عمد ملالي إيران إلى استغلال الدين غطاء لتبرير جرائمهم، واستخدام القوانين الدينية لشرعنة أبشع الانتهاكات، لتتعرض المرأة للإهانة، جسديا واجتماعيا، خاصة إذا أضفنا إلى ذلك عوامل التمييز المذهبي.. هكذا تعيش المرأة الإيرانية غير الفارسية في ظل حكم الدولة الإيرانية، بين سندان التمييز الاجتماعي والمذهبي ومطرقة الاستبداد والقمع السياسي. وتؤكد تقارير سياسية وحقوقية أن عشرات الناشطات حتى من لم تتجاوز أعمارهن 16 عاما، أعدمن في السجون الإيرانية، بعد اغتصابهن وإخبار ذويهن بذلك، بمبرر أن القانون الإيراني لا يسمح بإعدام القصر أو العذراء. وهناك حالات عن أطفال يولدون في السجن لآباء غير معروفين، ويكبرون في السجن، ويقضون سنوات خلف القضبان دون أي ذنب.
وتتعرض النساء في سجون الحرس الثوري لظروف قاسية؛ إذ يوضعن في قوالب تسمى التابوت لا يستطعن التحرك داخلها، وفي أفضل الأحوال يوضعن في صناديق يكون الوضع فيها جاثيا، أو في الحبس الانفرادي. وحسب المعارضين الإيرانيين فإن النظام يعمد إلى نشر الرعب للحيلولة دون انخراط النساء في الحراك السياسي التحرري من خلال ابتكار أبشع أنواع التعذيب للسجينات السياسيات. وهنا صور شتى لما تواجهه الناشطات المعارضات للنظام من خلال رواياتهن لسنوات العذاب في سجون الحرس الثوري.
بحزن بالغ تتذكر نيكين، الساعات والأيام التي قضتها في سجون من تصفهم بـ«المحتلين»، قبل أن تندب حظها كونها سياسية تعرضت لمختلف أنواع الانتهاكات بحق كرامتها كمعارضة أولا، وكامرأة بالأساس. تقول نيكين: «قضيت محكوميتي بتهمة (محاربة الله ورسوله) نتيجة تواصلي مع أعضاء في حزب حيات كردستان الحرة (بيجاك)، حيث كان أخي قد التحق بالجناح المسلح للحزب، وتواصلت مع واحد ممن كانوا يعملون في تنظيم الأنشطة الثقافية والدعائية في الحزب، للاطلاع عن قرب على أخبار أخي. وفي سجون النظام الإيراني يعامل المعارضون لهم معاملة أسرى الحرب.. «والموت كان أرحم ألف مرة مما تعرضت له».
في السجن.. «كان هناك الكثير من المقاتلات الكرديات من حزب (بيجاك) ممن صدر بحقهن حكم الإعدام»، كما تقول نيكين: «منهن شيرين علم هولي التي أعدمت في 2010 وزينب جلاليان التي حكم عليها بالمؤبد، بالإضافة إلى العشرات من أعضاء الحزب يقبعن في السجون الإيرانية، ولكن لا يكشف عن أسمائهن، وتتم محاكمة الكثيرات منهن خلف الأبواب المغلقة في محكمة الثورة ودون حضور محام للدفاع.. ولطالما يهدف النظام إلى نشر الرعب للحيلولة دون انخراط النساء في الحراك السياسي التحرري من خلال ابتكار أبشع أنواع التعذيب للسجينات السياسيات.. لكن ما مورس بحقي من تعذيب جسدي ونفسي كان دافعا بالنسبة لي لكي لا أستسلم، وأستمر رغم الموت الذي كان هائما، حيث ينتظر أن ينقض علي في أي لحظة.. سوء وضعي الصحي.
