لوران فابيوس يترك وزارة الخارجية الفرنسية ووراءه ملفات «ثقيلة»

أبرز المرشحين لخلافته رئيس الحكومة السابق جان مارك والوزيرة سيغولين رويال

وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لدى إعلانه تركه منصبه أثناء انعقاد البرلمان (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لدى إعلانه تركه منصبه أثناء انعقاد البرلمان (أ.ف.ب)
TT

لوران فابيوس يترك وزارة الخارجية الفرنسية ووراءه ملفات «ثقيلة»

وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لدى إعلانه تركه منصبه أثناء انعقاد البرلمان (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لدى إعلانه تركه منصبه أثناء انعقاد البرلمان (أ.ف.ب)

عندما قبل حقيبة وزارة الخارجية التي عرضها عليه الرئيس الاشتراكي الجديد (وقتها) فرنسوا هولاند في مايو (أيار) من عام 2012 مباشرة عقب انتخابه، لم يكن لوران فابيوس البالغ من العمر اليوم 69 عامًا جديدًا في عالم السياسة. فالرجل يجر وراءه تاريخًا سياسيًا طويلاً لعل أبرز معالمه أنه «الابن الروحي» للرئيس الاشتراكي الأسبق فرنسوا ميتران الذي عينه رئيسًا للوزراء وهو في السابعة والثلاثين من عمره، بحيث أصبح أصغر رئيس حكومة تعرفه فرنسا في تاريخها بالجمهورية الخامسة.
لم يترك فابيوس الذي يسكن شقة أرستقراطية فخمة مطلة على مبنى البانتيون في قلب الحي التاريخي لباريس، منصبًا سياسيًا مهمًا إلا وشغله. فقد انتخب نائبا وأعيد انتخابه عدة مرات. وأول منصب وزاري شغله كان حقيبة الميزانية في حكومة ميتران الأولى في عام 1981، ثم حقيبة البحث العلمي والصناعة، ليصبح بعدها، ما بين عامي 1984 و1986 رئيسًا للحكومة. ومع إعادة انتخاب ميتران لولاية ثانية في عام 1988، تولى فابيوس رئاسة البرلمان لينتقل منها إلى قيادة الحزب الاشتراكي حيث كان له تيار فاعل يتبع نهجه ويقارع منافسيه أمثال رئيس الوزراء الأسبق ليونيل جوسبان أو الرئيس هولاند. وهذا الأخير أخرجه من اللجنة السياسية للحزب الاشتراكي الذي كان يشغل وقتها أمانة سره، بسبب رفضه التصويت لصالح التصديق على الدستور الأوروبي في الاستفتاء الذي جرى في عام 2005.
لا تعرف السياسة عداوات دائمة ولا صداقات دائمة؛ فليونيل جوسبان الاشتراكي الذي أصبح رئيسًا للحكومة في عام 2002، لم يعارض وصول فابيوس مجددًا إلى رئاسة مجلس النواب ولم يتردد في تعيينه وزيرًا للاقتصاد بعد ذلك بعامين. وهولاند الذي حاربه فابيوس ووقف بجانب منافسته الوزيرة السابقة مارتين أوبري في الانتخابات خلال الانتخابات التمهيدية الداخلية للحزب الاشتراكي عاد فضمه إلى طاقمه الانتخابي وكلفه بتحديد القوانين والمشاريع الرئيسية في شهور حكمه الأولى ثم عينه وزيرًا للخارجية والرجل الثاني في الحكومة. وفي آخر تعديل وزاري، نجح فابيوس في «الاستيلاء» على وزارتي السياحة والتجارة الخارجية مستندا في ذلك إلى دفاعه المرير عن «الدبلوماسية الاقتصادية» التي أصبح أحد أهم منظريها.
منصب واحد (رئاسة الجمهورية) لم يحتله الوزير فابيوس رغم أنه لم يوفر جهدًا للتأهل له. ففي عام 2006، لم ينجح في الفوز بترشيح الحزب الاشتراكي الذي فضل عليه وبأكثرية ساحقة سيغولين رويال، رفيقة درب هولاند ووالدة أبنائه الأربعة. وفي عام 2011، نأى بنفسه عن الترشيح المباشر لكنه لم يكن من أنصار المرشح فرنسوا هولاند. وربما المنصب الجديد الذي سيحتله منذ منتصف مارس (آذار) المقبل رئيسا للمجلس الدستوري لمدة تسع سنوات بفضل اختيار هولاند له، سيوفر له بعض العزاء من غير أن يشفي غليله.
من سيحل محل فابيوس؟
