واشنطن تدفع روسيا لوقف إطلاق النار في اجتماع ميونيخ

واشنطن تسعى لدفع روسيا لتنفيذ خطة لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية خلال اجتماع ميونيخ الخميس.
أكد مسؤول بالخارجية الأميركية استمرار المشاورات بين واشنطن وموسكو حول عرض روسي لوقف إطلاق النار في سوريا، ووصول المساعدات الإنسانية، مشيرا إلى وجود بعض الأفكار البناءة التي يمكن من خلالها تنفيذ وقف لإطلاق النار على أرض الواقع. كذاك الحصول على دعم من الدول المعنية بالأزمة السورية لتنفيذ القرار بما يمكن من إمكانية استئناف محادثات السلام. وقال المسؤول بالخارجية إن كل المقترحات سيتم مناقشتها خلال اجتماع ميونيخ للأمن يوم الخميس. وأعلنت موسكو على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف أنها أرسلت للولايات المتحدة خطة ملموسة لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا وتنتظر من واشنطن الرد على المقترحات الواردة في تلك الخطة.
ودون أن يوضح موقفه من العرض الروسي، شدد وزير الخارجية الأميركي جون كيري للصحافيين خلال اجتماعه مع وزير الخارجية المصري سامح شكري، أمس، على أن بلاده تسعى لتوحيد الجهود لتحقيق وقف لإطلاق النار، وقال: «ما تقوم به روسيا من أنشطة في حلب وفي المنطقة، يجعل الأمر أكثر صعوبة لنتمكن من الجلوس على طاولة وإجراء محادثات خطيرة». وألقى كيري على روسيا مسؤولية القيام بجهد كبير لدعم المحادثات، وقال: «نحن لسنا عميانا عما يحدث وندرك حساسية هذه اللحظة، وتحتاج روسيا أن تساهم بشكل فعل لدعم قدرة المعارضة وغيرها، للمجيء إلى طاولة المفاوضات، وخلق جو من خلاله يمكن أن يكون هناك تفاوض بشكل حقيقي، ولكنهم (الروس) جعلوا هذا الأمر صعبا حدا على مدى الأيام الماضية». وتحدث كيري عن أهمية اجتماع ميونيخ، وقال: «هذا الاجتماع في ميونيخ سيكون فيه آمال كبيرة أن يخرج بنتائج هامة مع ضرورة ملحة لمعالجة أزمة إنسانية كارثية تتكشف أمام أعين العالم من خلال إلقاء قنابل عنقودية يتم استخدامها لقتل النساء والأطفال الأبرياء، والناس يبحثون عن مخرج ويتضورون جوعا ويحتاجون إلى الغذاء».
وشدد كيري على أن «روسيا تحتاج إلى الانضمام إلينا. إن كل ذلك لا يمكن أن يستمر وعليهم مسؤولية كبيرة كعضو في الدول الداعمة لسوريا، لإنجاح الجهود».
وأمس، علق جون كيربي المتحدث باسم الخارجية الأميركية، بقوله: «ما لم نتمكن من الحصول على وقف إطلاق النار يوافق ويلتزم بها الجميع، وضمان نفاذ المساعدات إلى المحتاجين في المناطق المنكوبة، فإن أمد الصراع سوف يطول».
وأكد مسؤول كبير بالبيت الأبيض لـ«لشرق الأوسط»، أن الولايات المتحدة ستسعى خلال اجتماع ميونيخ إلى موقف موحد مع الدول الأوروبية للضغط على روسيا للقيام بدور فعال في تسوية الأزمة السورية، ويأتي ذلك في وقت تناقش فيه الإدارة الأميركية ميزانية الدفاع الجديدة التي تتضمن تخصيص مبلغ 3.4 مليار دولار للعمليات العسكرية وتحسين البنية التحتية في أوروبا بما يعادل أربعة أضعاف المبلغ المخصص في ميزانية وزارة الدفاع للعام الماضي. وتدعي المبادرة في الميزانية الأميركية مبادرة الاطمئنان الأوروبي التي تهدف لطمأنه الدول الحلفاء في حلف الناتو في مواجهة العدوان الروسي خاصة بعد استيلاء روسيا على شبه جزيرة القرم. وفي الوقت نفسه استبعد محللون أميركيون خروج اجتماع ميونيخ غدا (الخميس) بنتائج تحمل تحولات إيجابية في العلاقات بين روسيا والدول الغربية.
وأشار المسؤول إلى أن نائب الرئيس الأميركي جو بايدن قد يرأس الوفد الأميركي إلى مؤتمر ميونيخ للأمن الذي يقام في مدينة بافاريا الألمانية من 12 إلى 14 فبراير (شباط) الحالي بمشاركة 20 رئيس دولة وحكومة و60 وزيرا للخارجية والدفاع. وتنظر الدوائر السياسية الأميركية إلى اجتماع ميونيخ باعتباره مقياسا لتحديد قدرة الإدارة الأميركية على إيجاد سبل لحل الأزمة السورية ومعيارا لمدى نجاح أو فشل دبلوماسية وزير الخارجية جون كيري لمساعدة المعارضة السورية المدعومة من الولايات المتحدة، لتكون جزء من التسوية السياسية لسوريا.
وتسعى واشنطن إلى دفع روسيا لتنفيذ وقف لإطلاق النار في سوريا وتسهيل توصيل المساعدات للمدنيين في المدن السورية قبيل اجتماع ميونيخ، في إطار سعى واشنطن الحثيثة للحفاظ على عملية السلام السورية الهشة على قيد الحياة والالتزام بموعد الخامس والعشرين من فبراير لعقد المحادثات تحت رعاية الأمم المتحدة. ويأتي السعي الدبلوماسي الأميركي بعد تحذيرات أطلقتها المعارضة السورية والدبلوماسيون الغربيون من قيام الحكومة السورية بتسريع القصف العسكري بمساعدة القوات الروسية بما قد يعرقل جهود السلام.
ويقول المحللون إن واشنطن تحتاج إلى روسيا لضمان تحقيق النجاح في التسوية السياسية السورية، وإعطاء مساحة كافية للمعارضة لتستطيع العودة إلى طاولة المفاوضات واستئناف المحادثات التي تم تعليقها.
ويقول جيفري وايت الباحث بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط والمحلل السابق لوكالة استخبارات الدفاع، إن البيت الأبيض أخطأ بعدم تطوير استراتيجية متوازنة تتضمن ردا عسكريا ودبلوماسيا لما يحدث في سوريا، والآن يدفع الثمن. وأكد وايت أن استراتيجية الإدارة الأميركية لن تنجح.
ويشير غاريث بورتر الباحث السياسي بمعهد الأبحاث العالمية بواشنطن إلى أن التغييرات السياسية والعسكرية لها أثر واضح على المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة، مرجحا أن يعمل نظام الأسد بمساندة روسيا على تقوية مركزه العسكري لاستغلال ذلك في المحادثات السياسية، في حين رجح مقاطعة المعارضة للمحادثات في ظل غضبها مما تعتبره تراجعا من إدارة أوباما عن المطالبة برحيل الأسد عن السلطة.
ويقول بورتر: «ما حققته روسيا من نجاحات عسكرية في سوريا جعلت إدارة أوباما تدرك أن استراتيجيته السابقة لن تنجح ولذا حل محلها استراتيجية جديدة انتهازية إلى حد ما وتقوم على فكرة الاستفادة من المصالح الاستراتيجية الأميركية الروسية المشتركة حول مكافحة داعش والتقليل من الضغط على تغيير النظام في سوريا».
ويقول أندرو تابلر الباحث بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إن البيت الأبيض لا يريد استخدام القوة العسكرية في سوريا ومن الصعب التفكير بأنه يمكن تحقيق نتائج وأن تسير الأمور بشكل مختلف، فمن الصعب أن يكون هناك نفوذ عندما تكون متحفظا في استخدام القوة العسكرية.