اليونان المحاصرة بين مطرقة الديون وسندان الغضب الشعبي

حلان أحلاهما مر.. آلام التقشف أو مواجهة الإفلاس والطرد من {الأوروبي}

اليونان المحاصرة بين مطرقة الديون وسندان الغضب الشعبي (رويترز)
اليونان المحاصرة بين مطرقة الديون وسندان الغضب الشعبي (رويترز)
TT

اليونان المحاصرة بين مطرقة الديون وسندان الغضب الشعبي

اليونان المحاصرة بين مطرقة الديون وسندان الغضب الشعبي (رويترز)
اليونان المحاصرة بين مطرقة الديون وسندان الغضب الشعبي (رويترز)

تدخل أثينا عامها السابع على التوالي من الركود الاقتصادي، وما زال المواطن اليوناني يتطلع للأمل الذي رآه في «أليكسيس تسيبراس»، الذي انتخبه رئيسًا للحكومة مرتين، ليأتي اليسار للمرة الأولى ليرأس الحكومة أملاً في تخفيف وطأة السياسات التقشفية عن كاهل الشعب اليوناني الذي يعاني ويلات زيادة الضرائب والبطالة وتقليص النفقات العامة، فضلاً عن تدهور في نمو القطاعات الرئيسية المدرة للدخل القومي.
وتغرق أثينا في اضطرابات واسعة النطاق احتجاجًا على الخطط الحكومية الجديدة بشأن إصلاح نظام المعاشات. وتواصل أزمة اللاجئين ضغطها على الاقتصاد اليوناني، مما يهدد قدرة البلاد على استيعاب المزيد من اللاجئين.
وتعتزم حكومة رئيس الوزراء اليوناني تسيبراس خفض المعاشات بنسبة 15 في المائة في المتوسط. وسيكون المزارعون أيضًا من بين الذين سيعانون بشدة تحت وطأة هذه الإصلاحات المقترحة. وستطال الإضرابات معظم نواحي الحياة وعلى رأسها الوزارات والمدارس والمواصلات. وحذر محللون في مجموعة «أوراسيا للأبحاث والاستشارات»، شركة المخاطر السياسية العالمية، من أن ضغط الآلاف من المهاجرين واللاجئين القادمين إلى اليونان قد يدفع البلاد للخروج من منطقة اليورو، نظرًا للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية الحادة في البلاد.
وقال وجيمس سوير المحلل بمجوعة «أوراسيا»، في مذكرة بحثية صدرت الاثنين الماضي: «إن اليونان لا تزال في وضع مالي صعب للغاية وأوروبا سوف تصر على المزيد من تدابير التقشف، التي كانت الحكومة الحالية تقول إنه من المستحيل تنفيذها».
وبالنسبة لهؤلاء الذين يصنفون على أنهم يعملون لحسابهم الخاص في اليونان، فسوف يواجهون التزامات ضريبية أكثر صعوبة في عام 2016 وعام 2017. وبموجب خطة حكومية لتلبية مطالب الإنقاذ الثالث لليونان سوف تكون هناك حاجة إلى قيام جميع الأفراد العاملين لحسابهم الخاص بدفع 75 في المائة من ضرائبهم في عام 2016 على أساس أرباح العام الماضي، حتى لو لم يحققوا أي دخل يذكر في العام الحالي. وفي عام 2017 سترتفع هذه النسبة إلى 100 في المائة.
ورغم خطط التقشف المتتالية التي تتبعها الحكومة اليونانية، لم ترض الجهات المانحة عن مساعي الإصلاح التي تقوم بها الحكومة اليونانية. وبحسب تصريح لصحيفة «هاندلسبلات» الألمانية، الاثنين الماضي، قالت مصادر في الجهات المانحة إنه اتضح استمرار وجود كثير من القضايا غير المحسومة، عقب فحص برنامج المساعدات وشروط الإصلاحات المرتبطة به في اليونان.
وأضافت الصحيفة أنه لم يتم التوصل إلى حلول وسط حتى الآن بشأن الإصلاح في قطاعي المعاشات والضرائب. فيما ترى «الترويكا المالية»، المكونة من صندوق النقد الدولي والمركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية، أن «اليونان تفعل الكثير من الأمور على الورق»، دون التطبيق على أرض الواقع.
ورغم تعسف الجهات الثلاث المانحة لليونان، هناك خلاف بين الجهات، حيث يطالب صندوق النقد بخفض أكبر في المعاشات في اليونان عما يطالب به الاتحاد الأوروبي والمركزي الأوروبي.
ففي عام 2009 اضطر رئيس الوزراء اليوناني السابق جورج باباندريو إلى الرضوخ لمتطلبات حزمة الإنقاذ الدولية بواقع 250 مليار يورو، ومنذ ذلك الحين بدأ المُقرضون مطالبة اليونان بتنفيذ سياسات خفض الإنفاق وزيادة الضرائب، والتي ساهمت في ارتفاع البطالة وتراجع مستويات المعيشة. واليونان منذ 7 سنوات، أمام خيارين: إما العصا مع عمليات الإنقاذ وتحمل الألم من التقشف، أو رفض شروط خطة الإنقاذ - مما يؤدي إلى الإفلاس وربما الانسحاب من منطقة اليورو تماما.
وفي يناير (كانون الثاني) من عام 2015، انتخب اليونانيون حكومة جديدة بقيادة تسيبراس الذي يترأس حزب سيريزا؛ في محاولة لإعادة التفاوض على شروط خطة الإنقاذ التي تتطلب تدابير تقشفية أقل حدة. ولكن وسط ضعف القادة اليونانيين، فشل تسيبراس في التوصل لاتفاق بتقليل حدة السياسات التقشفية المفروضة على الشعب.
والمثير للدهشة هنا أن حزب «سيريزا» اليساري الحاكم حاليًا كان المحرك الرئيسي لإضرابات ومظاهرات ضخمة ضد التقشف بين عامي 2010 و2014، أي لدى إقرار خطتي تقشف سابقتين فرضتا على اليونان مقابل قروض بأكثر من 240 مليار يورو وافق عليها اليمين مع الاشتراكيين في ذلك الوقت.
وتُضيف أزمة اللاجئين مزيدًا من الضغط على اقتصاد اليونان وسط حالة التقشف الحالية وسط مخاوف من قيام موجة رافضة للاجئين ما لم يقم الاتحاد الأوروبي باتخاذ المزيد من الخطوات للمساعدة في تجاوز الأزمة، وهو ما أكده تقرير محافظ البنك المركزي اليوناني يانيس ستورناراس الذي قدمه للمجلس العام للبنك المركزي الأوروبي في 17 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وتأمل حكومة سيريزا لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد في عام 2016، باستهداف الحصول على 3.5 مليار يورو من عائدات الخصخصة على مدار العام. فضلاً عن الوفر المنتظر من إصلاح نظام المعاشات التقاعدية. فاليونان تنفق نسبة عالية نسبيا - وفقًا لمعايير الاتحاد الأوروبي - من ناتجها المحلي الإجمالي على دفعات الفوائد والمعاشات، وكانت تلك هي الفئات المستهدفة للتخفيضات من قبل الدائنين.
لكن زيادة الأعباء الضريبية أدت في المقابل إلى انتقال الشركات اليونانية إلى بلغاريا من أجل تجنب مستويات أعلى من الضرائب والذعر الناجم عن ضوابط رأس المال التي فرضت في عام 2015. وآخرون انتقلوا إلى قبرص حيث الضريبة على الشركات أقل بالمثل مقارنة اليونان.
والآن أصبحت الحكومة اليونانية تناضل داخليًا مع الخطاب المناهض للتقشف، في حين تقوم بتنفيذ مزيد من خطط التقشف تلبيةً لمطالب الجهات المانحة من أجل الحصول على حزم الإنقاذ والبقاء في منطقة اليورو، الأمر الذي يُثير مشكلات جديدة في اليونان.
* الوحدة الاقتصادية
بـ«الشرق الأوسط»



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).