تحسن أقل من المتوقع في السوق العقارية بالقاهرة في 2015

الشكوك الاقتصادية والسياسية والأمنية تقلص النمو

جانب من عقارات العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
جانب من عقارات العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
TT

تحسن أقل من المتوقع في السوق العقارية بالقاهرة في 2015

جانب من عقارات العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
جانب من عقارات العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

شهدت العاصمة المصرية تحسنا طفيفا في عدد الوحدات العقارية المعروضة في عام 2015، وهذا في كل الشرائح، المكتبية والسكنية وتجارة التجزئة والفندقية.
ففي القطاع السكني، كانت الحركة أقل مما كانت عليه في السنوات السابقة، وذلك على خلفية استمرار تأخر أعمال التشييد في عددٍ من المشاريع. ويعكس هذا التأخير في تسليم المشاريع الافتراضات المفرطة في التفاؤل من جانب المطورين والتباطؤ في مستوى المبيعات المسبقة، وتتوقع مؤسسة «جيه إل إل»، كبرى شركات الاستشارات العقارية، استمرار تأخر أعمال البناء في عام 2016، نظرًا لارتفاع تكاليف البناء نتيجة انخفاض سعر العملة المحلية والقيود المفروضة على استيراد مواد البناء.
وتم تسليم 7.560 وحدة سكنية فقط في القاهرة على مدار العام، مقارنة بنحو 30 ألف وحدة توقع المطورون إنشاءها في بداية العام، أي أن 25 في المائة فقط من الخطة هي نسبة ما تحول إلى واقع.
ورغم البداية الجيدة لحركة مبيعات وإيجار العقارات السكنية في 2015، بسبب رغبة العائلات في الانتقال من المناطق الرئيسية إلى المدن الأقل ازدحامًا، فإن وتيرة النمو تباطأت في سوقي التمليك والإيجارات في الربع الأخير، نتيجة الغموض المسيطر على مستقبل الجنيه المصري.
وشهدت أسعار الفيلات استقرارًا في الربع الأخير، بينما واصلت أسعار الشقق ارتفاعها في الربع الرابع من 2015، بنسبة قدرها 8 في المائة في مدينة السادس من أكتوبر (غرب العاصمة)، و4 في المائة في ضاحية القاهرة الجديدة (شرق العاصمة).
أما سوق وحدات التجزئة فشهدت نموًا معقولاً في مولات التسوق المطابقة للمعايير الدولية، مع ملاحظة أن التركيز في الفترة الأخيرة كان على مساحات تجارة التجزئة الراقية.
وواصلت الإيجارات في سوق تجارة التجزئة ارتفاعها خلال 2015، إلا أن توقعات النمو المستمر في الإيجارات تضاءلت نتيجة المستوى العالي من المعروض الإضافي من الوحدات، وارتفاع التضخم، وضعف الجنيه المصري، والنقص في احتياطي العملة الأجنبية، والقيود المفروضة على البضائع المستوردة.
ويتوقع أيمن سامي، رئيس مكتب مصر في مجموعة «جيه إل إل»، أن تستمر معاناة سوق التجزئة المنظم في القاهرة الكبرى من نقص المعروض على المدى القصير والمتوسط».
وشهدت القاهرة إضافة ما يقرب من 93 ألف متر مربع لإجمالي المساحة القابلة للتأجير في عقارات تجارة التجزئة، ما يرفع إجمالي المساحة المتاحة للتأجير لقطاع التجزئة في مولات التسوق في المدينة إلى 1.3 مليون متر مربع.
وكانت جميع الإنجازات في عام 2015 عبارة عن عمليات تطوير في القاهرة الجديدة، وقد تمّ تأجيل افتتاح عدد من مولات التجزئة كان من المقرر افتتاحها في عام 2015.
