تعرف إلى لندن عبر مسارحها

تساهم في السياحة وتجذب الزائرين إلى العاصمة البريطانية

لندن عاصمة المسارح والفن الراقي و من مسارح لندن في منطقة كوفنت غاردن
لندن عاصمة المسارح والفن الراقي و من مسارح لندن في منطقة كوفنت غاردن
TT

تعرف إلى لندن عبر مسارحها

لندن عاصمة المسارح والفن الراقي و من مسارح لندن في منطقة كوفنت غاردن
لندن عاصمة المسارح والفن الراقي و من مسارح لندن في منطقة كوفنت غاردن

تساهم مسارح لندن في جذب السياح إليها لمشاهدة كثير من المسرحيات والعروض الموسيقية والغنائية المشهورة عالميا. وبينما يقبل كثير من سكان العاصمة على حضور المسرحيات فيها، فإن السياح الأجانب يحتاجون إلى مزيد من الخدمات مثل ترتيب الإقامة الفندقية والحصول على التذاكر وتنظيم كل جوانب الإقامة في لندن. وهنا يقوم كثير من الشركات المتخصصة بتوفير هذه الخدمات لسياح لندن على مدار العام.
ويختار السائح من بين عشرات العروض المسرحية المتاحة في العاصمة بالإضافة إلى الدرجة الفندقية الملائمة من أجل رحلة ممتعة إلى لندن بها انغماس في الثقافة المحلية أيضا. وتتيح هذه الشركات للسائح كثيرا من الخيارات مثل اختيار المقعد المفضل له في المسرح واختيار الفندق الملائم. وحتى الآن تجد هذه الباقات السياحية المسرحية إقبالا كبيرا من السياح الأميركيين والأوروبيين. وقد يجد السياح العرب مجالا جديدا للاستمتاع بزيارات لندن، خصوصا في المسرحيات التي توفر لهم إبهارا بصريا وكثيرا من المؤثرات السمعية والضوئية.
وهناك كثير من المسرحيات والعروض الغنائية التي تتوافق مع الذوق العربي، ويمكن أن تمثل إضافة ثقافية إلى الزيارات السياحية إلى العاصمة البريطانية في أي وقت من العام. وتوفر عدة شركات إمكانية حجز التذاكر على الإنترنت عن طريق اختيار المقاعد على شبكة تفاعلية توضح خريطة مقاعد المسرح.
وهناك كثير من الشركات العاملة في هذا المجال مثل «تيكيت ماستر» و«ثييتر بريكس» «ولاست مينيت دوت كوم» و«سوبر بريك» و«ثييتر أونلاين» وغيرها. ويعتمد الاختيار على ما يطلبه السائح من خدمات، ويمكن مقارنة أسعار الشركات بعضها ببعض قبل اختيار أحدها.
وتنقسم العروض المسرحية في لندن إلى كثير من الفئات، منها المسرحيات ذائعة الصيت التي تعرض منذ سنوات ويقبل عليها المشاهدون من جميع أنحاء العالم. كما توجد مسرحيات تلائم الأطفال من حيث الجاذبية البصرية والموسيقية، بالإضافة إلى عشرات الأعمال التجريبية التي تلائم فئات معينة من المشاهدين والنقاد.
وتنتشر مسارح لندن في الحي الغربي من المدينة ولا يفصل بين معظمها إلا شوارع قليلة، وهي تتركز في مناطق أولدوويتش و«دروري لين» و«ستراند» و«بيكاديللي». وتبدأ المسرحيات عادة في أمسيات الأسبوع وبعضها يقدم حفلات في ظهيرة بعض الأيام تسمى حفلات «ماتينيه». وتلائم حفلات الظهيرة فئات الأطفال والسياح حيث يقبل أهل لندن في الغالب على حفلات المساء التي تعقد بعد ساعات العمل اليومي.
وينتشر كثير من مطاعم لندن بجوار المسارح، بحيث يمكن الجمع بعد وجبة عشاء ودخول المسرح. وتقدم بعض الشركات أيضًا عروضا تشمل الإقامة والعروض المسرحية ووجبات في المطاعم القريبة.
ويمكن للسائح العربي الزائر أن يبدأ هذا النوع من السياحة بالعروض المسرحية الموسيقية المشهورة التي تمتد عروضها لسنوات طويلة، قبل أن يغامر بحضور المسرحيات التجريبية أو الشبابية. وهناك عشرات الخيارات لمثل هذه العروض، هذه أهمها:
- «ملك الغابة» (The Lion King): وهي قصة مستعارة من فيلم كارتوني أنتجته شركة «ديزني» ويعرض على مسرح ليسيوم في شارع ويلينغتون بالقرب من أولدوويتش. ويستمر هذا العرض منذ عام 1999. وهو يزخر بالمؤثرات البصرية والسمعية ويصلح للأطفال، إذ إنه يستعرض موسيقيا أحداث الفيلم ويشمل كل أغانيه أيضا. وتختلط شخصيات المسرحية أثناء العرض بالجمهور وتنقل الأجواء الأفريقية إلى وسط لندن. وتحكي المسرحية قصة الشبل سيمبا الذي يخوض كثيرا من المغامرات والمخاطر حتى يصبح ملك الغابة بعد تغلبه على مؤامرات عمه سكار. وأثنى النقاد على العرض بتعليقات إيجابية، خصوصا حول الأداء الموسيقي والأزياء والأقنعة المستخدمة في العرض. وهو عرض محبوب من الأطفال وما زالت جميع المقاعد محجوزة للعروض المستمرة منذ 16 عاما. ويتم الحجز حاليا حتى شهر يوليو (تموز) 2016. ويوجد بالقرب من المسرح فندقان هما ستراند بالاس من فئة أربع نجوم والسافوي من فئة خمس نجوم.
