باحثون صينيون يشددون على تطوير ترجمة الكتب العربية والصينية لترسيخ التواصل الثقافي

على هامش فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب في الدار البيضاء

ندوة الترجمة على هامش معرض الكتاب المغربي
ندوة الترجمة على هامش معرض الكتاب المغربي
TT

باحثون صينيون يشددون على تطوير ترجمة الكتب العربية والصينية لترسيخ التواصل الثقافي

ندوة الترجمة على هامش معرض الكتاب المغربي
ندوة الترجمة على هامش معرض الكتاب المغربي

أجمع أساتذة وباحثون من الصين على أن نشاط الترجمة يعد من أكثر القنوات فعالية في تقريب المسافة بين الشعوب المختلفة وتعزيز التعارف والتفاهم بينها، إضافة إلى استفادة بعضها من بعض وإزالة سوء الفهم بينها، موضحين خلال نشاط ثقافي نظم على هامش الدورة الثانية والعشرين للمعرض الدولي للكتاب أن الصين والعالم العربي يتمتعان بثقافة عريقة ساهمت في إثراء الخزان الحضاري البشري، وأن الترجمة لعبت دورا محوريا على مدى آلاف السنين في تطور التبادل والتحاور بين الجانبين.
وعدد يان تينغ قوه، مدير معهد كونفوشيوس في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، ونائب رئيس الجمعية الوطنية لتدريس اللغة العربية وبحوثها في الجامعات الصينية، ثلاث مراحل في تاريخ الترجمة الصينية العربية؛ مرحلة أولى من أسرة تانغ الملكية إلى أسرة تشنغ الملكية (651 - 1890م)، حيث عرف الصينيون حينها الإسلام بصورة رسمية في الصين، فوجدت الوثائق الملكية الصينية المتعلقة بالقرآن.
وانحصرت المرحلة الثانية من ترجمة ونشر «شعر الكعبة» عام 1890 إلى نهاية عقد الأربعينات من القرن الماضي، إذ شكل ذلك أول محاولة أكاديمية في ترجمة الشعر العربي والأعمال الأدبية في الصين، كما ترجمت «ألف ليلة وليلة» من اللغات الغربية، وفي عقد الثلاثينات ترجمت لأول مرة من اللغة العربية، كما ترجمت معاني القرآن وطبع عدة طبعات.
وفي المرحلة الثالثة، التي تمتد من عام 1949 حتى اليوم، ترجمت عشرات من قصائد المناضلين العرب في المعارك ضد المستعمرين من أجل الحصول على التحرر والاستقلال، بعد إقامة العلاقة الدبلوماسية بين الصين والدول العربية في عقد الخمسينات من القرن الماضي. وخلال هذه الفترة ترجم تقريبا أكثر من 300 كتاب عربي إلى اللغة الصينية، وأنجزت مصر ولبنان أكثر من 60 في المائة منها، و7 أعمال أدبية مغربية منها «رحلة ابن بطوطة»، و«ليلة مقدسة» للكاتب الطاهر بن جلون.
وأبرز قوه، أنه قبل القرن الحادي والعشرين، قلما ترجمت الكتب الصينية إلى اللغة العربية، وذكر أنه لما دخلت الصين القرن الحادي والعشرين ساهمت الصين في ترجمة عدد كبير من التراث الأدبي الثقافي إلى اللغة العربية مع إسراع تطبيق خطوات الانفتاح نحو خارج العالم أو تنفيذ الخطة الاستراتيجية «التطوير نحو الخارج»، فتمت ترجمة كتب الأدب والثقافة والسياسة وأعمال الدين الإسلامي.
ويرى أن قضية ترجمة الكتب العربية والصينية ستدخل مرحلة التطور السريع والازدهار المطرد، غير أن ذلك لا يمنع من الإقرار بمجموعة من المعوقات التي تعرفها الترجمة الصينية والعربية، موضحا إياها في تكوين الأطر القادرين على الترجمة وتعليم اللغة العربية في الصين، مشيرا إلى أن اللغة العربية تدرس اليوم في أكثر من 40 جامعة في الصين، بينما هناك أقسام اللغة الصينية في أربع دول عربية هي السعودية ومصر والمغرب والسودان، إضافة إلى تعليم اللغة الصينية بواسطة معاهد كونفوشيوس في ثماني دول عربية.
كما كشف قوه عن معوق آخر يتمثل في تخويل ملكية الحق الفكرية وفي التواصل الثقافي، مشيرا إلى أن بعض الدول العربية ترى أن مذهب كونفوشيوس هو دين الصين، وبالتالي يمنع نشر كتابه أو فتح معهد كونفوشيوس في الجامعات، وقال «إن كونفوشيوس هو أكبر معلم في الصين وأشهر فيلسوف في تاريخ البلاد، نستفيد من فكره».
واعتبر أن إزالة المعوقات الثلاثة سيجعل قضية ترجمة التراث العربي والصيني تزدهر ازدهارا عظيما على أساس متين، وقال: «نحن على ثقة راسخة بأن عملية الترجمة العربية والصينية سوف تدفع بخطوات عظيمة في التواصل الثقافي بين الشعبين العربي والصيني».
من جهتها، اعتبرت تشين تشينغ، أستاذة جامعية في بكين، أن الترجمة العربية بالصين شهدت ازدهارا قد لا يسبق له مثيل في التاريخ، خاصة بعد دخول القرن الحادي والعشرين وطرح مبادرة بناء الحزام الاقتصادي على طريق الحرير. وعدت تشينغ مجموعة من الخاصيات التي يتصف بها عمل الترجمة العربية بالصين في الوقت الراهن، من بينها؛ تغير غرض الترجمة من السياسي إلى ترسيخ الحوار الثقافي، وأن إنتاج الترجمة من الصينية إلى العربية أصبح يتجاوز إنتاجها من العربية إلى الصينية، إضافة إلى تعدد مجالات الترجمة وتطور قضية تعليم الترجمة العربية بخطى ثابتة.
وأبرزت تشينغ أن التحديات التي تواجه عمل الترجمة العربية بالصين في الوقت الراهن، تكمن في الافتقار إلى المترجمين الممتازين، وعدم اكتمال سياسة الوصول إلى سوق الترجمة والافتقار إلى نظام صارم لضبط سلوك المؤسسات والمترجمين، وكذا بناء علم الترجمة العربية في الصين.
ودعت إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل النهوض بعمل الترجمة العربية بالصين، منها أن تواصل الدولة الاستثمار في الترجمة العربية، وإصدار سياسات لغوية متعلقة بتخطيط عمل الترجمة العربية بالصين، وتكوين المترجمين الأكفاء.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».