أعضاء في حكومة روحاني مطلوبون دوليا بتهم تتعلق بالإرهاب

مسؤولون إيرانيون رفيعو المستوى ومستشارون لخامنئي على نشرة الإنتربول الحمراء

الرئيس الإيراني روحاني
الرئيس الإيراني روحاني
TT

أعضاء في حكومة روحاني مطلوبون دوليا بتهم تتعلق بالإرهاب

الرئيس الإيراني روحاني
الرئيس الإيراني روحاني

بعد رفع معظم العقوبات عن إيران في إطار الاتفاق النووي الحالي، يأمل مسؤولو الدول الغربية في أن تصبح الحكومة الإيرانية جزءا من الحل لأزمات إقليمية، منها سوريا والعراق واليمن. ولكن مثل هذا الأمل في غير محله. على الرغم من التسوية الدبلوماسية التي تمت بشأن برنامجها النووي، يظل سلوك طهران الإقليمي متماشيا مع سجلها القديم الذي يضم دعما لمسلحين متطرفين، ورعاية إرهاب، وزعزعة استقرار دول الجوار بهدف تحقيق مطامع إيران بالسيطرة الإقليمية.
لا يزال عدد كبير من المسؤولين الإيرانيين رفيعي المستوى خاضعين لعقوبات أميركية وأوروبية بسبب الدور الرئيسي الذي أدوه في دعم الإرهاب وانتهاك حقوق الإنسان ودعم نظام بشار الأسد الدموي في سوريا. وبدلا من تنحيتهم جانبا، كافأت الجمهورية الإسلامية هؤلاء المسؤولين على جرائمهم بمنحهم النفوذ والسلطة.
لا يجب أن يكون هذا مفاجئا، فالحكومة الإسلامية هي أكبر وأنشط دولة راعية للإرهاب في العالم. وقد اشتركت سلطاتها في عمليات إرهابية دولية منذ ثورة عام 1979، بداية من التفجيرات وعمليات الاختطاف التي قام بها حزب الله في عام 1980 وحتى مخطط اغتيال السفير السعودي في واشنطن عام 2011. كذلك تقوم إيران منذ عام 2003 بتسليح الميليشيات الشيعية في العراق. وهي الداعم الرئيسي للنظام في سوريا، وتتحمل معه مسؤولية سقوط مئات الآلاف من القتلى السوريين وهروب ملايين آخرين من وطنهم. كما أنها لا تتردد عن إرسال القتلة إلى الخارج لاغتيال المعارضين.
علاوة على ذلك، أُدين مسؤولون إيرانيون رفيعو المستوى بسبب دورهم في تفجير مركز الجمعية الإسرائيلية الأرجنتينية المشتركة التابع للجالية اليهودية في بوينس أيريس والذي أسفر عن مقتل 85 مدنيا وإصابة 150 آخرين. أصدرت منظمة الإنتربول نشرات حمراء ضد مسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى تمت مكافأتهم بالترقية وتوسعة النفوذ منذ وقوع الحادث. ومن بين هؤلاء المسؤولين أحمد وحيدي الذي كان في ذلك الوقت رئيسا لفيلق القدس، والذي عُين وزيرا للدفاع في عام 2009. ومنذ تولي الرئيس حسن روحاني الذي يبدو أكثر اعتدالا للرئاسة في عام 2013، تمت مكافأة وحيدي على خدماته بتعيينه مديرا لمركز الدراسات الاستراتيجية في القوات المسلحة. يتولى محسن رباني، الذي كان وقت وقوع الحادث ملحقا ثقافيا لإيران في الأرجنتين وهو متهم بتسهيل الحادث الإرهابي، منصب الممثل الشخصي للمرشد الأعلى لشؤون أميركا اللاتينية، وهو منصب ذو نفوذ يتيح له السيطرة على موارد مستقلة لتمويل حملته الدعائية العنيفة الموجهة إلى أميركا اللاتينية.
ويحتل علي أكبر ولايتي، الذي كان وزيرا للخارجية وقت الحادث وهو مطلوب لدى السلطات الأرجنتينية بسبب دوره فيه، منصب المستشار الشخصي للمرشد الأعلى للشؤون الدبلوماسية. كما أنه يؤدي دورا نشطا في الإشراف على نشر دعاية النظام بصفته الأمين العام للهيئتين الدينيتين اللتين ترعاهما إيران: مجمع الصحوة الإسلامية العالمي ومجمع أهل البيت العالمي. أحد المسؤولين الإيرانيين الآخرين المطلوبين في قائمة الإنتربول لضلوعه في تفجير مركز الجالية اليهودية في الأرجنتين هو علي فلاحيان، الذي كان وزيرا للاستخبارات في ذلك الوقت. كان فلاحيان أيضا خلف عملية اغتيال معارضين إيرانيين من أصول كردية في مطعم ميكونوس في برلين عام 1992. ولا يزال في عمله عضوا في مجلس الخبراء، وهو الكيان المسؤول عن اختيار المرشد الأعلى القادم في إيران، بل وأعلن ترشحه للرئاسة لفترة قصيرة عام 2013.

