جدل في بريطانيا حول توجّه الحكومة نحو تجريم مقاطعة البضائع الإسرائيلية

وزير بريطاني: المقاطعة من طرف بعض المجالس المحلية تهدد الأمن الوطني

جدل في بريطانيا حول توجّه الحكومة نحو تجريم مقاطعة البضائع الإسرائيلية
TT

جدل في بريطانيا حول توجّه الحكومة نحو تجريم مقاطعة البضائع الإسرائيلية

جدل في بريطانيا حول توجّه الحكومة نحو تجريم مقاطعة البضائع الإسرائيلية

فجّر خبر توجّه الحكومة البريطانية نحو تجريم مقاطعة البضائع الإسرائيلية جدلا واسعا في البلاد أمس، وانهالت انتقادات الأحزاب المعارضة والمنظمات الإنسانية على هذه الخطة باعتبارها «منافية للقيم الديمقراطية».
ونشرت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية أمس تقريرا يؤكد نية الحكومة البريطانية سن قانون يجعل من مقاطعة المؤسسات الممولة حكوميا لبضائع أو خدمات إسرائيلية معينة جريمة يحاسب عليها القانون، خاصًا بالذكر المجالس المحلية والمؤسسات العامة، وحتى بعض الجامعات. واعتمدت الصحيفة في تقريرها على تصريحات مسؤولين حكوميين رفيعي المستوى، اعتبروا أن المقاطعة «تسمم الأجواء وتهدد السلم الاجتماعي وتشجع العداء للسامية».
وبموجب الخطة الحكومية التي سربت تفاصيلها، ستفقد كل المؤسسات الحكومية أو تلك التي تتمتّع بتمويل حكومي حريتها في رفض شراء بضائع ومنتجات إسرائيلية تصدّرها شركات في مجالات تجارة الأسلحة، والطاقة، والتبغ في إسرائيل أو في المستوطنات الإسرائيلية.
وتعليقًا على ذلك، قال متحدّث باسم جيريمي كوربين، زعيم حزب العمال المعارض، إن «قرار منع المجالس المحلية والمؤسسات العامّة من مقاطعة التجارة والاستثمار في مجالات يعتبرونها غير أخلاقية وهجومًا مباشرًا على الديمقراطية المحلية».
وأضاف في تصريح أرسله لـ«الشرق الأوسط» أنه «من حق المواطنين انتخاب ممثلين محليين قادرين على اتخاذ قرارات مستقلّة عن سيطرة الحكومة. وذلك يشمل قرارات التراجع عن الاستثمار اعتمادا على أسس أخلاقية وذات صلة بحقوق الإنسان».
وشدّد المتحدّث أن هذا القرار «لو طبّق في عهد الأبرتايد (سياسية التفرقة العنصرية) في جنوب أفريقيا، لكان من شأنه تجريم مقاطعة المجالس المحلية لهذا النظام (العنصري)»، لافتًا إلى أن هذا القرار ليس سوى محاولة لفرض سياسات حزب المحافظين على ممثلي المجالس المحلية المنتخبين، مهما كانت انتماءاتهم الحزبية». ومن المتوقّع أن يتم الإعلان عن هذا القرار خلال زيارة وزير شؤون الحكومة البريطاني، مات هانكوك، لإسرائيل هذا الأسبوع. وقال هانكوك إن «الوضع الحالي الذي يمكّن المجالس المحلية من اتخاذ قرارات مستقلة حول (الشراء الأخلاقي) يقوّض الأمن الوطني»، داعيًا إلى «ضرورة تحدي (هذا الوضع) ومنع هذه المقاطعات».
ويذكر أن حملات مقاطعة البضائع الإسرائيلية استهدفت عددا من الشركات العاملة في الضفة الغربية المحتلة والمستوطنات الإسرائيلية، حيث صادق مجلس «ليستر» المحلي عام 2014 على سياسة مقاطعة البضائع المصنوعة في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية، فيما نشرت الحكومة الاسكوتلاندية بيانا يشجع المجالس المحلية على تفادي التجارة والاستثمار في مستوطنات غير قانونية.
ولا يقتصر الأمر على المجالس المحلية والمؤسسات العامة، بل يشمل المؤسسات الأكاديمية والجامعات كذلك، إذ أطلقت منظمات طلابية حملات توعية وأخرى لمقاطعة بضائع المستوطنات داخل الجامعات.
وأوضحت متحدّثة باسم «كلية الدراسات الشرقية والأفريقية (سواس)» التابعة لجامعة لندن لـ«الشرق الأوسط» أن المنظمة الطلابية للكلية صوتت في شهر فبراير (شباط) من العام الماضي لصالح المقاطعة، إلا أن الكلية ليست ملزمة قانونيا باتباع توصيات الطلاب بهذا الصدد.
من جهتها، عبّرت المتحدة باسم المنظمة الوطنية للطلاب في بريطانيا عن قلقها حيال قرار الحكومة إن اتخذ، وتداعياته على قدرة المنظمة اتخاذ مواقف تعكس مصالح الطلاب.
يذكر أن الاتحاد الأوروبي اتخذ قرارا في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بوسم البضائع الإسرائيلية المصنعة في المستوطنات، مما فجر الخلافات على نحو أعمق بين تل أبيب والأوروبيين.
وطالب وزراء الخارجية في الاتحاد الدول الأعضاء بتغيير وسم البضائع الإسرائيلية من «صنع في إسرائيل» إلى «صنع في المستوطنات» لكل المنتجات المستوردة من مستوطنات الضفة الغربية، والقدس الشرقية وهضبة الجولان.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.