ولكن يقينهم من أنني لم أكن من الكوادر الحزبية هو ما جعلهم يفرجون عني بعد سنوات، فقصدت منفاي لأعيش في السويد مع آلامي». وحزب حيات كردستان الحرة تأسس عام 1991 في المناطق الكردية بإيران، وهو حزب قومي كردي إيراني، قريب من حزب العمال الكردستاني، يشتبك بين الحين والآخر مع الحرس الثوري الإيراني انطلاقًا من جبال قنديل في المثلث الحدودي الواقع بين العراق وتركيا وإيران.
سبايا إيران
يؤكد عمر الخانزاده السكرتير العام لحزب كادحي كردستان (كوملة) على وجود كثير من أعضاء حزبه من النساء والفتيات، بل حتى ممن لم يتجاوز عمرهن 16 عاما، أعدمن في السجون الإيرانية، بعضهن فقط بسبب تواصلهن مع أقربائهن من «الكوملة» أو أي تيار يساري من الكرد والعرب والبلوش والترك، وهناك كثير من الكتب تورد شهادات السجينات السياسيات في إيران، والكلام للخانزاده. ويشرح السياسي الكردي ظروف ما يسميها المعتقلات، قائلا: «بالنسبة للفتيات أو القاصرات قبل إعدامهن، فقد كان يتم اغتصابهن قبل تنفيذ حكم الإعدام وإخبار ذويهن بذلك، بمبرر أن القانون الإيراني لا يسمح بإعدام القاصر أو العذراء، وهناك حالات عن أطفال يولدون في السجن ويكبرون في السجن، ويقضون سنوات خلف القضبان دون أي ذنب، ولحد الآن هناك ناشطات كرديات وغيرهن وحتى فارسيات يقبعن في السجون بسبب نشاطهن ومطالبتهن بحقوقهن».
ويلفت إلى أنه «قبل أعوام قامت إحدى المنظمات النسوية بجمع مليون توقيع للمطالبة بحقوق المرأة إلا أن غالبية من قاموا بهذا النشاط من الكرديات والفارسيات والعربيات وغيرهن تم اعتقالهن وأودعن السجن في ظروف قاسية؛ حيث يوضعون في قوالب تسمى التابوت بحيث لا يستطيع الشخص أن يتحرك داخله، وفي أفضل الأحوال يوضعن في صناديق يكون الشخص فيها جاثيا، أو في الحبس الانفرادي.
ويشير إلى أنه ليس فقط الناشطات من يتعرضن للاضطهاد، بل إن المناطق الكردية تشهد محاولات للتضييق على الزي الكردي للنساء، كما يمنع أيضا الرقص الكردي في الأفراح (الدبكة) والتي عادة ما يقوم فيها الفتيات والشباب والرجال والنساء، بتشكيل حلقات الدبكة. ويضيف: «غالبا ما تشهد المناطق الكردية موجات غضب آخرها كان نصف العام الفائت؛ إذ انتفضت غالبية المدن في شرق كردستان، عقب انتحار فتاة كردية هربا من محاولة اغتصابها من قبل رجل تابع للاستخبارات»، وفي هذا الصدد، يكشف السياسي الكردي أنها «لم تكن المرة الأولى التي تتعرض فيها فتاة كردية لاعتداءات من قبل الأمن الإيراني، والحرس الثوري فهناك حالات كثيرة تستهدف الطالبات الكرديات من قبل رجال أمن النظام»، مشيرا إلى أنه «سبقت هذه الحادثة حادثتان مماثلتان، في إحداهما كانت الضحية إحدى طالبات جامعة أورمية، والثانية في جامعة مروان. وهذه المرة في فندق في مهاباد. وإنها المرة الثالثة التي تنتفض فيها المدن الكردية احتجاجا على حوادث مماثلة، وما تلبث أن تتحول فيها مراسم تشييع الضحية إلى موجة غضب ضد النظام في إيران، فما يمارسه النظام الإيراني اليوم لا يختلف عن أي تنظيم إرهابي».
