198 رئيسًا لشركات بريطانية يحذرون من تبعات الخروج من الاتحاد الأوروبي

مصرف باركليز لـ «الشرق الأوسط»: اقتصاد لندن يستفيد من عضويته في الاتحاد

رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمام الجمهور في مقر شركة الاتصالات البريطانية «أو تو» في لندن أمس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمام الجمهور في مقر شركة الاتصالات البريطانية «أو تو» في لندن أمس (إ.ب.أ)
TT

198 رئيسًا لشركات بريطانية يحذرون من تبعات الخروج من الاتحاد الأوروبي

رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمام الجمهور في مقر شركة الاتصالات البريطانية «أو تو» في لندن أمس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمام الجمهور في مقر شركة الاتصالات البريطانية «أو تو» في لندن أمس (إ.ب.أ)

بدأ رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس، جولته الثانية التي يسعى فيها إلى إقناع الشعب البريطاني بالبقاء في الاتحاد الأوروبي.
وانضم رؤساء كبريات الشركات البريطانية أمس إلى حملة «البقاء في الاتحاد الأوروبي»، وحثوا الناخبين على التصويت لإبقاء البلاد ضمن الاتحاد محذرين من أن الخروج منه سيهدد الوظائف والاقتصاد الوطني.
وكشف نحو 198 مسؤولا كبيرا في شركات عملاقة، من بينهم روجر كار، رئيس مجلس إدارة «بي إيه آي سيستمز»، وبوب دادلي، رئيس مجلس إدارة «بريتش بتروليوم»، ورون دينس، رئيس فريق ماكلارن لسباقات الفورمولا واحد، رسالة مفتوحة نشرت في صحيفة «ذي تايمز» ليعلنوا دعمهم للاتفاق الذي توصل إليه رئيس الوزراء مع قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل السبت الماضي.
وفي تعليق على التسوية التي توصل إليها كاميرون الجمعة الماضي في بروكسل حول موقع بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، قال قادة الشركات إن رئيس الوزراء «حصل على تعهد من قبل الاتحاد الأوروبي»، وتابعوا أنه «على أثر معاودة التفاوض التي قام بها رئيس الوزراء نعتقد أنه من الأفضل للمملكة المتحدة أن تبقى ضمن اتحاد أوروبي جرى إصلاحه»، قبل أربعة أشهر من الاستفتاء الذي سيختار فيه البريطانيون بين الخروج من الاتحاد والبقاء فيه.
وكشفت الرسالة المفتوحة عن أن «الشركات بحاجة إلى منفذ غير خاضع لقيود إلى السوق الأوروبية، البالغ عدد المستهلكين بها 500 مليون نسمة من أجل الاستمرار في النمو والاستثمار وخلق فرص شغل ووظائف». وأشار الموقعون الذين يوظفون معا قرابة 1.2 مليون شخص إلى أن «الخروج من الاتحاد الأوروبي سيحبط الاستثمار، ويهدد الوظائف، ويعرض الاقتصاد للخطر»، وحسموا أن «المملكة المتحدة ستكون أقوى وأكثر أمانا وثراء ببقائها بين أعضاء الاتحاد الأوروبي».
من جهته، قال رئيس قسم الاتصالات في مصرف «باركليز»، ويليام باوين لـ«الشرق الأوسط» إنه «من مصلحة زبائننا وعملائنا في المملكة المتحدة أن تبقى بريطانيا في التكتل الأوروبي. لدينا مصالح متواضعة في أوروبا، ولكن نقدم خدمات كبيرة للشركات الأوروبية من لندن»، وتابع: «الأهم من ذلك، هو أننا نعتمد بشكل كبير على الاقتصاد المحلي والدولي في المملكة المتحدة، ونشعر أن الاقتصاد يتطور من خلال عضويتها في الاتحاد الأوروبي».
من جهته، أفاد المتحدث باسم وزارة المالية البريطانية، ألكسندر دونلادسون، بأن «الوزارة تؤيد تصريحات رئيس الوزراء بأن مغادرة التكتل الأوروبي يهدد اقتصادنا وأمننا القومي»، وتابع أنه «في حالة الخروج من الاتحاد، لا يمكن أن نضمن قدرة الشركات البريطانية على الوصول إلى سوق واحدة للتجارة الحرة في أوروبا، وعلى ضمان الوظائف في البلاد».
وتشكل الرسالة دعما لكاميرون الذي تعرض لنكسة الأحد الماضي بعدما أعلن رئيس بلدية لندن بوريس جونسون تأييده للخروج من التكتل الأوروبي في الاستفتاء المقرر في 23 يونيو (حزيران) الماضي. ووقع الرسالة رؤساء أو مديرون عامون لـ36 شركة مدرجة في مؤشر «فوتسي 100» في بورصة لندن، من بينها «بريتش تيليكوم» و«ماركس آند سبنسرز» و«ايزيجت» و«بوربوري» وفودافون». كما وقع الرسالة اثنان من كبار مسؤولي شركة «غولدمان ساكس» الأميركية في أوروبا.
وقالت المتحدثة باسم الشركة العملاقة «ماركس آند سبنسرز»، ايميلي ديموك في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نعتقد أن الاستفتاء هو قرار الشعب البريطاني، ولكن سنستمر في تقييم هذه المسألة مع التركيز على العواقب الاقتصادية على البلاد في حال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي». بدوره، قال أستاذ الشؤون الأوروبية في جامعة لندن، ايان بيغ: «لدي بعض التعاطف مع التحذيرات، ولكن أعتقد أن المستثمرين قد يؤجلون الاستثمارات في المملكة المتحدة على المدى الطويل بدلا من توقيف مشاريعهم في البلاد»، وأضاف بيغ أن «خروج بريطانيا من الاتحاد سيوثر على اقتصاد لندن وبقية الدول الأوروبية على المدى القصير، بسبب الشكوك حول توجه الاقتصاد البريطاني بعد مغادرة الاتحاد».
إلا أن منتقدي بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي أشاروا إلى أن عددا كبيرا من كبار مسؤولي الشركات مثل «تيسكو» و«سينزبوري» والمصارف مثل «آر بي إس» لم يوقعوا الرسالة، واتهموا كاميرون بممارسة ضغوط على الشركات لدعم موقفه.
من جانبها، نشرت صحيفة «ذي تايمز» رسالة من الأمينة العامة لاتحاد النقابات البريطانية (ترايد يونيون كونغرس)، فرانسز اوغرادي، تندد فيها بانضمام بوريس جونسون إلى المؤيدين للخروج من الاتحاد الأوروبي. وكتبت أنه «ليس هناك أي شيء إيجابي بالنسبة للعمال» في «رؤية بوريس جونسون لمملكة متحدة خارج أوروبا، مشددة على أن الخروج من الاتحاد يعود إلى المجازفة بـ«الحقوق والحماية التي يعول عليها العمال البريطانيون».



