مصادر ليبية: مجلس النواب يتجه لرفض حكومة السراج في نسختها الثانية

تحدثت عن هيمنة «الإخوان» على 5 حقائب

مصادر ليبية: مجلس النواب يتجه لرفض حكومة السراج في نسختها الثانية
TT

مصادر ليبية: مجلس النواب يتجه لرفض حكومة السراج في نسختها الثانية

مصادر ليبية: مجلس النواب يتجه لرفض حكومة السراج في نسختها الثانية

رغم الترحيب الإقليمي والدولي بإعلان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، المقترحة من بعثة الأمم المتحدة، انتهاءه من تشكيل نسختها الثانية، فإن مصادر ليبية شككت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» في إمكانية موافقة مجلس النواب على هذه الحكومة في الجلسة التي سيعقدها المجلس الأسبوع المقبل، داخل مقره بمدينة طبرق (أقصى الشرق الليبي).
وتحتاج الحكومة الجديدة إلى موافقة أربعين عضوا فقط في حالة اكتمال النصاب المطلوب بـ120 عضوا، من إجمالي عدد المقاعد الـ200 للبرلمان الليبي، لكن أعضاء في البرلمان قالوا إنه يصعب على البرلمان في ظل التشكيلة الأخيرة للحكومة منحها ثقته لكي تبدأ في ممارسة عملها. وكان البرلمان المعترف به دوليا قد رفض تشكيلا مبدئيا مقترحا الشهر الماضي، وسط شكاوى من أن عدد الوزراء المعينين، والذي بلغ 32 وزيرا أكبر مما يجب. كما كانت هناك خلافات بشأن توزيع المناصب والسيطرة على القوات المسلحة الليبية في المستقبل. ويعني ذلك العودة إلى المربع صفر، بحسب نصوص اتفاقية الصخيرات التي وقعها ممثلون عن البرلمانين الحالي والسابق في المغرب، برعاية الأمم المتحدة نهاية العام الماضي، وإقصاء فائز السراج عن منصبه، ومعاودة البحث عن رئيس جديد للحكومة.
واستبق رئيس الحكومة ورجل الأعمال الطرابلسي هذا الاتجاه بطلبه المفاجئ من مجلس النواب تأجيل جلسة كانت مقررة أمس لمثوله أمام المجلس، لما وصفه بأسباب لوجيستية، لكن مصادر مطّلعة وأعضاء في مجلس النواب قالوا في المقابل إن «الحكومة الجديدة قد لا تحظى بتأييد المجلس، مما يعني أنه سيتعين على السراج مغادرة منصبه نهائيا».
وقال عضو في البرلمان لـ«الشرق الأوسط» إن توزيع الحقائب غير عادل داخل هذه الحكومة، وإن حقيبة الدفاع كان لا بد أن تكون لأحد مرشحي القيادة العامة للجيش الوطني الليبي، في إشارة إلى رفض الفريق خليفة حفتر، القائد العام للجيش، لتولى إبراهيم البرغثي حقيبة الدفاع في حكومة السراج.
ويعتقد بعض النواب أن السراج ربما قد كان تعرض لضغوط سياسية أجبرته على التنازل عن مرشح حفتر، وترشيح البرغثي في المقابل.
ونجحت وساطة مصرية في الجمع بين السراج وحفتر مؤخرا في مدينة المرج، حيث مقر قيادة حفتر في شرق ليبيا، لكن اللقاء لم يحسم الخلاف بين الطرفين حول هذه الحقيبة السيادية والمهمة في بلد عانى من فوضى أمنية عارمة، وانتشار لآلاف العناصر المسلحة من الميليشيات المتطرفة في طول البلاد وعرضها.
لكن الأمر لا يقتصر فقط على أهم حقيبة في الحكومة التي خلت أيضا من حقيبة مخصصة للنفط، والاكتفاء بإبقاء المؤسسة الوطنية للنفط كما هو حال مؤسسات الاتصالات والإعلام أيضا. وبدا واضحا أن نفوذ جماعة الإخوان المسلمين التي باتت تعاني من انعدام شعبيتها في السنوات الأخيرة في الشارع الليبي، في طريقه للصعود مجددا بعد حصول الجماعة على خمس حقائب وزارية على الأقل، أبرزها الخارجية والداخلية والتخطيط والتعليم، بينما سمح نفوذ سياسيي مدينة مصراتة بوضع اثنين من رجال العقيد الراحل معمر القذافي على قائمة الحكومة، على الرغم من وجود قانون للعزل السياسي يمنع هؤلاء من العودة لتولي أي مناصب حكومية أو رسمية في الدولة الليبية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.