تمييز في القهر
العدل بحق الأقليات في الاضطهاد مصان برأي معصومة الكعبي التي تفضل أن يطلق عليها وصف «الأسيرة الأحوازية»، بدلا من «السجينة»، وتحكي ظروف اعتقالها قائلة: «اعتقلني نظام بشار الأسد أنا وأطفالي الخمسة عام 2008 وتم تسليمي للدولة الفارسية بعد أن وصلت من الأحواز لاجئة إلى سوريا باعتبارها دولة عربية، للالتحاق بزوجي الناشط السياسي حبيب جبر في الدنمارك»، مضيفة: «حال وصولي سجلت اسمي كلاجئة لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وحصلت على حق اللجوء السياسي لي ولأطفالي في الدنمارك وأصدرت السلطات الدنماركية وثيقة سفر لنا، وبعد أن توجهنا إلى مفوضية الهجرة والجوازات السورية للحصول على تأشيرة المغادرة من سوريا إلى الدنمارك قامت السلطات التابعة لنظام الأسد بإلقاء القبض علينا بطريقة وحشية وغير إنسانية ودون توضيح أسباب الاعتقال. وبعد أن تم حجزنا في مقر استخبارات النظام السوري لمدة شهر وممارسة التعذيب النفسي علينا قام النظام السوري بتسليمي وأطفالي الخمسة قسريا إلى مخابرات نظام الولي الفقيه».
وتكمل: «حال وصولنا إلى مطار طهران قامت المخابرات الفارسية باحتجازنا، ومن ثم تم نقلنا إلى إحدى مراكز الاستخبارات الفارسية في طهران والتحقيق معنا بعد أن وضعونا في زنزانة صغيرة لا تتسع لشخص واحد، ومارسوا علينا التعذيب النفسي والتحقيق، فيما خضعت لساعات طويلة للتحقيق والضغوط النفسية ومن ثم نقلوني وأطفالي إلى إحدى مراكز المخابرات الفارسية في الأحواز للتحقيق معي مرة أخرى، وهناك تعرضت أمام أعين أطفالي للتعذيب والمعاملة غير الإنسانية مما تسبب في إصابتي بشلل نصفي، كما قاموا بعزل الأطفال عني وعدم إخبار عائلتي بمكان احتجازي وبقيت في السجون الفارسية بعد أن حكمت علي محكمة الثورة بخمس سنوات، إلا أنه بسبب تدهور وضعي نقلت إلى المشفى وتم تهريبي إلى خارج السجن ثم تهريبي إلى تركيا ومن ثم إلى الدنمارك لالتحق أنا وأطفالي بزوجي وذلك في عام 2012».
أما هدى هواشم إحدى السجينات السابقات في السجون الإيرانية، فلها قصة أخرى تضاف إلى قصص ضحايا السجون الإيرانية، وتقول: «في سنة 2005 - 2006 تم اعتقالي من قبل الاستخبارات الفارسية وحكم علي، دون أي محاكمة بعام واحد في سجن سبيدار الفارسي، بسبب نشاطي الثقافي والسياسي لصالح حركة النضال العربي لتحرير الأحواز والدفاع عن حقوقنا الشرعية والوطنيّة».
وتضيف: «كان تعامل قوات الأمن الفارسية قاسيا وغير محترم للغاية، وأذكر جيدا معاناة طفلي الصغير الرضيع حينما كنت أتحدث معهم فترة التحقيق، كان هناك حديث عن حالات إعدام للحوامل والأطفال في داخل السجن، وحرمت من رؤية طفلي 3 أشهر، ابني أسامة عند خروجنا من مقر الاستخبارات كان رضيعا ولما انتقلت إلى السجن العمومي كان معي، كان هناك ضرب وإهانات داخل السجن وكانوا يتعاملون معنا أمام السجينات وكأننا مجرمون وقتلة، فقد كان معنا بالسجن نفسه سجينات جنائيات لكننا مُنعنا من الحديث معهن.. كانت معنا في السجن فتاة لم تبلغ 16 عاما وكانت تهمتها طعن شرطي بالسكين، ويبدو أن الشرطي تحرش بها فقامت بطعن الشرطي، وكان عمرها في هذه الأثناء 12 سنة وخرجت من السجن بعد أربع سنوات».
