كتاب إسرائيلي يفجر أزمة {تطبيع} في القاهرة

جدل ترجمة الكتب العبرية إلى العربية يعود مرة أخرى

غلاف الكتاب الإسرائيلي
غلاف الكتاب الإسرائيلي
TT

كتاب إسرائيلي يفجر أزمة {تطبيع} في القاهرة

غلاف الكتاب الإسرائيلي
غلاف الكتاب الإسرائيلي

أثارت النسخة العربية من كتاب «ألف ليلة دوت كوم» المترجم عن العبرية للصحافي الإسرائيلي من أصل عراقي جاكي حوجي، ضجة بين المثقفين والإعلاميين في مصر وإسرائيل بعد طرحه في معرض «القاهرة للكتاب» في دورته الـ47، وصلت أصداؤها إلى البرلمان المصري الذي طالب أحد نوابه، النائب محمد المسعود بمصادرة الكتاب وفتح تحقيق عن كيفية تداوله بالمعرض. الكتاب الصادر عام 2011 عن دار نشر معاريف الإسرائيلية، وتصدى لترجمته على نفقته الخاصة الباحث المصري المتخصص في اللغة العبرية عمرو زكريا، عن دار «إمدكو برس» للنشر والتوزيع وأكاديمية «آفاق»، أصبح خلال الأيام الماضية حديث وسائل الإعلام المصرية والإسرائيلية تحت عنوان «عاصفة الكتاب الإسرائيلي في القاهرة».
يتكون الكتاب من عشرة فصول، هي: «الإنترنت.. المعارضة الجديدة، الإعلام والديمقراطية خطوة للأمام وخطوتان إلى الخلف، النساء، إسرائيل واليهود اعرف عدوك، الجهاد والإرهاب بن لادن لم يعد يسكن هنا، الشيعة، الشرق والغرب، شرق أوسط قديم، الدين والشريعة قال أحد الحكماء، وأخيرا الجنس والحياة الزوجية». يستند الكتاب على مقالات وتحقيقات نشرت في الصحف المصرية والعربية تمس نواحي الحياة اليومية كافة في العالم العربي بهدف نقل صورة كاملة للمواطن الإسرائيلي عن العالم العربي وما يجري فيه وتأثير وسائل الاتصالات والتكنولوجيا الحديثة على مجريات الحياة اليومية والسياسية.
ويحاول الصحافي المتخصص في الشؤون العربية في إذاعة الجيش الإسرائيلي جاكي حوجي تحليل شخصية المواطن العربي ورؤيته للمواطن الإسرائيلي، وكيف تحولت نظرة العرب لإسرائيل خلال الأعوام الماضية، محاولا استشراف مستقبل العلاقات العربية الإسرائيلية. كما ألقى الكتاب الضوء على تأجج ثورات الربيع العربي وتنبأ بسقوط الأنظمة السياسية في بعض الدول.
ورغم أن المترجم المصري قد وضع عنوانا فرعيا للكتاب: «كيف يرانا الإسرائيليون؟» يوجه القراء إلى أهمية التعرف على رؤية الإسرائيليين للمجتمعات العربية في المنطقة، فإن الكتاب ومترجمه واجها هجوما عنيفا في معظم الصحف المصرية، يقول عمرو زكريا لـ«الشرق الأوسط»: «لدي 14 كتابا مترجما عن العبرية وكل عام أشارك بكتاب أو أكثر في معرض الكتاب، للأسف كل الضجة بسبب أنني أعرف جاكي حوجي شخصيا وأنه يعمل في إذاعة الجيش الإسرائيلي، كما أن مقال (يديعوت أحرونوت) تسبب في كل تلك الضجة».
جاء في تقرير الصحيفة الإسرائيلية أن «عرض الكتاب للمرة الأولى في معرض (القاهرة الدولي للكتاب) يُعد خطوة جريئة من المترجم المصري، الذي يتحدث العبرية بطلاقة تدهش الجميع». وأضافت الصحيفة أن حوجي وزكريا تربطهما صداقة قوية «عابرة للحدود» عمرها يصل لنحو 15 عامًا، وأن الصداقة تطورت لتصبح صداقة عائلية بين الأسرتين وأولادهما.
يوضح زكريا: «رغم اختلاف وجهات نظرنا في كثير من القضايا وأنني أهاجمه في كثير من الأحيان وفي برنامجه الإذاعي حول الشأن المصري والعربي وتحديدا حول القضية الفلسطينية، فإن الخلاف في الرأي بيننا لا يعني أن النقاش ينقطع بل مستمر، ودوما ما أطرح وجهة نظري في الإعلام الإسرائيلي وأقوم بمداخلات في برامجهم لتصحيح بعض المعلومات عن مصر والدول العربية، فهل كوني مدافعا عن مجتمعي يعد جريمة؟!». واستنكر زكريا تهمة التطبيع التي وصمته بها بعض المنابر الإعلامية المصرية، متسائلا: «هل تعد الترجمة تطبيعا؟!..أليس من المفترض أن تكون الترجمة عن العبرية أهم التراجم حتى من مبدأ (اعرف عدوك)؟! ولماذا إذا توجد علاقات تجارية واقتصادية وسياسية إسرائيلية ولا يتم وصفها بالتطبيع؟!». وأضاف: «بالمناسبة الكتاب حائز على رقم إيداع بدار الكتب والوثائق المصرية، وهم من طلبوا مني تصريح كتابي من المترجم الإسرائيلي، أي أن الدولة هي التي توجه بالتواصل مع المؤلف الإسرائيلي رغم أنه أمر غير ضروري، أي أن الدولة لم تمانع من الأساس ترجمة الكتاب».
