قيادات حوثية تستخرج جوازات مزورة للفرار من اليمن

الحديدة مركز إصدار الوثائق.. وقوارب صغيرة تنتظرهم في الموانئ بتهامة

قيادات حوثية تستخرج جوازات مزورة للفرار من اليمن
TT

قيادات حوثية تستخرج جوازات مزورة للفرار من اليمن

قيادات حوثية تستخرج جوازات مزورة للفرار من اليمن

أصدرت ميليشيا الحوثيين التي تسيطر على إدارة الجوازات ومركز المعلومات الرئيسي في صنعاء عشرات الجوازات المزورة بأسماء قيادات ميدانية وإدارية، تمهيدا لإخراجهم من البلاد بواسطة زوارق صغيرة ترسو في موانئ إقليم تهامة.
ويعمل محمد علي الحوثي رئيس اللجنة الثورية العليا لما يعرف بـ«أنصار الله»، الذي فرّ إلى الحديدة قبل عشرة أيام، على تنسيق عملية تهريب القيادات القادمة من صنعاء، بالتنسيق مع جهات خارجية، وفقا لما ذكرته مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط»، وذلك من خلال التواصل ودفع مبالغ مالية كبيرة لإخراج القيادات، قبل دخول الجيش الوطني والمقاومة الشعبية إلى صنعاء، عبر موانئ ثانوية منها الخوبة، والطائف، والخوخة، والحيمة.
وفي حين لم تتضح الوجهة الرئيسية لإخراج القيادات الحوثيين من اليمن، إلا أن مسؤولين يمنيين أكدوا أن المعلومات المرصودة في الأيام القليلة الماضية تشير إلى أن طهران رحبت باحتضان القيادات الكبيرة للحزب، على أن يجري إدخالهم بجوازات وأسماء مختلفة كي تتمكن من حمايتهم، في حين شدد المسؤولون على أن الحكومة ستلاحق هذه القيادات إن ثبت تورطهم في قتل المدنيين وتدمير البنية التحتية للبلاد.
وقال نايف البكري، وزير الشباب والرياضة اليمني، لـ«الشرق الأوسط»: «إن ميليشيا الحوثي تعمل في هذه الأثناء على إخراج قيادتها من البلاد بأي شكل كان، لضمان سلامتهم وعدم وقوعهم في قبضة الجيش الوطني، وذلك من خلال إخراج هذه القيادات من صنعاء باتجاه الحديدة التي رصدت في اليومين الماضيين». وأضاف البكري أن «عملية إخراج القيادات من صنعاء تجري عبر مهربين لإيصالهم إلى الحديدة، التي يقطن فيها الآن ومنذ عدة أيام محمد علي الحوثي، رئيس اللجنة الثورية العليا في ما يعرف بـ(أنصار الله)، الذي يعمل على استخراج الجوازات المزورة وتسليمهما للقيادات الحوثية، ومن ثم إخراجهم عبر موانئ إقليم تهامة إلى إيران عبر محطات إقليمية».
ولفت وزير الشباب والرياضة إلى سيطرة الميليشيات على مصلحة الجوازات، بعد أن طردوا العاملين ومنسوبي الإدارة من وظائفهم، مما أتاح لهم الفرصة لاستخراج جوازات سفر غير نظامية، خصوصا أن الحوثيين استخرجوا بحسب المعلومات التي تم رصدها وثائق سفر «دبلوماسية» كي يتمكنوا من التحرك والسفر إلى عدد من الدول دون مساءلة قانونية.
وأكد البكري أن قيادات الانقلابيين لن تكون لهم وجهة سوى إيران، إذ تعد الدولة الوحيدة التي رحبت باستضافة القيادات الفارين من صنعاء والحديدة، لافتا إلى أن هذا غير مستغرب من دولة قدمت كل الدعم العسكري والمالي للميليشيات، بهدف إدخال البلاد في نفق مظلم، موضحا أن هذه التحركات السريعة والسرية التي تنفذها الميليشيات تأتي بالتزامن مع التقدم العسكري للجيش الوطني والحصار الذي يفرضه على صنعاء معقل القيادات في الحزب، وتضييق الخناق عليهم، الأمر الذي دفعهم إلى الخروج بشكل سريع وعاجل من البلاد لضمان سلامتهم.
وأشار البكري إلى أن الجيش والمقاومة الشعبية تمكنا من الوصول إلى عمق صنعاء، ونشر كثير من الملصقات التي تدعو المواطنين إلى دعم المقاومة وحثهم للقيام بأعمال ردع للميليشيا التي بدأت تدرك خطورة الوضع وما هم فيه من داخل المدينة وخارجها، ورصد الجيش دعم كبير من المواطنين للشرعية ورفضهم لهذا الانقلاب. وتعد عملية تزوير جوازات السفر من الإدارة المسؤولة عن استخراجها الأولى من نوعها على المستوى الدولي، إذ لم تسجل أي دولة تقوم باستخراج جوازات سفر ووثائق رسمية من الجهة المخولة بذلك، حيث يرى مراقبون أن هذه العملية تدل بشكل واضح وصريح على حجم الفساد والتلاعب من قبل ميليشيا الحوثي وحليفهم علي صالح بمؤسسات الدولة التي تكون سيادية حتى في حالة الحروب. وفي هذا السياق، قال عبد الحفيظ الخطامي، صحافي وناشط اجتماعي في الحديدة: «إن الجمعيات الحقوقية في المدينة رصدت خلال الأيام الماضية وجود محمد على الحوثي في محافظة الحديدة منذ أسبوع، وهو ما أكدته مصادر في الإدارة الحكومية، معللة سبب بوجوده لترتيب مغادرة عدد من قيادة ميليشيات الحوثي للفرار عبر منافذ التهريب بسواحل محافظة الحديدة مع اقتراب الجيش الوطني من العاصمة صنعاء وسيطرته على ميدي واقترابه من محافظة الحديدة».
وقال الخطامي إنه من خلال التواصل مع مسؤولين في إدارة الجوازات أكدوا أن عملية صرف جوازات تجري لعدد من القيادات الحوثية هم وعوائلهم منذ عدة أيام، ومنها قيادات كبيرة، بينما أكد مسؤولون في الميناء أن قوارب خاصة أعدت وهيئت في ميناء الحديدة وفي موانئ ثانوية، منها الخوبة، والطائف، والخوخة، والحيمة.
وأشار الخطامي إلى أن مغادرة محمد علي الحوثي صنعاء ونزوله في هذا التوقيت والظروف العسكرية التي تعيشها جماعته، الذي يعد من القيادات الرئيسية في الحزب، يؤكد أن الجيش الوطني أحكم الخناق على صنعاء، وبات الهرب الوسيلة الوحيدة لسلامتهم، خصوصا أن المدعو محمد قدم مع هالة إعلامية موالية للحزب تنقل تفقده وزياراته للإدارات الحكومية، بهدف إبعاد المراقبين عن سبب وجوده الرئيسي في نقل وتهريب القيادات الكبيرة من الميليشيا».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.