- «البؤساء» (Les Miserables): وهي مسرحية غنائية وتعد من أنجح وأطول العروض في لندن، حيث بدأت في عام 1985 على مسرح كوينز في شافتزبيري افينيو بالقرب من ميدان بيكاديللي. وهي استعراض لقصة الكاتب الفرنسي فيكتور هوغو عن أحدث في الثورة الفرنسية. ومنذ عرضها الأول في منتصف الثمانينات تم عرض هذه المسرحية في 42 دولة وفي 221 مدينة وتمثيلها بنحو 21 لغة مختلفة. كما فازت بكثير من الجوائز، منها ثماني جوائز «برودواي توني»، وهو إنجاز فريد. وفي عام 2010 جرى عرض المسرحية في ثلاثة مسارح لندنية في الوقت نفسه. ويتفاعل الجمهور كل ليلة مع التمثيل العاطفي الجياش الذي يعكس قوة الإرادة الإنسانية. ويقبل كثير من السياح إلى لندن خصيصا لمشاهدة مسرحية «البؤساء» التي بلغت عامها الثلاثين من العرض المستمر عبر أجيال من الممثلين. ويستمر الحجز لمشاهدة هذه المسرحية حتى بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2016. ويوجد كثير من الفنادق القريبة من المسرح من مختلف الدرجات، منها فندق راديسون هامشير وليستر سكوير وسان جايلز، والأخير من فئة ثلاث نجوم. وهناك أيضًا فندق الميريديان من فئة خمس نجوم على الجانب الآخر من ميدان يبكاديللي.
- «شبح الأوبرا» (The Phantom of the Opera): وهي من أفضل المسرحيات الغنائية المعروضة في لندن حاليا بلا منازع. افتتحت في عام 1986 وعرضت منذ ذلك الوقت في 147 مدينة في 27 دولة وشاهدها أكثر من 100 مليون مشاهد حول العالم. وحققت كثيرا من الجوائز، منها سبع جوائز «برودواي توني» وجائرة لورانس أوليفييه. وهي أيضًا من أعلى المسرحيات الغنائية إيرادا في لندن، وتعرض الآن على مسرح «هير ماجسيتي» في الحي الغربي. وتقول عنها صحف لندن إنها الأجمل والأكثر إبهارا في تاريخ المسارح. وأبدع في وضع موسيقاها الفنان أندرو لويد ويبر، كما تظهر بها بعض المؤثرات الخاصة التي تفاجئ الجمهور. وهي تجسد كل ليلة قصة الكاتب الفرنسي غاستون ليروس عن الحياة تحت خشبة مسرح أوبرا باريس حيث يقع رجل مقنع في حب بطلة الأوبرا، كريستين، التي تلهم إبداع «موسيقى الليل». وهي من المسرحيات الجديرة بالمشاهدة لكل من يزور لندن، حيث ستبقى ذكراها وموسيقاها في مخيلة من حضرها لسنوات طويلة بعد الزيارة. ويمكن الجمع بين المسرحية وبين الإقامة في كثير من فنادق العاصمة القريبة من بيكاديللي أو ترافلغر سكوير.
- «مس سايغون» (Miss Saigon): وهي تعرض في لندن منذ ربع قرن وبدأت أول عروضها في عام 1989. وهي الآن تعرض على مسرح «برنس إدوارد» بالقرب من ميدان ليستر غرب لندن. وسوف يستمر عرض المسرحية الغنائية في لندن حتى نهاية شهر فبراير (شباط) 2016 لتبدأ بعده العرض في برودواي في نيويورك. وهي تعبر عن قصة حب أثناء حرب فيتنام وتدخل في المسرحية مؤثرات بصرية قوية مثل وجود طائرة هليكوبتر. وجرى عرض هذه المسرحية في 300 مدينة بـ15 لغة مختلفة. وتحكي المسرحية قصة فتاة فيتنامية فقيرة تدعى كيم تقع في حب جندي أميركي اسمه كريس، ولكن حياتهما تتحطم مع سقوط سايغون. ويذكر أن الفريق المنتج للمسرحية هو نفس الفريق الذي سبق وأنتج مسرحية «البؤساء» الناجحة. وما زال أبطال المسرحية الأوائل يقدمونها يوميا منذ بداية العرض قبل ربع قرن. ويوجد كثير من الفنادق القريبة من المسرح مثل راديسون بلو وإدوارديان. ولا تصلح المسرحية لمن يقل عمره عن 12 عاما.
- «ماما ميا» (Mamma Mia): وهي قصة شبه فكاهية تقع أحداثها في جزيرة يونانية وتعتمد على أغاني فرقة آبا الموسيقية وأحداث فيلم يحمل الاسم نفسه. وتحكي القصة رواية فتاة مقبلة على الزواج وتريد دعوة والدها إلى حضور حفل العرس ولكنها تدعو ثلاثة رجال بدلا من واحد لأنها لا تعرف أيهم هو والدها. وتدور الأحداث والأغاني حتى يقع والد الفتاة الحقيقي في حب والدتها من جديد ويتزوجها. ويذهب معظم المشاهدين من أجل معايشة أغاني آبا مرة أخرى، حيث تعود بهم إلى ذكريات الشباب. ويصف النقاد المسرحية بأنها «أمسية ممتعة» وأن الحضور يشعرون بالتفاؤل بعد حضور العرض المسرحي. وتعرض المسرحية حاليا على مسرح نوفيللو بمنطقة أولدوويتش ويتم الحجز حاليا حتى شهر أكتوبر المقبل. ويقع المسرح بالقرب من فندق السافوي من فئة خمس نجوم أو ستراند بالاس من فئة أربع نجوم أو بريسدنت من فئة ثلاث نجوم. المثير في هذه المسرحية أنها تتمتع بشهرة عالمية، إذ تعرضها فرق أخرى حول العالم بنحو 14 لغة مختلفة وشاهدها حتى الآن 54 مليون مشاهد. كما أن إيراداتها فاقت مليارا ونصف مليار دولار.
- «بيلي إيليوت» (Billy Elliot): وهو عرض موسيقي لفيلم بريطاني سبق وحصل على ثلاث جوائز أوسكار ويحمل الاسم نفسه. وتعرض المسرحية على مسرح فيكتوريا بالاس. وتحكي المسرحية قصة صبي هو بيلي من شمال إنجلترا، حيث الرجال يمارسون رياضة الملاكمة ويعملون في المناجم، بينما بيلي يهوى الموسيقى والرقص. وينجح بيلي في الالتحاق بمدرسة الباليه الملكية ليصبح نجما مشهورا بعد ذلك. وسوف يكون هذا العام هو آخر فرصة لمشاهدة العرض، حيث ستغلق المسرحية أبوابها يوم 9 أبريل (نيسان) المقبل.
وتوجد العشرات من المسرحيات الأخرى المستمرة منذ فترات طويلة والجديدة التي سيبدأ بعضها العرض قريبا. ومن أحدث المسرحيات التي ستأتي إلى لندن هذا العام مسرحية «علاء الدين» التي تعرض الآن في نيويورك، ولكنها ستأتي إلى لندن بداية من شهر يونيو (حزيران) المقبل. وسيكون العرض على مسرح «برنس إدوارد» بالقرب من ليستر سكوير، وهي مسرحية غنائية تصلح لكل الأعمار وتحتوي على أغاني فيلم «علاء الدين» من إنتاج «ديزني».