كان تخلي فابيوس عن وزارة الخارجية حيث لم يحظَ داخلها بمحبة موظفيها كبارًا وصغارًا بسبب برودته في التعامل، معروفًا منذ أسابيع كثيرة. كذلك، فإن المراهنات على من سيحل محله أصبحت الحديث المفضل في كواليس الوزارة والإعلام. وحتى يكشف قصر الإليزيه عن التركيبة الجدية لحكومة مانويل فالس المقبلة، فإن الاسم الأكثر رواجًا، بحسب مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع، هو اسم رئيس الحكومة السابق جان مارك، بينما كان اسم وزيرة البيئة سيغولين رويال الأكثر رواجًا. كذلك ورد اسم رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الوزيرة السابقة إليزابيت غيغو أو اسم وزير الدولة للتجارة الخارجية. لكن مهما يكن اسم من سيخلف فابيوس، فإنه سيعاني من مجموعة «نواقص»، أولها أن المدة الباقية للوزارة العتيدة لن تزيد عن عام وثلاثة أشهر، أي حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة في ربيع عام 2017. وهذه المدة القصيرة لن تكون كافية للوزير «أو الوزيرة» الجديد لأن يترك بصماته على الدبلوماسية الفرنسية التي هي في المقام الأخير من صنع رئيس الجمهورية. فضلاً عن ذلك، سيكون من الصعب إجراء تحولات ذات معنى في سياسة فرنسا الخارجية إزاء الملفات الأساسية الساخنة أكانت في الشرق الأوسط (لبنان، سوريا، العراق، الحرب على الإرهاب، الهجرات الكثيفة باتجاه أوروبا)، أو بشأن الأزمات الأخرى في أفريقيا أو أوروبا (أوكرانيا، العلاقة مع روسيا، بقاء أو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي).
في أي حال، فإن «إرث» فابيوس الدبلوماسي فيه نجاحات «قمة المناخ التي كان لولب نجاحها، الملف النووي الإيراني، الدبلوماسية الاقتصادية» كما فيه الكثير من الإخفاقات التي أبرزها ملف الحرب السورية والنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي والوضع في ليبيا وتتمات «الربيع العربي» والحرب الأوكرانية والسياسة المتأرجحة إزاء روسيا ناهيك بالحروب الأفريقية. ولا شك أن «وزن» فرنسا الدولي كقوة متوسطة التأثير يفسر الكثير من الإخفاقات. ولعل أبرز مثل على ذلك أن مقترحات فرنسا لإيجاد تسوية للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي لم تفضِ إلى أي نتيجة بسبب «الفتور» الأميركي والرفض الإسرائيلي وعدم مبالاة أوروبا. أما في الملف السوري، فإن خيبة باريس الكبرى جاءت من واشنطن. في آخر حديث له، قال فابيوس صراحة ما كان يلمح إليه سابقًا تلميحًا، إذ أعلن من غير مواربة أن الولايات المتحدة الأميركية «لا تقوم بكل ما تستطيعه» في سوريا وأن هناك «نقاطًا غامضة» في أداء الكثير من أطراف التحالف. وأعلن الوزير الفرنسي أنه «لن يكرر ما قلته غالبا وخصوصا بالنسبة لقائد التحالف (الولايات المتحدة) ولآخرين إذ ليس لدينا شعور بأن التزامهم قوي بما فيه الكفاية». وأردف فابيوس، في لقاء صباحي مع مجموعة من الصحافيين أمس قبل الإعلان عن تركه الخارجية أن «هناك الأقوال وهناك الأفعال» مضيفًا أن الروس والإيرانيين فهموا اللعبة، وأن بشار الأسد استعاد قوته.
ليست المرة الأولى التي تعبر فيها باريس عن «خيبتها» من واشنطن وعن تخوفها من «مرونة أميركية زائدة» في التعاطي مع روسيا، وهو ما قالته لنا مصادر رسمية فرنسية أكثر من مرة. وكما بالنسبة لسوريا، فإن باريس خاب أملها من عدم التزام واشنطن الجدي بالتوصل إلى تسوية للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي. ولآخر مرة كوزير للخارجية، فإن فابيوس غير المعروف بتشدده إزاء إسرائيل أعلن أن باريس مستمرة في العمل على الدعوة لمؤتمر سلام دولي وفي حال إخفاق هذه الجهود فإنها ستعترف بالدولة الفلسطينية. لكن المشكلة أن فابيوس راحل عن الخارجية ولا نعرف ما إذا كان الوزير الذي سيخلفه سيستمر في السير على هذا المنهج، أم لا.