من جانبه خرج خوجي معلقا على تعامل المصريين مع كل ما يتعلق بالمنتج الثقافي الإسرائيلي قائلا: «إن منع المواطن المصري من قراءة كتاب عبري أو مشاهدة فيلم إسرائيلي فإن المقاطعة تطاله هو وليس الجانب الإسرائيلي».
يقول خوجي في الفصل الرابع من الكتاب: «لقد ولَّت الأيام التي كانت تعتبر فيها إسرائيل المتهمة الوحيدة المسؤولة عن كل مشكلات الأمة العربية. فمنذ ذلك الحين، خاصة بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، مال العرب نحو الانطواء الداخلي وطرح أسئلة محددة تخص قضاياهم الداخلية. ولقد حركهم هذا الاتجاه نحو التخلي عن فكرة أن دولة اليهود هي سبب ضعفهم، حيث زعم كثير منهم أنهم لا يعارضون وجود إسرائيل، ولو أنها أنهت الاحتلال لفتحوا لها حدود بلادهم. فشعار (اعرف عدوك) الذي كان في الماضي الدافع الرئيسي من أجل معرفة إسرائيل واليهود، تغير الآن إلى الحاجة إلى معرفة الجار».
وعلى خلفية أزمة كتابه، اعتبر زكريا أن «ما يثار من أزمات مفتعلة حول التراجم العربية للكتب العبرية سوف تحطم أي جهود فردية من قبل المترجمين العبريين في مصر على رغم من أهميتها وخطورتها». لافتا أن «اللغة العبرية تدرس في مصر منذ تأسيس جامعة القاهرة عام 1932، وهناك نحو ألفي خريج كل عام يتخرجون من أقسام لتدريس العبرية في 10 جامعات مصرية، وتلك الأزمات سوف تضر بمستقبل هؤلاء». وروى زكريا «طه حسين حينما كان وزيرا للمعارف المصرية أوفد أحمد لطفي السيد لحضور افتتاح الجامعة العبرية في القدس عام 1925».
وأمام الضجة الإعلامية الكبيرة في مصر وإسرائيل، وقرار دار الكتب التحقيق في أمر الكتاب، رفع الباحث عمرو زكريا الراية البيضاء وقرر رفع كتابه من المعرض. وحول السبب قال: «لا أرغب في أن أتسبب في أي أذى للمكتبة التي تقوم بتوزيع الكتاب، كما أن لدي كتابين آخرين عن العبرية وصدرا هذا العام أيضا هما: (قاموس العامية العسكرية)، وهو قاموس يساعد الجنود المصريين في التعرف على اللغة المتداولة بين جنود الجيش الإسرائيلي، وكتاب (معجم الحياة) وهو معجم يتناول المصطلحات العامية العبرية من المأكل والمشرب والملبس والسينما والموضة والتهكم حتى الشتائم، وهما معروضان بالمعرض أيضا». وأكد المترجم المصري بثقة كبيرة «هذه الضجة قدمت لي دعاية لم أكن أتخيلها، رغم اعتقادي أنه أضعف الكتب التي ترجمتها عن العبرية، فإنني على يقين بأن الكتاب سيتم بيعه بمئات الجنيهات فيما بعد». والمترجم عمرو زكريا من مواليد عام 1971 بمحافظة الجيزة، التحق بكلية الآداب جامعة القاهرة قسم اللغات الشرقية عام 1989، والتحق بالشعبة السامية وبدأ مشواره مع اللغة العبرية، تركزت معظم اهتماماته في الترجمة بالموضوعات الدينية، وأول كتبه «الآثار اليهودية في مصر»، الذي يتناول الأماكن الدينية والأثرية لليهود بمصر. «من كتب التوراة؟»، و«الأعياد اليهودية»، وكتاب «اليسار المصري والصراع العربي الإسرائيلي» الذي يتناول موقف اليسار المصري من قضية الصراع العربي الإسرائيلي منذ بدايته حتى عام 1978. إضافة إلى كتاب «أسرار التطبيع بين مصر وإسرائيل» عن تطبيع العلاقات المصرية الإسرائيلية، وهو من تأليف السفير ديفيد سلطان، المصري الأصل الذي شغل منصب سفير إسرائيل في القاهرة بين 1992 - 1996، ويتناول أسرار وخفايا التطبيع في العلاقات بين الدولتين حتى عام 2007، وكيف أن مصر استخدمت التطبيع كسلاح للضغط على إسرائيل للتقدم في العملية السلمية.
وحول الإجراءات التي سوف تتخذها وزارة الثقافة أو الهيئة العامة للكتاب، قال الدكتور محمود الضبع، نائب رئيس الهيئة العامة للكتاب، لـ«الشرق الأوسط»: «النائب الذي قام بعمل هذه الضجة لم يتقدم ببلاغ رسمي أو يقدم طلب إحاطة مما يجعلها قضية زائفة لا وجود لها على أرض الواقع ولن يمكننا أخذ إي إجراءات دون حكم قضائي؛ لأن مصادرة أي كتاب لا تتم دون حكم قضائي، ويجب أن تتم بمعايير حيادية، للأسف هذا يشغلنا عن الموضوعات والقضايا الهامة التي تمس الثقافة، وللأسف المجتمع المصري أصبح يلهث وراء الضجة الإعلامية الزائفة التي تروج لها بعض وسائل الإعلام».



