«جدار الحب» يخلد ذكرى اعتداءات باريس

لمداواة معاناة الدائرة العاشرة

«جدار الحب» يخلد ذكرى اعتداءات باريس
TT

«جدار الحب» يخلد ذكرى اعتداءات باريس

«جدار الحب» يخلد ذكرى اعتداءات باريس

في جهد يرمي لمداواة آلام ضاحيتهم، دعا سكان الدائرة العاشرة في العاصمة الفرنسية باريس فناني الشارع والغرافيتي إلى الرسم على جدار يمتد بطول تجمع سكاني كامل بالقرب حانتين تعرضتا للهجوم ويروي «جدار الحب» قصص معاناة عائلات الضحايا، رسمها مجموعة من فناني الرسم على الجدران (الغرافيتي)، منهم ديانا كامي، الفنانة التي تعيش في الدائرة العاشرة مع ابنتها، وإرنستو نوفو صاحب صورة بعنوان «الأم المشعة»، وهي معنية بإعطاء الأمل للناجين وعلاج «الصدمة والألم النفسي الذي سببته تلك الليلة»، وجو دي بونا رسام «غرافيتي شعبي»، الذي قام بتقليد لوحة «الحرية تقود الشعب»، للفنان الفرنسي يوجين ديلاكروا، والتي يعود زمنها لعام 1830.وفي ما يلي عدد من الأعمال والقصص التي تقف وراءها.
* غابة من أشجار من إبداع ديانا كامي
عن اعتداءات 13 نوفمبر (تشرين الثاني) في باريس، التي خلفت 130 قتيلا، كثير منهم في ضاحيتها، تقول ديانا كامي، الفنانة التي تعيش في الدائرة العاشرة مع ابنتها «اعتراني شعور بالخوف فعلا، وشعرت بأنني وحدي». وتضيف أنها بعد أن قامت بتغييب ابنتها من المدرسة يوم الاثنين القادم، شعرت برغبة طاغية في تقديم عمل فني. قالت إنها بدأت ترسم، بشكل غريزي تقريبا، على حائط على امتد طريق أليبير، يستخدم عادة كلوحة بالنسبة إلى فناني الشارع المحليين – وتفصله بضع خطوات فقط عن «لو بيتي كامبودج» و«لو كاريلون»، الحانتين اللتين استهدفتهما الاعتداءات. انتبهت الكثير من الأمهات من مدرسة ابنتها.
غايل غيفارد واحدة من أولئك الأمهات وقد جمعت مبلغ 500 يورو من سكان الضاحية لتغطية تكلفة الألوان، قالت: «أردنا أن نفعل شيئا». والنتيجة هي مبادرة «ارسم لي باقة»، وهي مبادرة مجتمعية دعت فناني الشارع والغرافيتي، وكذلك سكان وأطفال الضاحية إلى تغطية الجدار بالرسوم ردا على الهجمات.
* «أبناء فرنسا» من إبداع إرنستو نوفو
يسكن نوفو (51 عاما) في الضاحية منذ فترة طويلة، وقد رسم صورة بعنوان «الأم المشعة»، وهي معنية بإعطاء الأمل للناجين وعلاج «الصدمة والألم النفسي الذي سببته تلك الليلة». كما أراد أن يبعث برسالة مفادها، «نحن أبناء فرنسا – فرنسا العلمانية ومتنوعة الأعراق».
ومن خلال تصويره للشخصيات التاريخية والثقافية من أمثال الدكتور مارتن لوثر كينغ وروزا باركس، ونينا سيموني وبروس لي، يقدم نوفو رسالة حدة في زمن يسوده عدم اليقين والتعصب. وهو يستخدم الرسوم الحية كأداة للتواصل مع المارة، وإثارة ردود فعل تكون في كثير من الأحيان «إيجابية دائما بالضرورة»، على حد قوله.
يتوقف نوفو عن الرسم قليلا ليتحدث عن ماضيه كابن لمهاجرين من كمبوديا وفيتنام، وما دفعه لأن يصبح فنانا. وهو يقوم في بعض الأحيان برسم الشباب في الضواحي ذات العرقيات المتعددة. يقول: «لقد عانيت مما يعانون منه أيضًا».
* أصداء ديلاكروا من إبداع جو دي بونا
يصف دي بونا نفسه بأنه فنان «غرافيتي شعبي»، من ضاحية «فيلباريزي» في باريس، وهو يشعر بأنه كان من المهم بالنسبة له أن يرسم على جدار الحب، حتى إن كان يعرف أنها ستكون تجربة مؤلمة.
وعلى الجدار، قام دي بونا (40 عاما) بتقليد لوحة «الحرية تقود الشعب»، للفنان الفرنسي يوجين ديلاكروا، التي يعود زمنها لعام 1830. تبدو الشخصيات في لوحته من دون وجوه تقريبا، فتفاصيل تعبيراتهم مطموسة عمدا، بحيث إن اللوحة «تمثل الشعب الفرنسي كله».
وقال دي بونا: «من البداية إلى النهاية كنت أفكر في كل الناس الذين قضوا بالقرب من هنا». وأضاف أن بيشوباريغو، وهو فنان شارع وصديق: «كان قريبا مني، لكننا لم نكن نتحدث إلى بعضنا البعض. كنا نرسم ونركز طول اليوم».
* غابة خرسانية من إبداع موسكو
جيرارد لو، عامل طباعة متقاعد يبلغ 62 عاما، يرسم تحت توقيع الاسم المستعار، «موسكو»، قال إنه تجنب الإشارة إلى هجمات «شارلي إيبدو» في يناير (كانون الثاني) 2015، في فنه، مخافة أن يقال إنه يسعى للتربح من الصدمة الثقافية. يفضل موسكو أن يرسم في ضوء النهار، ويلتقي بالناس في الشارع بينما يقوم بالرسم. وبهذه الطريقة يكون لفن الشارع القوة لأن يجعل الناس منفتحين على بعضهم البعض، ويضيف: «نحن بحاجة لهذا، في فترة مأساوية كهذه».
* خدمة {نيويورك تايمز}



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».