ليبيا: مجلس حكومة السراج ينفي الانتهاء من تشكيلها

سلطات طرابلس تعلن عزمها اعتقال وزراء تورطوا في غسل أموال

ليبيا: مجلس حكومة السراج ينفي الانتهاء من تشكيلها
TT

ليبيا: مجلس حكومة السراج ينفي الانتهاء من تشكيلها

ليبيا: مجلس حكومة السراج ينفي الانتهاء من تشكيلها

لليوم الثاني على التوالي، تجاهل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، المقترحة من بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، أمس، واقعة اندلاع مشادات كلامية وتبادل الصفع واللكمات بين أعضاء المجلس المجتمعين حاليا في منتجع الصخيرات بالمغرب، وأعلن في بيان مقتضب أنه لا يزال في حالة انعقاد من أجل إنجاز استحقاق الحكومة، متمسكا بمبدأ التوافق، ومجددا نفيه لصحة التسريبات المتداولة بشأن المرشحين للحقائب الوزارية.
وكانت مصادر على صلة بالاجتماعات قد كشفت النقاب عن حدوث مشادة كلامية اندلعت في اجتماع المجلس بالصخيرات، بين علي القطراني وزميله أحمد معيتيق، قبل أن تتطور إلى تلاسن حاد وتبادل للصفع واللكمات بين الطرفين، موضحة أن الواقعة جرت قبل يومين بسبب انقسام أعضاء المجلس حول توزيع حقائب الحكومة السيادية، حيث يجتمع الأعضاء التسعة لمجلس الحكومة، التي يترأسها رجل الأعمال الطرابلسي فائز السراج.
وقال أحمد معيتيق، عضو المجلس الرئاسي للحكومة، إنه «لم يعد يفصلنا سوى خطوات قليلة عن التوافق الحقيقي بإعلان حكومة توافقية لتتوج باعتمادها في مجلس النواب». وفي المقابل سعى المبعوث الأممي مارتن كوبلر للإيحاء إلى أن الأمور داخل اجتماعات الصخيرات على ما يرام، حيث قال إنه لم يرَ المجلس الرئاسي كما هو الآن منصبًا في اجتماعات ليل نهار من أجل الإتيان بلائحة جيدة لحكومة الوفاق الوطني»، على حد قوله.
وترددت شائعات عن اتجاه لإبقاء حقيبة الدفاع في عهدة رئيس الحكومة فائز السراج، أو تأجيل تعيين مرشح لشغل هذا المنصب، لكن مصادر ليبية مطلعة قالت في المقابل لـ«الشرق الأوسط»، إن غياب اسم وزير الدفاع في الحكومة الجديدة قد يعني فشلها نهائيا في أي مهمة عسكرية مقبلة.
ومن المقرر أن يعقد المجلس جلسة حاسمة الاثنين المقبل بمقره في طبرق للتصويت على قائمة النسخة الثانية من حكومة السراج، علما بأن المجلس وجه دعوة علنية في بيان أصدره إلى مجلس السراج للتسريع بالانتهاء من تقديم التشكيلة الوزارية، وطالب جميع النواب بحضور الجلسات، التي قال إنه سيعمل على استمرارها على مدار الأسبوع، لافتا النظر إلى أن هذا الإجراء يأتي «بالنظر إلى ما تمر به البلاد من فوضى وأزمة أمنية وإنسانية، وازدياد المخاطر من توسيع دائرة الإرهاب وإمكانيات التدخل الأجنبي».
وكان السراج قد قدم الشهر الماضي تشكيلة حكومية تضم 32 حقيبة وزارية إلى البرلمان المعترف به، لكن هذه الحكومة فشلت في الحصول على ثقة المجلس النيابي، الذي أمهل السراج فترة عشرة أيام لتقديم تشكيلة حكومية أصغر.
إلى ذلك، أعلنت السلطات غير المعترف بها دوليا في العاصمة الليبية طرابلس، اعتزامها إيقاف عدد من وزراء ما يسمى حكومة الإنقاذ الوطني، ومديري مصارف ورجال أعمال ومنعهم من السفر، وذلك على خلفية إجراء تحقيقات رسمية بشأن غسل أموال عبر المصرف المركزي والرئيسي للبلاد.
وقال رئيس قسم التحقيق بمكتب النائب العام إنه صدرت أوامر لاعتقال الأشخاص الذين ثبت تورطهم بتهريب العملة إلى الخارج، تحت غطاء اعتمادات أو إقرارات جمركية مزورة، مشيرا إلى أن هناك اعتقالات أخرى ستطال لاحقا كل من تورط من مديري المصارف والفروع، ورؤساء أقسام الائتمان، ومن تسبب في إهدار المال العام، وفي مختلف المصالح والهيئات.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم