفراد والمؤسسات، في نحو 50 بلداً، لتفتح بذلك آفاقاً واسعة لالتقاء الثقافات، عبر التشجيع على الاهتمام بالترجمة والتعريب، ولتصبح الأكبر عالمياً في الترجمة من اللغة العربية وإليها، حيث اهتمت بها أكثر من 40 لغة، كما بلغت القيمة الإجمالية السنوية لمجموع جوائزها مليوني دولار.

ومنذ تأسيسها، كرمت الجائزة 27 مؤسسة ودار نشر من المؤسسات التي لها دور مهم في الترجمة، و157 مترجماً و30 مترجمة، حيث فاز كثيرون من مختلف اللغات الحية عبر العالم. حتى اللغات التي يتحدث بها بضعة ملايين بلغتها الجائزة وكرمت رواد الترجمة فيها من العربية وإليها. أما اللغات الكبرى في العالم فكان لها نصيب وافر من التكريم، مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألانية والصينية والكورية واليابانية والتركية والفارسية والروسية.

وشملت الجائزة كذلك ميادين القواميس والمعاجم والجوائز التشجيعية للمترجمين الشباب وللمؤسسات الناشئة ذات الجهد الترجمي، وغطت مجالات الترجمة شتى التخصصات الإنسانية كاللغوية والتاريخية والدينية والأدبية والاجتماعية والجغرافية.

وتتوزع فئاتها على فئتين: «الكتب المفردة»، و«الإنجاز»، تختص الأولى بالترجمات الفردية، سواء من اللغة العربية أو إليها، وذلك ضمن اللغات الرئيسية المنصوص عليها في هذه الفئة. وتقبل الترشيحات من قبل المترشح نفسه، ويمكن أيضاً ترشيح الترجمات من قبل الأفراد أو المؤسسات.

أما الثانية فتختص بتكريم الجهود الطويلة الأمد المبذولة من قبل الأفراد والمؤسسات في مجال الترجمة من اللغة العربية أو إليها، في عدة لغات مختارة كل عام، وتُمنح الجائزة بناء على عدد من الأعمال المنجزة والمساهمة في إثراء التواصل الثقافي والمعرفي.