بللسمر... مدينة الغيوم والذاكرة العربية العتيقة

بللسمر من المناطق التاريخية الجميلة في المملكة (الشرق الاوسط)
بللسمر من المناطق التاريخية الجميلة في المملكة (الشرق الاوسط)
TT

بللسمر... مدينة الغيوم والذاكرة العربية العتيقة

بللسمر من المناطق التاريخية الجميلة في المملكة (الشرق الاوسط)
بللسمر من المناطق التاريخية الجميلة في المملكة (الشرق الاوسط)

حين تتجول بين سفوح ووديان بللسمر، تشعر وكأنك تمشي في ممرات التاريخ نفسه، فكل زاوية من هذه المدينة تحكي قصة، وكل نسمة تحمل عبق مجد قديم، والإبهار هنا ليس لحظة عابرة، بل حالة ترافقك طوال الرحلة.

بللسمر في المملكة العربية السعودية مهد الأساطير ومسرح البطولات، كل حجر فيها يروي حكاية نصر، وكل وادٍ يحتفظ بصدى أبطال مرواً من هنا.

تقع بللسمر في قلب منطقة عسير جنوب غربي المملكة، وتحتضن بين جبالها كل ما هو مدهش؛ من نقوش أثرية وجبال شاهدة على حضارات تعاقبت، إلى جبل لقمان الحكيم وصدى أشعار الشنفرى صاحب «لامية العرب».

طبيعة رائعة في أعالي جبال السعودية (الشرق الاوسط)

ولكثرة الحكايات والمواقع والنقوش المنثورة التي تحكي لك تفاصيل أمة عاشت واستوطنت قبل أكثر من 3 آلاف عام، فالمكان مدجج بالتاريخ، لا تعبث مع الحكايات قف وتأمل، عطر الانتصارات ونشوة المجد، واسمع ما يسلي خاطرك عن قبائل «الأزد» وقصة الصحابة في صدر الإسلام، وما يروى عن قبر «لقمان» الحكيم.

احتضنت بللسمر، الواقعة في منطقة عسير جنوب غربي السعودية، جميع ما هو معقول ولا معقول من جبل لقمان، والنقوش المتناثرة في جبال المدينة، إلى صاحب «لامية العرب» الشنفرى، وهو ثابت بن أواس الأزدي، ليأخذك المسير فيما أنت عليه من انبهار إلى أقدم مساجد الصحابة في المدينة، وسوق «أم طير» الذي يعود تاريخه لأكثر 400 عام، وللسوق حكاية مع طير يحوم فوقه بحثاً عن الطعام فسمي بسوق «أم طير» باللهجة التهامية.

نقوش وآثار (الشرق الاوسط)

ولا تكتفي بللسمر بعمق تاريخها، فالطبيعة التي تعانقها من الاتجاهات الأربعة وارتفاعها عن سطح البحر بنحو 2800 متر جعلها وجهة للباحثين عن الجمال والاسترخاء، إذ تلتقي الغابات الكثيفة بالسحب المنخفضة، في مشهد يعكس جمال الطبيعة الجبلية في جنوب المملكة، وهذه الطبيعة الفريدة تستقطب آلاف الزوار والسياح من الداخل والخارج على مدار العام، وإن كان فصل الصيف يسجل حضوراً أكثر، خاصة مع انتشار كبير للمنتزهات الفريدة بأجوائها الباردة والضبابية.

وفي كل موسم صيف تنظم العديد من الفعاليات السياحية التي تحكي واقع المدينة كما تحتضن سنوياً مهرجان البر، الذي يُبرز منتجات المزارعين المحليين من الحبوب، ويُعد من أبرز الفعاليات الزراعية في المنطقة، إذ تشتهر بللسمر بهذا المنتج على المستوى المحلي والدول المجاورة.

موقع جميل وتاريخ غني (الشرق الاوسط)

يروي اللواء متقاعد فايز الأسمري، والمهتم بتاريخ بللسمر، أن المدينة جزء من رجال الحجر الذين يتكونون من أربع قبائل هي «بلحمر، وبللسمر، وبني شهر، وبني عمرو»، وجميعهم من أولاد الحجر بن الهنوء بن الأزد بن قحطان، من العرب القحطانيين، مشيراً إلى أن بللسمر تنقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية «قسم في تهامة، وقسم في الحجاز، وقسم في السهول الشرقية (نجد)»، وجميعها ترتبط بنسب واحد وتاريخ مشترك.

وأشار الأسمري في حديثة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تاريخ استقرار الأزد في هذه الجبال يعود إلى ما قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، بنحو ألفي عام، وذلك بعد هجرة الأزد من مأرب باليمن عقب انفجار سد مأرب، وهو الحدث الذي أدى إلى تفرّق قبائل الأزد في أنحاء الجزيرة وخارجها، موضحاً أن القبائل تفرعت داخل المملكة وخارجها، منها رجال الحجر، وبلقرن، وغامد، وزهران، والأوس والخزرج في الداخل، فيما سكن الغساسنة بلاد الشام.

طبيعة غناءة تعانق سماء المملكة (الشرق الاوسط)

ويذكر اللواء فايز، أن اختيار «الأزد» للإقامة في جبال السراة لم يكن عشوائياً، بل بسبب توفر مقومات الحياة؛ فالمياه والأمطار كانت متوفرة، والمراعي خصبة، والزراعة مزدهرة، وكانت المنطقة مصدر رزق للوافدين من نجد وبيشة، إذ كانت الجبال تنتج القمح والشعير، بينما تأتي التمور من بيشة، فكانت بللسمر منطقة تبادل اقتصادي ومعيشي مهمة في الجزيرة العربية.

من جهته، قال سعيد الأسمري، مهتم بتاريخ بللسمر ومالك حصن معشي، إن اسم بللسمر صفة وليس نسباً، فهم يرجعون إلى الأواس بن حجر مباشرة، وتجمعهم صلة قوية ببقية قبائل رجال الحجر وهي: «بللسمر، وبلحمر، وبني شهر، وبني عمرو»، موضحاً أن المنطقة شهدت معارك قبل الإسلام وفي صدره، من أبرزها المعركة التي وقعت في عيار بللسمر، كما شهدت المنطقة ما عُرف بـ«يوم العرب» أو يوم «حراق»، وهي حروب دارت بين قبائل بني واس التي انقسمت لاحقاً إلى ثلاث مجموعات، وكانت تلك الحروب تدور غالباً بسبب الغزو القبلي.

منطقة خضراء في أعالي جبال السعودية (الشرق الاوسط)

ويصف سعيد الأسمري، تضاريس بللسمر، أنها تتكون من أربع بيئات مختلفة، لكل منها مناخها ولهجتها وطبيعتها فالبادية في الجهة الشرقية، والسراة وهي الجبال العالية كجبال السودة، والرهو التي ورد ذكرها عند الهمداني قبل أكثر من 1200 سنة، حيث قال إن بها أرضاً تُسمى ذْبوب من بوزر، وتضم تسعةً وتسعين بئراً، والصدر الذي يرتفع ما بين 1200 إلى 1500 متر، وفيه جبلان بارزان هما هادا وضرم.

ويضيف أن سوق خميس أمطير وهو من الأسواق القديمة سُمي بهذا الاسم لأن طائراً كان يقف فيه لالتقاط بقايا الطعام، فكان الأهالي يقولون باللهجة التهامية «أم طير»، وقد كانت السوق قائمةً قبل خمسمائة عام وما يزال موجوداً حتى اليوم، لافتاً إلى أن آثار بني واس تدل على وجودهم في المنطقة قبل أكثر من 3 آلاف عام، ومن هذه القبيلة خرج الشنفرى أحد أشهر صعاليك العرب، الذي امتدح الخليفة عمر بن الخطاب شعره وعدّه من أميز الشعراء العرب.

ويذكر مالك حصن معشي، أن من أقدم المساجد في بللسمر «مسجد دبوب، ومسجد مرحب»، وهما من المساجد التي شُيدت في صدر الإسلام، إذ شيد مسجد رحب الصحابي معاذ بن جبل رضي الله عنه، وحمل اسمه لاحقاً، مع وجود موقع أثري يُنسب إلى لقمان عليه السلام، حيث توجد نقوش تعود إلى أكثر من أربعة آلاف عام، إضافة إلى جبل يُعرف باسم لقمان.


جولة على الساحل اللبناني من شماله إلى جنوبه

مدينة جونيه الجميلة (فيسبوك)
مدينة جونيه الجميلة (فيسبوك)
TT

جولة على الساحل اللبناني من شماله إلى جنوبه

مدينة جونيه الجميلة (فيسبوك)
مدينة جونيه الجميلة (فيسبوك)

مقولة اللبنانيين الشهيرة: «في لبنان يمكنك أن تسبح في الصباح وتتزلج بعد الظهر»، بالإشارة إلى قرب المسافة ما بين البحر والجبل. فيشتهر لبنان بأن دقائق فقط تفصل بين الساحل وسفوح الجبال. فبلد الأرز يملك من خصوصيات طبيعته الجميلة كل ما يتمناه المرء لقضاء عطلة جميلة. وبين البحر والجبل تتوزّع المساحات الخضراء والزرقاء لتؤلف عناوين معروفة. فالساحل اللبناني غني بشواطئه الممتدة على طول مساحته من الشمال إلى الجنوب، بينها ما هو صخري أو رملي. وعادة ما تشكّل هذه الشواطئ وجهات سياحية يقصدها اللبناني المقيم كما السائح الأجنبي، فيمارس رياضاته المفضلة من سباحة وتزلّج على الماء، كما يستفيد من مطاعم ومقاهٍ لتناول أطباق بحرية طازجة.

صور جوهرة المناطق الساحلية في لبنان (فيسبوك)

صورحصدت المركز الرابع كأجمل شواطئ المنطقة

يجذب شاطئ مدينة صور الجنوبية رواده من مختلف المناطق اللبنانية. كما يعدّ من العناوين الأشهر بالنسبة للسياح الأجانب والعرب. فهو يتميز بنظافة مياهه وزرقتها. كما احتلّ المركز الرابع ضمن أجمل شواطئ منطقة الشرق الأوسط.

عادة ما يقصد رواده منطقتي الخيم والجمل، كونهما من الأجمل للسياحة الشاطئية. زرقة على مدّ عينك والنظر تأخذك إلى عالم الأحلام، ويعدّ محمية بيئية. يُقسم إلى منطقة مخصصة للاستجمام والسباحة، وأخرى يُمنع استغلالها، وتخصص فقط للحفاظ على الحياة البرية، وبشكل خاص السلاحف البحرية (اللجآت) والأسماك. تقع محمية شاطئ صور الطبيعية في الجزء الجنوبي من مدينة صور. تتألف من أكثر شواطئ لبنان الرملية جمالاً، وهو الشاطئ الأكبر في لبنان، مما يجعل المحافظة عليه مهمة وطنية.

تمّ إعلان شاطئ صور محمية طبيعية في عام 1998، تبلغ مساحتها الطبيعية 380 هكتاراً، وهي مقسمة إلى ثلاثة أقسام: قسم السياحة، وقسم الحماية، وقسم الزراعة والآثار.

يمكن لمن يقصده أن يحمل طعامه معه وينظم حفلة شواء أسماك على طريقته. وكذلك يمكنه أن يحط رحاله في واحد من المطاعم المنتشرة هناك، ومن بينها «ريست هاوس صور» و«لو فينيسيان» و«سيسيليا» وغيرها.

جميعها تقدّم أشهى المأكولات البحرية من أسماك طازجة ومتبلات وثمار البحر.

تشتهر عمشيت بشواطئها (فيسبوك)

عمشيت: شمس لا تغيب

تقع بلدة عمشيت على الساحل الشمالي اللبناني. ويعتبر شاطئها امتداداً لشاطئ جونية من ناحية الجنوب، وشكا والهري وطرابلس من ناحية الشمال. ويعدّ من أجمل وأنظف الشواطئ السياحية في لبنان، مما يجعله عنواناً بارزاً للاستجمام والنشاطات البحرية. طبيعته الصخرية تسمح لرواده بممارسة رياضة صيد السمك، وكذلك اكتشاف مواقع نمو ثمار التوتيا البحرية. وهي كائنات بحرية كروية الشكل ذات أشواك قاسية. وتُعرف هذه الثمار بقيمتها الغذائية العالية. ويتم تناولها طازجة بعيد صيدها مباشرة، فتشكّل رياضة بحد ذاتها تتطلّب الغطس في المياه حول حفاف الصخور.

يصل طول الشاطئ اللبناني إلى 200 كم، ويبلغ عدد الأيام المشمسة في البلاد نحو 300 يوم. ويعتبر شاطئ عمشيت من أهم شواطئ لبنان من حيث حماية البيئة والإدارة الجيدة، مما يجعله من أحسن شواطئ لبنان سمعة، ومقصداً للزوار من مختلف المناطق، وذلك في إطار السياحة الداخلية. تبلغ ذروة ارتياده في فترة الصيف، للتمتع برياضة السباحة والاستجمام. وما ساعده على ذلك موقعه البعيد عن زحمة المدينة. ولا يكتمل المشوار إلى شاطئ عمشيت من دون تناول الأسماك وثمار البحر الطازجة. ومن أهم المقاهي والمطاعم المشرفة عليه «بابل البحر» و«كازينو مهنا» و«شي رشيد».

منطقة أنفه الواقعة إلى الشمال اللبناني (فيسبوك)

شاطئ أنفة: سانتوريني لبنان

شاطئ أنفة في لبنان، هو معلم سياحي شهير. يُعرف بمياهه النظيفة، وبيوته البيضاء والزرقاء التي تذكر باليونان. وتلقّب بلدة أنفة بـ«أنفوريني» لبنان تيمناً بمدينة سانتوريني اليونانية. وعادة ما يقصد رواد السباحة والاستجمام شاطئ «فوق الريح» لممارسة نشاطاتهم الرياضية. يُعد الشاطئ مكاناً مثالياً للرياضات البحرية والأنشطة الترفيهية. ويضم منتجعات سياحية ومقاهي ومطاعم مطلة على البحر، بالإضافة إلى الملاحات القديمة التي تُظهر تاريخ المنطقة في استخراج الملح.