مع وقف إطلاق النار في لبنان... ماكرون يحقق إنجازاً دبلوماسياً نادراً

يحتفل النازحون بعودتهم إلى قراهم بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» الذي دخل حيز التنفيذ (أ.ب)
يحتفل النازحون بعودتهم إلى قراهم بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» الذي دخل حيز التنفيذ (أ.ب)
TT

مع وقف إطلاق النار في لبنان... ماكرون يحقق إنجازاً دبلوماسياً نادراً

يحتفل النازحون بعودتهم إلى قراهم بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» الذي دخل حيز التنفيذ (أ.ب)
يحتفل النازحون بعودتهم إلى قراهم بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» الذي دخل حيز التنفيذ (أ.ب)

منح وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» في لبنان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، نصراً دبلوماسياً غير معهود في الشرق الأوسط، بعدما عمل عليه لأسابيع مع واشنطن، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال مدير مركز الدراسات حول العالم العربي والمتوسطي في جنيف، حسني عبيدي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إنها عودة غير متوقعة للدبلوماسية الفرنسية. أعاد لبنان إحياء دور فرنسا في الشرق الأوسط».

وأيدت أنييس لوفالوا، من معهد الأبحاث والدراسات حول البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط، هذا الرأي، عادّةً أنه «بالنسبة لفرنسا، يعد هذا نجاحاً».

ولفتت إلى الخيبة التي أثارها في سبتمبر (أيلول) إفشال مبادرة مماثلة في اللحظة الأخيرة من قِبَل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.

وأوضحت أن ماكرون الذي انخرط بشكل كبير إلى جانب الولايات المتحدة أثناء اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة «عدَّ الأمر بمثابة صفعة».

منذ ذلك الحين، يبذل الفرنسيون جهوداً مكثفة في المفاوضات، بالتنسيق مع الأميركيين، وإن كان الإسرائيليون «رغبوا في إبعادهم عنها»، بحسب مصدر فرنسي قريب من الملف.

وشكر نتنياهو الذي اتسمت علاقاته مع الرئيس الفرنسي بالتوتر في الآونة الأخيرة، مساء الثلاثاء، الرئيس الأميركي جو بايدن «على دوره» في الهدنة.

