«حلّق عاليًا فوق لبنان» يسجل جمال وطن من السماء.. بعيدًا عن المشاكل

فيلم التقطته الكاميرا الشبح وشاهده أكثر من مليون ونصف مليون شخص

مهرجانات جونية كما بدت في فيلم «حلق عاليا فوق لبنان»  -  كاتدرائية حاريصا في شمال لبنان
مهرجانات جونية كما بدت في فيلم «حلق عاليا فوق لبنان» - كاتدرائية حاريصا في شمال لبنان
TT

«حلّق عاليًا فوق لبنان» يسجل جمال وطن من السماء.. بعيدًا عن المشاكل

مهرجانات جونية كما بدت في فيلم «حلق عاليا فوق لبنان»  -  كاتدرائية حاريصا في شمال لبنان
مهرجانات جونية كما بدت في فيلم «حلق عاليا فوق لبنان» - كاتدرائية حاريصا في شمال لبنان

«حلّق عاليا فوق لبنان» أو (rise above Lebanon)، هو فيلم يروّج للبنان الجمال والسلام أطلقته وزارة السياحة مؤخرا، بهدف تسليط الضوء على وجه لبنان الحقيقي.
هذا الفيلم الذي التقطت معظم مشاهده من «فوق»، أي من سماء لبنان بواسطة الكاميرا الشبح المعروفة عالميا بـ«Drone camera»، لاقى متابعة عالية من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، فحقق نسبة مشاهدة تجاوزت المليون ونصف المليون شخص في أقل من أسبوع، وذلك بعد طرحه مباشرة على الموقع الإلكتروني «فيسبوك». وترافق مضمون الفيلم الذي نفّذه المصوّر اللبناني كريستيان غمّاشي، مع موسيقى راقية، تناغمت نوتاتها المنتقاة بدقّة من قبل مؤلّفها كريم خنيصر، مع نسيج الصور التي يسردها الفيلم في شريط قصير مدته خمس دقائق.
لبنان من شماله إلى جنوبه ببحره وبرّه، بآثاره وقلاعه، بمهرجاناته ونشاطاته السياحية، وضعها فيلم «حلّق عاليا فوق لبنان» في متناول اللبنانيين المقيمين والمغتربين، وكذلك بمتناول السيّاح الأجانب والعرب ولكلّ من زاره وعشق طبيعته وحتى لمن يجهل خصائصه ليتعرّف إليها عن قريب.
«هي فكرة طالما راودتني لأحكي عن لبنان الجمال والتسلية ووفرة أرضه من زاوية أخرى، من فوق، بهدف الترويج لخدماته السياحية على جميع الأصعدة»، يوضح كريستيان غمّاشي الذي صوّر الفيلم من ألفه إلى بائه. ويتابع بالقول: «أما النقطة الأساسية التي أردت إيصالها إلى العالم أجمع، فهي أن لبنان ليس ساحة للمشاكل البيئية والسياسية فقط، بل هو بلد لديه الكثير ليعطيه رغم صغر مساحته وأنه ورغم كل ما عانى منه بقي جميلا».
استغرق تصوير الفيلم نحو الخمسة أشهر، وقد جال على عدد من المناطق والبلدات في مناطق جبل لبنان وبيروت والشمال والبقاع والجنوب، فالتقط صورا للأنهر وهي تتنفس ولموج البحر وهو يشارك روّاده الفرح ولقباب الكنائس والمساجد المنتصبة خشوعا، ولخليج جونية وجسر فقرا الطبيعيين وجبل موسى وآثار مدينة بيبلوس وبلدة انفه وصخرة الروشة وجبل حاريصا وبلدات دير القمر وبيت الدين وصوفر. مشاهد بدت من فوق بمثابة بطاقات بريدية سياحية تلمسها بالعين وتشاهدها في الخيال. ولم ينس كريستيان غماشي أن يلوّن فيلمه السياحي هذا بمقتطفات من لبنان المشرق، لبنان المهرجانات والفرح، فقصدها في عقر دارها وصوّر ماجدة الرومي وجوني هوليداي وكاظم الساهر أثناء إحيائهم تلك الحفلات الصيف الفائت، مكملا بذلك صورة لبنان الثقافة الفن والسلام.
«لعله، بمشاهدة هذا الفيلم يتجدد لدى أولئك الذين أضاعوا هوية لبنان الحقيقية، شعور بالتفاؤل والرغبة في أخذ البلاد في الاتجّاه الصحيح، ليعلموا أن حبّه وحمايته هما من مسؤوليتهم». يختتم كريستيان غماشي.
أما وزير السياحة ميشال فرعون الذي أهدى هذا العمل إلى الشباب اللبناني، فقد أكّد أن هؤلاء يتوقون لرؤية لبنان بأبهى صورة بعيدا عن المشاكل التي يعاني منها. وأضاف في مؤتمر صحافي أطلق خلاله هذا العمل: «إننا نعيش في الازدواجية ما بين المشاكل وثبات وهمّة المجتمع المدني للحفاظ على لبنان كبلد الجمال والثقافة. أما الثوابت السياسية التي نناضل من أجلها فهي مهمّة، إنما يجب أن نحافظ على مجتمعنا وبيئتنا وإلا فهما مهددتان بالزوال إذا استمرّينا على طريق التدهور».