وتؤكد على وجود «تمييز قومي طائفي في السجن فترة التحقيقات. وكوني كنت سجينة عربية لم يسمحوا لي بالتحدث باللغة العربية»، مضيفة: «العنف ضد المرأة في الدولة الفارسية أشكال وأنواع، وبصفتي سجينة سابقة في هذه السجون المظلمة والقاسية بداية من العنف الجسدي والنفسي وانتهاءً بالتمييز الذي تعاني منه المرأة في كل مناطق الأحواز العربية، ويكفي للتأكيد على ذلك مجرد قراءة سريعة في أوضاع السجينات داخل سجن النساء في سبيدار وأبرزهن السجينة المناضلة السيدة فهيمة البدوي (إسماعيلي) التي رأت الويل بداية بإعدام الشهيد علي مطوري زوجها أمام عينيها، وابن بنتها سلسبيل في إحدى غرف مقر الاستخبارات، ثم السجينات الأحوازيات: السيدة نبية الكعبي التي اعتقلت عدة مرات مع أخيها الشهيد بإذن الله عبد الله الكعبي، وزوجها الشهيد بإذن الله خليل الكعبي. والسجينة السابقة معصومة الكعبي مع أطفالها الخمسة». وتضيف: «في ظل استمرار الأوضاع الإنسانية المتردية وحالات انتهاك حقوق الإنسان في إيران التي تصل إلى تلفيق التهم والحكم بالإعدام، تجد نساء الأقليات في إيران أنفسهن في ظروف بالغة القسوة يعانين من اضطهاد أكثر شمولية وأكثر قوة وسطوة من قبل قوى الاحتلال التي تنتهك ما بقي لهن من كرامة. هذا ما يجعلنا نخلص إلى القول بأن نساء الأقليات في إيران يعشن وضعا استثنائيا بين النساء في إيران، حيث يتعرضن للاضطهاد والقهر المركب سياسيا واقتصاديا واجتماعيا»، مشيرة إلى أن «هناك كثيرا من نساء الأقليات ممن أعدمن في السجون كريحانه جباري (19 عاما) التي أعدمتها السلطات بسبب قتلها رجل الأمن الذي حاول اغتصابها، وغيرها اللواتي ما زلن يقبعن في السجون ويتم اغتصابهن بين الفينة والأخرى».
ثورة ضد المرأة
خلف القضبان ليس ظلما فقط بحق الأقليات بل انتهاك سافر لحقوق الإنسان والمرأة والطفل، فالقوانين الإيرانية تفرق بين الجنسين، والتشريع الإيراني لا يتسامح مع التمرد، فعلى الرغم من وصول المرأة الإيرانية إلى مناصب حكومية كثيرة، فإنها لم تصل إلى مناصب سيادية. لم يحدث أن وصلت امرأة إلى مجمع تشخيص مصلحة النظام أو مجلس الخبراء.
الكاتب المحلل، فه رزين كارباسي، يعبر عن رأيه قائلا: «رغم أن النساء شاركن في الثورة الإسلامية عام 1979. وعولن على الثورة، لكن سرعان ما تحولت (الثورة الإسلامية) إلى ثورة ضد المرأة»، منوها بأن «المرأة عارضت في إيران واحتجت على القوانين الجائرة بحقها عقب قيام الثورة الإسلامية عام 1979. حيث تظاهرت ضد المرشد الإيراني، لمدة خمسة أيام متتالية، بعد الأسبوع الثاني من قيام الثورة الإسلامية في طهران عام 1979. عقب قرار مكتب المرشد الإيراني، الخميني، بإلغاء قانون دعم الأسرة، ومنذ ذلك الحين أصبحت قضية حقوق المرأة في إيران مثار جدل دائم».