إعلان القائمة الطويلة لـ«بوكر» العربية

أغلفة روايات القائمة الطويلة
أغلفة روايات القائمة الطويلة
TT

إعلان القائمة الطويلة لـ«بوكر» العربية

أغلفة روايات القائمة الطويلة
أغلفة روايات القائمة الطويلة

أعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية الروايات المرشّحة للقائمة الطويلة بدورتها عام 2025؛ إذ تتضمّن القائمة 16 رواية. وكانت قد ترشحت للجائزة في هذه الدورة 124 رواية، وجرى اختيار القائمة الطويلة من قِبل لجنة تحكيم مكوّنة من خمسة أعضاء، برئاسة الأكاديمية المصرية منى بيكر، وعضوية كل من بلال الأرفه لي أكاديمي وباحث لبناني، وسامبسا بلتونن مترجم فنلندي، وسعيد بنكراد أكاديمي وناقد مغربي، ومريم الهاشمي ناقدة وأكاديمية إماراتية.

وشهدت الدورة المذكورة وصول كتّاب للمرّة الأولى إلى القائمة الطويلة، عن رواياتهم: «دانشمند» لأحمد فال الدين من موريتانيا، و«أحلام سعيدة» لأحمد الملواني من مصر، و«المشعلجي» لأيمن رجب طاهر من مصر، و«هوّارية» لإنعام بيوض من الجزائر، و«أُغنيات للعتمة» لإيمان حميدان من لبنان، و«الأسير الفرنسي» لجان دوست من سوريا، و«الرواية المسروقة» لحسن كمال من مصر، و«ميثاق النساء» لحنين الصايغ من لبنان، و«الآن بدأت حياتي» لسومر شحادة من سوريا، و«البكّاؤون» لعقيل الموسوي من البحرين، و«صلاة القلق» لمحمد سمير ندا من مصر، و«ملمس الضوء» لنادية النجار من الإمارات.

