معارضون سوريون ومسؤولون أتراك يروون قصة الشراكة بين الأسد والروس و«داعش»

أكدوا وجود مهندسين روس يعملون في مصنع للغاز بالرقة.. وخبير في «تشاتام هاوس» بلندن أكد أن الإنتاج الأولي بدأ منذ 2014

معارضون سوريون ومسؤولون أتراك يروون قصة الشراكة بين الأسد والروس و«داعش»
TT

معارضون سوريون ومسؤولون أتراك يروون قصة الشراكة بين الأسد والروس و«داعش»

معارضون سوريون ومسؤولون أتراك يروون قصة الشراكة بين الأسد والروس و«داعش»

من الناحية الرسمية، فإن حكومة الرئيس السوري بشار الأسد وحلفاءه من الروس هم في حالة حرب معلنة ضد تنظيم داعش الإرهابي. ولكن مصنع الغاز الطبيعي الواقع في شمال سوريا والخاضع لسيطرة التنظيم الإرهابي يشير بكل تأكيد إلى أن العلاقات التجارية ما بين النظام السوري الحاكم وتنظيم داعش لا تزال قائمة ومستمرة. ووفقا للمسؤولين الأتراك والمعارضة السورية فإن ذلك الموقع يعكس حالة التعاون القائمة بين التنظيم الإرهابي وشركة الطاقة الروسية ذات الصلات الوثيقة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
يقع مصنع توينان للغاز الطبيعي على مسافة نحو 60 ميلا إلى الجنوب الغربي من مدينة الرقة العاصمة الفعلية لخلافة داعش المزعومة، وهو أكبر مصنع من نوعه في سوريا. ولقد شيدت المصنع شركة سترويترانسغاز الروسية، وهي مملوكة للملياردير الروسي غينادي تيمشينكو أحد كبار رجال الأعمال الروس المقربين من الرئيس بوتين. كما أن العلاقة الرابطة بين الشركة والكرملين الروسي معروفة وموثقة جيدا. كانت وزارة الخزانة الأميركية قد فرضت عقوبات اقتصادية سابقة بحق شركة سترويترانسغاز، إلى جانب شركات أخرى مملوكة للسيد تيمشينكو، لضلوعها في أنشطة «مرتبطة ارتباطا مباشرا بالسيد بوتين» في خضم المواجهات السياسية والعسكرية حول أوكرانيا.
وتنضوي قصة المصنع المثير للجدل على نظام الأسد، ورجال أعمال من سوريا وروسيا، وتنظيم داعش الإرهابي، وجماعات المعارضة السورية المعتدلة، التي حاولت معا تشغيل المصنع سعيا وراء المكاسب المالية واللوجيستية التي يمكن الحصول عليها منه.
كانت الحكومة السورية بالأساس قد منحت عقد بناء مصنع توينان إلى شركة سترويترانسغاز في عام 2007. وتضمنت أعمال البناء استخدام مقاول سوري من الباطن وهو شركة هيسكو، التي يمتلكها رجل الأعمال جورج حسواني صاحب الجنسية الروسية - السورية المزدوجة. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات بحق السيد حسواني لاتهامه بالوساطة في صفقات نفطية بين تنظيم داعش ونظام الأسد، وهي الاتهامات التي ينفيها الرجل تماما.
وتمتد الشراكة التجارية ما بين شركتي هيسكو وسترويترانسغاز إلى ما وراء تلك الصفقة الواحدة، إذ عملت الشركات في مشروعات مشتركة في السودان، والجزائر، والإمارات العربية المتحدة منذ عام 2000، وفقا لصهر حسواني، يوسف عربش، والذي يدير مكتب شركة هيسكو في موسكو.
استمر البناء بوتيرة بطيئة في المصنع المذكور حتى بسط تحالف من الجماعات المعارضة السورية سيطرته عليه في عملية مشتركة مع جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة نفذت في يناير (كانون الثاني) عام 2013. وقال أبو خالد، وهو عضو في لواء قيس القرني إحدى أذرع تحالف المعارضة الذي نفذ العملية، إنهم عندما دخلوا المصنع كان المهندسون والمستشارون الروس قد فروا منه، تاركين الموظفين السوريين فيه، «قررنا حماية هذا المصنع، واعتقدنا أنه ملكية عامة للشعب السوري، إذ إنه كان مملوكا للدولة السورية من قبل».
بقي المصنع تحت سيطرة تنظيم داعش منذ أوائل عام 2014. وصرح مسؤول تركي كبير بأنه عقب استيلاء داعش على المصنع واصلت شركة سترويترانسغاز، عبر الوكيل المحلي وهي شركة هيسكو، عمليات بناء المصنع بتصريح من تنظيم داعش. كما زعم المسؤول التركي أن المهندسين الروس كانوا يعملون في المصنع لاستكمال أعمال البناء في المشروع.