وكان الخميني قد أفتى بحرمة المشاركة السياسية للمرأة في الستينات، بعد أن تأزمت العلاقة بينه وبين نظام الشاه في مسألة المرأة، لأسباب لا تتصل بشكل مباشر بمباشرتها الحقوق السياسية، بعد تقديم مشروع قانون يعطي المرأة الحق في تطليق الرجل، في إطار محاولة نظام الشاه توسيع مفهوم مساواة الحقوق بين الرجال والنساء في جميع المجالات، وتراجع المشروع خوفًا من معارضة الخميني والفقهاء، لكن بعد ذلك بسنوات وتحديدا عام 1967. صدق البرلمان على مشروع قانون يحق للنساء بموجبه تطليق أزواجهن، بعد الحصول على موافقة المحكمة، واستبعد الفقهاء من صياغة مشروع القانون.
ويضيف كارباسي: «قام المجلس الثوري بتمرير قانون يقضي بأن تؤول حضانة الأطفال إلى الأب بعد الطلاق، كما اتخذت الحكومة قرارا بوقف عمل المرأة في منصب القاضية، وفرض زي موحد معروف بـ(الشادور)، ويُطلق عليه بالفارسية (أفيراني)، وهو عبارة عن قطعة واحدة يغطي الجسم من الرأس إلى القدمين عدا الوجه والكفين»، مستأنفا: «إلا أنه بدأت المشاركة النسائية الواسعة في عام 1997، حيث فاز محمد خاتمي برئاسة الجمهورية، وعين امرأة كمساعدة له في مجال البيئة، وأخرى مستشارة له. وما لبث أن عاد التضييق على المرأة في فترة حكم الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، حيث لاحقت قوات الأمن النساء بسبب لباسهن، وقامت قوات الأمن بتنفيذ ما يسمى (حملة التصدي للحجاب السيئ) بموجب قانون (المجازاة الإسلامي)، فالمادة 638 تنص على مسؤولية الأمن في مواجهة هذه المخالفات».
وبما أن الحكومة لا يمكنها تقييد حرية المرأة في العلن، بسبب الضغوط الغربية، فإنها تستخدم وسائل أخرى لخلق الرعب، حيث ظهرت في المجتمع الإيراني عدة ظواهر مختلفة تشير إلى العنف الذي يمارس ضد المرأة، وتقيد ضد مجهول، أبرزها ماء النار، أو ما يعرف كيميائيا بالأسيد، حيث يشوه مرتكبها أوجه السيدات اللائي لا يرتدين الحجاب في الشارع، ولم تتخذ الحكومة ما يذكر ضد الجاني، وتتصدر أصفهان قائمة المحافظات فيما يتعلق بقضايا ماء النار.
اغتصاب مشروع
ويكشف عن حالات خطيرة لاستغلال القاصرات والنساء في السجون. ويقول كارباسي بهذا الصدد إن «أجهزة الأمن والاستخبارات تستغل الفتيات اللواتي ليس لهن مأوى أو من هربن من بيت الأهل وهن قاصرات، فيقومون بسجن الفتيات ولاحقا ينقلن إلى مشهد أو قم في بيوت تسمى العفة ويمارسن هناك الدعارة المشروعة تحت تسميات عدة، ويغدو هذا العمل لهن كمصدر رزق مشروع من قبل النظام»، منوها إلى أن «ضحايا الاغتصابات يدفعن ثمنا مضاعفا؛ الأول كونهن اغتصبن، والثاني أنه لا يوجد قانون يأتي بحقهن، بل بالعكس المرأة هي المتهمة وهناك قضايا أثارت جدلا في إيران، كقضية ريحانة جباري التي حكم عليها بالإعدام، لقتلها رجل استخبارات، في يوليو (تموز) 2007، دفاعا عن شرفها، وبعد مرور 7 سنوات، نفذ حكم الإعدام بحق جباري، رغم اعتراض الشعب الإيراني عليه، ونساء كثيرات في السجن صدرت في حقهن عقوبة الإعدام لمجرد دفاعهن عن أنفسهن ومواجهتهن للمغتصبين».
