تحركات محمومة لقوات صالح.. والحوثيون يستنجدون بفرنسا

بعد أن أصبحت العاصمة صنعاء «في مرمى نيران المقاومة»

قوات موالية للرئيس عبد ربه منصور هادي في معسكر فرضة نهم الذي أصبح تحت سيطرتهم ويقع على مشارف العاصمة صنعاء (رويترز)
قوات موالية للرئيس عبد ربه منصور هادي في معسكر فرضة نهم الذي أصبح تحت سيطرتهم ويقع على مشارف العاصمة صنعاء (رويترز)
TT

تحركات محمومة لقوات صالح.. والحوثيون يستنجدون بفرنسا

قوات موالية للرئيس عبد ربه منصور هادي في معسكر فرضة نهم الذي أصبح تحت سيطرتهم ويقع على مشارف العاصمة صنعاء (رويترز)
قوات موالية للرئيس عبد ربه منصور هادي في معسكر فرضة نهم الذي أصبح تحت سيطرتهم ويقع على مشارف العاصمة صنعاء (رويترز)

مع اقتراب ساعة الصفر لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء، وبعد أن باتت قوات الشرعية تسيطر على نسبة كبيرة من الجهة الشرقية صنعاء المحافظة، وتشق طريقها نحو العاصمة أو الأمانة كما تسمى في اليمن، أظهرت الأيام القليلة الماضية تحركات ميدانية محمومة للمخلوع علي عبد الله صالح، قبل أن يسقط آخر حصن منيع له، أي العاصمة، بيد قوات الشرعية. وأشارت معلومات محلية وشهود عيان، إلى أن المخلوع قام بجولة ميدانية إلى بعض المواقع العسكرية، التي ترابط فيها قوات موالية له، في ضواحي العاصمة، مع اقتراب قوات الشرعية.
وعلق عضو المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية في صنعاء، الشيخ عراف العبيدي لـ«الشرق الأوسط» على هذه التحركات بالقول إن «الحوثيين والمخلوع يشعرون بالخطر لأن الجيش الوطني والمقاومة يطرقون، حاليا، أبواب العاصمة»، وإن «المخلوع يعلم جيدا أنه إذا سقطت ألويته، خصوصًا المرابطة في المناطق الشمالية الشرقية للعاصمة، فإن صنعاء ستصبح بيد قوات الشرعية جيشا ومقاومة»، وإنه «يحاول أن يلملم قواته المهزومة والمبعثرة ويسعى إلى زرع الحماس في نفوسهم، لكن هذا لن يفيده في شيء، لأن سقوط صنعاء ما هو إلا مسألة وقت فقط».
وفي سياق تطورات صنعاء، أشارت مصادر قبلية، في شمال صنعاء، إلى أن المخلوع والحوثيين يقومون بسحب قوات نخبة إلى العاصمة صنعاء وتوزيعهم على المناطق الشمالية للعاصمة، التي من المتوقع أن تصل إليها قوات الشرعية. وقال العبيدي إن الحوثي والمخلوع «سيحاولون الدفاع عن مواقعهم في صنعاء ولا شك أنهم سيوزعون القناصة وسيقوم بتوزيع كل ما يتملك من قوة واستطاعة»، وذلك في تأكيد للمعلومات التي سربت بهذا الخصوص.
وأضاف العبيدي، وهو شخصية عسكرية، لـ«الشرق الأوسط» بأن «الاستعدادات لتحرير العاصمة صنعاء، كبيرة وضخمة، بقدر الحدث، ولا يستطيع الحوثي والمخلوع إيقاف هذا الزحف»، مؤكدا أنهم يحاولون «أن يكون ذلك بأقل كلفة وأقل خسائر، سواء من الجيش الوطني والمقاومة أو المدنيين في صنعاء»، مشددا على أن العاصمة صنعاء «باتت في مرمى نيران الجيش الوطني والمقاومة، وهذا في حكم المؤكد».
