البرلمان التونسي يعيد توزيع المهام البرلمانية وحركة النهضة تتصدر المشهد من جديد

كتلة الحرة المنسوبة إلى محسن مرزوق تحتل المرتبة الثالثة بـ22 نائبًا

مارتن شولز رئيس البرلمان الأوروبي يلقي كلمة في البرلمان التونسي في 8 فبراير الماضي (أ.ف.ب)
مارتن شولز رئيس البرلمان الأوروبي يلقي كلمة في البرلمان التونسي في 8 فبراير الماضي (أ.ف.ب)
TT

البرلمان التونسي يعيد توزيع المهام البرلمانية وحركة النهضة تتصدر المشهد من جديد

مارتن شولز رئيس البرلمان الأوروبي يلقي كلمة في البرلمان التونسي في 8 فبراير الماضي (أ.ف.ب)
مارتن شولز رئيس البرلمان الأوروبي يلقي كلمة في البرلمان التونسي في 8 فبراير الماضي (أ.ف.ب)

باتت حركة النهضة تتصدر المشهد البرلماني في تونس بصفة رسمية بعد إعلان رئاسة البرلمان عن إعادة تشكيل هياكله، وتوزيع المسؤوليات والمناصب البرلمانية على سبع كتل تنشط بصفة قانونية داخل مجلس نواب الشعب (البرلمان). وأشارت مصادر من البرلمان التونسي إلى أن النظام الداخلي يمنح حركة النهضة بفضل تصدرها المشهد البرلماني صلاحيات واسعة في اختيار رئاسة اللجان البرلمانية التي ترغب فعليا في تحمل مسؤولياتها داخل مكتب البرلمان. وأضافت المصادر ذاتها أن هذا التمثيل داخل اللجان سيكون ذا تأثير كبير على تمرير النصوص القانونية، ومناقشتها داخل اللجان والتصويت عليها قبل عرضها على الجلسات البرلمانية. وأسهم ظهور كتلة «الحرة» البرلمانية المنسوبة لمحسن مرزوق، الأمين العام المستقيل من حركة نداء تونس، بوجودها وتشكلها النهائي والاعتراف بها من قبل البرلمان التونسي في إعادة تشكيل المشهد البرلماني على أساس عدد المقاعد داخل البرلمان. وتأخر البرلمان التونسي نحو أربعة أشهر لحسم هيكلته الداخلية، ومن ثم توزيع اللجان على الكتل البرلمانية، إضافة إلى توزيع المسؤوليات داخل مكتب رئاسة البرلمان. ويشترط النظام الداخلي للبرلمان التونسي توفر عشرة نواب لتشكيل كتلة برلمانية. وبناء على هذا النظام، قال قيس سعيد، الخبير التونسي في القانون الدستوري، إن من حق الحزب الحاصل على أكبر عدد من المقاعد البرلمانية الحصول على أكبر عدد من رئاسات اللجان البرلمانية.
وبشأن هذا التوزيع الجديد للصلاحيات والمسؤوليات في البرلمان التونسي ومدى تأثيره على التوازنات السياسية ككل، أفاد سعيد أن توافق حركة النهضة وحركة نداء تونس على معظم البرامج وسيطرتهما المشتركة على المشهد السياسي تجعل إعادة توزيع المسؤوليات مسألة شكلية بالأساس، إذ إن توافق الباجي قائد السبسي وراشد الغنوشي يعد حاسما في تمرير النصوص القانونية والتصويت لفائدتها، أو رفضها في البرلمان.
وكانت حركة نداء تونس قد فازت في الانتخابات البرلمانية التي جرت نهاية 2014، وحصلت على 86 مقعدا برلمانيا، متفوقة بذلك على حركة النهضة إلى حصلت على 69 مقعدا برلمانيا، إلا أن انقسامات شهدها نداء تونس أدت إلى استقالة أمينها العام محسن مرزوق بعد خلافه مع حافظ قائد السبسي، نائب رئيس الحزب، ومغادرة 22 نائبا برلمانيا للحزب وتشكيل كتلة «الحرة» البرلمانية.
ومن خلال المشهد البرلماني الجديد، حظيت حركة النهضة (69 نائبا) برئاسة ثلاث لجان برلمانية والحصول على منصب «نائب الرئيس» في ثلاث لجان أخرى، إلى جانب حضورها في ثماني لجان من بين إجمالي سبع لجان في البرلمان التونسي. ما يعني سيطرتها على جل اللجان البرلمانية.
أما حركة نداء تونس (57 نائبا) المنافس الرئيسي لها، فلن تحصل إلا على منصب رئيس في لجنة برلمانية واحدة، و«نائب الرئيس» في لجنتين. وباتت كتلة «الحرة» المنسوبة إلى محسن مرزوق لاعبا جديدا في البرلمان التونسي، إذ تحتل المرتبة الثالثة بعد حركتي النهضة والنداء ومن حقها قانونيا الحصول على رئاسة لجنة برلمانية، ومنصب نائب رئيس في لجنة برلمانية ثانية.
وتكون بقية الكتل البرلمانية ممثلة في اللجان البرلمانية، وإن لم تكن بحجم الكتل البرلمانية الثلاث الأولى. وتمثّل هذه الكتل حزب الاتحاد الوطني الحر (16 نائبا)، وتحالف الجبهة الشعبية (15 نائبا برلمانيا)، وكتلة حزب آفاق تونس (10 نواب)، والكتلة الاجتماعية الديمقراطية (10 نواب)، إلى جانب غير المنتمين إلى كتل برلمانية ولهم 13 مقعدا.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.