ظهرت خلافات كبيرة بين الأحزاب السياسية المغربية، سواء الممثلة للأغلبية أو الموجودة في المعارضة، حول قوانين الانتخابات المزمع تعديلها استعدادا للانتخابات التشريعية المقررة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك عقب أول اجتماع جمع بين رؤساء وممثلي الأحزاب الكبرى ورئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران، والذي تواصل أمس بمقر رئاسة الحكومة في الرباط مع باقي الأحزاب السياسية، بحضور وزيري الداخلية والعدل.
وتتعلق أول نقطة خلافية برزت في هذه المشاورات باقتراح تخفيض نسبة العتبة الانتخابية المخولة لدخول البرلمان إلى 3 في المائة من أصوات الناخبين، عوض 6 في المائة المعمول بها حاليا. بالإضافة إلى عودة الجدل بشأن إشراف الحكومة على الانتخابات، ومطالبة بعض الأحزاب بلجنة مستقلة تتولى هذه المهمة في الاستحقاقات المقبلة، إلى جانب نقاط أخرى تتعلق بمراجعة سجلات الناخبين، وحذف لائحة الشباب.
وحذر حزب العدالة والتنمية، ذو المرجعية الإسلامية متزعم الائتلاف الحكومي، من بلقنة المشهد السياسي في البلاد إذا ما جرى اعتماد عتبة 3 في المائة في الانتخابات التشريعية المقبلة، إذ قال سلميان العمراني، نائب الأمين العام للحزب خلال حضوره المشاورات مع رئيس الحكومة ممثلا لحزبه، إن «العودة إلى اعتماد عتبة 3 في المائة يطرح إشكالا لأنه وجب علينا تطوير ممارستنا الانتخابية، وليس الرجوع بها إلى الوراء»، مشددا على أن «موضوع العتبة يطرح معادلة التوفيق بين مطلب عقلنة المشهد الحزبي وتخليصه من البلقنة، التي أساءت كثيرا لمؤسساتنا الدستورية، وبين مطلب ضمان حق الأقلية في التمثيل»، إلا أنه اقترح إرجاء البت في هذا الإشكال، و«المضي نحو تعزيز المسار التصاعدي للتشريع الانتخابي وليس العودة إلى الوراء».
وبشأن شروع وزارة الداخلية بالمراجعة الجزئية للوائح الانتخابية (سجلات الناخبين)، طالب العمراني «بتجديد اللوائح الانتخابية بشكل كلي لأنها أساس الاختيار الحر الديمقراطي لممثلي الأمة»، كما دعا إلى تعزيز الشفافية في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
أما حميد، الأمين العام لحزب الاستقلال المعارض، فعاد للمطالبة بإنشاء لجنة مستقلة للإشراف على الانتخابات المقبلة، وهو المطلب الذي كانت أحزاب المعارضة الأربعة قد توحدت بشأنه خلال الانتخابات البلدية والجهوية الماضية قبل أن ينهار التحالف، الذي كان يضمها عقب ظهور نتائج تلك الانتخابات.
وقال في تصريحات صحافية، أدلى بها من مقر حزبه عقب مشاركته في المشاورات، إن حزبه «ما زال متشبثا بمطلب إحداث لجنة وطنية مستقلة للإشراف على الاستحقاقات التشريعية»، الذي عده «أحد المطالب الأساسية للحزب، والذي يمكن أن يتحقق من خلال الاستفادة من التجارب الدولية في هذا المجال»، كما جدد المطالبة بأن يتم التصويت ببطاقة الهوية.
وبخصوص العتبة الانتخابية، قال إن حزبه يقترح رفع نسبة العتبة إلى 10 في المائة من أجل الحد من بلقنة المشهد الحزبي، وكشف في المقابل أن هناك من اقترح تخفيضها إلى 3 في المائة، ومن دعا إلى حذف هذه العتبة، وفسح المجال أمام الجميع من أجل التنافس، مبرزا أنه لم يتم الحسم بشأن هذه النقطة.
أما في ما يخص اللائحة الوطنية، فقال إن هناك أحزابا اقترحت توسيع اللائحة في إطار المناصفة بين الجنسين لتضمن على الأقل 30 في المائة من تمثيل النساء، بينما اقترحت أحزاب أخرى أن تضاف إلى اللوائح الإقليمية.
من جانبه، تخلى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض عن مطلب إنشاء لجنة مستقلة للإشراف على الانتخابات، واتخذ موقفا وسطا هذه المرة، إذ طالب بتشكيل هيئة وطنية لمصاحبة الحكومة في الإشراف على الاستحقاقات المقبلة، بدءا من إعداد قوائم الناخبين، إلى الإعلان عن النتائج النهائية. وطالب الحزب بحذف العتبة الانتخابية لأنها «تجعل بعض المقاعد لا شرعية لها من حيث عدد الأصوات، كما أنها تساهم في المس بالتعددية، وتخلق قطبية مصطنعة بوسائل وأساليب تحكمية وغير ديمقراطية»، من وجهة نظره.
كما دعا الاتحاد الاشتراكي إلى مراجعة التقطيع الانتخابي حتى يكون لنمط الاقتراع باللائحة معنى، خصوصا في المدن ذات الكثافة السكانية الكبيرة، كما دعا إلى السماح بتمثيل المهاجرين المغاربة في البرلمان، وهو المطلب الذي يلتقي فيه مع حزب العدالة والتنمية، إذ قال العمراني خلال الاجتماع نفسه إن موضوع مشاركة المهاجرين المغاربة «يعد اليوم أولوية، وذلك تنزيلا لمقتضيات الدستور الذي منح الحق لهم في التصويت والترشيح انطلاقا من بلدان الإقامة»، موضحا أن منحهم الحق في التصويت بالوكالة سنة 2011 «كان اختيارا تشريعيا أملته حالة الاستعجال، أما اليوم فلم يعد ممكنا قبوله لأنه لدينا ما يكفي من الوقت لكي نطور القانون التنظيمي لمجلس النواب، حتى يسمح للجالية المغربية بالتصويت والترشح وفق ما قرره الدستور»، حسب تعبيره.
الأحزاب المغربية تختلف بشأن تعديل قوانين الانتخابات التشريعية
«العدالة والتنمية» يحذر من بلقنة المشهد السياسي
الأحزاب المغربية تختلف بشأن تعديل قوانين الانتخابات التشريعية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة