البرلمان الجزائري يقر «دستور بوتفليقة» بأغلبية ساحقة

الرئيس في رسالة للنواب: التعديلات تهدف لحماية الوطن من أي مغامرة خطيرة

أعضاء البرلمان الجزائري بغرفتيه لدى تصويتهم على الدستور الجديد في العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)
أعضاء البرلمان الجزائري بغرفتيه لدى تصويتهم على الدستور الجديد في العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)
TT

البرلمان الجزائري يقر «دستور بوتفليقة» بأغلبية ساحقة

أعضاء البرلمان الجزائري بغرفتيه لدى تصويتهم على الدستور الجديد في العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)
أعضاء البرلمان الجزائري بغرفتيه لدى تصويتهم على الدستور الجديد في العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)

صادق البرلمان الجزائري، أمس، بأغلبية ساحقة على التعديل الدستوري الذي يتضمن إدخال تغييرات على 112 مادة في الدستور واستحداث 20 أخرى. وشهدت جلسة التصويت مقاطعة أحزاب المعارضة، بينما تعرض القيادي الإسلامي المثير للجدل، علي بن حاج، للاعتقال عندما حاول تنظيم احتجاج بالعاصمة تعبيرًا عن رفض الدستور.
وأيد نواب حزبي «جبهة التحرير الوطني»، و«التجمع الوطني الديمقراطي»، والنواب المستقلون، بـ«المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة الأولى)، و«مجلس الأمة» (الغرفة الثانية)، وأعضاء «الثلث الرئاسي» به، وثيقة التعديل الدستوري الذي عرضه رئيس الوزراء عبد المالك سلال، على الحاضرين بـ«قصر الأمم» في الضاحية الغربية للعاصمة.
ومن بين 517 برلمانيا حضروا الجلسة، صوت 499 لصالح التعديلات الدستورية مقابل اعتراض اثنين، وامتناع 16 عن التصويت. وينتمي الممتنعون لـ«حزب العمال»، وهو تعبير عن رفض جزء من التعديل الدستوري وليس كله. أما أبرز الأحزاب التي قاطعت التصويت، تعبيرا عن رفض المسعى من أساسه، فهي «جبهة القوى الاشتراكية» و«حركة مجتمع السلم» و«حركة النهضة»، و«حركة الإصلاح الوطني».
ومن أبرز ما تضمنته وثيقة الدستور، منع الترشح للرئاسة لأكثر من مرتين. وبإمكان الرئيس وفق ذلك الترشح لولايتين أخريين، لأن عدَاد حساب الولايات ينطلق من انتخابات الرئاسة المنتظرة عام 2019. كما تتضمن الوثيقة ترقية الأمازيغية إلى لغة رسمية مثل العربية. وورد فيها أيضًا أن رئيس الوزراء يختاره الرئيس بالتشاور مع الأغلبية، عكس ما هو معمول به حاليا أي أن الرئيس يعيَن الرجل الثاني في السلطة التنفيذية، دون أخذ رأي أي طرف.
ويحتمل أن يقدم سلال استقالة حكومته، كما جرت العادة بعد كل تعديل للدستور أو صياغة دستور جديد. ويجري في الأوساط السياسية حديث عن التجديد له، مع احتمال تغيير بعض الوزراء. وسئل سلال بعد جلسة التصويت، إن كان سيقدم استقالة حكومته إلى الرئيس، فقال: «هذا الأمر من صلاحيات رئيس الجمهورية».