ومن أشهر مطاعمه «شي فؤاد» و«وسيم عالبحر» و«سمكة جرجي». وبعض هذه المطاعم تتمتع بشاطئ خاص بها يسمح لروادها تمضية يومٍ كاملٍ فيها، فيمارسون خلالها رياضات ونشاطات عدة كالسباحة والغطس.

جونية: منظر البحر والجبل بين يديك

يتمتع شاطئ جونية بخصوصية لا تحضر في باقي الشواطئ اللبنانية. يوفّر لرواده التمتع بمنظر يجمع بين البحر والجبل والعمارة. يقصده السياح لقربه من العاصمة (20 كلم). ولتوفيره كل المؤهلات السياحية. فتحضر فيه النظافة وحسن التنظيم وفنادق جيدة وشبكة نقل إلى جانب «تلفريك جونية».

شاطئ تحيط به مشاهد الجبال المكسوة بالغطاء النباتي، فيوفر جواً من الاسترخاء لمحبي الهدوء والتأمل. وتنتشر على ضفافه أعداد لا يستهان بها من المجمعات السياحية، من بينها «هوليداي بيتش» و«الرمال» و«بورتالونا» وغيرها.


رحلة ريفية رومانسية على خطى «بريدجرتون» و«داونتون آبي»

باث الجميلة (الشرق الاوسط)
باث الجميلة (الشرق الاوسط)
TT

رحلة ريفية رومانسية على خطى «بريدجرتون» و«داونتون آبي»

باث الجميلة (الشرق الاوسط)
باث الجميلة (الشرق الاوسط)

تفيض الدراما البريطانية بسحر خاص يأسر القلوب، فهي لا تُقدّم مجرد قصص حب، بل تنسج عوالم من الأناقة والرقي والحنين إلى الماضي. مسلسلات مثل بريدجرتون (Bridgerton) وداونتون آبي (Downton Abbey) أعادت إلى الأذهان جمال العصور الريجنسية والفيكتورية، حين كانت الرومانسية تُعبَّر بنظرة، والمشاعر تُروى في حفلات الرقص وتحت ثريات القصور.

غالبية الأفلام والمسلسلات تصور في باث وكوتسوولد (الشرق الأوسط)

لكن السحر لا يقتصر على الشاشة فحسب لأنه يُمكنك أن تعيشه بنفسك، فما إن تشاهد عرضاً فنياً في أحد مسارح لندن الشهيرة، أو تطأ قدماك شوارع باث الأنيقة أو ممرات كوتسوولد الحجرية حتى تشعر كأنك عُدّت قروناً إلى الوراء، فتتخيل أنك تسير مع الخيول والعربات والقصور والحدائق التي تنبض بالعشق والحنين. هناك بين المعمار الجورجي المهيب، والمروج الخضراء الهادئة، ستكتشف أن الرومانسية البريطانية ليست مجرد خيال تلفزيوني، بل واقع نابض يمكن أن تلمسه وتعيشه.

ساحة رويال كريسينت (الشرق الأوسط)

إذا كنت تبحث عن رحلة عنوانها الرومانسية، وتنوي المشي على خُطى أهم الممثلين وأبطال الأفلام والمسلسلات البريطانية الشهيرة التي صورت جميعها في قرى الريف الإنجليزي العابق بجمال طبيعته الخلابة، وروح القرى التي لا تزال جلية عليه، فيمكنك ذلك من خلال رحلة تبدأ من العاصمة لندن، وتمر بمدينة باث الرومانية، وتنتهي في قرى الكوتسوولدز الريفية.

من عرض «بلايت آند بريدجيديس» الساخر في لندن (الشرق الأوسط)

شاركت «الشرق الأوسط» أوائل أكتوبر (تشرين الأول) في رحلة مستوحاة من الدراما البريطانية التاريخية، من تنظيم «فيزيت بريتان» (Visit Britain)، وجمعت ما بين الخيال والتاريخ والدراما والرومانسية.

تصوير مشاهد سينمائية في باث (الشرق الأوسط)

بدأت المغامرة من لندن، العاصمة النابضة بالأناقة والتاريخ؛ حيث لا تزال الحدائق الملكية والساحات القديمة تروي قصص الطبقة الأرستقراطية في القرن التاسع عشر، ثم امتدت الرحلة غرباً إلى مدينة باث، المصنفة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونيسكو»، والمعروفة بحماماتها الرومانية ومعمارها الجورجي الفخم، وهي المدينة التي استلهمت منها الكاتبة جين أوستن أجواء رواياتها الخالدة. ومن هناك، انتهت الرحلة في قلب الريف الإنجليزي الساحر، في منطقة كوتسوولد، التي تأسر القلوب ببيوتها الحجرية الذهبية وتلالها الخضراء وقراها التي تبدو كأنها خرجت من صفحات رواية رومانسية.

