رئيس «التجمع» المغربي ينفض غبار أزمة الثقة داخل التحالف الحكومي

وصف سلوك «العدالة والتنمية» بـ«الدخيل».. وعد خطابه «عنيفًا ولا أخلاقيًا»

رئيس «التجمع» المغربي ينفض غبار أزمة الثقة داخل التحالف الحكومي
TT

رئيس «التجمع» المغربي ينفض غبار أزمة الثقة داخل التحالف الحكومي

رئيس «التجمع» المغربي ينفض غبار أزمة الثقة داخل التحالف الحكومي

حرك صلاح الدين مزوار، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار ووزير خارجية المغرب، الرماد الذي يخفي نار التوتر الملتهبة في العلاقات بين حزبه وحزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية. ووصف مزوار «العدالة والتنمية» بالإقصاء والعنف واعتماد خطاب «إما معي أو ضدي». ويتزامن هذا التصعيد ضد حزب رئيس الحكومة قبل أشهر قليلة من موعد إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وأعاد مزوار إلى الواجهة الأزمة التي كادت تعصف بالتحالف الحكومي قبل شهرين، عندما وصف رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران، وزيرين من حزب التجمع بـ«الخيانة»، على خلفية اتهامها بتمرير قرار ضمن موازنة العام الحالي ينزع منه صلاحيات الأمر بالصرف في صندوق التنمية الفلاحية، ويحولها إلى وزير الفلاحة من دون علمه. كما أشار مزوار، في خطاب لاذع ألقاه أول من أمس أمام المجلس الوطني لحزبه، إلى ما وصفه بـ«السلوك التحكمي» لحزب العدالة والتنمية خلال الانتخابات البلدية والجهوية ليوم 4 سبتمبر (أيلول) الماضي، والتي قال عنها بأنها كانت «مرحلة شد وجذب داخل الأغلبية، خاصة فيما يتعلّق بالتحالفات».
وقال مزوار «شخصيا اندهشت لما آل إليه النقاش السياسي من تدنٍ بسبب لجوء البعض لأساليب اعتبرها غير حضارية وغير مألوفة في المشهد السياسي المغربي. أساليب عكست نزوعا نحو الهيمنة وإرادة التحكم في قرارنا الحزبي المستقل». وأوضح مزوار أن حزب العدالة والتنمية كان «أول من أعلن صراحة، يومين بعد إجراء الانتخابات، قرار توسيع التحالف خارج الائتلاف الحكومي، في حين كان النقاش داخل الأغلبية لا يزال مستمرا حول التحالفات والتنسيق على مستوى الجماعات (البلديات) والجهات (المناطق)، ومع ذلك فوجئنا بخطاب دخيل على تقاليدنا السياسية، خطابا عنيفا ولا أخلاقيا، بلغ درجة التعرض للحياة الشخصية والخاصة للأفراد». وأضاف مزوار «لأول مرة في الحراك السياسي في بلادنا نسمع كلمة خيانة»، مشيرا إلى أن هذه الكلمة لم يستعملها المغاربة في تاريخهم السياسي الحديث «إلا مرة واحدة، خلال مرحلة الصراع من أجل الاستقلال، لتعتمدها تلك الأقلية القليلة من المغاربة التي اختارت المضي مع المستعمر ضد الاستقلال وحرية الوطن»، على حد قوله. واستطرد مزوار أن حزب العدالة والتنمية حوّل هذا الخطاب إلى كلام سهل يستعمله باستخفاف لنعت من لا يتفق معه في الرأي أو من لا يرغب في الانحناء لإرادته وخططه وقراراته ومن يتشبث باستقلالية قراره السياسي. وأشار مزوار إلى «أن حزب التجمع الوطني للأحرار ظل وفيا للائتلاف الحكومي، حتى ولو أنه يبقى مجرد ائتلاف وليس تحالفا يجمع الأحزاب على مستوى الرؤى السياسية والاختيارات الآيديولوجية»، مضيفا: «نحن أبينا على أنفسنا أن ندخل في مزايدات، وأن ندخل في مركب كان يمكن أن يؤدي إلى أشياء ليست في صالح الوطن». وأضاف مزوار قائلا: «في اللعبة السياسية لا توجد قاعدة تنص على أنه إما أن تكون معي أو أنك ضدي. وعلى سبيل الذكر أراد البعض على الساحة الدولية فرض هذه القاعدة بقوة قبل سنوات. والنتيجة أن هذا المنطق دمر بلدانا وشرد شعوبا وأفقد أشقاء لنا نعمة الأمن والاستقرار، هذا منطق خطير».
وأشار إلى أن حزب العدالة والتنمية «لم يخجل في تقسيم الساحة السياسية إلى حلفاء وأعداء»، موضحا أن «هذا المنطق في حد ذاته منطق هيمني خطير يمكن أن يؤدي لو استفحل لا قدر الله إلى نوع من التفرقة.. والتفرقة بذور الفتنة، وهو منطق مناقض للديمقراطية.
، لأن المؤسسات الديمقراطية كما يعرفها العالم المتحضر، وكما يجري بناؤها في بلادنا لم توجد إلا لتجميع الفاعلين السياسيين في المجتمع، ولكي تشكل بالنسبة إليهم فضاء للتنافس الحر واختيار الأصلح لمصلحة البلاد من دون إقصاء أو تفرقة أو تقسيم المجتمع على أسس سياسية أو مذهبية أو آيديولوجية».
ودافع مزوار عن موقف حزبه خلال الانتخابات الأخيرة، وقال: إنه «لم يخرق الاتفاقات داخل الغالبية»، وإنه «قام بواجبه في تدبير تحالفاته الانتخابية وفق المعطيات الموضوعية ونوعية حضور الفاعلين على المستوى المحلي للجماعة (البلديات) والجهة»، مؤكدا على أن «التزامنا الكامل داخل الائتلاف الحكومي لا يلغي أبدا حقنا في الانفتاح على باقي الفعاليات السياسية في مواقع بعينها ووفق الظروف السائدة في كل موقع. هذه معادلة بديهية في كل الأنظمة التي تعتمد اللامركزية»٠
وتساءل مزوار «أليس هذا ما جعل رئيس الحكومة يقترح علينا الانضمام للحكومة، بعدما كانت العلاقة بيننا سيئة كما يعلم الجميع. فما معنا أننا انتقلنا بقدرة قادر من أعداء إلى حلفاء ثم إلى خونة؟».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.