تونس: خلية إرهابية خططت لحرق نائب برلماني على طريقة الطيار الأردني

النائب العيادي: كنت على علم باستهدافي.. لكن لم أتصور أن يصل الأمر إلى هذا الحد

رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولز يضع ورودًا قرب قصر قرطاج تكريمًا لضحايا الاعتداء الإرهابي على الحرس الرئاسي أمس (أ.ف.ب)
رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولز يضع ورودًا قرب قصر قرطاج تكريمًا لضحايا الاعتداء الإرهابي على الحرس الرئاسي أمس (أ.ف.ب)
TT

تونس: خلية إرهابية خططت لحرق نائب برلماني على طريقة الطيار الأردني

رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولز يضع ورودًا قرب قصر قرطاج تكريمًا لضحايا الاعتداء الإرهابي على الحرس الرئاسي أمس (أ.ف.ب)
رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولز يضع ورودًا قرب قصر قرطاج تكريمًا لضحايا الاعتداء الإرهابي على الحرس الرئاسي أمس (أ.ف.ب)

كشفت التحقيقات الأمنية التي أجرتها فرقة مكافحة الإرهاب مع عناصر منتمية إلى جماعات إرهابية عن مخطط لاستهداف أحد نواب حزب نداء تونس، الحزب الحاكم، وحرقه بنفس طريقة الجريمة الوحشية التي ارتكبتها «داعش» في حق الطيار الأردني معاذ الكساسبة.
وحسب مصادر أمنية تونسية، خططت خلية «جند الخلافة» الإرهابية التي أعلنت مبايعتها لتنظيم داعش، لحرق النائب شاكر العيادي. ووصلت إلى مراحل متقدمة من أجل تنفيذ هذا العمل الإرهابي من خلال مراقبة منزل النائب في البرلمان التونسي بمدينة جندوبة (160 كيلومترا شمال غربي العاصمة التونسية)، وملاحقة كل تحركاته وتدوينها في انتظار ساعة تنفيذ الجريمة.
وحسب اعترافات أحد العناصر الإرهابية، فقد خططت المجموعة لحرق نائب نداء تونس بنفس طريقة حرق الكساسبة، بسبب تدخله أكثر من مرة في جلسات البرلمان التونسي للثناء على نجاحات المؤسسة الأمنية والجيش في محاربة التنظيمات الإرهابية. ووفق تحقيقات أمنية أجرتها فرق مكافحة الإرهاب، فقد تكفلت ثلاثة عناصر بمراقبة منطقة سكنه، وانطلقت في تنفيذ المرحلة الأولى من العملية الإرهابية المتمثلة في جمع المعلومات حول الضحية والتخطيط لمرحلة التنفيذ وتوقيتها.
وبعد مراقبة نائب نداء تونس وتحديد موعد عودته إلى مدينة جندوبة وخروجه منها، قرر الإرهابيون شراء عدد من المواشي وخططوا لإطلاقها وقطع الطريق أمامه أثناء عودته إلى منزله، كما اقتنوا كمية من قوارير البنزين لاستعمالها في حرق النائب بعد خطفه.
وتمت الإطاحة بأحد العناصر الإرهابية، وكان يحمل في حاسوبه صورا للنائب البرلماني عن حزب نداء تونس المعني بالعملية الإرهابية، وصورة أخرى للطيار الأردني معاذ الكساسبة الذي تم قتله حرقا السنة الماضية داخل قفص حديدي من قبل عناصر إرهابية تابعة لداعش.
وتعليقا على استهدافه من طرف الإرهابيين، قال شاكر العيادي النائب البرلماني عن حركة نداء تونس في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن فرقة مكافحة الإرهاب أعلمته منذ شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي بوجود مخطط إرهابي يستهدفه، وأفاد بأنها قبضت على العنصر الإرهابي الذي كان يخطط لهذه العملية الإرهابية. وأضاف أنه لم يكن يتصور أن يصل الأمر إلى حد القضاء عليه حرقا من قبل التنظيمات الإرهابية. وحول أسباب استهدافه دون غيره من قبل العناصر الإرهابية، قال العيادي إن تدخلاته في مجلس نواب الشعب (البرلمان) غالبا ما تثني على نجاحات أعوان الأمن والجيش في مواجهة المجموعات الإرهابية، كما طالب في أكثر من مناسبة بتوفير الإمكانيات لفائدة المؤسسة الأمنية والعسكرية.
ويقع منزل العيادي على بعد نحو 20 كيلومترا عن جبال غار الدماء المرتبطة بدورها بجبال ورغة حيث يتمركز عدة عناصر إرهابية، وهو يتنقل يوميا بين العاصمة ومدينة جندوبة مسقط رأسه، ما جعل التنظيمات الإرهابية تعتبره هدفا سهلا على حد اعترافات العنصر الأساسي في هذه الخلية الإرهابية.
على صعيد متصل، أوقفت أمس السلطات التونسية شخصا ثانيا أجنبي الجنسية خلال العملية النوعية لفرقة الأبحاث الديوانية التي حجزت على أثرها، أول من أمس، حاوية محملة بكميات من الذخيرة والأسلحة. وعقد عادل بن حسن، المدير العام للديوانية، مؤتمرا صحافيا يوم أمس أكد خلاله علم مصالح الديوانية بكل تفاصيل العملية الإرهابية خلال كل مراحلها. وقال إن تونس كانت على علم بشحنة الأسلحة المهربة منذ انطلاق العملية في موانئ بلجيكا، مرورا بميناء جنوا الإيطالي، وصولا إلى ميناء رادس التونسي حيث سمح لمستثمر بلجيكي بإخراج البضاعة بهدف معرفة مكان الطرف المستفيد منها، والعناصر المشاركة في عملية تهريب الأسلحة إلى تونس. كما لفت إلى أن «هذه العملية (حجز الذخيرة والأسلحة) كان تونسية مائة في المائة، وهي ناجعة للغاية» على حد تعبيره.
بدوره، أكد العميد التونسي وحيد السعيدي، مدير إدارة الأبحاث الديوانية، أن المستثمر البلجيكي قدم إلى تونس للاستثمار في مجال المصوغ، وهو صاحب الأسلحة والذخيرة التي تم حجزها أول من أمس في حاوية قادمة من ميناء رادس باتجاه ولاية محافظة – نابل (60 كلم شمال شرقي العاصمة التونسية). وأضاف السعيدي أن الكمية المحجوزة تمثلت في 941 خرطوشة من عيار 9 مليمترات، و20 خرطوشة من عيار 0.22 مليمتر، ومسدس متطور مجهز بالليزر من نوع «قلوك» من عيار 9 مليمترات، وسلاح رشاش متطور نوعيته مجهولة ومعدات غوص، و«زودياك» صغير الحجم، وغاز يشل الحركة، وطائرة بلا طيار من نوع «درون». وقال المصدر ذاته إن مصالح الديوانية التونسية تلقت معلومات منذ أيام بخصوص اعتزام هذا المستثمر البلجيكي إدخال الأسلحة إلى تونس، وبتفتيش الحاوية أمكن الكشف عن الأسلحة التي كانت مفككة، إضافة إلى الخراطيش التي تم توزيعها بإحكام في عدة علب محملة ببضائع مختلفة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».