مركز جين أوستن من الزيارات الجميلة في باث (الشرق الأوسط)

أناقة البدايةبدأ المشوار في فندق «ذا لاندنور» (The Londoner) الواقع في ميدان «ليستر سكوير» النابض بالحيوية السياحية، ويعدّ من الفنادق القليلة حول العالم من فئة «سوبر بوتيك»، عندما تدخل إلى بهوه الأنيق تشعر بأن رحلتك الريفية قد بدأت؛ حيث تستقبلك المدافئ والألوان الداكنة، وهو يمزج ما بين العصرية والعراقة بحكم موقعه القريب من جميع معالم لندن التاريخية، مثل «كوفنت غاردن» و«ترافالغر سكوير» وشارع «ريجنتس» وغيرها من أهم المعالم السياحية في المدينة، فهو من أجدد عناوين الإقامة في وسط المدينة، ويتميز بمطاعمه والسطح «روف توب» المطل على أجمل المناظر، بالإضافة إلى النادي الصحي وبركة السباحة الكبيرة، وسينما خاصة. وبما أن الرحلة من وحي الدراما فكان من الضروري مشاهدة مسرحية « Plied &Prejudice» وهي النسخة الهزلية من قصة Pride & Prejudice للكاتبة البريطانية جاين أوستن.

مشهد من المسرحية الهزلية «بلايت آند بريدجيديس» (الشرق الأوسط)

في الصباح الباكر انطلق القطار من محطة بادنغتون. ساعة ونصف من الزمن تفصلك عن الوصول إلى باث التي تعدّ من أجمل المدن البريطانية وهي من أجمل المدن التاريخية في إنجلترا. عند الوصول، ستشعر وكأنك دخلت إلى لوحة من العصور الجورجية، حيث المعمار المهيب والحدائق الغنّاء.اخترنا فندق «إنديغو باث» Indigo Bath، موقعه مثالي جداً، فعند وصولك إلى المحطة تمشي 3 دقائق على الأقدام للوصول إليه، فهو يقع في قلب المدينة وبالقرب من معالم المدينة الجميلة.

جين أوستن استوحت الكثير من أعمالها من باث (الشرق الأوسط)

بعد استراحة قصيرة بدأنا مغامرتنا الرومانية من المسبح الروماني Thermae Bath Spa ويعدّ هذا المنتجع الصحي الوحيد في المملكة المتحدة الذي يتيح للزوار الاستحمام في مياه حرارية طبيعية غنية بالمعادن.تنبع هذه المياه الدافئة من ثلاثة ينابيع حرارية طبيعية تحت الأرض، وتسخن بفعل النشاط الجيولوجي؛ إذ تتسرب مياه الأمطار إلى أعماق تصل إلى نحو كيلومترين تحت سطح الأرض، حيث تُسخَّن بفعل الصخور الساخنة قبل أن تعود إلى السطح بدرجة حرارة تقارب 45 درجة مئوية.

مشهد من المسرحية الهزلية «بلايت آند بريدجيديس» (الشرق الأوسط)

بركة السباحة الخارجية دافئة وتفتح جميع أيام السنة ومهما كانت الظروف المناخية، كما توجد بركة سباحة في الداخل وعلاجات طبيعية من الضروري حجزها مسبقاً.وبما أن الرحلة كانت مستوحاة من الأفلام والحقبة الريجنسية والفكتورية كان من الضروري حجز دليل سياحي من شركة In & Beyond Bath للتعرف على مواقع تصوير «بريدجرتون» وتاريخ باث الغني.

من مشاهد مسلسل من إنتاج «نتفليكس» صور في باث (الشرق الأوسط)

كل ما تحتاج إليه حذاء مشي مريح لأن أرضية باث مرصوصة بالحجارة والحصى، وبعدها استمع إلى الدليل رايتشل وهي تشرح عن باث وجمالها... أهم الزيارات في باث:• الحمامات الرومانية (Roman Baths): موقع أثري مذهل يروي تاريخ المدينة منذ أكثر من ألفي عام.• كنيسة باث آبي (Bath Abbey): تحفة معمارية تضفي طابعاً روحياً رائعاً على المدينة.• رويال كريسنت (Royal Crescent) وذا سيركوس (The Circus): من أروع الأمثلة على العمارة الجورجية الفخمة، وقد ظهرتا في مشاهد عديدة من مسلسل بريدجيتون.• متحف جين أوستن (Jane Austen Centre): تجربة أدبية ساحرة لعشّاق الروايات الرومانسية.

جولة سياحية مع دليل للتعرف على روائع جين أوستن في باث (الشرق الأوسط)

وإذا كنت تبحث عن أماكن تعيش فيها الرومانسية وتتذوق فيها ألذ الأكلات، أنصحك بزيارة مقهى سالي لانز Sally Lunn’s التاريخي، المشهور بخبز فريد يعرف بـ«سالي لانز بانز»، قصة هذا المكان مثيرة فيقال إن الخبز جاء عبر امرأة هنغارية فرنسية تُدعى سولانج لويون تحوّل اسمها إلى «Sally Lunn» لدى المحليين، هربت إلى إنجلترا خلال اضطهاد الهوجونوت في فرنسا نحو سنة 1680، واستقرت في باث، حيث بدأت تبيع الخبز الذي يشبه البريوش، ويعتقد أن مبنى المقهى بدأ في الظهور بالشكل الذي نراه حالياً منذ عام 1482، ويُعد واحداً من أقدم المباني الباقية في باث، من الممكن تناول الشاي الإنجليزي مع فطيرة «بان» بنكهة القرفة أو يمكن تناول الغداء واختيار العجينة نفسها مع الدجاج والجبن.

