قيادات حركة طالبان البارزون يعتلون قمة هرم مهربي الأفيون في أفغانستان

بعد تراجع مصادر تمويلهم الخارجي وانشقاق بعض مقاتليهم

متهمون بالتجارة بالأفيون في سجن زراتج عاصمة إقليم نيمروز (نيويوك تايمز)
متهمون بالتجارة بالأفيون في سجن زراتج عاصمة إقليم نيمروز (نيويوك تايمز)
TT

قيادات حركة طالبان البارزون يعتلون قمة هرم مهربي الأفيون في أفغانستان

متهمون بالتجارة بالأفيون في سجن زراتج عاصمة إقليم نيمروز (نيويوك تايمز)
متهمون بالتجارة بالأفيون في سجن زراتج عاصمة إقليم نيمروز (نيويوك تايمز)

بعد وقت وجيز من شروق الشمس، طاردت مروحية تابعة للقوات الخاصة الأفغانية سيارتان مسرعتان عبر صحراء جنوب أفغانستان، تعبران ما أصبح يعرف بالطريق السريع لمهربي الافيون والمسلحين.
وأظهرت تقارير الاستخبارات أن الرجال على متن السيارتين كانوا ينقلون كمية كبيرة من المخدرات والأسلحة من إقليم هلمند إلى إقليم نيمروز، وهو مركز تجارة كل ما هو غير مشروع ومحطة مهمة على الطريق العالمي لتهريب الأفيون. وأطلقت القوات الخاصة من المروحية طلقات مضيئة على الأرض الرملية بجوار السيارات، التي اضطرت للتوقف.
وأثارت العملية القوات الأفغانية إعجاب الجميع في ذلك اليوم، 12 يوليو (تموز) 2014، إذ ضبطت ما يقرب من طن متري من الأفيون في مختلف مراحل التصنيع، و3 بنادق من طراز (AK-47)، ومسدسا أوتوماتيكيا، ومدفعا رشاش من نوع (PKM)، وقاذف قنابل صاروخي، ومئات من طلقات الذخيرة، وأربعة وحدات من الراديو المزدوج، وهاتفين يعملان بالأقمار الصناعية. إلا أن «الغنيمة» الكبرى في هذه العملية لم تكن المخدرات أو الأسلحة، بل كانت أحد الركاب الذي عرف نفسه باسم محمد إسحاق، وهو تاجر للسجاد من نيمروز يبلغ من العمر 40 عاما. وبعد تحقيق لاحق على يد المسئولين الدوليين، اكتشفت الشرطة الأفغانية أن إسحاق هو نفسه الملا عبد الرشيد البلوشي، وحاكم الظل في حركة طالبان بإقليم نيمروز. وهو الرجل الملطخة يديه بالدماء وصاحب العلاقات الوثيقة بكبار قادة طالبان في باكستان.
ويجسد الملا رشيد تطور حركة طالبان في أفغانستان، على مستويات عدّة، بصفته من المقاتلين المخضرمين، ومشهورا بالتخطيط للعمليات الانتحارية في إقليم نيمروز خلال شهر رمضان، وأحد كبار مهربي المخدرات في المحيط الجنوبي الأفغاني. وكان إلقاء القبض على هذا الرجل خلال عملية مداهمة لمكافحة المخدرات، لا مكافحة الإرهاب، مناسبا لشخصية مثله، حيث كان في نظر الكثيرين ممن عاصروه مجرما بالدرجة الاولى، قبل أن يكون إرهابيا. وأحالته النيابة العامة الأفغانية إلى محكمة المخدرات الكبرى في البلاد، التي حكمت عليه، بعد مرور أربعة شهور فقط، بالسجن لمدة 18 عاما.
والملا رشيد هو واحد من عشرات كبار قادة حركة طالبان الذين غرقوا في أنشطة تجارة المخدرات حتى أصبح من الصعب التمييز بينهم وبين المجموعات الأصلية المتخصصة في التجارة بالمخدرات. وفي حين أن طالبان كانت قد استفادت طويلا من الضرائب المفروضة وتوفير الحماية لتجارة المخدرات داخل أفغانستان، فإن المتمردين باتوا يضطلعون بأدوار أكثر مباشرة ويشغرون مناصب أعلى وأكبر في سلسلة تجارة الأفيون المحلية، وفقا لتصريحات عشرات من المسئولين الأفغان والدوليين، إلى جانب غيرهم من المهربين وأعضاء في المجتمعات المحلية التي يعيشون فيها.
