روسيا تسابق التدخل البري في سوريا: النظام السوري سيتجه للرقة خلال شهر

«خطابات حرب» في أنقرة.. ومناورات مشتركة في قونية مع الطيران السعودي

دبابات تركية قرب الحدود التركية السورية عند معبر اونجو بينار قرب مدينة كيليس تطلق النار على أهداف كردية في سوريا (أ.ف.ب)
دبابات تركية قرب الحدود التركية السورية عند معبر اونجو بينار قرب مدينة كيليس تطلق النار على أهداف كردية في سوريا (أ.ف.ب)
TT

روسيا تسابق التدخل البري في سوريا: النظام السوري سيتجه للرقة خلال شهر

دبابات تركية قرب الحدود التركية السورية عند معبر اونجو بينار قرب مدينة كيليس تطلق النار على أهداف كردية في سوريا (أ.ف.ب)
دبابات تركية قرب الحدود التركية السورية عند معبر اونجو بينار قرب مدينة كيليس تطلق النار على أهداف كردية في سوريا (أ.ف.ب)

كشفت مصادر تركية بارزة لـ«الشرق الأوسط» عن رسالة بعثت بها روسيا إلى الدول الغربية تحاول من خلالها استباق أي تدخل بري سعودي - تركي في سوريا لمحاربة تنظيم داعش، بتقديم وعود بتحول عمليات النظام نحو محافظة الرقة التي يسيطر عليها التنظيم (خلال 30 يومًا)، فيما كانت الأنظار مسلطة على الخط الحدودي التركي - السوري الذي شهد أمس المزيد من عمليات القصف التركية لمواقع الأكراد، مترافقًا مع مناورات عسكرية تركية - سعودية مشتركة في تلك المنطقة.
وقالت المصادر بأن الرسالة أبلغها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لنظرائه الغربيين، ومفادها أن النظام يحضر لعملية عسكرية واسعة في الرقة، وبالتالي فلا حاجة لأي تدخل خارجي بريا. لكن المصادر نفسها قالت لـ«الشرق الأوسط» إن الكلام عن تدخل تركي في سوريا أمر «سابق لأوانه»، مشددة على أن تركيا تدرس كل الخيارات «ولن تساوم على أمنها القومي». وأكدت المصادر أن تركيا لن تحتمل موجة جديدة من اللاجئين، جراء دفع اللاجئين باتجاه الحدود. وأضافت أن المنطقة المستهدفة من قبل النظام السوري وحلفائه تحتوي على مجموعة كبيرة من مخيمات اللاجئين، ومن شأن اقتراب النظام منهم دفعهم نحو تركيا.
وفيما يتعلق بالتنسيق السعودي - التركي، قالت المصادر إن التنسيق يرتفع إلى حد كبير، مشيرة إلى أن المناورات العسكرية المشتركة مع الطيران السعودي مقررة منذ أكثر من ستة أشهر ولا تحمل جهوزية من أي نوع، لكنها شددت على أن خطورة الأمور عند الحدود السورية تجعل من الضروري القيام بشيء لوقفه.
وفيما جدد الناطق باسم الحكومة نعمان قورتمولوش، أمس، تأكيده أن تركيا لن تتدخل في سوريا منفردة، قال وزير الدفاع التركي، عصمت يلماز، إن بلاد تحب السلام ولا تريد سواه، ولكنها لن تتوانى لحظة في الرد على أي عدوان يمس أراضيها وسلامة مواطنيها. وأعلن يلماز في كلمة له أمام البرلمان التركي، أن القوات التركية تقوم بقصف مواقع منظمة حزب الاتحاد الديمقراطي الإرهابية في سوريا، وفق قواعد الاشتباك. وأكد الوزير التركي، أن تركيا ستتخذ كل التدابير لحماية سيادتها الوطنية، ولن تسمح للميليشيات الإرهابية بأن تصل إلى مساعيها، لافتًا إلى أنه «قمنا بتنويه لجميع أعضاء حلف الناتو بخصوص حماية الأراضي والحدود التركية»، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن تركيا كانت وما زالت بجانب الحل السياسي للأزمة السورية.
وأتى خطاب رئيس الحكومة التركية أحمد داود أوغلو أكثر حدة من خطابات وزرائه، إذ اعتبر أن حزب الاتحاد الديمقراطي، ووحدات الحماية الشعبية، لا يمثلان الأكراد، واصفًا إياهما بالمرتزقة لدى الحكومة الروسية. وقال: «نحن لا نخاف إلا من الله ولا نحسب حسابا إلا لما يخطه التاريخ، من يقوم بالعمليات العسكرية هم الروس، ونحن من خلال العمليات العسكرية التي قمنا بها منعنا حزب الاتحاد الديمقراطي من التقدم في منطقة أعزاز، وإن بقوا على إصرارهم في التقدم نحو أعزاز سيجدون تركيا في مواجهتهم، يحاول الإعلام الدولي أن يظهر الموضوع وكأنه خلاف تركي كردي، إن الأكراد الذين هم داخل الحدود التركية هم إخوان لنا، إن سياستنا الداخلية والخارجية لم تكن في يوم من الأيام قائمة على أساس التمييز العرقي».
وأشار داود أوغلو إلى أن تركيا منذ البدء حاولت وبذلت جهودا لإنهاء الأزمة السورية، حيث قال: «يحاولون خلق مفهوم وكأن حربًا عالمية ثالثة ستنشب، إن كان في سوريا خطر حرب، فليست تركيا المسؤولة عنها، فقد حاولت تركيا منذ البدء بذل الجهود للوقوف أمام ما يحصل الآن». وأكد أن استهداف القوات المسلحة التركية لحزب الاتحاد الديمقراطي سيستمر، وقال: «حاولوا إغلاق الممرات الإنسانية بين تركيا وحلب، من دون أن يضعوا في حسبانهم أن سكان حلب هم خير من يقاوم الجوع، إن النصر لن يكون حليفًا سوى للمؤمنين به، سنقوم بالرد على كل هجوم من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي، يحاولون منعنا من استهدافهم، ولكن سنقوم بكل ما بوسعنا». وأنهى كلامه بالقول: «أمس، أكدت المستشارة الألمانية على مصداقية ما ذهبنا إليه قبل سنوات، من ضرورة إقامة منطقة عازلة في الداخل السوري».
ووصف المحلل السياسي التركي محمد زاهد غل خطاب داود أوغلو بأنه «خطاب حرب»، مشيرا إلى أن الاحتمالات بشأن التدخل التركي ترتفع بسرعة، وهي اليوم بحدود 30 إلى 40 في المائة. وعطف زاهد غل خطاب رئيس الوزراء التركي على خطاب سابق لرئيس الجمهورية رجب طيب إردوغان الذي قال منذ أيام أن تركيا كان يجب أن تتدخل في العراق في عام 2003 عندما طلبت منها الولايات المتحدة ذلك، وهي فوتت على نفسها الكثير جراء رفضها هذا. وقال زاهد غل لـ«الشرق الأوسط» الخطاب الذي نسمعه اليوم من داود أوغلو ليس خطابا دبلوماسيا ولم نعتد مثله منه. وأكد أن تركيا لا يمكن أن تقبل بثنائية «داعش» والنظام عند حدودها، وهي ستجد نفسها مضطرة في نهاية المطاف إلى القيام بشيء ما.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.