من جهته فإن كريم خنيصر الذي ألف موسيقى الفيلم، أكّد في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن طبيعة لبنان هي التي أوحت إليه بهذه الموسيقى التي تدخل في فئة الموسيقى العالمية أو (Ethnic music)، وقال: «كل مشهد من المشاهد الطبيعية التي صوّرها كريستيان تعني لي الكثير، فهي تذكّرني بطفولتي عندما كنت أرافق أهلي في مشاويري إليها أو مع أصدقائي حيث كنت أعزف الموسيقى في أرجائها. وعندما شاهدت اللقطات المصورة النهائية للفيلم، استعدت شريط طفولتي وتذكّرت كيف كنّا نمشي في ممرّات وأزقّة وطرقات تلك البلدات. فعندما أتواجد في الطبيعة يتملكني شعور غريب تغلب عليه الروحانيات، فمن هناك انطلقت وهناك رست نوتاتي الموسيقية.
حاول خنيصر الذي تخصّص في المرئي والمسموع، ويهوى العزف الموسيقي منذ صغره، أن موسيقى فيلم «حلّق عاليا فوق لبنان»، هي خليط من شريط حياته الفتى والبالغ معا، إذ حاول قدر الإمكان أن ينوّع بالموسيقى التي رافقت الفيلم حتى لا يملّ مشاهدها منها، بل وعلى العكس تحثّه على متابعتها بشوق. «إن طبيعة لبنان متنوعة بحدّ ذاتها وكل قطعة منها تملك خصوصيتها، فتناغمت مع واقعها هذا ووضعت الموسيقى الملائمة لها مستخدما الموسيقى الأوركسترالية والعالمية (world & orchestral music)، إضافة إلى لمسة شرقية برزت فيها آلات الإيقاع والتوتوك الأرمنية». يقول كريم في سياق حديثه.
لم يطلق كريم خنيصر اسما معيّنا على هذه القطعة الموسيقية، بل تركه مرادفا للذي حمله الفيلم كونها ولدت من رحمه وانبلجت من ضوء مناظره. قريبا سنستمع إلى كريم خنيصر في حفلة موسيقية يشارك من خلالها في مهرجان الموسيقى الذي يقام في مارس (آذار) المقبل في بيروت، ويترك مساحة فيها ليعزف موسيقى الفيلم.
أما لورا فرعون المشرفة على تنفيذ فيلم «حلّق فوق لبنان عاليا»، فقد أشارت إلى أن هذا العمل تمّ دعمه من قبل وزارة السياحة إضافة إلى وزارات أخرى ساهمت في تسهيل مهمّة تصويره كالدفاع والثقافة. أما عن كيفية سير العمل في الفيلم فأخبرتنا قائلة: «لقد اختار كريستيان غماشي مواقع التصوير مستندا إلى الموضوع الرئيسي الذي يدور حوله الفيلم، أي السياحة الداخلية في لبنان أثناء موسم الصيف». وتابعت عن مصوّر الفيلم تقول: «التقينا به في لندن عام 2014 فتعرّفنا إليه عن كثب من خلال أعمال تصويرية قام بها في أدغال أفريقيا وبلاد الأرجنتين وغيرها. بعدها اتفقنا على تنفيذ هذا العمل، الذي حقّق نجاحا واسعا بعد أن شاهده مليون ونصف المليون شخص عبر مواقع التواصل الاجتماعي إثر أيام قليلة على بداية عرضه».
وأضافت: «استغرقت منّا عملية المونتاج وقتا طويلا كون كريستيان كان لديه لقطات كثيرة صوّرها على مدى أيام. وقررنا أن نقدّم منه نسختين، إحداها ومدّتها خمس دقائق تروّج لصيف لبنان، وثانية لا تتجاوز مدّتها الدقيقة الواحدة لتكون بمثابة فيلم إعلاني يعرض على شاشات التلفزة وتحمل أيضا نفس الرسالة».
وأشارت لورا فرعون إلى أن وزارة السياحة بصدد التحضير لفكرة مماثلة، تحمل نفس الرسالة إنما تصبّ في الترويج للبنان في موسم الشتاء.
«حلّق عاليا فوق لبنان» هو فيلم سياحي برزت فيه خصائص بلد يتمتّع بطبيعة منوّعة لا مثيل لها، فلا منطقة شوّان وجبل موسى ووادي إبراهيم، ولا مدن صيدا وصور وجزين وقلعة بعلبك، يمكنك أن تشاهدها في أي مقلب آخر من الكرة الأرضية غير لبنان. ولعلّ تصويرها «من فوق» زوّدها بتلك النفحة السماوية التي غلّفت تفاصيلها الصغيرة، فبدت «جنّات عا مد النظر ما بينشبع منها نظر» كما تقول أغنية الراحل وديع الصافي.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».