قائد فيلق القدس
كذلك لم يتم تغيير منصب الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الذراع الخارجية لقوات الحرس الثوري الإسلامي. في الواقع، منحه دوره في دعم الميليشيات الموالية لإيران في المنطقة أهمية وشهرة. وهو يقود جميع وكلاء إيران من الشيعة في سوريا والعراق، وكان ذا أهمية بالغة في تنفيذ استراتيجية إيران بالإبقاء على الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة بأي ثمن. يعرض سليماني تقاريره مباشرة على المرشد الأعلى خامنئي، وهو الأداة الرئيسية لتنفيذ سياسة طهران الخارجية.
مسؤولون على قائمة انتهاكات حقوق الإنسان

هناك أيضا عشرات من المسؤولين الإيرانيين الذين وضعهم الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة أو كلاهما على قائمة انتهاكات حقوق الإنسان، وتحديدا بسبب دورهم في الاحتجاجات التي تلت انتخابات عام 2009. من بينهم شخصيات بارزة داخل مكتب المرشد الأعلى، ومحققون، وقادة في الحرس الثوري، ومسؤولون في السجون، وضباط إنفاذ القانون. بيد أن معظمهم لا يزال في عمله في الحكومة بينما تمت ترقية البعض.
من أبرز هؤلاء الأشخاص صادق لاريجاني، رئيس السلطة القضائية في إيران، وشقيق علي لاريجاني المفاوض النووي السابق ورئيس البرلمان في الوقت الحالي. فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على صادق لاريجاني بسبب ارتكابه انتهاكات ضد حقوق الإنسان في عام 2012. فقد أقر لاريجاني بصفته رئيسا للسلطة القضائية عقوبات قاسية بسبب «جرائم ضد الذات الإلهية» وضد الدولة، وأشرف على محاكمات هزلية ضد رموز المعارضة بعد احتجاجات ما بعد انتخابات عام 2009.
يستمر كثير من مسؤولي الحرس الثوري البارزين في تولي مناصب ذات نفوذ في هيكل السلطة في إيران، على الرغم من تاريخهم المخزي – أو ربما بفضله. ومن بين هؤلاء الأشخاص حسن طائب، وهو رجل دين يبلغ من العمر 52 عاما، وردت تقارير بأنه تلميذ سابق لخامنئي. بعد خدمته لمدة ثلاثين عاما في الحرس الثوري الإيراني، تم ندب طائب إلى وزارة الاستخبارات لدى إنشائها في عام 1984، حيث عُرف بأنه من أعنف المحققين. وفي عام 1995، ترقى طائب إلى منصب رئيس الأركان تحت إشراف خامنئي. وفي عام 2008، أصبح رئيسا لقوات الباسيج شبه العسكرية، عندما أشرف في العام التالي على قمع الاحتجاجات الشعبية التي خرجت تندد بالانتخابات الرئاسية المزعوم تزويرها. بعد وضع حد للثورة الخضراء، قام خامنئي بمكافأة طائب، حيث منحه منصب رئيس جهاز استخبارات الحرس الثوري.
استكمل خليفته في قيادة استخبارات الحرس الثوري غلام حسين رمضاني أسلوبه في اعتقال وتعذيب الصحافيين والمدونين. في أغسطس (آب) عام 2011، ثم عين خامنئي رمضاني رئيسا لجهاز الاستخبارات المضادة في وزارة الدفاع. ومن بين الأشخاص الذين ترقوا مكافأة لهم على إراقتهم الدماء في عام 2009، اللواء محمد رضا نقدي والعقيد محمد صادقي. في عام 2009، كان نقدي رئيسا لوحدة الاستخبارات في الباسيج، إذ كان مسؤولا عن استجواب المعتقلين أثناء عمليات القمع التي تلت الانتخابات. وترقى إلى منصب قائد الباسيج في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2009، ليتحمل مسؤولية الرد العنيف الذي تعاملت به قوات الباسيج مع الاحتجاجات في يوم عاشوراء في ديسمبر (كانون الأول) عام 2009. ولا يزال نقدي في منصبه. أما محمد صادقي فكان عقيدا ونائبا لرئيس الاستخبارات الإلكترونية والتكنولوجية في الحرس الثوري في عام 2009، حيث كان يشرف على اعتقال وتعذيب الصحافيين والمدونين. وفي عام 2014، عُين قائدا لوحدة نينافا التابعة للحرس الثوري الجمهوري في غُلستان. كما كوفئ كل من علي رضا أكبر شاهي، قائد شرطة طهران أثناء احتجاجات عام2009، وغلام حسين إسماعيلي، رئيس مصلحة السجون في إيران بعد أغسطس عام 2009، على خدماتهما واحتفظا بمنصبيهما الجديدين في ظل حكومة روحاني. كان أكبر شاهي مشرفا على انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، منها عمليات قتل دون محاكمات أثناء القمع الحكومي العنيف لأحداث ما بعد الانتخابات. ويشغل أكبر شاهي حاليا منصب مدير جهاز مكافحة المخدرات. أما إسماعيلي فقد تورط في عمليات اعتقال لأعداد ضخمة من المتظاهرين السياسيين، وساعد على التستر على انتهاكات ارتكبت في السجون الإيرانية. ورغم ذلك عُين نائبا عاما لطهران في أبريل (نيسان) 2014.

