اللبنانيون يحتفلون بـ«عيد الحبّ» على الرغم من نصيحة وزير الصحة

تتضمن نشاطاته الحفلات الغنائية والبرامج التلفزيونية والهدايا الوردية

لقطة من برنامج «ذا شو» الذي سيعرض مساء الجمعة على شاشة «إل بي سي»
لقطة من برنامج «ذا شو» الذي سيعرض مساء الجمعة على شاشة «إل بي سي»
TT

اللبنانيون يحتفلون بـ«عيد الحبّ» على الرغم من نصيحة وزير الصحة

لقطة من برنامج «ذا شو» الذي سيعرض مساء الجمعة على شاشة «إل بي سي»
لقطة من برنامج «ذا شو» الذي سيعرض مساء الجمعة على شاشة «إل بي سي»

«خففوا القبلات» هي النصيحة التي أسداها وزير الصحة في لبنان وائل أبو فاعور مؤخرا إلى اللبنانيين. وعلى الرغم من توصيته هذه التي جاءت كتدبير احترازي لمنع انتقال فيروس إنفلونزا الخنازير (H1N1)، فإن عيد الحبّ أطاح بالنصيحة بعدما تبيّن أن غالبية اللبنانيين ستمضيه مع الحبيب في حفلات غنائية أو في المنزل أمام شاشات التلفزة أو في مطعم على ضوء الشموع يتبادلون خلاله الهدايا الوردية.
وكان أبو فاعور قد كشف في مؤتمر صحافي عقده في بيروت بأنه تمّ تسجيل 4 حالات وفاة مؤكدة بسبب الفيروس المذكور، وأن ثمة حالتين غير مؤكدتين بعد.
وأثر هذه النصيحة التي وجهها أبو فاعور إلى اللبنانيين من موقعه كوزير للصحّة، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات، وقد أشار بعضهم إلى أن ذلك لن يثنيهم عن الاحتفاء بعيد الحب، وتساءلوا بسخرية عن شروط «البوسة» المطابقة للمواصفات حسب وزير الصحة. فيما لمحت شريحة أخرى إلى أن فور سماعها هذه النصيحة سارعت إلى تقبيل أشخاص يزعجونها كالحماوات أو منافسيهم في العمل.
ويبدو أن الزمن الذي كان كانت تعطي الأولوية فيه لمقولة «النصيحة بجمل» قد ولّى، بعد أن تبيّن أن الحجوزات لحضور حفلات نجوم الغناء في لبنان مرتفعة، وتوازي بأهميتها تلك التي أقيمت في مناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة الفائتين.
ولعلّ الشعبية التي تتمتّع بها هذه المناسبة والتي يحتفل بها لبنان سنويا (14 فبراير (شباط)) كسائر أنحاء العالم، لها وقعها كالسحر. فهي تشدّ العشاق للقيام بواجباتهم تجاه الحبيب ولو تطلّب منهم ذلك تكلفة باهظة لبطاقة دخول إلى حفلة للفنان جورج وسوف أو وائل كفوري مثلا، أو تكبّد دفع مبلغ لا يستهان به مقابل شراء باقة من الورد الأحمر يهدونها للشريك ويتجاوز نصف درزن منها الـ50 دولار.
كما أن المناسبة، في المقابل، كان لها سحرها على أهل الفنّ أنفسهم إذ لوحظ بقاء بعضهم في لبنان لإحياء الحفلات من باب «ما الحبّ إلا للحبيب الأول»، كون جمهورهم اللبناني هو الأحقّ في الحصول على هذه «العيدية». وهكذا استطاعت مناسبة «عيد الحبّ» أن تجمع تحت أجنحتها ما فرّقته حفلات أعياد رأس السنة الماضية، في موضوع جمع الشمل ما بين بعض نجوم الغناء بمحبيهم. فقد اضطروا يومها للتحليق في سماء بعض البلدان العربية والأوروبية لإحياء تلك الأعياد نظرا للعروض السخيّة التي تلقونها من متعهدي الحفلات هناك.
عصا عيد الحبّ السحرية لامست فنادق لبنان ومرابعه الليلية، التي رفعت على الطرقات اليافطات الإعلانية المروّجة لحفلات نجومها، كما طالت واجهات المحلات التجارية فغزاها الأحمر بشكل لافت، من خلال الفساتين والقمصان وأكواب القهوة والقلوب البلاستيكية الوردية، أو من خلال تنسيقات باقات الورود التي اتخذت أشكالا مختلفة لتدلّ على المناسبة. فتوزّعت أمام محلات بيع الزهور باقات تحمل شكل قلب يضحك أو شفاه تبتسم أو حديقة مصغّرة تلألأت ورودها من خلال وعاء زجاجي كبير.
«لن يحرمونا من الحبّ أيضا بعد أن خنقتنا رائحة النفايات المكدسّة على الطرقات، فليتركونا نتنفّس وننعم بلحظاته على طريقتنا»، يقول إبراهيم المتحمّس لتمضية سهرة العيد مع خطيبته منال على وقع حفلة الفنان مروان خوري التي سيحييها في مدينة عالية ليلة العيد (13 الحالي).
فيما تؤكّد نانسي فهد التي وقفت أمام مجمّع (أ ب ث) التجاري في منطقة الأشرفية، بأنها محتارة أي هدية تقدّمها لزوجها في المناسبة نظرا للخيارات الكثيرة التي تشاهدها هنا وهناك. وتقول: «سنحتفل بعيد الحبّ مهما كان الثمن، فهي مناسبة سنوية وتوفّر لنا لحظات جميلة تبعدنا عن همومنا اليومية».
وعلى الرغم من طول لائحة الهدايا المتبادلة في هذا العيد في لبنان، كالعطور وساعات اليد وجلسات التدليك وشلحات الحرير وقمصان فرق كرة القدم وبطاقات السفر إلى الخارج، فإن شريحة من اللبنانيين اختارت أحدث صيحات التكنولوجيا لتشكّل عنوان هديّتها للحبيب. فاختار البعض الساعة الذكية (smart watch) التي تقدّم لصاحبها تسهيلات في عالم التواصل مع الآخرين دون الحاجة إلى استعمال الهاتف المحمول. كما انتقى آخرون ساعات من نوع آخر تحسب السعرات الحرارية التي تصرفها أو الكيلومترات التي تمشيها خلال اليوم الواحد. أما تطبيق «بيب» (beep)، الذي استحدثه المهندس اللبناني الشاب إيلي عوّاد للتخفيف من زحمة السير في لبنان، فقد شكّل هدية خارجة عن المألوف لهواة التكنولوجيا الحديثة. وترتكز فكرته على تحميل هذا التطبيق على الهاتف المحمول، ليتشارك طلاب الجامعات أو الزملاء في العمل في وسيلة النقل التي تقلّهم إلى أماكن دراستهم وأعمالهم على الطريق نفسه الذي يسلكونه عادة. وهي تشير من خلال خريطة تظهر على الشاشة على موقع كل شخص من الزملاء المتوجهين إلى المكان نفسه، فيتشاركون وسيلة النقل مما يخفّف من زحمة السير من ناحية وفي توفير تكلفة تعبئة الوقود لسياراتهم من ناحية ثانية.
أما الحفلات الغنائية التي تتوزّع على بيروت وعدد من المناطق اللبنانية، فقد أخذت الطابع الذكوري بامتياز، بعد أن لوحظ غياب النجوم من الجنس اللطيف عنها، أمثال إليسا ونانسي عجرم وهيفاء وهبي ونجوى كرم.
وتعدّ الحفلة الغنائية التي ستقام في فندق «حبتور» (سن الفيل) في بيروت ليلة العيد (13 الحالي)، واحدة من الحفلات المنتظرة في هذه المناسبة، من قبل عشّاق سلطان الطرب جورج وسوف. بحيث سيطلّ فيها إلى جانب فريق البرنامج التلفزيوني الفكاهي «كتير سلبي شو»، فيقدّمون سهرة مسلّية تجمع ما بين الطرب الأصيل والاسكتشات الساخرة. أما سعر البطاقات لهذه الحفلة فتتراوح ما بين 150 و500 دولار.
أما في فندق «فينسيا» وسط بيروت فسيمضي محبّو الفنان وائل كفوري سهرة رومانسية معه يؤدّي فيها معظم أغانيه من ألبومه الأخير «الغرام المستحيل». وسيشارك فريق البرنامج التلفزيوني «ما في متلو»، والذي يتألّف من عادل كرم ورولا شامية ونعيم حلاوي وعباس شاهين، المطرب اللبناني سهرته هذه والتي تتراوح أسعارها ما بين 150 و450 دولارا للشخص الواحد.
أما الفنان مروان خوري فسيطلّ في هذه المناسبة في سهرتين متتاليتين. السهرة الأولى سيحييها ليلة العيد في 13 الحالي، فيحلّ فيها ضيفا عزيزا على أهل مدينة عالية، إذ سيغني في أحد منتجعاتها السياحية «غولدن توليب». فيما سيوجد في اليوم التالي (14 الحالي) في فندق «ريجنسي بالاس» في منطقة أدما (جونية)، وسيشاركه في هذه الحفلة المطرب وائل جسّار. وتبلغ أسعار البطاقات في الحفلتين ما بين مائة و300 دولار.
وفي مطعم «إطلال بلازا» في منطقة غزير شمال لبنان، سيحيي الفنانان ملحم زين وأيمن زبيب سهرة العيد وهما المعروفان بأغانيهما الرومانسية بامتياز.
أما شاشات التلفزة فقد أعدت برامج خاصة في المناسبة، لتكون بمثابة سهرة تناسب اللبنانيين، الذين يفضلون الاحتفال بالعيد على طريقة المثل اللبناني القائل «على قدّ بساطك مدّ رجليك».
فقد ارتدت معظم برامج محطات التلفزة اللبنانية حلّة العيد، لتكون أجواء «عيد الحبّ»، هي المهيمنة على كل حلقة من حلقات تلك البرامج المقرر عرضها في أيام عطلة نهاية الأسبوع، التي تصادف عشيّة العيد وما قبله وبعده. واختار معدّو تلك البرامج استضافة فنانون مع أحبائهم أو عرض مسرحية فكاهية أو حلقات حوارية تتناول المناسبة.
وتعدّ إطلالة الفنانة نوال الزغبي ليلة الأحد (14) الحالي على قناة «إم تي في»، واحدة من البرامج التلفزيونية المنتظرة من قبل اللبنانيين المعجبين بصاحبة لقب «النجمة الذهبية». فالمعروف عنها قلّتها في إطلالاتها الإعلامية، وقد اختارت «عيد الحب» كمناسبة تطلّ فيها على محبيها من خلال لقاء وحوار طويلين يجريانه معها الإعلامي نيشان ديرهاروتونيان تحت عنوان «سبيسيال». أما برنامج «ذا شو» الذي يقدّمه رودولف هلال على شاشة المحطة اللبنانية للإرسال (إل بي سي آي)، فسيستضيف مساء الجمعة (12 الحالي) عددا من نجوم الفن أمثال شذى حسّون وتاتيانا مرعب وجيسي عبدو، إضافة إلى ملكة جمال لبنان فاليري أبو شقرا والبطل الرياضي سيفاك ديمرجيان، فيشاركون مجتمعين بسهرة مسليّة يتخللها المفاجآت والألعاب المستوحاة من المناسبة.
وحدها قناة «المستقبل» اختارت موضوعا مغايرا تماما عن باقي برامج زميلاتها، بحيث يقدّم الإعلامي زافين قيوميجيان في برنامجه (بلا طول سيرة)، والذي يعرض مساء الجمعة 12 الحالي، حلقة خاصة يعود بها في الذاكرة إلى سبعة عقود مضت تبدأ في عام 1946 وصولا إلى عام 2006. وتتضمن ما حملته من عناوين عريضة في تاريخ 14 على مرّ تلك السنين. وسيستضيف في سياق الحلقة المذيعين في تلفزيون «المستقبل»، ليتحدثّوا عن ذكرياتهم المهنية في هذا التاريخ بالذات.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».