ووجه بوتفليقة رسالة إلى البرلمان، قرأها بدلا عنه عبد القادر بن صالح رئيس «مجلس الأمة»، مباشرة بعد إعلان نتائج التصويت. ومن أهم ما جاء فيها: «تسجل بلادنا اليوم صفحة جديدة من تاريخها السياسي والدستوري، وتفتح بذلك عهدا واعدا لشعبنا، عهدا يتميز بتطورات ديمقراطية معتبرة، ومتسمة خاصة بمكاسب لا رجعة فيها، غايتها الحفاظ على الثوابت الوطنية والمبادئ المؤسسة لمجتمعنا». وأوضح أن «التعديل الدستوري الحالي الذي صادقتم عليه، هو ثمرة مسعى شامل ومفتوح باستمرار على مختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين، مهما تكن اتجاهاتهم الآيديولوجية، وقد ارتكز على مشاورات موسعة قدر الإمكان مع الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية والجمعيات والنقابات، وأعضاء البرلمان وشخصيات وطنية ومساهمات خبراء القانون الدستوري، والتي تابعت مجرياتها شخصيا بعناية فائقة».
وأثنى الرئيس على مبادرته، التي استغرق التحضير لها قرابة 5 سنوات، وجاءت على خلفية تغيير الأنظمة في بلدان مجاورة وبخاصة تونس. وقد حمل خطاب بوتفليقة تحذيرا من تجارب التغيير فاشلة وقعت في بعض البلدان مثل ليبيا، وقال إن الإصلاحات السياسية التي انطلقت في 2011، بمراجعة بعض القوانين «عززت استقرار مؤسساتنا وحماية وطننا من أي مغامرة خطيرة».
وتطرق بوتفليقة لبعض مضامين التعديل الدستوري، منها «المناصفة بين الرجل والمرأة في سوق العمل»، فقال: «من البديهي أن المناصفة، برمزيتها القوية، ستؤدي إلى حركية حقيقية داخل المجتمع، وتشكل تطورا إيجابيا للذهنيات نحو تفتح والتزام ديمقراطي أكبر، وعندما توفر المرأة لنفسها العوامل الثقافية والمهنية والنزاهة الأخلاقية التي تمتلكها، حينئذ ستدخل المنافسة الانتخابية بثقة في النفس لتنتزع بجدارة انتصارات جديدة. ومعنى ذلك، أن ما هو مخطط له اليوم لن يتحقق بفعالية إلا بمرور الزمن الذي يساهم على المدى البعيد في التغيير الإيجابي للذهنيات». وأضاف: «يمكن إبراز تجديدات أخرى، مثلما هو الشأن بالنسبة للاستخدام الأفضل لإخطار المجلس الدستوري من قبل الأقلية البرلمانية، وكذا من قبل المواطن بطريقة غير مباشرة، وكلاهما ضمان للممارسة نظيفة للديمقراطية التعددية». ويعتقد الرئيس أن «هذه الممارسة تمثل فعلا أداة شرعية في أيدي المعارضة، تسمح لها بالتعبير الحر في نقاش هادئ رصين، وبالتالي تساهم في تهدئة العلاقات بين الأغلبية والمعارضة، علما بأنه في نهاية المطاف، فإن الدستور يعترف لها بحق اللجوء إلى تحكيم المجلس الدستوري بدلا من التعبير عن الغضب بالتجاوز اللفظي أو استعمال العنف».
بدوره، قال عبد الرزاق مقري رئيس «حركة مجتمع السلم» في صفحته بـ«فيسبوك»، كرد فعل على التصويت على الدستور: «حينما علمت بأن بن صالح قال إن التصويت على الدستور كان ديمقراطيا، على أساس أن هناك من صوت بنعم وهناك من صوت بلا، وهناك من امتنع، تأكد لدي لماذا السلطة الحاكمة كانت ترسل لنا أزلامها، لمحاولة المشاركة في التصويت والتعبير عن موقفنا بالامتناع. كنا ندرك تماما هذا المخطط، الحرص على الصورة وتسويقها عبر وسائل إعلامها في اتجاه الخارج خصوصا، ولتغليط الجزائريين البسطاء. إن اختيار نواب المعارضة في مجملها مقاطعة الجلسة، كان موفقا حرم السلطة من هذه الصورة المهمة بالنسبة له».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.