ولا تقتصر هذه الظاهرة على أعضاء الحركة أو قياداتها المحلية، بل تنطبق كذلك على الملا اختر محمد منصور، أعلى قياداتها، الذي يعتلي قمة هرم مهربي المخدرات القبليين ولقد حقق ثورة شخصية ضخمة من جراء ذلك، وفقا لمراقبي الأمم المتحدة. ولقد غيرت أموال المخدرات تركيبة حركة طالبان، فداخل الحركة، تمكن الملا منصور من شراء ولاء أكثر المنشقين عن الحركة تأثيرا عندما أعلن قيادته العليا للحركة خلال الصيف الماضي، وفقا لكبار قادة طالبان.
وفي بعض مناطق أفغانستان، كانت حركة طالبان قد وفرت البذور للمزارعين لزراعة الأفيون بالنيابة عن المتمردين، أو دفعت أموالا للوسطاء لشراء محصول الأفيون من المزارعين وتخزينه انتظارا لارتفاع الأسعار. ولقد حذرت الأمم المتحدة في آخر تقرير صادر عنها لمراقبة الأوضاع هناك أن التحول العميق لطالبان نحو تجارة المخدرات كان من قبيل الأنباء السيئة بالنسبة لآفاق السلام. وكتب مؤلفو التقرير الأممي يقولون «لذلك التوجه عواقب سلبية على السلام والأمن في أفغانستان، حيث يشجع الكثيرون داخل حركة طالبان ممن يمتلكون الحوافز الاقتصادية الكبيرة لمعارضة أي عملية من عمليات المصالحة مع الحكومة الجديدة».
وترجع بعض التغييرات في طبيعة حركة طالبان إلى الحملة العسكرية المدمرة التي أطلقت للإطاحة بقادة الحركة، مما فتح المجال للقادة الأصغر سنا، والأكثر تشددا في ميادين القتال. إلى ذلك، اضطرت حركة طالبان في الاونة الاخيرة، في ظل تراجع مصادر تمويلها الخارجية، إلى الاعتماد على ذاتها وتنويع مصادر تمويلها. ومن بين تلك المصادر، تهريب الأحجار الكريمة والخشب، فيما أصبح تهريب المخدرات، وإلى حد بعيد، من أهم مصادر الدخل الثابتة لدى طالبان. ويعتبر الملا رشيد من أرفع قادة طالبان شأنا من الذين تورطوا بصورة مباشرة في تهريب المخدرات خلال السنوات الأخيرة. وكان يملك عددا من المنازل في بارامشا، أحد أسوء مراكز التهريب سمعة، كما سيطر على حركة تهريب المخدرات عبر المناطق الصحراوية في جنوب إقليم هلمند الذي يربط بين إقليم نيمروز وباكستان وإيران.
ويقول أحد كبار رجال الاستخبارات في إقليم نيمروز، والذي كان يتابع تحركات الملا رشيد لمدة خمس سنوات: «لقد بدأ حياته بداية مثالية، ولكنه تحول إلى أحد المهربين المحترفين. ولما أصبح حاكما في الظل لحركة طالبان، أصبحت تجارة المخدرات أكثر ربحية، ولم يتمكن من التوقف أبدا».
ووفقا للمسئولين الحكوميين، تولى الملا رشيد مسئولية الحركة في إقليم نيمروز لأكثر من أربع سنوات، بعد مقتل سلفه في المنصب. ولقد كان تعيينه من الاختيارات الإستراتيجية لحركة طالبان، والتي تطلعت للاستفادة من قوميته وشعبيته إلى جانب خبراته. فهو ينتمي إلى عرق البلوش، ما سهل مهمته في تجنيد الأتباع في المناطق الحدودية، حيث يتمتع رجال قبيلته بمكانة بارزة.
وقال مسئولون من المطلعين على ملف الملا إنه كان من قادة التمرد، وكانت أكثر عملياته شهرة هي سلسلة من العمليات الانتحارية في منطقة زارنج في شهر أغسطس (آب) من عام 2012 والتي أسفرت عن مصرع ما يقرب من 30 شخصا في شهر رمضان. وكان أيضا من الشخصيات البارزة في تنسيق الاتصالات بين طالبان والقاعدة، من حيث تنظيم الاجتماعات رفيعة المستوى في باكستان بين الجانبين.
