الغابة السوداء.. روعة بين سويسرا وألمانيا

طبيعة صممت من أجلها تورتة تحمل اسمها

الغابة السوداء.. روعة بين سويسرا وألمانيا
TT

الغابة السوداء.. روعة بين سويسرا وألمانيا

الغابة السوداء.. روعة بين سويسرا وألمانيا

يتميز جمال الغابة السوداء، الواقعة بين ألمانيا وسويسرا، عن غيرها من المناطق السياحية في أوروبا بالتنوع، سواء في كثرة الأنهار فيها أو الغابات أو منتجعات التزلج على الثلوج شتاء أو على منحدرات الجبال صيفا. بالإضافة إلى أن ريفها وبيوتها قروية، ولها طابع مميز، بالأخص الشرفات التي تزينها الزهور، إلى جانب أجمل منظر يمكن أن يتخيله عشاق الطبيعة وهو جبال الألب.
هذه الطبيعة الرائعة دفعت بصانع الحلويات الألماني يوسف كيلر عام 1915 إلى ابتكار وصفة تورتة أطلق عليها اسم «الغابة السوداء» أو «بلاك فورست» أو «فوري نوار»، وسرها في نوع الكرز الحامض الذي يضاف إلى مكوناتها.
تقع هذا المنطقة الرائعة من الجانب الألماني في ولاية فادن فورتنبيرغ بين شتوتغارت وكارلسروه وبحيرة كونستانس وبازل في سويسرا، وعليه فإنها غابة صنوبرية مترامية الأطراف، وأطلق عليها اسم «الغابة السوداء» نسبة إلى كثافة الأشجار المخضرة طوال السنة في بعض مناطقها. وتعد هذا الغابة من أكبر غابات العالم السياحية، إذ تصل مساحتها إلى 12 ألف كيلومتر (كلم) مربع، وأعلى قمة فيها هي قمة فيلدبيرج نحو 1493 مترًا.
ولقد ذاعت شهرتها أيضا لكثرة ينابيعها المعدنية الصحية وأنهارها، ففيها 13 نهرا، ويشكل النهران بريج وبرجاش معا نهر الدانوب الشهير الذي يبلغ طوله 2860 كلم، كما فيها كثير من البحيرات والشلالات وجداول المياه ومراعٍ خضراء على مد النظر.
ومن الصناعات المشهورة في هذه المنطقة الدمى والصناعات الخشبية والحلي وساعات الوقواق، وأول ساعة صنعت في ألمانيا كانت في قرية فورتفانغن عام 1840، أيضا الآلات الموسيقية، بالأخص آلات النفخ التي يعزف سكانها عليها خلال الاحتفالات، وحافظ كثير منهم حتى اليوم على عاداتهم وتقاليدهم القديمة. إذ من المعروف أن الغابة السوداء كانت مسرحا لكثير من الأساطير والقصص الخرافية الألمانية.
وقد يقع السائح في حيرة، بأي منطقة عليه أن يبدأ رحلته، لكن توجد برامج ومنشورات توزعها مكاتب السياحة تساعد على الاختيار، فمن يعشق الحركة ما عليه سوى التوجه إلى بحيرة تيتي أو بحيرة شولخ، حيث يتوفر كل الوسائل لمحبي الرياضة المائية مثل الغطس أو الطيران الشراعي، وهي لا تبعد كثيرا عن مدينة فرايبورغ التي لا تقل جمالا عنها، ومن يعشق السهر والليل يمكنه اختيار أحد الفنادق الفخمة على طول ضفاف البحيرات الرائعة لقضاء أجمل الأوقات.
وعشاق التزلج على الثلوج لا يحتاجون إلى البحث طويلا، حيث توجد مراكز للتدريب أيضا في فيلد بريغ وشاوو إنس لاند، وفي أغلب المناطق توجد ساحات خاصة للأطفال من أجل التزلج أو اللعب على الثلج. وتعج هذه الأماكن عادة بالعائلات في العطل الشتوية للمدارس التي تقضي الوقت بين التنزه والتمتع، بما توفره الفنادق والمنتجعات من وسائل تسلية. كما تعرض بعض الشركات السياحية رياضة الطيران الشراعي أو القفز بالمظلات أو فقط ممارسة ركوب الدراجة الهوائية.
وكثرة الغابات والجبال توفر إمكانية لممارسة رياضة المشي الطويل، ويمكن الاستراحة أو تناول وجبة خفيفة في الأديرة، مثل دير القديس بيتر أو بقايا دير هيرشاو. وأجمل النزهات يمكن القيام بها في فصل الربيع والصيف، للتمتع بجداول المياه والطيور والحيوانات الأليفة التي تحاول بدورها التعرف على الزوار.
ووفرة أماكن المبيت في أحضان الطبيعة وبشكل خاص في المناطق الريفية تشد الزائر لقضاء ليلة أو أكثر في مزرعة، والاستيقاظ صباحا على صياح الديوك، وتناول الإفطار في أحضان الطبيعة، وشرب الحليب مباشرة من البقرة الحلوب، لكن قد يفضل البعض المدن وكلها تقريبا حافظت على الطابع التقليدي.
ومن يأتي إلى الغابة السوداء عليه زيارة مدينتين مهمتين، بادن بادن وفرايبورغ، لكن ذلك لا يعني أن المدن الأخرى أقل جمالا. وتقام في بادن بادن سنويا أشهر المهرجانات الفنية والموسيقية، ففي مسرح الاحتفالات يعرض أشهر المسرحيات الغنائية في العالم، ويتسع لأكثر من ألفين و500 مقعد، وعرضت فيه على سبيل المثال المسرحية الغنائية الناي السحري وإلكترا وغيرها من الأعمال الفنية الرائعة.
ويقصد كثيرون فرايبورغ من أجل الذهاب إلى ما يسمى «كهوف الملح»، وهي غرف من الحجر الجبلي كسيت جدرانها بالخشب، ويمكن للزائر الاستلقاء على مقاعد خشبية، ليستنشق هواء مشبعا بالملح ضمن حرارة 23 درجة مئوية وإضاءة مريحة، وهذه الكهوف تساعد المصابين بالربو وبعض الأمراض الصدرية، لكنها في الدرجة الأولى للتعافي من ضغط العمل اليومي.
وقبل مغادرة الغابة السوداء يجب تناول قطعة من كاتو (الغابة السوداء) في أحد مقاهي الرصيف المنتشرة في كل ساحات البلدات والمدن، وبالإمكان شراء قالب أو تحضيره في المنزل بالاستعانة بالوصفة الكاملة، لكن لن تكون بالطبع كما الكاتو الأصلية.
وتعد الملابس التقليدية، وتسمى «التراخت»، جزءا من ثقافة وتقاليد منطقة الغابة السوداء، وتُرتدى في المناسبات الدينية والثقافية، ويقام صيف كل عام في «أوروبا بارك» في بلدة روست ببادن فورتمبيرغ عروض أزياء لأكثر من ألف زي، ويشارك فيها أكبر دور الأزياء المتخصصة بهذا الزي.
وحسب معلومات دائرة السياحة في المنطقة السوداء فإن عدد السياح يصل سنويا إلى نحو 35 مليون سائح من كل أنحاء العالم أيضا من البلدان العربية، وبالأخص من بلدان الخليج العربي.



قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.