خروج بريطانيا من «الأوروبي» يشعل الجدل الاقتصادي

محللون لـ«الشرق الأوسط»: الانفصال لن يحل مخاوف لندن

خروج بريطانيا من «الأوروبي» يشعل الجدل الاقتصادي
TT

خروج بريطانيا من «الأوروبي» يشعل الجدل الاقتصادي

خروج بريطانيا من «الأوروبي» يشعل الجدل الاقتصادي

أطلق رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون شرارة الانطلاق بين المؤيدين والمعارضين لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البريكست)، بعد علاقة سياسية واقتصادية وجغرافية معقدة مع الاتحاد، وتم التصويت على الانضمام في يونيو (حزيران) عام 1975، بنتيجة تصويت حازت أكثر من 67 في المائة من الأصوات آنذاك.. لكن بعد مرور 41 عاما، تواجه بريطانيا سيناريوهات الخروج من الاتحاد في يونيو آخر.
وانعكست التقلبات التي شهدها قطاع الأعمال في أنحاء بريطانيا اقتصاديا متأثرا بالجدل الدائر متمثلا في سعر صرف الجنيه الإسترليني، وداخل أسواق رأس المال لليوم الثاني على التوالي أمس.
وتثير المشكلات التي يتعرض لها الاتحاد الأوروبي مخاوف السياسيين والاقتصاديين داخل بريطانيا، وهو ما أكدته أسنيل كورنيل، المحللة الفرنسية بمجموعة «بي إن بي باريبا»، قائلة لـ«الشرق الأوسط» بأن «التحديات الجيوسياسية التي تواجه الاتحاد الأوروبي فرضت أعباء إضافية على الاتحاد ككل، ومن ضمنه على المملكة المتحدة». ووفقا لكورنيل، فإن «خروج بريطانيا لن يحل تخوفاتها من تدفق المهاجرين، أو المشكلات الاقتصادية الأخرى».
ففي مشكلة المهاجرين على سبيل المثال، فإن القوانين البريطانية تعطي الحق للمواطنين من أوروبا تلقائيا بالعيش والبقاء والدراسة في بريطانيا، وهو قانون سابق على اتفاقية الاتحاد نفسه.. وذلك فلن يحل خروجها مشكلة اللاجئين الذين أصبحوا على مقربة من الحدود الإنجليزية، حيث إن هؤلاء اللاجئين قد ينتقلون لاحقا إلى بريطانيا مستفيدين من ذلك القانون في حال توفيق أوضاعهم وحصولهم على هويات رسمية في البلدان الأخرى التي انتقلوا إليها.
ومن ناحية أخرى، يعد وجود بريطانيا في الاتحاد برأي الكثيرين من الأمور التي تحجم علاقتها التجارية مع الدول التي لم يبرم معهم الاتحاد أي اتفاقيات تجارية مثل الصين والهند، حيث لا تسمح قوانين الاتحاد بعقد اتفاقات موسعة «منفردة» لأي من أعضائه إلا بعد إقرارها من البرلمان الأوروبي.. ومع ذلك فإن حقيقة أن أكثر من 50 في المائة من صادرات بريطانيا تذهب إلى دول الاتحاد الأوروبي يعني أن وضع حواجز قد ينعكس سلبيا على بريطانيا أيضًا.
وتضيف أعباء الخروج فقدان أكثر من 3 ملايين وظيفة لمواطنين بريطانيين في دول الاتحاد الأخرى، والتي ترتبط بوجود بريطانيا بالاتحاد الأوروبي، وفقا لقانون معدل التوظيف المشترك لدول الاتحاد. وأكد آلان جونسون، عضو حزب العمال البريطاني أمس في تصريح له، أن المملكة المتحدة معرضة لفقدان عدد ضخم من الوظائف بمغادرة الاتحاد الأوروبي. لكن الرأي المؤيد للخروج يرى أن ذلك ليس بمشكلة كبرى، مدللا على ذلك بنجاح الدول الاسكندنافية، آيسلندا والنرويج، خارج الاتحاد الأوروبي.
وبين الأمرين، يرى سام ويجلموند، المحلل الاقتصادي في مؤسسة إف بي آر للاستثمار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «سيناريوهات الخروج قد تجنب الاضطرابات على المدى القصير، وقد تجلب المزيد من الازدهار لبريطانيا على المدى المتوسط.. لكن على المدى الطويل تحتاج بريطانيا لأكثر من مجرد اتفاق على الخروج، بل ضغوط تنظيمية إضافية للحافظ على الحدود، وتأسيس نظم تجارة حرة للحافظ على مصالح المملكة المتحدة الاقتصادية».
وفي سياق ذي صلة، قامت «فاينانشيال تايمز» بعمل استفتاء لأكثر من 100 من الاقتصاديين البريطانيين في بداية العام الحالي، فجاءت النتيجة أن أكثر من ثلاثة أرباع رجال الاقتصاد يعتقدون أن «الخروج من الأوروبي» يؤثر سلبا على الأفاق الاقتصادية المتوسطة الأجل في بريطانيا.
من ناحية أخرى، شهد الجنيه الإسترليني أمس جلسة متقلبة أمام الدولار واليورو، حيث لا يزال متأثرا بأنباء الخروج والاستفتاءات المتكررة حول «البريكست»، ليحقق الإسترليني 1.4107 دولار، منخفضا بنحو 0.30 في المائة. أما أمام اليورو، خسر بنحو 0.12 في المائة ليحقق 1.2814 يورو، حتى تمام الثانية بتوقيت غرينتش.
وعلى صعيد آخر، رحب ماريو دراغي، رئيس المركزي الأوروبي، بالافتراضات التي تدفع بأن الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي سيسفر عن ضعف العملة الأوروبية الموحدة (اليورو)، قائلا إن «ذلك من شأنه أن يساعد على انتعاش اقتصادي جديد في منطقة اليورو».



الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)

قالت الأمم المتحدة، في وقت متأخر، يوم الخميس، إن الاقتصاد العالمي قاوم الضربات التي تعرَّض لها بسبب الصراعات والتضخم، العام الماضي، وإنه من المتوقع أن ينمو بنسبة ضعيفة تبلغ 2.8 في المائة في 2025.

وفي تقرير «الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه (2025)»، كتب خبراء اقتصاد الأمم المتحدة أن توقعاتهم الإيجابية كانت مدفوعة بتوقعات النمو القوية، وإن كانت بطيئة للصين والولايات المتحدة، والأداء القوي المتوقع للهند وإندونيسيا. ومن المتوقَّع أن يشهد الاتحاد الأوروبي واليابان والمملكة المتحدة انتعاشاً متواضعاً، كما يقول التقرير.

وقال شانتانو موخيرجي، رئيس فرع مراقبة الاقتصاد العالمي في قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة: «نحن في فترة من النمو المستقر والضعيف. قد يبدو هذا أشبه بما كنا نقوله، العام الماضي، ولكن إذا دققنا النظر في الأمور، فستجد أن الأمور تسير على ما يرام».

ويقول التقرير إن الاقتصاد الأميركي تفوق على التوقعات، العام الماضي، بفضل إنفاق المستهلكين والقطاع العام، لكن من المتوقَّع أن يتباطأ النمو من 2.8 في المائة إلى 1.9 في المائة هذا العام.

ويشير التقرير إلى أن الصين تتوقع تباطؤ نموها القوي قليلاً من 4.9 في المائة في عام 2024 إلى 4.8 في المائة في عام 2025، وذلك بسبب انخفاض الاستهلاك وضعف قطاع العقارات الذي فشل في تعويض الاستثمار العام وقوة الصادرات. وهذا يجبر الحكومة على سن سياسات لدعم أسواق العقارات ومكافحة ديون الحكومات المحلية وتعزيز الطلب. ويشير التقرير إلى أن «تقلص عدد سكان الصين وارتفاع التوترات التجارية والتكنولوجية، إذا لم تتم معالجته، قد يقوض آفاق النمو في الأمد المتوسط».

وتوقعت الأمم المتحدة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي 2.4 في المائة في عام 2024. وقالت، يوم الخميس، إن المعدل كان من المقدَّر أن يصبح أعلى، عند 2.8 في المائة، ويظل كلا الرقمين أقل من معدل 3 في المائة الذي شهده العالم قبل بدء جائحة «كوفيد - 19»، في عام 2020.

ومن المرتقب أن ينتعش النمو الأوروبي هذا العام تدريجياً، بعد أداء أضعف من المتوقع في عام 2024. ومن المتوقَّع أن تنتعش اليابان من فترات الركود والركود شبه الكامل. ومن المتوقَّع أن تقود الهند توقعات قوية لجنوب آسيا، مع توقع نمو إقليمي بنسبة 5.7 في المائة في عام 2025، و6 في المائة في عام 2026. ويشير التقرير إلى أن توقعات النمو في الهند بنسبة 6.6 في المائة لعام 2025، مدعومة بنمو قوي في الاستهلاك الخاص والاستثمار.

ويقول التقرير: «كان الحدّ من الفقر العالمي على مدى السنوات الثلاثين الماضية مدفوعاً بالأداء الاقتصادي القوي. وكان هذا صحيحاً بشكل خاص في آسيا؛ حيث سمح النمو الاقتصادي السريع والتحول الهيكلي لدول، مثل الصين والهند وإندونيسيا، بتحقيق تخفيف للفقر غير مسبوق من حيث الحجم والنطاق».

وقال لي جون هوا، مدير قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية: «لقد تجنَّب الاقتصاد العالمي إلى حد كبير الانكماش واسع النطاق، على الرغم من الصدمات غير المسبوقة في السنوات القليلة الماضية، وأطول فترة من التشديد النقدي في التاريخ». ومع ذلك، حذر من أن «التعافي لا يزال مدفوعاً في المقام الأول بعدد قليل من الاقتصادات الكبيرة».