ويكشف الكاتب الإيراني أن «بعض المراجع شرعت انتهاك كرامة الإنسان، خاصة في السجن، ومن يعتبرونهم ضد النظام؛ على سبيل المثال فتوى المرجع مصباح يزدي في اللواط واغتصاب النساء في سجون إيران، وتظهر مقاطع فيديو حديث يزدي حول هذا الأمر وهو يفتي بجواز اغتصاب المحققين للسجناء رجالا أو نساء قاصرين وقاصرات، لحملهم على الاعتراف».
وتقارير الأمم المتحدة للحالات الموثقة لاغتصاب فتيات قاصرات اختطفن على يد أجهزة التعبئة الشعبية (البَاسيج) وهي إحدى ميليشيات الحرس الثوري الإيراني الذي له كل الصلاحيات من اعتقال واختطاف وقتل وتشريد دون أن تكون هناك جهة عليا تنفيذية وتشريعية لتقوم بمراجعة أفعاله وأعماله. وجميع حالات الخطف التي عرفت الجهات التي قامت بها، كانت قائمة على أسباب واهية تتحجج بها «الجهات الأمنية» ومن هذه الأسباب سوء أخلاق «المختطفة» أو سوء ارتدائها للحجاب «الإيراني» في الملأ العام. وإيران لديها أعلى معدل من أحكام الإعدام ضد الأحداث وأكبر عدد من الصحافيين المسجونين، بحسب منظمة العفو الدولية، التي قالت: إن «إيران قد وطدت وضعها المعيب على رأس قائمة من يعدمون المذنبين الأحداث في العالم»، وذلك عقب إصدار الحكم بالإعدام على شابين ارتكبا جريمتيهما عندما كانا دون سن 18 سنة.
ويتيح نص في قانون العقوبات الإيراني، يتعلق بالأحكام الصادرة بحق الأحداث في إيران، للقضاة أن يستعيضوا عن عقوبة الإعدام بعقوبة بديلة إذا ما قرروا أن المذنب الحدث لم يكن قادرًا على فهم طبيعة الجريمة أو عواقبها، أو أن «نموه- نموها، ونضجه- نضجها العقلي» مشكوك فيه. وبحسب المنظمة، فإن إيران دولة طرف في «اتفاقية حقوق الطفل» و«العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية»، وكلتا الاتفاقيتين تحظر فرض عقوبة الإعدام على أشخاص لم يكونوا قد بلغوا سن الثامنة عشرة في وقت ارتكابهم الجريمة حظرًا مطلقًا، ولا تسمح بأي استثناءات. ووفقا للبيان «تتصدر إيران الجدول العالمي الظلامي للدول التي تعدم المذنبين الأحداث. ففي 2015. أعدم ما لا يقل عن أربعة مذنبين أحداث، كما يُعتقد. وضمت القائمة جواد زهابي، الذي أعدم في 15 أبريل (نيسان)، وفازير عمر الدين الذي أعدم في يونيو (حزيران)، وصمد زهابي في 5 أكتوبر (تشرين الأول) ، وفاطمة سالبهي التي شنقت في 13 أكتوبر».
ووفقًا لتقرير نشره موقع «الشبكة الفيدرالية لحقوق الإنسان» التي تضم 164 منظمة حقوق إنسان حول العالم، تخطت إيران في عام 2015 الرقم القياسي للإعدامات المسجل عام 1989 بعد أن أكدت القيادة الإيرانية تنفيذ 246 حكم إعدام في عام 2015، فيما تتحدث مصادر موثوقة عن 448 حالة إعدام أخرى - معظم ضحاياها من الفتيات - بتهم القتل والمخدرات وغيرها. وازدادت نسبة الإعدامات بنسبة 40 في المائة في عام 2015 بالمقارنة بالنصف الأول عن عام 2014.
* ينشر بالتزامن
مع مجلة «المجلة»