ولكن سرعان ما أصبح تركيزه الرئيسي منصبا على تجارة المخدرات، حيث عزز الملا رشيد قبضته على مناطق التهريب المعروفة في جنوب البلاد، وهي المنطقة الصحراوية الواسعة التي يستخدمها المهربون منذ عقود لتفادي الاكتشاف والمراقبة من جانب السلطات. وتعتبر معرفة الطرق والمساحات الشاسعة التي لا توجد خرائط محددة لها، النقطة الفاصلة بين الحياة والموت. والشرطة الأفغانية، في جزئها الأكبر، غير قادرة على تنفيذ الدوريات لتأمين هذه المنطقة باستثناء عدد قليل من مهام القوات الخاصة الانتقائية للغاية.
من جانبهم، أفاد مسئولون في الحكومة وأجهزة إنفاذ القانون، من الذين عرفوا الملا رشيد، أنه راقب وأشرف على أغلب عمليات تهريب المخدرات في منطقة نفوذه. وفي 12 يوليو (تموز) 2014، تطور نشاط الرجل بصورة خاصة، حيث كان يشارك بنفسه في القوافل التي تنقل ما يقارب نصف طن من الأفيون، وأغلبها في مرحلة المعالجة التي تسبق مباشرة مرحلة تصنيع مخدر الهيروين.
وعلى متن السيارة الأولى، كان هناك رجلان ينقلان المخدرات، إلى جانب بعض الأسلحة الأخرى. وكان أحد الرجال المتواجدين، يدعى نور أحمد، يقود السيارة الناقلة للشحنة لكي يسدد دينا مستحقا عليه بقيمة 4 آلاف دولار. فيما كان الرجل الاخر يأمل في الحصول على ألفي دولار من العمل في مثل تلك الأنشطة، كما أفادت السلطات.
وفي السيارة الخلفية، وهي سيارة من طراز «تويوتا كورولا»، كان هناك أربعة رجال آخرين، من بينهم رجل أعمال، ومزارع، وملا آخر إلى جانب الملا رشيد. وخلال الاستجواب الذي أعقب إلقاء القبض عليهم، زعم الرجال أن الأسلحة ملفقة من قبل القوات الخاصة ولم تكن بحوزتهم وأنهم لم يكونوا جزءا من أية قافلة تتاجر بالمخدرات.
ولم تمض إلا أسابيع قليلة حتى اكتشفت الحكومة الأفغانية، عن طريق الصدفة، أن الرجل الذي عرف نفسه باسم محمد إسحاق كان هو الملا رشيد. ووفقا لكبير ممثلي الإدعاء في فريق عمل العدالة الجنائية الأفغانية، يار محمد حسين خيل، طالب المسئولون البريطانيون الحديث مع إسحاق، الذي كان مسجونا في ذلك الوقت في كابول. وكان البريطانيون يأملون في أن يقدم لهم إسحاق معلومات عن عملية اختطاف امرأتين من التشيك في صحراء محافظة بلوشستان في باكستان. إلا أنه تبين فيما بعد أن الغربيين كانوا يعلمون في ذلك الوقت ما لا تعلمه الحكومة الأفغانية في كابول، وهو أن إسحاق كان في حقيقة الأمر الملا رشيد الحاكم الخفي لإقليم نيمروز، الذي ينتمي لعرق البلوش، والذين كانوا يأملون أن يكون قادرا على تبادل المعلومات أو التوسط بشأن الإفراج عن السيدتين.
من جهته، رفض حسين خيل الإفصاح عن ما إذا كان الملا رشيد قد تقدم بمعلومات أو ساعدهم بأية صورة من الصور. ولكن في ربيع عام 2015، أي بعد عامين من الاختطاف وبعد حوالي 10 شهور من طلب المسئولين المساعدة من الملا رشيد، تم أطلاق سراح السيدتان في نهاية الأمر. ولا يزال الملا رشيد قيد الاحتجاز لدى السلطات الأفغانية.
* خدمة «نيويورك تايمز»



مقتل 46 شخصاً غرقاً خلال مهرجان ديني هندوسي بالهند

مشاركون بمهرجان ديني هندوسي قضوا غرقاً خلال طقوس غطس داخل أنهر وبحيرات ارتفع منسوب المياه فيها جراء الفيضانات (أ.ف.ب)
مشاركون بمهرجان ديني هندوسي قضوا غرقاً خلال طقوس غطس داخل أنهر وبحيرات ارتفع منسوب المياه فيها جراء الفيضانات (أ.ف.ب)
TT

مقتل 46 شخصاً غرقاً خلال مهرجان ديني هندوسي بالهند

مشاركون بمهرجان ديني هندوسي قضوا غرقاً خلال طقوس غطس داخل أنهر وبحيرات ارتفع منسوب المياه فيها جراء الفيضانات (أ.ف.ب)
مشاركون بمهرجان ديني هندوسي قضوا غرقاً خلال طقوس غطس داخل أنهر وبحيرات ارتفع منسوب المياه فيها جراء الفيضانات (أ.ف.ب)

قضى 46 شخصاً على الأقل؛ ومعظمهم أطفال (37 طفلاً)، غرقاً خلال مشاركتهم في مهرجان ديني بشرق الهند، على ما أفاد به مسؤول حكومي محلي «وكالة الصحافة الفرنسية» اليوم الخميس.

وأوضح المسؤول في «هيئة إدارة الكوارث»، بولاية بهار، أن المشاركين في المهرجان قضوا في حوادث غرق متفرقة بالولاية، خلال المشاركة في طقوس تقوم على الغطس في أنهر وبحيرات ارتفع منسوب المياه فيها جراء فيضانات وقعت في المدة الأخيرة.

وقال المسؤول؛ الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن «هؤلاء الناس تجاهلوا الارتفاع الخطر في منسوب الأنهر والمسطحات المائية عندما غطسوا للاحتفال» بالمهرجان.

وقعت سلسلة حوادث الغرق يومي الثلاثاء والأربعاء في 15 منطقة بولاية بهار، بمناسبة «مهرجان جيتيا بارف» الهندوسي الذي تشارك فيه الأمهات من أجل رفاه أطفالهن.

ويقام «مهرجان جيتيا بارف» الديني على مدى أيام عدة، كما يُحتفل به أيضاً في ولايتي أوتار برادش وجارخاند المجاورتين، وفي أجزاء من نيبال.

وأعلنت ولاية بهار عن تخصيص تعويضات لعائلات الضحايا، وفق مسؤولين حكوميين.

والعام الماضي، ذكرت وسائل إعلام محلية أن 22 شخصاً غرقوا خلال 24 ساعة في بهار، معظمهم أثناء الاحتفال بالمهرجان نفسه.

وتعدّ الحوادث المميتة أمراً شائعاً خلال المهرجانات الدينية الكبرى في الهند، خصوصاً تلك التي يشارك فيها الملايين.

وقُتل ما لا يقل عن 116 شخصاً في يوليو (تموز) الماضي خلال تجمع ديني هندوسي بولاية أوتار برادش، في أسوأ مأساة من نوعها منذ أكثر من عقد.

وتتعرض الهند لأمطار غزيرة وفيضانات مباغتة كل عام خلال موسم الرياح والأمطار الموسمية من يونيو (حزيران) إلى سبتمبر (أيلول).

ويعدّ موسم الرياح حيوياً للزراعة وللملايين الذين يتعيشون من الزراعة، ولكنه يلحق أيضاً دماراً واسعاً بسبب الانهيارات الأرضية والفيضانات التي يتسبب فيها، وتؤدي إلى مقتل مئات الأشخاص في جميع أنحاء جنوب آسيا.

ولقي أكثر من 200 شخص حتفهم بولاية كيرالا جنوب الهند في يوليو الماضي، عندما تسببت الأمطار الموسمية الغزيرة في حدوث انهيارات أرضية، أدت إلى طمر مزارع شاي تحت أطنان من التراب والصخور.

ويقول الخبراء إن التغير المناخي يؤدي إلى ازدياد الظواهر الجوية القصوى في جميع أنحاء العالم، فيما يؤدي بناء السدود وقطع أشجار الغابات ومشروعات التنمية في الهند إلى تفاقم الخسائر البشرية.

وأشارت دراسة أجراها «معهد بوتسدام» عام 2021 إلى أن الرياح الموسمية أصبحت منذ منتصف القرن العشرين أشد تقلباً وقوة.