دعوات أميركية لتحويل وزارة التعليم إلى وزارة لتنمية المواهب

بحثًا عن تمكين أعداد أكبر للفوز بمهارات ذات قيمة في سوق العمل

دعوات أميركية لتحويل وزارة التعليم إلى وزارة لتنمية المواهب
TT

دعوات أميركية لتحويل وزارة التعليم إلى وزارة لتنمية المواهب

دعوات أميركية لتحويل وزارة التعليم إلى وزارة لتنمية المواهب

بالنظر إلى أن كل مناظرة أولية داخل جنبات الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة تشهد تكرار المرشحين الرئاسيين عن ظهر قلب قائمة الوزارات الفيدرالية التي يسعون لإلغائها، فإن أية مقترح لتشكيل وزارة جديدة ربما لن يرى النور قط بغض النظر عن الحزب الذي سيدخل البيت الأبيض في نوفمبر (تشرين الثاني) القادم.
وينطبق هذا الأمر بصورة خاصة إذا كان الكيان الجديد المقترح مزيجًا من مجموعة من الوكالات القائمة بالفعل. والملاحظ أن الخطاب المهيمن على الأروقة السياسية هذه الأيام يدور حول تقليص حجم الحكومة، وليس دفعها نحو الدخول للقرن الـ21 بهدف تحسين أدائها.
ومع ذلك، نجد أن جيمي ميريسوتيس يطرح رؤية مثيرة للاهتمام في كتابه الجديد الذي يحمل عنوان «أميركا بحاجة للمواهب: اجتذاب وتعليم ونشر قوة عمل القرن الـ21». وخلال الكتاب، يقترح ميريسوتيس أنه بدلاً من إلغاء وزارة التعليم، التي تعد بمثابة الهدف المفضل للسياسيين، ينبغي إعادة تصميمها، بجانب عدد من الوكالات الفيدرالية الأخرى، بحيث يجري تحويلها لوزارة جديدة باسم وزارة تنمية المواهب بحيث ترمي لدعم قوة عمل مستقبلية ماهرة.
وعن هذا، قال ميريسوتيس: «السبيل الوحيد الذي يمكننا من خلاله الوصول إلى استراتيجية وطنية متناسقة بالفعل بخصوص تنمية المهارات، ضمان عمل جميع الأفراد المسيطرين على تخصيص الموارد وتنفيذ السياسات معًا».
يذكر أن ميريسوتيس يعمل رئيسًا لـ«مؤسسة لومينا»، التي عملت على توزيع مئات الملايين من الدولارات في صورة منح خلال السنوات الأخيرة، في إطار دعواتها لإيجاد سبل جديدة عبر التعليم العالي بحيث تتمكن أعداد أكبر من الأميركيين من الفوز بمهارات ذات قيمة بسوق العمل.
ورغم جهود «مؤسسة لومينا» وأخرى غيرها، فإن الولايات المتحدة لا توجد حتى بين أفضل 10 دول متقدمة فيما يخص الاهتمام بتلقي الشباب لتعليم عال. ومن الواضح عبر الكتاب الذي يعد مزيجًا من سيرة ذاتية وسياسات مقترحة أن ميريسوتيس غير راض عن سرعة التغيير على الصعيد الاقتصادي، حيث توقعت دراسات أن قرابة نصف وظائف الأميركيين مهددة باستبدالها عبر الميكنة والذكاء الاصطناعي.
يذكر أن فكرة أن هناك حاجة ضرورية لصورة ما من التعليم فيما بعد التعليم الثانوي لتمكين الأفراد من المنافسة داخل هذا الاقتصاد الجديد، يجري الترويج لها منذ عقود. إلا أنه على خلاف ما يعرف باسم «حركة المدارس الثانوية» التي ظهرت في مطلع القرن العشرين، فإن «حركة الكليات الحديثة» لم تحقق ذات التغيير الهائل في الاقتصاد الأميركي. وتقف عدة أسباب وراء هذا الأمر، منها أن التعليم العالي ليس إجباريًا ولا مجانًا، على خلاف الحال مع التعليم الثانوي. وتشير الأرقام إلى أن فقط ثلثي خريجي المدارس الثانوية يلتحق مباشرة بالجامعات، ثانيًا: فإن ما يزيد قليلاً على 50 في المائة من الطلاب الأميركيين الذين يلتحقون بالكليات يغادرونها حاملين درجة علمية.
من جهته، أخبرني ميريسوتيس أنه: «رغم ظهور أدلة حول أن التعليم الجامعي قوي للغاية، فإن هناك تنوعًا ضخمًا على هذا الصعيد، حيث يعتمد هذا التعليم على المنطقة التي تقطن بها، ودخلك، والكلية التي ترتادها، وتخصصك العلمي. ويؤدي ذلك كله لنتائج أكثر تعقيدًا».