كانت صحيفة تشرين الحكومية السورية قد نشرت تقريرا يفيد بتأكيد هذه الادعاءات. ففي يناير عام 2014، وبعد استيلاء داعش على المصنع، أشارت الصحيفة السورية إلى بعض المصادر بالحكومة السورية، التي أفادت بأن شركة سترويترانسغاز قد استكملت 80 في المائة من المشروع وتتوقع تسليم المشروع بالكامل إلى النظام السوري خلال النصف الثاني من العام الحالي. ولم يذكر التقرير الإخباري المشار إليه أن المصنع يخضع حاليا لسيطرة تنظيم داعش.
وفقا لديفيد باتر، الزميل المشارك في مركز تشاتام هاوس في لندن، والذي أطلع على خطاب كتبه جورج حسواني يشرح فيه تفاصيل المشروع، فإن مرحلة الإنتاج الأولى بالمصنع قد بدأت فعليا بنهاية عام 2014، وصار المصنع يعمل بكامل طاقته خلال عام 2015. وأضاف ديفيد باتر يقول: «يذهب بعض الغاز الطبيعي إلى محطة حلب الكهربائية، والتي تعمل تحت حماية داعش، وبقية الإنتاج يذهب إلى مدينتي حمص ودمشق».
وقال أبو خالد أن المهندسين الروس لا يزالون يباشرون أعمالهم في المصنع، كما أن حسواني توسط في صفقة مع تنظيم داعش والنظام السوري لإنتاج الغاز بالمنفعة المتبادلة من المصنع. وأضاف أبو خالد قائلا: «صرح تنظيم داعش للشركة الروسية بإرسال المهندسين وأطقم العمل في مقابل الحصول على حصة كبيرة من الغاز الطبيعي والأموال المبتزة»، مستخدما الاسم المختصر للتنظيم الإرهابي ومشيرا بالمعلومات إلى قادة المعارضة السورية الذين يحاربون داعش في المنطقة، «وكان موظفي الشركة الروسية يغيرون مناوبات العمل من خلال إحدى القواعد العسكرية الواقعة في محافظة حماه».
رفض السيد حسواني اتهامات وزارة الخزانة الأميركية بالعمل كوسيط بين تنظيم داعش ونظام بشار الأسد، ولكنه لم ينفِ أبدا مواصلة شركة هيسكو العمل في مصنع الغاز الطبيعي بعد استيلاء داعش عليه.
جاء ذكر لتفاصيل صفقة مصنع توينان والوساطة بين داعش وشركة هيسكو لأول مرة من خلال المجموعة الإعلامية السورية المعروفة باسم «الرقة تُذبح في صمت» في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2014. وزعمت المجموعة الإعلامية أن شركة هيسكو قد وقعت على اتفاقية مع داعش تتعهد بموجبها بالتنازل عن حصة كبيرة من الأرباح للتنظيم الإرهابي. وفي أكتوبر عام 2015، نشرت صحيفة «فايننشيال تايمز» تقريرا تقول فيه إن الغاز المنتج من المصنع يذهب إلى محطة توليد الكهرباء الحرارية الخاضعة لتنظيم داعش في حلب. وتوفر تلك الصفقة 50 ميغاواط من الكهرباء للنظام السوري، بينما يتلقى داعش 70 ميغاواط من الكهرباء إلى جانب 300 برميل من المكثفات النفطية. وقال المهندسون العاملون في المصنع لصحيفة «فايننشيال تايمز» إن شركة هيسكو ترسل أيضًا ما يقرب من 50 ألف دولار شهريا إلى داعش لحماية المعدات القيمة المملوكة للشركة. وفي حين أن سوريا لا تزال ممزقة سياسيا، فإن الصفقة الخاصة بمصنع توينان تعكس أن الأطراف المتنازعة داخل سوريا لا تزال تبرم الصفقات الاقتصادية في خضم الحرب الدائرة. ويقول آرون لوند، محرر موقع «سوريا في أزمة» التابع لمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، إن صفقات وترتيبات مماثلة للغاز والنفط تجري في جميع أنحاء سوريا. وأضاف يقول: «دائما ما توجد هذه الصفقات، تجدها بين داعش والنظام، وكذلك بين داعش والمعارضة السنية، وبين الأكراد والنظام، وبين الأكراد والمعارضة السورية، وبين المعارضة والنظام، وهكذا دواليك. هناك كثير من الروابط التجارية غير الرسمية التي تنشأ بين مختلف الجماعات المسلحة، أو المهربين، أو الشركات الخاصة لسد الثغرات بين مختلف الأطراف في الوقت الذي تنهار فيه الدولة، بينما المؤسسات الوطنية، والبنية التحتية، وأغلب أجزاء الاقتصاد تبقى بالضرورة محل مشاركة الجميع».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.