مشروع سكني في سنغافورة يستهدف الأجانب

الأسعار تراجعت مرتين خلال العامين الماضيين بعد ارتفاع جنوني

مشروع سكني في سنغافورة يستهدف الأجانب
TT

مشروع سكني في سنغافورة يستهدف الأجانب

مشروع سكني في سنغافورة يستهدف الأجانب

في جزيرة سنغافورة التي تقع بالطرف الجنوبي الشرقي لآسيا، والتي تعد أحد أهم مراكز العالم المالية والاقتصادية، تقع الشقة التي تتكون من ثلاث غرف نوم وأربعة حمامات في الطابق السابع من مجمع سيسكيب السكني ذي الملكية المشتركة بمنطقة سينتوسا كوف، وهو مجمع سكني متكامل بني منذ عشر سنوات حول مرسى يتسع لنحو 400 سفينة.
والمشروع هو جزء من جزيرة سينتوسا، التي تبلغ مساحتها 1236 هكتارا، ويشتمل المشروع على وحدات سكنية وترفيهية، وملاعب غولف، وشواطئ، ومتنزه على طراز عالمي يضم استوديوهات تصوير، ويقع المجمع على بعد 15 دقيقة من وسط مدينة سنغافورة العاصمة.
أكتمل بناء مجمع «سيسكيب» عام 2012، ويضم 151 شقة سكنية في مبنيين من ثمانية طوابق، مع مرأب للسيارات تحت الأرض وبركة مياه تشبه تلك الموجودة في الغابات، وللمجمع واجهة بانورامية تطل على البحر مباشرة، حسب فيين ليو، المديرة التنفيذية للمشروع بشركة «نايت فرانك سينغابور» العقارية التي تسوق لبيع الشقق.
وتبلغ مساحة الشقة 2165 قدما مربعا ولها مصعد خاص، ويؤدي مدخلها إلى مكان المعيشة ذي الأرضيات الرخامية والشبابيك التي تمتد من الأرض للحائط. تفتح الأبواب المنزلقة على شرفة نصف دائرية تطل على الخليج والجزر المحيطة.
تشمل منطقة الطعام القريبة من غرفة المعيشة منطقة الطهي، المنفصلة عن المطعم، وبها فرن، وثلاجة صغيرة فاخرة، وحوض غسيل، ومنضدة لتقديم الطعام. بالمطبخ ثلاجة، وغسالة أطباق، ومكان لغسل الملابس، وبالقرب من المطبخ توجد غرفة منعزلة للعاملين مع حمام منفصل.
تقع غرفة النوم الرئيسية في الردهة التي تربط بين غرفة الطعام والمطبخ. أرضية غرفة النوم مبطنة بالخشب وبها شرفة، وحمامها به حوض استحمام ودش.
وتؤدي الردهة إلى غرفتي نوم إضافيتين وحمامين، أحد الحمامين متصل مباشرة بأحد الغرفتين، وكلتا الغرفتين تؤدي إلى شرفة.
السعر الذي يبلغ 5.5 مليون دولار أميركي لا يشمل الأساس، غير أن الأشياء المثبتة في الشقة مثل الإضاءة، والستائر وغيرها من الأدوات كلها جزء من عملية البيع، وفق ليو. تشمل وسائل الراحة غرفة للتمارين، حدائق مشذبة وممرا للمقيمين، وطريقا إسفلتيا على امتداد البحر.
ويقع المبنى وسط الممشى المؤدي إلى مرافق مجمع سينتوسا السكني، الذي يشمل مطاعم ومرسى السفن. المبنى على بعد 10 دقائق بالسيارة من فيوفو سيتي، أحد أكبر مراكز التسوق في سنغافورة، ويبعد 15 دقيقة من طريق أوركيد رود، أشهر مناطق التسوق والترفية في سنغافورة، ويبعد 30 دقيقة من مطار سنغافورة الدولي.
* لمحة عامة عن السوق:
ظلت سنغافورة أحد أغلى أسواق العقارات خلال الفترة من 2008 حتى 2013، عندما ارتفعت أسعار العقارات هناك بواقع 80 في المائة، حسب بيانات حكومية. بيد أن الأسعار تراجعت بشكل كبير خلال العامين الأخيرين نتيجة للقيود التي وضعتها الحكومة على الرهن العقاري، وفرضت ضرائب إضافية على عمليات الشراء التي يقوم بها الأجانب، وذلك لتهدئة السوق ومنع ارتفاع الأسعار بشكل جنوني.
وتراجعت الأسعار بواقع 4 في المائة عام 2014، وكان من المتوقع أن تتراجع 4 في المائة أخرى في الحساب الإجمالي لختام عام 2015، وفق محللين. وأفادت شركة «جيه إل إل» للاستشارات العقارية بأن مبيعات الشقق السكنية تراجعت إلى 3496 شقة في الأشهر الستة الأولى من عام 2015، مما يعني 21 في المائة أقل من نفس الفترة من العام الماضي.
ارتفعت المبيعات في الشهور الأخيرة، لكن أرقام التحويلات المالية استمرت على انخفاضها، حيث توقفت عند 76 في المائة مقارنة بفترة الذروة في عام 2010، وفق صامويل إيو، مدير شركة سنابور كريستي إنترناشيونال العقارية.
ولا تزال كمية المعروض من العقارات الجديدة الفارغة التي استكمل بناؤها أثناء فترة الازدهار المعماري كبيرة، مما يساهم في انخفاض الأسعار بشكل ملحوظ. وبلغ معدل الشغور 8 في المائة مع نهاية الربع الثالث من العام الماضي، وفق بيانات هيئة التنمية الحضرية الحكومية بسنغافورة.
* فرص للأجانب:
أفاد إيو أن مجمع سنتوسا كوف، الذي يستهدف المشترين الأجانب، يعتبر من المناطق التي شهدت تراجعا كبيرا في السعر بدرجة كبيرة، مضيفا أن السعر انخفض في بعض المشروعات لأكثر من 35 في المائة مقارنة بفترات الذروة.
غير أن سنتوسا تبقى من أغلى المناطق في سنغافورة، حيث يتراوح سعر الشقة في المجمع السكني المطل على البحر بهذا المجمع ما بين 5 إلى 5.3 مليون دولار أميركي، وفق ليو، بيد أنها لم تعط رقما محددا لعدد الشقق التي جرى بيعها هناك بالفعل.
وأفاد سمسار عقارات أن التحويلات البنكية لمبيعات مجمع سنتوسا كوف تراجعت العام الماضي، لكن التخفيضات الكبيرة في السعر بدأت تؤتي ثمارها في جذب مشترين جدد، ومن المتوقع أن تقدم الحكومة المزيد من التسهيلات في المستقبل لتحفيز حركة البيع.
* من يشتري في سنغافورة
خلال فترة انتعاشة السوق، كان أغلب المشترين في سنغافورة من المستثمرين الذين يتطلعون إلى إعادة البيع بسرعة لتحقيق الربح، وفق سمسار عقارات، وكان الصينيون أنشط المشترين، ويأتي بعدهم المشترون من ماليزيا وإندونيسيا.
غير أن الوضع تغير اليوم وأصبح المشترين المحليين يسيطرون على السوق بعد أن تراجع المشترون الأجانب عن الشراء بسبب الضرائب الجديدة التي فرضتها الحكومة عليهم، حسب دونلاند هان، المدير التنفيذي بشركة تشسترون السنغافورية، مضيفا أنه بمقدور هؤلاء المستثمرين «البحث عن عقارات في أماكن أخري، حيث ذهب الكثيرون بالفعل إلى لندن، وطوكيو، وسيدني، وملبورن»، حسب هان.
غير أن الأسعار المرتفعة لم تشكل عائقا أمام المشترين الأثرياء الذين جذبهم الاقتصاد المستقر في سنغافورة والنفاذ للتجارة العالمية. شاركت شركة كريستي السنغافورية في بيع منزل بوسط المدينة في الربع الثالث من عام 2015 لمشتر من هونغ كونغ مقابل 21 مليون دولار سنغافوري (ما يعادل 14.9 مليون دولار أميركي) بحسب إيو.
وحسب أحدث تقارير مؤسسة نايت فرانك المالية السنوية، سوف تشهد سنغافورة أسرع نمو في العالم في عدد الأثرياء خلال السنوات العشر القادمة بمتوسط أصول 30 مليون دولار أميركي لكل ثري، متفوقة على هونغ كونغ، ونيويورك، ولندن، ومومباي.
* أسس الشراء:
تعتبر سنغافورة سوقا شفافا، ويرجع ذلك إلى أن أغلب القوانين السائدة هناك مستمدة من القانون البريطاني، حسب هان.
وتنقسم العقارات إلى قسمين: عقارات ذات حصة في الأرض، وهي المنازل التي تمتلكها عائلة واحدة، والمنازل من دون حصة في الأرض، مثل المجمعات السكنية ذات الملكية المشتركة والشقق. ومن غير المسموح لغير السنغافوريين شراء وحدات سكنية مع حصة في الأرض في سنغافورة من دون إذن خاص، باستثناء مجمع سنتوسا كوف السكني، وهو المكان الوحيد المسموح فيه للأجانب شراء عقارات سواء مع حصة أو من دون حصة في الأرض.
* مزيد من المعلومات:
وهناك الكثير من المواقع الإلكترونية التي يمكن الرجوع إليها للحصول على مزيد من المعلومات، مثل الموقع السياحي الرسمي لسنغافورة: yoursingapore.com، والموقع الإلكتروني لسنتوسا إيلاند: sentosa.com، والموقع الإلكتروني لهيئة أراضي سنغافورة: sla.gov.sg.
أما عن اللغات المستخدمة بكثافة في سنغافورة فهي الإنجليزية، والمالاي، والمندريان والتاميل. والعملة المحلية هي الدولار السنغافوري (ويعادل نحو 0.71 دولار أميركي).
* الضرائب والمصروفات:
بالنسبة لغير السنغافوريين، من الممكن أن تضيف المصروفات الإضافية والضرائب نحو 18 في المائة من سعر المنزل. أما بالنسبة للبائعين، فليس هناك ضريبة على الربح المتحصل من عملية البيع، بيد أن هناك دمغة مضافة تتراوح ما بين 4 إلى 16 في المائة في حال جرى بيع العقار مرة ثانية خلال أربع سنوات من الشراء.
ويجري تقدير قيمة الضرائب العقارية السنوية طبقا لقيمتها وإيجارها السنوي، وما إذا كانت مؤجرة أو مستخدمة من قبل المستهلك نفسه. وتقدر قيمة الضريبة السنوية للعقار المذكور بنحو 5000 دولار أميركي في حال ما إذا كان المالك هو نفسه من يسكن العقار، حسب تقدير ليو، بالإضافة إلى مصروفات صيانة شهرية تقدر بنحو 695 دولارا أميركيا (980 دولارا سنغافوريا). وفي حال ما إذا كان العقار مؤجرا ويسكنه شخص غير المالك، يتعين سداد ضريبة تعادل 20 في المائة من قيمة الإيجار.

* خدمة «نيويورك تايمز»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»