رئيس جنوب السودان يعيد تعيين خصمه رياك مشار نائبًا له

في خطوة تشكل تقدمًا رمزيًا في تطبيق اتفاق السلام

رئيس جنوب السودان يعيد تعيين خصمه رياك مشار نائبًا له
TT

رئيس جنوب السودان يعيد تعيين خصمه رياك مشار نائبًا له

رئيس جنوب السودان يعيد تعيين خصمه رياك مشار نائبًا له

أعاد سلفا كير، رئيس جنوب السودان، تعيين عدوه اللدود زعيم التمرد رياك مشار، نائبا له بعدما شغل هذا المنصب بين 2005 و2013، في خطوة تشكل تقدما رمزيا في تطبيق اتفاق السلام الموقع في أغسطس (آب) الماضي.
وقال سلفا كير في مرسوم صدر ليلة أول من أمس: «أنا سلفا كير ميارديت، رئيس جمهورية جنوب السودان، أصدر هذا المرسوم الجمهوري لتعيين الدكتور رياك مشار تيني نائبا أول لرئيس جمهورية جنوب السودان».
ويعد هذا الإعلان تقدما رمزيا على طريق تطبيق اتفاق السلام المبرم بين كير ومشار في 26 من أغسطس 2015، والذي ينص على وقف لإطلاق النار، وآلية لتقاسم السلطة من أجل إنهاء حرب أهلية مدمرة مستمرة منذ سنتين.
وكان مشار نائبا لكير بين 2005 و2011 عندما لم يكن جنوب السودان سوى منطقة خاضعة لحكم ذاتي تقريبا داخل السودان، ثم بين يوليو (تموز) 2011 بعد الاستقلال، ويوليو 2013 لدى إقالته من منصبه. لكن بعد بضعة أشهر من ذلك غرق جنوب السودان، الذي نال استقلاله في يوليو 2011 بعد عقود من النزاع مع الخرطوم، إلى الحرب مجددا عندما اندلعت المعارك في صفوف الجيش الوطني، الذي تنخره انشقاقات سياسية - إتنية، تغذيها المنافسة على رأس النظام بين كير ومشار.
وقال مشار من إثيوبيا: «إنه خبر سار لأنه يعد خطوة إلى الأمام على صعيد تطبيق اتفاق السلام. وهذا يعني أننا نطبق اتفاق السلام».
وإذا كان تعيين مشار يعد مؤشرا إيجابيا موجها إلى التمرد، إلا أنه ما زال يتعين انتظار عودته إلى جوبا، العاصمة التي لم يطأها منذ سنتين، للحكم على حسن نوايا الطرفين. وقد قال مشار إنه «إذا ما حصلت على الدعم الضروري لتأمين سلامتي، أعتقد أني سأكون قادرا على تسلم مهماتي في غضون أسابيع».
ورغم اتفاق أغسطس، لم تتوقف أعمال العنف، حيث ما زال الطرفان يتبادلان الاتهامات بانتهاكه. فيما تدور المعارك أيضا في الوقت الراهن بين عدد كبير من المجموعات المسلحة لأهداف غالبا ما تكون محلية. وبهذا الخصوص قال كايسي كوبلاند، الخبير في مجموعة الأزمات الدولية، إن طبيعة المجموعات المتمردة التي تزداد «ميولها إلى الشغب تحول الصراع إلى حرب متعددة الأقطاب، تشهد مواجهات موضعية».
وما زالت المناقشات حول تشكيل حكومة وحدة وطنية متعثرة حتى الآن. وكان يفترض أن تسفر عن نتيجة قبل الموعد المحدد في 22 يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث لم يستسغ المتمردون قرار كير زيادة عدد الولايات الإقليمية ثلاث مرات، أي من 10 إلى 28، واتهموه بالتلاعب بركن أساسي في اتفاق تقاسم السلطة. ولاقى إعلان كير أصداء إيجابية في جوبا، إذ قال أحد السكان ويدعى مايكل ميشال «إنها مبادرة جيدة جدا. وهذا المرسوم يعطي أملا لشعب جنوب السودان».



كيف يهدد سقوط الأسد استراتيجية روسيا في أفريقيا؟

بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
TT

كيف يهدد سقوط الأسد استراتيجية روسيا في أفريقيا؟

بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)

قال تقرير لوكالة «بلومبرغ» للأنباء إن الانهيار السريع لنظام بشار الأسد في سوريا يُهدد قاعدة «حميميم» الجوية، التي اعتمدت عليها روسيا لفرض نفوذها في مختلف أنحاء أفريقيا.

وبحسب التقرير، تستخدم موسكو القاعدة لإرسال أفراد وإمدادات عسكرية إلى مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وكل هذه الدول شهدت انقلابات مؤخراً، وقطعت علاقاتها مع الغرب، في حين تقترب من موسكو التي مكّنها هذا الجسر الجوي من إعادة بناء بعض نفوذها الذي اكتسبته في حقبة الحرب الباردة في القارة، خصوصاً في أماكن، مثل جمهورية أفريقيا الوسطى والسودان.

وسمحت قاعدتا «حميميم» الجوية و«طرطوس» البحرية، اللتان تستقبلان الوقود والإمدادات الروسية بتنفيذ توسع رخيص وفعال لنفوذها العسكري والسياسي والاقتصادي في أفريقيا، والآن قد تحتاج الشبكة التي تدعم عمليات روسيا في القارة، والتي تملأ الفراغ الذي خلفته القوات الغربية المغادرة، إلى إصلاح شامل.