وكانت أهم الإضافات لشريحة التجزئة في مولات «إعمار سكوير» في منطقة المقطم، و«مدينتي ميغا مول» في شرق القاهرة، و«مول مصر» في غرب القاهرة، وإن كان من الصعب الانتهاء وتسليم جميع هذه المولات بحلول نهاية عام 2017 كما هو مقرر حاليًا، وفقا لتقرير «جيه إل إل».
أما العقارات الفندقية، فقد تم إضافة منشأة واحدة فقط هي فندق النيل ريتز كارلتون، المطل على النيل وسط العاصمة المصرية، والذي يضم 330 غرفة فندقية، مما زاد عدد المعروض من الغرف الفندقية إلى 28.030 غرفة في القاهرة الكبرى.
وكان من المقرر الانتهاء من فندق سانت ريجيس القاهرة في العام ذاته، لكن افتتاحه التمهيدي تم تأجيله إلى عام 2016، وسيبقى المعروض في الشريحة الفندقية محدودًا في المستقبل، حيث لا يوجد سوى 743 غرفة فندقية قيد الإنشاء سيتم تسليمها خلال عامي 2016 - 2017.
وعلى مستوى الإشغالات، فقد ارتفعت معدلات الإشغال بنسبة 9 في المائة مقارنة بعام 2014، بينما حافظ متوسط عائد الغرفة الفندقية الواحدة على استقراره خلال العام بزيادةٍ بلغت اثنين في المائة فقط.
وتحتاج سوق الفنادق لاستتباب الأمن حتى يعود لمستويات نمو ما قبل الثورة، إذ إن «الحفاظ على الأمن هو العامل الحاسم في نجاح الحملات الأخيرة التي تقوم بها وزارة السياحة لزيادة السياحة الخارجية الوافدة إلى مصر»، وفقا لأيمن سامي.
وفي سوق المكاتب، شهدت القاهرة نشاطًا محدودًا خلال عام 2015، واتجهت غالبية الطلب نحو المدن الجديدة الواقعة إلى الشرق والغرب من القاهرة.
ومع الانخفاض في قيمة العملة الذي شهده النصف الثاني من عام 2015، إلى جانب استمرار القيود على تدفقات رأس المال إلى الخارج، قام المستأجرون بالتفاوض على تخفيض الإيجارات لمواجهة آثار انخفاض قيمة العملة، فهبطت الإيجارات نتيجةً لذلك خلال الربع الأخير في القاهرة الجديدة بنسب تتراوح بين 4 في المائة و7 في المائة، بينما استقر معدل الشواغر خلال عام 2015، منهيًا العام عند 26 في المائة.
ومن المرجح أن تؤدي الشكوك التي تحوم حول استقرار العملة واحتمالات فرض ضوابط أكثر صرامة على رأس المال إلى الحد من دخول معروض جديد إلى السوق في عام 2016.
وشهد عام 2015 إضافة 31 ألف متر مربع لإجمالي المساحات المكتبية القابلة للتأجير، مما رفع إجمالي المعروض إلى 920 ألف متر مربع، ويقع 15 ألف متر مربع من المعروض الجديد في مدينة السادس من أكتوبر، والباقي في القاهرة الجديدة.
ومن المتوقع إنجاز مستويات مماثلة من المعروض على مدى العامين المقبلين، مما سيضيف 70 ألف متر مربع إلى إجمالي المساحات القابلة للتأجير المقرر إنجازها خلال عامي 2016 - 2017.
وكان الإنجاز الأكبر في الربع الأخير من 2015 مرتبطا بإنشاءات «لاندمارك أدمن 2»، وهو بناء مكتبي في القاهرة الجديدة.
وتقول مجموعة «جيه إل إل» إنه في حالة تقديم حوافز حكومية للقطاع، والإنفاق الكبير على البنية التحتية لجذب الاستثمارات الأجنبية، ستنتعش أسواق العقارات، وسيدفع هذا الدعم الحكومي بعض المطوّرين إلى الإعلان عن مشاريع جديدة.



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».