كما شهدت ترشيح كتّاب إلى القائمة الطويلة وصلوا إلى المراحل الأخيرة للجائزة سابقاً، وهم: «المسيح الأندلسي» لتيسير خلف (القائمة الطويلة في 2017)، و«وارثة المفاتيح» لسوسن جميل حسن (القائمة الطويلة في 2023)، و«ما رأت زينة وما لم ترَ» لرشيد الضعيف (القائمة الطويلة في 2012 و2024)، و«وادي الفراشات» لأزهر جرجيس (القائمة الطويلة في 2020، والقائمة القصيرة في 2023).

في إطار تعليقها على القائمة الطويلة، قالت رئيسة لجنة التحكيم، منى بيكر: «تتميّز الروايات الستّ عشرة التي اختيرت ضمن القائمة الطويلة هذا العام بتنوّع موضوعاتها وقوالبها الأدبية التي عُولجت بها. هناك روايات تعالج كفاح المرأة لتحقيق شيءٍ من أحلامها في مجتمع ذكوريّ يحرمها بدرجات متفاوتة من ممارسة حياتها، وأخرى تُدخلنا إلى عوالم دينيّة وطائفيّة يتقاطع فيها التطرّف والتعنّت المُغالى به مع جوانب إنسانيّة جميلة ومؤثّرة».

وأضافت: «كما تناولت الكثير من الروايات موضوع السلطة الغاشمة وقدرتها على تحطيم آمال الناس وحيواتهم، وقد استطاع بعض الروائيين معالجة هذا الموضوع بنفَسٍ مأساوي مغرقٍ في السوداوية، وتناوله آخرون بسخرية وفكاهة تَحُدّان من قسوة الواقع وتمكّنان القارئ من التفاعل معه بشكل فاعل».

وتابعت: «أمّا من ناحية القوالب الأدبيّة فتضمّنت القائمة عدّة روايات تاريخيّة، تناول بعضها التاريخ الحديث، في حين عاد بنا البعض الآخر إلى العهد العبّاسيّ أو إلى فترة محاكم التفتيش واضطهاد المسلمين في الأندلس. كما تضمّنت القائمة أعمالاً أقرب إلى السيرة الذاتيّة، وأخرى تشابه القصص البوليسيّة إلى حدّ كبير».

من جانبه، قال رئيس مجلس الأمناء، ياسر سليمان: «يواصل بعض روايات القائمة الطويلة لهذه الدورة توجّهاً عهدناه في الدورات السابقة، يتمثّل بالعودة إلى الماضي للغوص في أعماق الحاضر. لهذا التوجّه دلالاته السوسيولوجية، فهو يحكي عن قساوة الحاضر الذي يدفع الروائي إلى قراءة العالم الذي يحيط به من زاوية تبدو عالمة معرفياً، أو زاوية ترى أن التطور الاجتماعي ليس إلّا مُسمّى لحالة تنضبط بقانون (مكانك سر). ومع ذلك فإنّ الكشف أمل وتفاؤل، على الرغم من الميل الذي يرافقهما أحياناً في النبش عن الهشاشة وعن ضراوة العيش في أزمان تسيطر فيها قوى البشر على البشر غير آبهة بنتائج أفعالها. إن مشاركة أصوات جديدة في فيالق الرواية العربية من خلفيات علمية مختلفة، منها الطبيب والمهندس وغير ذلك، دليل على قوّة الجذب التي تستقطب أهل الثقافة إلى هذا النوع الأدبي، على تباين خلفياتهم العمرية والجندرية والقطرية والإثنية والشتاتية». وسيتم اختيار القائمة القصيرة من قِبل لجنة التحكيم من بين الروايات المدرجة في القائمة الطويلة، وإعلانها من مكتبة الإسكندرية في مصر، وذلك في 19 فبراير (شباط) 2025، وفي 24 أبريل (نيسان) 2025 سيتم إعلان الرواية الفائزة.

ويشهد هذا العام إطلاق ورشة للمحررين الأدبيين تنظّمها الجائزة لأول مرة. تهدف الورشة إلى تطوير مهارات المحررين المحترفين ورفع مستوى تحرير الروايات العربية، وتُعقد في الفترة بين 18 و22 من هذا الشهر في مؤسسة «عبد الحميد شومان» بالأردن.