عسيري: مشاركتنا البرية ضد «داعش» قرار حاسم وحازم لا رجعة فيه

قال: وجودنا في بروكسل كشريك أساسي في محاربة الإرهاب

العميد ركن الطيار أحمد حسن عسيري مستشار مكتب وزير الدفاع السعودي خلال مؤتمر صحافي أمس في بروكسل («الشرق الأوسط»)
العميد ركن الطيار أحمد حسن عسيري مستشار مكتب وزير الدفاع السعودي خلال مؤتمر صحافي أمس في بروكسل («الشرق الأوسط»)
TT

عسيري: مشاركتنا البرية ضد «داعش» قرار حاسم وحازم لا رجعة فيه

العميد ركن الطيار أحمد حسن عسيري مستشار مكتب وزير الدفاع السعودي خلال مؤتمر صحافي أمس في بروكسل («الشرق الأوسط»)
العميد ركن الطيار أحمد حسن عسيري مستشار مكتب وزير الدفاع السعودي خلال مؤتمر صحافي أمس في بروكسل («الشرق الأوسط»)

شدد العميد أحمد عسيري مستشار وزير الدفاع السعودي على أن مشاركة قوات بلاده في عمليات برية ضد تنظيم داعش في الأراضي السورية هي قرار حاسم وحازم «لا رجعة فيه»، مؤكدًا موقف السعودية الواضح حول العمليات البرية في سوريا، موضحًا بأن التفاصيل ستكون من خلال اللجان والاجتماعات المقبلة حول الكيفية والآلية وحجم القوات المشاركة في هذه العمليات.
وبيّن العسيري أن بلاده تحارب جميع المنظمات الإرهابية كقيمة مضافة للتحالف الإسلامي، وقال: «إن جودنا اليوم في بروكسل كشريك أساسي في محاربة الإرهاب من خلال التحالف الدولي ضد داعش، ومن خلال التحالف الإسلامي العسكري الذي سيكون تحت قيادة السعودية، ووجودنا اليوم يعزز هذا العمل مع شركائنا في التحالف الدولي، والسعودية جاهزة لتنفيذ جميع المهام، سواء الجوية أو الأرضية كما سبق الإعلان عنها».
وحول المباحثات التي أجراها الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي مع وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر في بروكسل، أوضح العسيري أن اللقاء بحث الدور الذي تقوم به السعودية في التحالف ضد داعش، من خلال تكثيف العمليات الجوية، واصفًا علاقة البلدين في كل الصعد بأنها «استراتيجية وتاريخية».
وأشار إلى أن السعودية مستمرة في دورها في هذا الجانب، وأنها نفذت 189 طلعة جوية ضد داعش خلال السنتين الماضيتين، على الرغم من العمليات العسكرية التي تنفذها قواتها الجوية في اليمن لإعادة الشرعية في ذلك البلد. وأضاف بأن اللقاء ناقش مبادرة الرياض حول وضع قوات على الأرض في إطار التحالف الدولي ضد داعش، وعن العمليات العسكرية التي ستقوم السعودية بالمشاركة فيها، بينما شرح ولي ولي العهد السعودي للوزير كارتر أهمية التحالف الإسلامي والعسكري بقيادة السعودية من كل الجوانب العسكرية الفكرية والمالية والإعلامية.
وأشار العميد العسيري إلى أن هناك اجتماعات مكثفة لوزراء الدفاع في التحالف الدولي، مؤكدًا أن الولايات المتحدة هي من تقود التحالف الدولي. وقال: «سنواصل عملنا مع التحالف الدولي لهزيمة (داعش) في سوريا والعراق».
وحول التحالف الإسلامي العسكري الذي تقوده بلاده وأعلن عنه أخيرًا، أوضح العميد أحمد عسيري بأن هناك 35 دولة عبرت عن رغبتها في المشاركة في التحالف الإسلامي، «وسنقوم بإنشاء مركز للتنسيق، وستعقد قمة لهيئات الأركان العسكرية لمناقشة التحالف الإسلامي العسكري، بينما سيعقد اجتماع وزاري لوضع اللمسات الأخيرة للتحالف الإسلامي، والذي سيدخل حيز التنفيذ خلال شهري مارس (آذار) وأبريل (نيسان) المقبلين».
وحول القلق من المواجهة مع إيران، قال: «نحن ملتزمون بالعمل ضمن التحالف لهزيمة داعش، وندرك اليوم بأنه ليس لأحد يحارب داعش على الرغم من وجود الإيرانيين هناك»، وشدد على القول: «إذا رغب الإيرانيون في الانضمام إلى التحالف ضد داعش فيجب عليهم وقف دعم الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق». وعما إذا كان هناك مخاطر للقيام بعمل عسكري بري، قال: «لا يوجد أي عمل عسكري ليس له مخاطر، ولذلك الخطط العسكرية يجب أن تنجز، واليوم هناك خطر بوجود داعش ويجب هزيمته». وأكد عسيري أن مشاركة المملكة في اجتماع التحالف الدولي ضد «داعش» يأتي لكونها دولة مؤسسة للتحالف الذي انضمت إليه في سبتمبر (أيلول) 2014، واستمرت في تنفيذ المهام الموكلة إليها إلى الآن، وكانت آخر العمليات التي شاركت فيها في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي. وشدد عسيري على أن جود المملكة في اجتماع دول التحالف الدولي لمحاربة «داعش» في بروكسل أمس جاء بعد تطور جديد، يتمثل في إعلان المملكة عن إنشاء تحالف عسكري إسلامي لمحاربة الإرهاب.
وأضاف في تصريحات للصحافيين أن «هذا الجهد يأتي لأن المملكة دولة محورية في المنطقة، وتتمتّع بتجربة عريضة في محاربة الإرهاب، إذ هزمت تنظيم القاعدة». واستطرد: «لدينا تجربة كبيرة في التعامل مع المنظمات الإرهابية، سواء في عمليات مكافحة الإرهاب، والتمويل، والعمليات الفكرية، وإعادة تأهيل من عاد عن الفكر الإرهابي».
وعن مواقف الدول الأعضاء من المقترح السعودي لنشر قوات على الأرض في سوريا، أوضح العميد العسيري في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «لكل دولة الحق في أن تعبّر عن مواقفها وبسيادة كاملة، وبالتالي لا يمكن أن نتحدث عن مواقف الدول الأخرى».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.