الاعتدال المتطرف
يصعد الفساد إلى الأعلى. فحتى مجلس وزراء روحاني، الذي يروج له الجمهور الغربي بأنه معتدل، يضم شخصيات بارزة في جهاز القمع الإيراني، مثل مصطفى بورمحمدي الذي اختاره الرئيس وزيرا للعدل، وهو متورط بصفة مباشرة في عمليات إعدام جماعية لآلاف المعتقلين السياسيين اليساريين في عام 1988. كما أن غلام حسين محسني إيجائي النائب الحالي لبورمحمدي كان وزيرا للاستخبارات أثناء وبعد انتخابات يونيو (حزيران) عام 2009، وأصدر من موقعه حينها توجيهات إلى ضباط الاستخبارات لانتزاع اعترافات غير صحيحة عن طريق التعذيب والابتزاز والتهديدات ضد أفراد العائلات. لا يحتاج روحاني إلى تعزيز أوراق اعتماده كمعتدل عن طريق تعيينات وسياسات معتدلة، حيث يتمتع بالمجد الذي أثمرت عنه حملته الدعائية والفضل الذي نسبته له وسائل الإعلام الغربية. في الوقت ذاته، يظل الأشخاص الذين يعتمد عليهم في إدارة حكومته ملتزمين بالمبادئ المتطرفة والأساليب العنيفة التي اتسمت بها الثورة الإسلامية في إيران، كما أنهم مستعدون للتعامل بحزم ضد أعدائها الحقيقيين في أي لحظة.

* كبير زملاء في «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات»، ويعمل أمير توماج محللا للأبحاث بنفس المؤسسة ومقرها واشنطن
* ينشر بالتزامن مع مجلة «المجلة»



بكين تُعزز انتشارها العسكري حول تايوان

جندي صيني يراقب التدريبات العسكرية للصين حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
جندي صيني يراقب التدريبات العسكرية للصين حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
TT

بكين تُعزز انتشارها العسكري حول تايوان

جندي صيني يراقب التدريبات العسكرية للصين حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
جندي صيني يراقب التدريبات العسكرية للصين حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)

عزّزت الصين انتشارها العسكري حول تايوان خلال الساعات الـ24 الماضية، مع إرسالها 53 طائرة عسكرية و19 سفينة، وفق ما أفادت به، الأربعاء، سلطات الجزيرة، واصفة بكين بأنها «مثيرة مشاكل».

وتُعدّ الصين تايوان جزءاً من أراضيها، وتؤكد عزمها على إعادة ضمها مستقبلاً، حتى لو بالقوة.

وتعود جذور النزاع بين تايوان والصين إلى عام 1949، عندما فرّت القوى القومية بقيادة تشانغ كاي تشيك إلى الجزيرة، إثر هزيمتها في برّ الصين الرئيس أمام القوى الشيوعية، بقيادة ماو تسي تونغ.

حاملة الطائرات الصينية «لياونينغ» ومجموعتها القتالية خلال تدريبات في أكتوبر 2024 (موقع الجيش الصيني)

وقالت تايوان، الأربعاء، إنها رصدت خلال الـ24 ساعة الماضية 53 طائرة عسكرية صينية و19 سفينة حول الجزيرة، في إطار تنفيذ الجيش الصيني أكبر انتشار بحري له منذ سنوات.