وأكد القيادي في مقاومة صنعاء، الأنباء التي تحدثت عن انضمام قيادات عسكرية بارزة في قوات الاحتياط (الحرس الجمهوري - سابقا)، إلى قوات الجيش الوطني، وتأييدها للشرعية، ووصولها إلى محافظة مأرب. وقال العبيدي إنه «لم يتم الإعلان عن الأسماء، ولكنها ستعلن في الوقت المناسب»، مشيرا إلى أن المقاومة في صنعاء تأمل بأن تلتحق الكثير من القيادات العسكرية، التي ما زال المخلوع يراهن عليها، بصفوف الجيش الوطني، حتى تلك القيادات داخل الألوية العسكرية التي بداخل العاصمة صنعاء، وإلى أن التحركات «سوف تبدأ في وسط العاصمة، كلما اقتربت قوات الشرعية، لأن الناس يرفضون الميليشيات والعصابات والانقلابيين في كل المناطق، في صنعاء المحافظة والأمانة (العاصمة) وفي كل شبر من الأراضي اليمنية».
وفي حين عقد وفد من المتمردين الحوثيين، مساء أول من أمس، اجتماعا بالسفير الفرنسي لدى اليمن، في العاصمة العمانية مسقط، وبحسب ما رشحت من معلومات فإن المتمردين أعربوا عن رغبتهم في دور فرنسي في المباحثات اليمنية، ويسعون إلى تدخل فرنسي لوقف الغارات الجوية، كما بينت الأخبار التي بثوها عن اللقاء، فقد اعتبر الشيخ عراف العبيدي الحوثيين والمخلوع كـ«الغريق الذي يسعى إلى التعلق بقشة»، مؤكدًا أن الانقلابيين «قد حاولوا مع روسيا والآن مع فرنسا، ويسعون إلى استصدار مواقف دولية لوقف عمليات الجيش الوطني والمقاومة والتحالف، لكن تخيب ظنونهم ومساعيهم، لأن هناك إجماعًا دوليًا حول الوضع في اليمن والعالم يقف مع الشرعية».
واعتبر القيادي في مقاومة صنعاء أن «هذا يدل على التخبط الشديد الذي هم فيه، وأيضًا، على الخوف الذي زرع في قلوبهم، لأنهم يعلمون ماذا يعني أن تطرق قوات الشرعية أبواب العاصمة، وماذا يعني تحرير نهم وانطلاق المقاومة نحو أرحب، وماذا يعني تحرير بني حشيش».
وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» إن كانت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية قادرة على الدخول إلى صنعاء من اتجاه مديرية نهم (الجهة الشرقية) فقط دون الاتجاهات الأخرى، قال العبيدي إنه «من حيث القدرة، فإن الجيش الوطني ورجال المقاومة، قادرون على حسم المعركة حتى من اتجاه واحد، لكننا حريصون على أن تحسم المعركة بأقل التكاليف والخسائر»، مشيرا إلى أنه «من الأفضل أن تتشتت جبهات الانقلابيين في عدة محاور وعدة اتجاهات، حتى تقل الخسائر، وتتشتت جهودهم وقدراتهم وتتم السيطرة على العاصمة».
على الصعيد الميداني، تواصل تطهير ما تبقى من المناطق والتباب في المرتفعات الجبلية لمديرية نهم، وقالت مصادر في المقاومة الشعبية لـ«الشرق الأوسط» إنه جرى بسط السيطرة الكاملة على معسكر الفرضة وبعض المناطق التي لم يتسنّ الوصول إليها، خلال الأيام القليلة الماضية، بسبب انتشار القناصة وبسبب الألغام، وإنه جرت السيطرة على معسكر الفرضة وعدد من المرتفعات والتقدم لعدة كيلومترات إلى الأمام، نحو العاصمة صنعاء، والسيطرة على بعض القرى على الطريق العام، وأكدت تلك المصادر أنه جرت عمليات ملاحقة لعناصر الميليشيات الذين كانوا يتمترسون في بعض المواقع، إلى داخل الأودية والجبال والشعاب.
وتزامنت المواجهات العنيفة، في شرق صنعاء، مع غارات مكثفة لطيران التحالف على مواقع الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح في مديرية نهم، وذلك كعملية إسناد جوي لتقدم المقاومة.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.