استقبال جندي روسي لبشار الأسد خلال زيارته قاعدة «حميميم» العسكرية في اللاذقية 27 يونيو 2017 (أ.ف.ب)

قال أنس القماطي، مدير معهد صادق، وهو مركز أبحاث مقره ليبيا: «من دون جسر جوي موثوق، تنهار قدرة روسيا على فرض قوتها في أفريقيا، والاستراتيجية العملياتية الروسية بأكملها في البحر الأبيض المتوسط ​​وأفريقيا مُعلقة بخيط رفيع».

وقال القماطي إنه وفي حين أن روسيا، التي دعمت السلطات في شرق ليبيا، لديها قدرات تشغيلية في 4 قواعد جوية ليبية (الخادم والجفرة والقرضابية وبراك الشاطئ) فإن هذه القواعد ستكون بعيدة جداً، بحيث لا يمكن استخدامها في جسر مجدد من موسكو بسبب قيود المجال الجوي في أوروبا.

وقال رسلان بوخوف، رئيس مركز تحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيات ومقره موسكو، إن القاعدة الجوية السورية ستكون «خسارة كبيرة» للعمليات الأفريقية؛ حيث «كانت جميع الإمدادات تمر عبر (حميميم)، وهذا مهم بشكل خاص لبلد من دون ميناء، مثل جمهورية أفريقيا الوسطى».

وبدأت جهود موسكو لإعادة بناء النفوذ في أفريقيا فعلياً عام 2018، عندما تم نشر مرتزقة من مجموعة «فاغنر» المرتبطة بالكرملين في جمهورية أفريقيا الوسطى غير الساحلية، للدفاع عن رئيسها المحاصر ضد هجوم المتمردين.

وفي عام 2019، لعب المقاتلون دوراً رئيساً في محاولة من قِبَل الزعيم الليبي الشرقي خليفة حفتر للاستيلاء على العاصمة طرابلس.

ومنذ ذلك الحين، أرسلت مقاتلين إلى مالي والنيجر وبوركينا فاسو، جنباً إلى جنب مع الأسلحة، ما أدّى إلى زيادة أكبر لبصمتها العالمية خارج الكتلة السوفياتية السابقة.

الرئيس الروسي يلقي كلمة في قاعدة «حميميم» في اللاذقية على الساحل السوري يوم 12 ديسمبر 2017 (سبوتنيك - أ.ب)

وهذا الدعم في خطر؛ لكن المقربين من تلك الحكومات يزعمون أن روسيا ستجد طريقة لمواصلة مساعدتهم.

وقال فيديل غوانجيكا، مستشار رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى، إن روسيا «ستكون لديها خطة بديلة»، حتى تظل طرق إمدادها إلى أفريقيا سليمة، سواء باستخدام ليبيا نقطة انطلاق أكثر قوة، أو الوصول إلى جمهورية أفريقيا الوسطى عبر المواني في الكاميرون أو الكونغو، و«لن تكون هناك عواقب على جمهورية أفريقيا الوسطى».

وأضاف غوانجيكا أن أفريقيا الوسطى مستعدة لمساعدة الكرملين في إرسال الإمدادات والجنود من روسيا إلى الحكومات في منطقة الساحل إذا لزم الأمر.

وأعرب إبراهيم حميدو، رئيس إدارة الاتصالات لرئيس الوزراء علي الأمين زين، الذي عيّنه المجلس العسكري في النيجر عام 2023، عن الأفكار نفسها، وقال: «سقوط الأسد لن يُغير علاقاتنا، ويمكن لروسيا أن تجد طرقاً أخرى، من خلال تركيا على سبيل المثال، لدعم النيجر».

وفي حال سمحت تركيا، وهي عضو في حلف شمال الأطلسي، لبعض رحلات الشحن الروسية إلى ليبيا بالمرور عبر مجالها الجوي، فلا يوجد اقتراح فوري بأنها ستعمل بديلاً للجسر الجوي السوري لموسكو، خصوصاً أن مصالح الثنائي في أفريقيا غالباً ما تتباعد.

واقترحت مونيك يلي كام، وهي سياسية في بوركينا فاسو، تدعم المجلس العسكري وعلاقاته القوية مع روسيا، ليبيا خياراً لمساعدة موسكو على «الحفاظ على نفوذها في القارة».

كما لعبت روسيا دوراً رئيساً في الحرب الأهلية السودانية التي استمرت 20 شهراً؛ حيث ألقت مؤخراً بثقلها خلف الجيش في قتاله ضد «قوات الدعم السريع»، كما تواصل الضغط من أجل إنشاء قاعدة على ساحل البحر الأحمر في البلاد، وهو حلم طويل الأمد، من شأنه نظرياً أن يوسع شبكتها اللوجستية.

مقاتلة روسية في قاعدة «حميميم» جنوب شرقي اللاذقية في سوريا أكتوبر 2015 (سبوتنيك)

ومع ذلك، فإن الاحتفاظ بشبكة النفوذ الروسية مترامية الأطراف في أفريقيا لن يكون سهلاً، وفقاً لأولف ليسينغ، مدير برنامج الساحل في مؤسسة «كونراد أديناور»، وهي مؤسسة بحثية ألمانية.

وقال: «إن سقوط الأسد سيعيق بشكل كبير العمليات العسكرية الروسية في أفريقيا، وكانت جميع الرحلات الجوية لتوريد المرتزقة، وجلب الذخيرة والأسلحة الجديدة، تمر عبر سوريا. إنها مسافة بعيدة للغاية للطيران بطائرة نقل محملة بالكامل من روسيا إلى أفريقيا، وسيتعين على روسيا تقليص مشاركتها في أفريقيا وسيكون ذلك أكثر تكلفة بكثير».