وقالت وزارة الخارجية التايوانية في بيان: «تُولّد هذه التصرفات حالة من عدم اليقين وأخطاراً في المنطقة، وتتسبب في اضطرابات للدول المجاورة، وتؤكد أن الصين مثيرة مشاكل تُهدد السلام والاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ».

من جهته، قال وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، إن الولايات المتحدة تراقب الوضع، وستضمن «ألا يقوم أحد بأي شيء لتغيير الوضع القائم في مضيق تايوان».

وأضاف، الأربعاء، لصحافيين في قاعدة أميركية في اليابان: «نقولها مجدداً، سياستنا لم تتغير. سنواصل بذل كل ما في وسعنا لمساعدة تايوان في الحصول على وسائل للدفاع عن نفسها».

وقالت وزارة الدفاع التايوانية في بيان: «إن الطائرات والسفن، وبينها 11 سفينة حربية، رصدت خلال فترة 24 ساعة انتهت في الساعة السادسة صباحاً (22.00 ت.غ الثلاثاء)».

لقطة من فيديو للجيش الصيني تُظهر ضابطاً ينظر للأفق عبر منظار مكبر على متن قطعة بحرية (أرشيفية - الجيش الصيني)

وهذا أعلى عدد من الطائرات والسفن الصينية التي ترصدها تايوان منذ المناورات العسكرية التي نظمتها بكين في أكتوبر (تشرين الأول) ردّاً على خطاب الرئيس لاي تشينغ تي، في العيد الوطني لتايوان قبل أيام من ذلك. وعند انتهاء تلك المناورات، رُصِد عدد قياسي، بلغ 153 طائرة صينية، في يوم واحد قرب الجزيرة، إضافة إلى 14 سفينة صينية.

والثلاثاء، أعلنت تايوان أنها رصدت حول الجزيرة خلال الساعات الـ24 الماضية 47 طائرة عسكرية، و12 سفينة حربية صينية، وذلك بعيد أيام من انتهاء جولة خارجية قام بها الرئيس التايواني لاي تشينغ تي، وأدانتها بكين بشدّة.

جنود من الجيش الصيني خلال التدريبات (أرشيفية - موقع الجيش الصيني)

وفي المجموع، نشرت بكين نحو 90 سفينة على مساحة أوسع، في مياه بحر الصين الشرقي والجنوبي، وكذلك في مضيق تايوان الذي يفصل الجزيرة عن البر الرئيس للصين، فيما وصفته تايبيه بأنها من كبرى المناورات البحرية منذ سنوات.

وقامت هذه السفن (60 سفينة حربية، و30 أخرى تابعة لخفر السواحل الصينيين) بمحاكاة مهاجمة سفن أجنبية، وتعطيل طرق شحن في المياه المحيطة بتايوان «لرسم خط أحمر» قبل تنصيب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، وفق ما أوضح مسؤول أمني تايواني.

ولم يُعلن الجيش الصيني ووسائل الإعلام الحكومية الصينية عن زيادة النشاط في هذه المناطق.

لكن ناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية صرّحت، الثلاثاء، بأن الصين «ستدافع بقوة» عن سيادتها.

مقاتلة تظهر خلال دورية الاستعداد القتالي والتدريبات العسكرية حول جزيرة تايوان التي نفذها الجيش الصيني (أرشيفية - أ.ب)

وتأتي هذه المناورات بعد أيام من انتهاء جولة قام بها الرئيس التايواني، وشملت منطقتين أميركيتين هما هاواي وغوام، وأثارت غضباً صينياً عارماً، وتكهّنات بشأن ردّ محتمل من جانب بكين.

وكانت جولة لاي في المحيط الهادئ أول رحلة خارجية له منذ تولّيه منصبه في مايو (أيار).

وخلال جولته، أجرى لاي مكالمة هاتفية مع رئيس مجلس النواب الأميركي، مايك جونسون، ما أثار غضب بكين.

وتتهم الصين لاي، مثل الرئيسة السابقة تساي إنغ وين، بالرغبة في تعميق الانفصال الثقافي مع القارة، منددة بالتصرفات «الانفصالية».

وتايوان التي تحظى بحكم ذاتي تُعدها الصين جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، وتعارض أي اعتراف دولي بالجزيرة، وكونها دولة ذات سيادة.

وبكين، التي تعارض أيّ اتصال رسمي بين تايبيه ودول أجنبية، دانت «بشدة» جولة لاي، وحضّت الولايات المتحدة على «التوقف عن التدخل في شؤون تايوان».

وكذلك، حذّرت بكين تايوان من أي محاولة «تهدف إلى الاستقلال بمساعدة الولايات المتحدة»، مؤكدة أنها «ستفشل».