خطب لقادة بغداد للتعايش السلمي وسط انعدام حلول للأزمات

كرس أمس قادة العراق خطبهم وكلماتهم التي تصب في مسار ضرورة التعايش السلمي المجتمعي وحظر الكراهية والتطرف، والتي بدأها الرئيس العراقي فؤاد معصوم عن ما لاحظه من تصاعد حدة الهجمة الإرهابية ضد الشعب العراقي، وقال: «حين نقف على حجم معاناة شعبنا، سواء في المحافظات التي تعرضت للاعتداءات واحتلال (داعش) لها أو في المحافظات الأخرى التي وقفت بعزة وإباء مع المحافظات التي ابتليت بالدواعش، فإننا نخلص إلى نتيجة مهمة تؤكد أن شدة الهجمة الإرهابية زادت شعبنا تماسكا وتوحدا وأسهمت في عزل قوى التطرف والإرهاب».
وتابع معصوم في كلمته التي أفتتح بها المؤتمر الذي عقد في العاصمة بغداد أمس الأحد والخاص بالتعايش السلمي وحظر الكراهية والتطرف قائلا: «هذه النتائج تدعونا كقيادات سياسية وبرلمانية وحكومية لنعمل بجد مخلص وحثيث من أجل مواصلة جهود المصالحة المجتمعية وتعزيز قيم التآخي وغلق أي نافذة كراهية وخوف في عراق يحميه الجميع».
وفي هذا السياق دعا رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى تجنب الخطاب السياسي الانفعالي الذي يزرع الشك والطائفية في المجتمع، علاوة على إضعافه التأييد الدولي للعراق.
وقال العبادي: «مهمتنا العاجلة هي تحشيد الطاقات والإمكانات لمواصلة الانتصارات الكبيرة التي يحققها مجاهدونا الأبطال وطرد داعش من المدن وتوحيد الموقف السياسي والخطاب الإعلامي والجهد الاجتماعي لكسب مزيد من الدعم الدولي والإقليمي للعراق في حربه ضد الإرهاب وتجنب الخطاب السياسي الانفعالي والطائفي الذي يؤجج الخلافات ويزرع الشك واليأس والإحباط في المجتمع ويضعف حجم التأييد الدولي الذي يحظى به العراق».
وأكد العبادي أن «مكافحة الإرهاب ضرورة وطنية كبرى تقتضيها وحدة العراق أرضا وشعبا، لمواجهة مؤامرة زرع الفتنة الطائفية والنعرات القومية التي تهدف إلى النيل من وحدة العراق وتمزيق لحمته الوطنية ونسيجه الاجتماعي وهدر ثرواته والإخلال بمقوماته وإسقاط كرامته وسيادته».
وشدد العبادي على ضرورة «حماية النسيج المجتمعي وصيانته من أن تنخر فيه آفة التطرف والكراهية ومن ثم التنازع والصراع والتجاذبات الطائفية والعرقية، لقد حظي العراق بتنوع ديني ومذهبي وقومي ضمن منظمة البلد الواحد، وساهم الجميع عبر التاريخ في تشييد حضارات المتعاقبة وحمايته والدفاع عن سيادته، وكان الاندماج الاجتماعي هو السمة المتميزة لهذا الشعب رغم وجود حكام ظلمة لاستغلال مكونه للهيمنة على باقي المكونات، إلا أن اندحار البعث أعطى الشعب العراقي فرصة تاريخية جدية لإعادة بناء ذاته ومقومات ومؤسساته واستثمار ثرواته على أساس دستوري وقانوني يحقق للعراقيين جميعا فرصة العيش الكريم في عراق موحد».
أما رئيس البرلمان سليم الجبوري فقد عد حماية النسيج المجتمعي تتطلب «تشريع نصوص قانونية، لأن القانون وحده هو الذي سيزيل عن شعبنا غاشيات الطائفية والغلو والتطرف والإرهاب والسلاح الخارج عن سلطة الدولة والقانون».
وقال الجبوري إن «السلم الأهلي الذي تنشدون وضع بعض أسسه في هذا المؤتمر لن يتحقق إلا بسلة قانونية حازمة حاسمة تعتمد على مبدأ التعايش السلمي جوهرا لها والحاجات الاجتماعية التي أفرزتها التجربة إطارا لتوصيفها ومعالجتها».
لكن قوى سياسية ومجتمعية عراقية رأت أن الطبقة السياسية فقدت مشروعيتها من خلال عدم قدرتها على إيجاد الحلول السليمة للعراقيين من أجل إخراجهم من الأزمات التي يعانونها والتي تسببت بها الطبقة السياسية الحالية.
وقال الوزير والنائب السابق وائل عبد اللطيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك غيابا حقيقيا لأي أفق للحل لدى الطبقة السياسية الحالية التي أوصلت البلد إلى ما هو عليه من أزمات ومخاطر، سواء كان ذلك على المستوى الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي».
وأضاف أن «الإصلاحات التي يجري الحديث عنها لم تكن في واقع الأمر سوى إجراءات تقشف لتقليل الفوارق الفاحشة بين رواتب وامتيازات المسؤولين الكبار وصغار الموظفين، بينما ما دعت إليه المرجعية الدينية والمظاهرات الجماهيرية عملية إصلاح شامل في المنظومة السياسية والاقتصادية مع إحالة رموز الفساد والبحث عن الأموال المهدرة خلال السنوات الثلاثة عشر الماضية، والتي تقدر بنحو ألف مليار دولار أميركي، وهو ما لم يتحقق منه شيء حتى اللحظة».
وأوضح عبد اللطيف أن «العراقيين متعايشون، لكن المشكلة هي لدى السياسيين الذين فشلوا في حل خلافاتهم البينية، بينما هم في الوقت نفسه يتسترون على بعضهم على صعيد ملفات الفساد».
في السياق نفسه أكد أحد قادة المظاهرات والحراك المدني في العراق جاسم الحلفي أن «كل ما قمنا به طوال الشهور الماضية والذي كان له صداه لدى عموم العراقيين وكذلك المرجعية الدينية التي وقفت إلى جانبنا بينما كانت الطبقة السياسية تتوقع أنها تقف إلى جانبها لا سيما الأحزاب الإسلامية، إنما يؤكد صواب المنهج الذي مشينا عليه وما زلنا وسوف نبقى لأنه ما لم تتم محاسبة قوى الفساد ورموزه فليس من المتوقع تحقيق نتائج ملموسة على أي صعيد من الصعد»، مبينا أن «المظاهرات الجماهيرية أثبتت أن العراقيين موحدون على كل المستويات وأن الخلل في الأداء السياسي».