استنفر الجيش الجزائري قواته في الـ48 ساعة الماضية، تحسبا لاحتمال اتساع الضربات الجوية على مواقع التنظيم المتطرف «داعش» داخل ليبيا، وسط تخوف السلطات الأمنية الجزائرية من تسلل أعداد كبيرة من الإرهابيين إلى ترابها تحت ضغط الحملة العسكرية الأميركية. وفي وقت يعد فيه فرع «داعش» في ليبيا من أكبر التحديات التي تواجه الجزائر عام 2016.
وقال مصدر أمني جزائري لـ«الشرق الأوسط» إن السلطات بصدد التحري حول مصداقية أخبار تناولت وجود متطرفين جزائريين ممن قتلوا في الغارة الجوية الأميركية ضد مركز للتدريب تابع لـ«داعش» في صبراتة. وأوضح المصدر ذاته بأن تقارير الأجهزة الأمنية المتخصصة في محاربة الإرهاب تتحدث عن وجود نحو 20 جزائريا ضمن التنظيم، من بينهم 4 نساء، وقال: إن غالبيتهم تنقلوا من معاقل الجماعة الإرهابية بسوريا إلى ليبيا. ولم يستبعد المصدر احتمال تكليف هؤلاء بمهمة تتمثل في العودة إلى الجزائر لتنشيط خلايا الإرهاب.
وشاهد سكان المناطق القريبة من إليزي، غير البعيدة عن الحدود الليبية، حركة غير عادية لجنود وعربات عسكرية. وتعرف هذه المنطقة انتشار منشآت غازية ونفطية على درجة كبيرة من الأهمية بالنسبة للاقتصاد الجزائري، وقد سبق أن تعرضت لاعتداء مجموعة مسلحة مطلع 2013. أسفرت عن مقتل 29 فنيا أجنبيا.
واستبعد المصدر الأمني تنقل قوات الجيش خارج الحدود للمشاركة في تعقب متطرفين، بسبب ما يعرف عن «عقيدة الجيش الجزائري» بأن مهمته تنحصر فقط في حماية حدود البلاد من المخاطر. ويندرج ذلك في إطار موقف سياسي للحكومة، مفاده أن الجزائر لا تتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان، ولا تريد أن يتدخل أحد في شؤونها الداخلية.
وراهنت حكومة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على قيام «حكومة وحدة وطنية» في ليبيا، يكون مقرها طرابلس ليعهد لها ترتيب الشؤون الأمنية للبلاد، بما فيها محاربة الإرهاب، لكن التوافق حول هذه الحكومة لم يحدث. ولذلك يعول المسؤولون الجزائريون على أن تطلب الحكومة الليبية الموحدة المفترضة بنفسها تدخلا عسكريا أجنبيا لإنهاء تمدد «داعش». ومن دون ذلك سيكون الجزائريون في حرج كبير إذا وقع تدخل عسكري أجنبي في ليبيا، ولم ينددوا به. ففي هذه الحالة سيتنكرون لموقف يبدو ثابتا في السياسة الخارجية الجزائرية، وهو تفضيل الحلول السياسية للأزمات على الحسم العسكري. واللافت أنه لم يصدر عن الجزائر أي رد فعل بعد عملية صبراتة.
يشار إلى أن الجزائر سمحت للقوات الجوية الفرنسية باستعمال أجوائها مطلع 2013، خلال عملية «سرفال» (القط المتوحش) التي شنتها ضد الجماعات الإرهابية بشمال مالي. وقد رفضت حينها مشاركة جيشها في العملية، على خلاف بلدان أخرى من الساحل الأفريقي، مثل تشاد والنيجر.
وبدأ الدرك الجزائري الأسبوع الماضي في بناء 100 مركز مراقبة متقدم بالحدود مع ليبيا، وفي نقاط حدودية مع مالي، بهدف تعزيز تواجد قوات الأمن بالحدود الجنوبية، التي يفوق طولها 1500 كلم. وأشرف على إطلاق أول ورشة في مشروع مراكز المراقبة اللواء نوبة مناد، قائد سلاح الدرك. وتؤكد هذه الورشة الكبيرة، بحسب مراقبين، مدى شعور المسؤولين الجزائريين بالخطر الذي يأتيهم من ليبيا. فوزارة الدفاع تنشر بشكل يومي أخبار اعتقال جهاديين ومهربي سلاح بالحدود، وتتناول تقاريرها اليومية أخبار حجز الأسلحة الحربية التي مصدرها ليبيا. وشدد نوبة خلال تفقد جاهزية حرس الحدود، على إمداد نقاط المراقبة الجديدة بكل الإمكانيات اللوجستية والبشرية لتفعيل دورها. وتتركز نقاط المراقبة المتقدمة أساسا بمناطق عين أمناس وورقلة وجانت، بجنوب البلاد. ويستفيد المشرفون عليها من تغطية جوية، وذلك بفضل سلاح الجو الذي يتبع للدرك في حال أي طارئ. ويجري التنسيق بين الدرك وقوات الجيش بشكل وثيق، في هذه المواقع.
الجزائر تتأهب وعينها على «داعش».. والجيش يستنفر قواته على الحدود مع ليبيا
بناء 100 مركز مراقبة جديد.. والسلطات تتحرى حول وجود متطرفين جزائريين بين قتلى الغارة الأميركية
الجزائر تتأهب وعينها على «داعش».. والجيش يستنفر قواته على الحدود مع ليبيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة