النظام وحلفاؤه يقتربون من الحدود التركية ويحشدون حول داريا ودرعا

معارضون: المجتمع الدولي فشل في الضغط على النظام فلجأ للضغط على المعارضة

النظام وحلفاؤه يقتربون من الحدود التركية ويحشدون حول داريا ودرعا
TT

النظام وحلفاؤه يقتربون من الحدود التركية ويحشدون حول داريا ودرعا

النظام وحلفاؤه يقتربون من الحدود التركية ويحشدون حول داريا ودرعا

استمرّ التصعيد العسكري الذي يلجأ إليه النظام السوري مدعوما بقوات برية إيرانية وغطاء جوي كثيف من الطيران الروسي، فنفذ أمس الاثنين عملية برية محاولاً التقدم باتجاه الحدود التركية عبر هجوم كبير، يجعلهم على بعد نحو 25 كيلومترا من الحدود التركية. وانسحب التصعيد الميداني على الجبهة الجنوبية في درعا وريفها التي فرّ من سكانها نحو 40 ألفا باتجاه الحدود الأردنية، وعلى مدينة داريا في ريف دمشق الغربي، حيث يحشد النظام 1500 عنصر لمهاجمتها بإشراف ضباط روس كبار.
ورأى عضو المجلس العسكري في الجيش الحر أبو أحمد العاصمي، أن «تصعيد العمليات العسكرية الروسية والإيرانية إلى جانب قوات النظام في كل سوريا، ليس إلا جزءًا من سيناريو أميركي - روسي يهدف إلى إطلاق يد النظام، لتكون له اليد الطولى في مفاوضات جنيف التي باتت في حكم الميتة».
وأكد العاصمي لـ«الشرق الأوسط»، أن «المجتمع الدولي فشل في الضغط على النظام وإرغامه على تقديم تنازلات في المفاوضات، فلجأ الآن للضغط على المعارضة لكونها الطرف الأضعف تسليحًا». وأضاف: «هم لا يفهمون أن الذين يقاتلون هم أبناء الأرض، ولذلك هذا الأسلوب سيفشل، ولن يحقق أي مكاسب».
ويسعى النظام السوري وحلفاؤه إلى استعادة السيطرة الكاملة على حلب، أكبر المدن السورية، لما لذلك من مكسب استراتيجي في الصراع، بعد أسبوع من القصف والغارات الجوية الروسية المكثفة، وتمكنهم من اختراق دفاعات المعارضة، ليصلوا إلى بلدتين شيعيتين في محافظة حلب الشمالية يوم الأربعاء، وهو ما ضيق الخناق على خطوط إمداد المعارضة الآتية من تركيا.
وقال عضو المجلس العسكري: «بعد هذا التصعيد لن نذهب إلى أي مفاوضات تحت رعاية مجتمع دولي متآمر على الشعب السوري، ويعمل الآن على رحيل الثورة السورية وتصفيتها، بدلاً من رحيل الأسد ونظامه».
وتحدث معارضون عن دور رئيسي تلعبه الميليشيات المدعومة من إيران في معركة ريف حلب، وأكدوا أن «سياسة الأرض المحروقة التي تعتمدها الطائرات الروسية، مكّنت قوات النظام من استعادة السيطرة على مناطق استراتيجية في شمال البلاد للمرة الأولى منذ أكثر من عامين».
وقال عبد الرحيم النجداوي من جماعة «لواء التوحيد» المعارضة لوكالة «رويترز»: «كل وجودنا مهدد وليس فقط خسارة مزيد من الأرض، هم يتقدمون ونحن ننسحب، في وجه هذا القصف العنيف، علينا أن نخفف من خسائرنا».
وأدت غارات الطيران الروسي على حي الصالحين الخاضع لسيطرة المعارضة وسط مدينة حلب إلى مقتل 13 مدنيًا. وقال الناشط الإعلامي أبو محمد الحلبي: «إنَّ الطيران الروسي شَّن غارات بالصواريخ الفراغية والعنقودية على تجمعات سكنية في حي الصالحين وسط مدينة حلب». كما قصف الطيران الروسي مدينتي حريتان وكفر حمرة الخاضعتين لسيطرة المعارضة بريف حلب الشمالي.
وفي ريف دمشق الغربي، تستعد قوات النظام مدعومة بالميليشيات الشيعية لشن هجوم على مدينة داريا، بإشراف ضباط روس بعد إحكام الحصار على المدينة قبل نحو أسبوع. وأفاد حسام الأحمد، مدير المكتب الإعلامي لداريا (المعارض) لوكالة الأناضول، أن «النظام حشد نحو 1500 مقاتل، بينهم المئات من الميليشيات الشيعية (لواء ذو الفقار، وحزب الله اللبناني)».
وأوضح الأحمد أن «12 ضابطا روسيا يشرفون على التحضير للعملية، غرب المدينة، مزودين بكاميرات حرارية وطائرات استطلاع حديثة تقوم بالتحليق فوق المدينة»، مشيرًا إلى أن «12 ألف مدني نصفهم من الأطفال، يعيشون في المدينة وهم محاصرون بشكل كامل، ومصيرهم مجهول»، محذرا من «مجزرة كبيرة قد تحدث في المدينة في حال تمكنت قوات النظام وحلفاؤها من السيطرة عليها». وأضاف الأحمد: «قوات النظام بدأت باستخدام دبابات روسية حديثة، لم نتمكن من معرفة نوعها».
أما الجبهة الجنوبية، فلم تكن أفضل حالاً؛ إذ كثّف الطيران الروسي غاراته على مدينة درعا وريفها، استعدادًا لهجوم بري يتحضّر له النظام والميليشيات الداعمة له، مما تسبب بنزوح الآلاف من أبناء المدينة وريفها نحو الحدود الأردنية.
وأوضح قيادي في الجيش السوري الحرّ، أن «الحملة على درعا بدأت منذ معركة الشيخ مسكين، لكن معظمها حملة جوية». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «القصف لا يتوقف ليلاً ولا نهارًا، مما يساعد قوات النظام على التقدم بعد تدمير المدن والقرى، وهو ما أدى على (تهجير أكثر من 40 ألف مدني إلى الحدود مع الأردن)».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.