مهرجان جين أوستن (الشرق الأوسط)

وبعدها لا بد من المشي في شوارع المدينة المخصصة للمشاة فقط، من دون أن ننسى التقاط صورة على جسر بولتيني الذي يعد من بين الجسور القليلة حول العالم التي تضم محلات ومقاهي على جانبيه، مثل جسر ريالتو في البندقية، لذلك لا يشعر الزائر أحياناً بأنه يسير على جسر بل في شارع صغير أنيق.الجسر يُطل على شلال باث الشهير (Pulteney Weir)، وهو مشهد مميز جداً وغالباً ما يُعدّ من أكثر اللقطات تصويراً في المدينة.

قرية كاسل كوم الرائعة (الشرق الأوسط)

رحلة إلى كوستوولد قلب الريف الإنجليزيبعد التعرف على مدينة باث التاريخية واكتشاف الأماكن التي صورت فيها أهم الأفلام والمسلسلات الرومانسية، نكمل رحلتنا إلى أشهر قرى The Cotswolds، يمكن الوصول إليها عن طريق الحافلات العامة، ولكن استئجار سيارة أو الاستعانة بدليل مع سيارة قد يكون الخيار الأفضل لكي تتمكن من زيارة أكثر من قرية في يوم واحد.

مناظر طبيعية خلابة في باث (الشرق الأوسط)

قمنا بحجز شركة «سي جاي بي تورز» CJP Tours التي تؤمّن لك دليلاً سياحياً متمرساً مع سيارة تتسع لأكثر من أربعة أشخاص، أو محطة لنا كانت في قرية «ليكوك» Lackok وهي تبعد نحو 40 دقيقة بالسيارة من باث، تشتهر هذه القرية بتصوير العديد من المشاهد من هاري بوتر وداونتون آبي، تتميز بتاريخها الصناعي، حيث كانت في العصور الوسطى قرية نشطة في صناعة الصوف واشتهرت أيضاً بسوقها الأسبوعية والمزارع.

رويال كريسينت (الشرق الأوسط)

أما القرية الأجمل فهي كاسل كوم Castle combe وتحمل لقب أجمل قرية في إنجلترا، تتميز بمبانيها الحجرية ذات اللون العسلي وشوارعها الضيقة المرصوفة بالحصى، أشهر ما فيها جسر بايبروك الذي يعدّ من أكثر المواقع تصويراً في المنطقة، فترى السياح يتهافتون إليه لالتقاط الصور، وشهدت هذه القرية تصوير مشاهد كثيرة من «وور هاوس» و«ستاردست»، من الأفضل الذهاب إلى القرية باكراً، لأنها تزدحم جداً في ساعات الذروة، من الممكن أيضاً المبيت في أحد فنادقها أو بيوتها التراثية القديمة.

غرف «إنديغو باث» من وحي جين أوستن (الشرق الأوسط)

المحطة التالية كانت في قرية «بورتون أون ذا ووتر» Bourton on-the-water الملقبة بفينيسيا الكوتسوولد نسبة لوجود قناة الماء والجسور فيها، يعبر هذه القرية نهر ويندراش وعنده تم تصوير أفلام عديدة مثل «إيما» و«برايد أند بريدجيديس». وفيها تجد القرية النموذجية المصغرة لقرى الكوتسوولد المميزة بطريقة بنائها ولون حجارتها الذهبي.

من مهرجان جين أوستن (الشرق الأوسط)

وبالقرب من القرية المذكورة ستجد قرى صغيرة أخرى تستحق الزيارة مثل «لوير سلوتير» Lower Slaughter المعروفة بكونها أكثر القرى رومانسية وهي تقع بمحاذاة نهر «آي» واستخدمت عدة مرات كموقع لتصوير الأفلام كان آخرها النسخة الجديدة من «إيما».وإذا كنت من محبي أسواق الطعام المفتوحة أنصحك بزيارة «ستو أون ذا وولد» Stow on the Wold، فهي تتميز بتصميم بيوتها الريجنسي وفيها تم تصوير العديد من المسلسلات التلفزيونية.

«ثرماي باث» المسبح المفتوح في باث (الشرق الأوسط)

وكان ختام رحلتنا عابقاً بالتاريخ لأننا اخترنا أن تكون محطتنا الأخيرة في فندق «إيلينزبورو بارك هوتيل» Ellenborough Park Hotel، تصل إليه عبر بوابة ضخمة يقف وراءها مبنى تاريخي يعود بناؤه إلى القرن الخامس عشر، من زواره الملك جورج الثالث، واليوم يقدم 61 غرفة وجناحاً بتصميم يتماشى مع عراقة المبنى، ميزة الفندق أنه على مقربة جداً من مضمار تشيلتنهام لسباق الخيل، وهو حدث بارز في المملكة المتحدة، يُقام سنوياً في منطقة تشيلتنهام بكوتسوولد.

جلسة جميلة في مقهى سالي لان في باث (الشرق الأوسط)

ويضم الفندق بركة سباحة خارجية مدفأة ومطعماً جميلاً يقدم ألذ الاطباق التي تعتمد على المكونات الموسمية.زيارة القرى على خطى مواقع الأفلام البريطانية قد تكون انتهت، إنما ذكريات هذه الرحلة ستبقى مرافقة للزائر لأنها تجربة مليئة باللحظات الساحرة وكأن الزمن توقف، فخلالها تنقلك المناظر الطبيعية ومواقع التصوير إلى عالم من الرومانسية والزمن الجميل. رحلة كهذه لا تقدّم فقط الاسترخاء والمتعة البصرية، بل تعكس أيضاً عمق التراث البريطاني وثراء الثقافة المحلية بطريقة لا تُنسى.