في المقابل، شكر الرئيس الأميركي بايدن، المنتهية ولايته، نظيره الفرنسي على «مشاركته» في المفاوضات بين إسرائيل ولبنان.

«بحاجة إلينا»

وأشارت مصادر عدة تحدثت إليها «وكالة الصحافة الفرنسية» إلى أن الأميركيين واللبنانيين تمسّكوا بأن تؤدي فرنسا دوراً في المباحثات وآلية مراقبة تنفيذ الاتفاق، نظراً إلى الاتصالات القائمة بينها وبين «حزب الله» وداعمته إيران.

وأكد دبلوماسي فرنسي أن «الأميركيين بحاجة إلينا من أجل (حزب الله)»، موضحاً: «لقد حاولوا أن يؤدوا (بمفردهم) لكن الأمر لم ينجح، لذا قدم الفرنسيون قيمتهم المضافة التقليدية».

وأشار إلى أن باريس التي تراجع تأثيرها خلال السنوات الأخيرة في الشرق الأوسط، تستعيد بذلك «مكانتها التقليدية» بين مختلف الأطراف في المنطقة، مؤكداً أنه «من هذا المنظور، يعد ذلك انتصاراً».

وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، الأربعاء: «إن هذا الاتفاق ثمرة عمل شاق جرى على مدى أشهر عدة. إنه نجاح للدبلوماسية الفرنسية ويمكننا أن نعتز به».

وأوضح عبيدي أن المفاوضين اللبنانيين أصرّوا «على المشاركة الفرنسية لأنهم لا يثقون في الأميركيين الذين أظهروا انحيازهم الكامل للموقف الإسرائيلي».

ويأتي وقف إطلاق النار في توقيت ملائم بالنسبة لماكرون الذي يواجه وضعاً صعباً في فرنسا منذ قراره حل البرلمان في يونيو (حزيران)، والطامح إلى استعادة مكانته على الساحة الدولية.

ونادراً ما أثمرت حتى الآن الجهود الدبلوماسية للرئيس الفرنسي، من ليبيا، إلى أوكرانيا، حيث وجهت إليه انتقادات شديدة لمواصلة الحوار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد بدئه الغزو في فبراير (شباط) 2022، مروراً بلبنان الذي كان خاضعاً للانتداب الفرنسي، وحيث يحاول منذ أعوام الضغط على قادة البلاد لحلّ الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعانيها بيروت.

«مهمة دقيقة»

ويمكن لوقف إطلاق النار قبل أيام من زيارة دولة يقوم بها إلى السعودية، بين الثاني والرابع من ديسمبر (كانون الأول)، أن يشكّل ورقة رابحة للرئيس الفرنسي.

فهو يوفّر لماكرون «محاولة إقناع السعوديين» بالمساهمة في إرساء استقرار في لبنان، لا سيما مالياً، وإن كان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان «ليس لديه (بالضرورة) هذا الهدف»، بحسب لوفالوا.

وبغض النظر عن بدء سريان وقف إطلاق النار، يشكل ثباته ميدانياً على المدى البعيد تحدياً لباريس وواشنطن، رغم «حرص» الطرفين على حسن تنفيذه.

وأكد نتنياهو، الثلاثاء، أن إسرائيل، وبالتفاهم مع الولايات المتحدة، «ستحتفظ بالحرية التامّة للتحرك العسكري» ضد «حزب الله» في حال انتهك الاتفاق. وشدد على أنه إذا «حاول إعادة التسلّح، فسنهاجم».

وبحسب الاتفاق، تتسلّم قوات الجيش والقوى الأمنية اللبنانية المواقع التي يسيطر عليها حالياً الجيش الإسرائيلي و«حزب الله»، على أن تنضمّ الولايات المتحدة وفرنسا إلى الآلية الثلاثية التي تم إنشاؤها بعد حرب عام 2006 بين الطرفين، للإشراف على تطبيق وقف إطلاق النار. وتضم اللجنة حالياً إسرائيل ولبنان وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل).

وسأل لوفالوا: «كيف ستسير الأمور بشكل ملموس إذا حدثت مشكلة؟»، مشيرة إلى أن الجيش اللبناني لن تكون لديه «وسائل كثيرة» تتيح له الفصل بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي.

أمام كل هذه التحديات، «تواجه فرنسا مهمة دقيقة تتمثل في الإبقاء على استقلاليتها ونفوذها مع الحفاظ على ثقة جميع الأطراف المعنية»، بحسب عبيدي.