منظمة حقوقية تطالب المغرب بكشف الحقيقة في ملف المختطفين

تزامنًا مع اجتماع فريق العمل الأممي حول الاختفاء القسري في الرباط

منظمة حقوقية تطالب المغرب بكشف الحقيقة في ملف المختطفين
TT

منظمة حقوقية تطالب المغرب بكشف الحقيقة في ملف المختطفين

منظمة حقوقية تطالب المغرب بكشف الحقيقة في ملف المختطفين

دعت الفيدرالية الأورومتوسطية ضد الاختفاء القسري السلطات المغربية إلى الكشف عن الحقيقة في ما تبقى من ملفات المختطفين ومجهولي المصير، وذلك حتى يتسنى لعائلات الضحايا معرفة مصير ذويهم الذين قضوا في مراكز الاعتقال السرية، أو خلال المظاهرات إبان مراحل الاحتقان السياسي التي عرفها المغرب بعد الاستقلال.
ويأتي تحرك المنظمة، التي تضم عددا من الجمعيات الحقوقية المغربية البارزة، لإثارة هذا الملف، تزامنا مع انعقاد الدورة 108 لفريق العمل الأممي حول الاختفاء القسري، التي تعقد حاليا بالرباط وتختتم بعد غد الخميس.
وقالت نصيرة ديتور، رئيسة الفيدرالية، في مؤتمر صحافي عقد أمس في الرباط، إن عائلات الضحايا تنتظر معرفة الحقيقة بشأن ظروف اختفاء وكيفية وفاة المختطفين لا أن تتوصل برفاتهم فحسب.
وكانت هيئة الإنصاف والمصالحة، التي شكلها المغرب عام 2004 للنظر في ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي عرفها المغرب منذ الاستقلال عام 1956 إلى غاية 1999، قد كشفت في تقريرها الختامي أن 66 حالة اختفاء قسري ظلت مجهولة المصير من بين 872 حالة عالجها التقرير، وشملت تحديد هوية الأشخاص الذين توفوا تحت التعذيب في مراكز الاعتقال السري، أو خلال المظاهرات الشعبية، أو المواجهات المسلحة.
وتولى المجلس الوطني لحقوق الإنسان متابعة مصير تلك الحالات، إلا أنه عجز بدوره عن الكشف عن مصير سبع حالات ظلت عالقة، من بينها حالة الزعيم الاشتراكي المهدي ابن بركة، والحسين المانوزي، ويستعد المجلس لتقديم تقرير عن هذا الملف، ورفعه إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس من أجل طيه بشكل نهائي. بيد أن مصطفى المانوزي، شقيق الحسين المانوزي ورئيس المنتدى المغربي للمصالحة والإنصاف وعضو الفيدرالية، قال أمس خلال اللقاء الصحافي إن «الملف لن يغلق إذا لم يكشف عن مصير جميع الحالات»، مضيفا أنه «إذا تضمن تقرير المجلس توصية بغلق الملف فإننا سنعتبره شريكا، وسنتابعه هو أيضا، وعلى المسؤولين في المجلس أن تكون لديهم الجرأة للكشف عن الجهات التي لا تريد التعاون».
من جهته، كشف المانوزي أن وفدا من الفيدرالية التقى مسؤولين في وزارة العدل والحريات، والمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، ومجلس حقوق الإنسان، مشيرا إلى أنه لم يحرز أي تقدم بشأن مصير ملفات عدد من المختطفين ومجهولي المصير، التي وضعت أمام القضاء، «حيث جرى حفظ تلك الملفات، ولم يتم استدعاء أي من المسؤولين المتهمين عن ارتكاب تلك الانتهاكات، بل إن بعضهم ما زال في منصبه»، مضيفا أن الحق في العدالة لم يتحقق، ناهيك بالحق في معرفة الحقيقة، والحق في جبر الضرر الجماعي، وهي الركائز الثلاث التي تقوم عليها العدالة الانتقالية، حسب رأيه.
وردا على سؤال بشأن ما إذا كانت الجمعيات الحقوقية تعتزم مناشدة الملك محمد السادس للتدخل من أجل الكشف عن الحقيقة في هذا الملف، قال المانوزي إن «الرسالة التي وجهها العاهل المغربي في الذكرى الـ50 لاختطاف المهدي بن بركة كانت واضحة، وتعد بحل هذا المشكل، بيد أن المسؤولين هم الذين لا يتوفرون، برأيه، على الجرأة للتقدم في حل هذا الملف». وكان الملك محمد السادس، وفي خطوة غير مسبوقة، قد دعا إلى استخلاص الدروس والعبر من قضية بن بركة، وجعلها في صالح الوطن، وذلك في رسالة وجهها إلى المشاركين في ندوة نظمها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، تخليدا لذكرى الـ50 لاختطاف واختفاء زعيمه التاريخي في باريس عام 1965. وعد العاهل المغربي الرسالة مشاركة منه في هذا الحدث، «من دون عقدة أو مركب نقص من هذه القضية»، تقديرا لمكانة ابن بركة لديه ولدى المغاربة، مضيفا أن «الشعب المغربي لا يتهرب من ماضيه، ولا يظل سجين سلبياته».
ووجه عبد الرحمن اليوسفي، الأمين العام الأسبق لحزب الاتحاد الاشتراكي، ورئيس حكومة التناوب التوافقي في ذكرى اختفاء واغتيال المعارض المغربي نداء للدولة المغربية بأن «تكشف عن الحقيقة التي تعرفها عن قضية بن بركة من أجل الحقيقة في حد ذاتها، ومن أجل وضع حد لجنازة تستمر 50 سنة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.