الرئيس النمساوي يكلّف حزب الحرية اليميني الشعبوي بتشكيل حكومة

زعيم حزب الحرية اليميني الشعبوي هربرت كيكل يغادر بعد محادثات مع الرئيس النمساوي في قصر هوفبورغ الرئاسي في فيينا (أ.ف.ب)
زعيم حزب الحرية اليميني الشعبوي هربرت كيكل يغادر بعد محادثات مع الرئيس النمساوي في قصر هوفبورغ الرئاسي في فيينا (أ.ف.ب)
TT

الرئيس النمساوي يكلّف حزب الحرية اليميني الشعبوي بتشكيل حكومة

زعيم حزب الحرية اليميني الشعبوي هربرت كيكل يغادر بعد محادثات مع الرئيس النمساوي في قصر هوفبورغ الرئاسي في فيينا (أ.ف.ب)
زعيم حزب الحرية اليميني الشعبوي هربرت كيكل يغادر بعد محادثات مع الرئيس النمساوي في قصر هوفبورغ الرئاسي في فيينا (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس النمساوي ألكسندر فان دير بيلن في مؤتمر صحافي في فيينا، اليوم (الاثنين)، أنه كلف حزب الحرية اليميني الشعبوي رسميا بتشكيل حكومة.

وأوضح فان دير بيلن أن من المنتظر أن يبدأ هربرت كيكل زعيم حزب الحرية محادثات مع حزب الشعب النمساوي المحافظ. وبذلك يمكن لحزب الحرية اليميني أن يفوز لأول مرة بمنصب المستشار في النمسا، حسب «وكالة الأنباء الألمانية».

وأضاف الرئيس النمساوي أن البلاد بحاجة إلى حكومة قادرة على العمل تحديدا في ظل الوضع الاقتصادي الصعب في الوقت الحالي، وقال إن كيكل طمأنه خلال محادثاته معه أنه يشعر أنه قادر على تولي مهمة المستشار.

رئيس النمسا ألكسندر فان دير بيلين خلال مؤتمر صحافي بعد اجتماع مع رئيس حزب الحرية النمساوي في فيينا يوم 6 يناير 2025 (إ.ب.أ)

وتابع الرئيس النمساوي: «احترام تصويت الناخبين يستوجب أن يحترم الرئيس الفيدرالي الأغلبية، حتى وإن كانت له رغبات وتصورات أخرى»، وأضاف: «لم يكن سهلا علي اتخاذ هذه الخطوة».

واستمر الاجتماع بين فان دير بيلن وكيكل نحو ساعة، وصوحب هذا الاجتماع باحتجاجات، حيث تجمع مئات المتظاهرين أمام القصر الرئاسي، منظمين مسيرة للتحذير من اتجاه البلاد بقوة نحو التيار اليميني.

وكان حزب الحرية فاز في الانتخابات البرلمانية في سبتمبر (أيلول) الماضي بحصوله على نحو 29 في المائة من أصوات الناخبين. ولم يكن هناك حزب يرغب في البداية في تشكيل حكومة مع الحزب اليميني الشعبوي، لكن المحادثات حول تشكيل ائتلاف حاكم بين الأحزاب المنتمية إلى تيار الوسط، باءت بالفشل.