وعليه، أعرب ميريسوتيس عن اعتقاده بأنه من الضروري إجراء تغيير في السياسة الفيدرالية لإصلاح التسرب بالمجرى الذي ينقل الطلاب من التعليم الثانوي إلى الجامعي، ثم لاحقا إلى قوة سوق العمل. ويتمثل مقترحه لإصلاح ذلك في إنشاء وزارة لتنمية المواهب، بحيث تجمع بين وزارة التعليم والأقسام المعنية بالتوظيف والتدريب داخل وزارة العمل والأخرى المعنية باجتذاب المواهب داخل هيئة الهجرة التابعة لوزارة الأمن الداخلي.
والمعروف أن هذه الجهات الحكومية الثلاث مسؤولة عن تنمية المواهب، لكنها غالبًا إما لا ترى هذا الأمر على اعتباره مهمتها الأساسية، أو لا تعمل معًا نحو تحقيقه. والملاحظ أن وزارة التعليم تحديدًا تنظر إلى «التدريب الوظيفي» باعتباره دورًا أقل أهمية تختص به وزارة العمل.
من جانبها، قالت مارثا كانتور، التي عملت خمس سنوات بوزارة التعليم مسؤولة رفيعة المستوى بمجال التعليم العالي، في حديث لها مع ميريسوتيس ورد بالكتاب: «هناك الكثير من التنافس داخل الأروقة الحكومية. لهذا يصعب تنفيذ ذلك الأمر». وأضافت: «كانت هناك حكمة وراء وجود وزارة الصحة والتعليم والرفاه». يذكر أنه بعد إلغاء هذه الوزارة عام 1979، أنشئت وكالات فيدرالية منفصلة جديدة زادت من البيروقراطية والتنافس داخل الحكومة. إلا أن فكرة إجراء أي تغيير من داخل واشنطن تتعارض ما يجري حاليًا على صعيد السياسات الأخرى، سواء السيطرة على الأسلحة أو الرعاية الصحية، حيث يجري خوض المعارك في الجزء الأكبر منها على مستوى الولايات. والملاحظ أن منظومة التعليم العالي داخل الولايات المتحدة تتولى الولايات في الغالب إدارتها، لذا سألت ميريسوتيس لماذا يحاول فرض التغيير داخل الحكومة الفيدرالية؟. وفي رده، أوضح ميريسوتيس أن التعليم العالي لا يقتصر على الكليات والجامعات، وإنما هو عبارة عن شبكة متواصلة على نحو متزايد من مؤسسات أخرى، منها المؤسسة العسكرية والمكتبات والمتاحف، بجانب عناصر جديدة مثل الدورات التعليمية المجانية عير الإنترنت - وهي عناصر جميعها عابر للحدود بين الولايات.
علاوة على ذلك، فإن الإنفاق على التعليم العالي لم يكن متكافئًا بين مختلف الولايات، مما أدى إلى تركزات جغرافية للأميركيين المتعلمين وتعزيز الفجوة الاقتصادية بين السكان. وتكشف الأرقام أنه عام 1970، كانت جميع المناطق المتروبوليتانية بالولايات المتحدة في نطاق 5 نقاط انحراف عن المتوسط الوطني للبالغين الحاصلين على درجة جامعية. واليوم، تراجعت النسبة إلى قرابة النصف، تبعًا لـ«معهد بروكنغز».
وفي حديثه معي، قال ميريسوتيس: «يتعين على الحكومة الفيدرالية بذل المزيد من الجهود، وبذلها على نحو أفضل. ويتعين اضطلاع رأسمال القطاع الخاص والهجرة والمدن كل بدوره».
والواضح حتى للمراقب العادي أن الهيكل الحالي لمنظومة التعليم العالي الأميركي، الذي أنتج الزخم الذي دفع عجلة الاقتصاد بعد الحرب العالمية الثانية وأثناء الحرب الباردة، ربما ولى عهده. وقد بدأت وتيرة جهود الدولة في تعليم وتدريب العاملين بحيث يصبحون قادرين على الاضطلاع بوظائف في هذا الاقتصاد، في التراجع بالفعل، في وقت بدأت المصاريف الجامعية في تجاوز حدود قدرات أعداد أكبر من الأميركيين. ومع ذلك، لا تزال لدى ميريسوتيس ثقة فيما هو آت. في الواقع، يحمل الفصل الأخير من كتابه عنوان «القرن الأميركي الثاني»، حيث يشرح كيف يمكن للاستثمار في الأفراد أن يؤدي لرفاهية شبيهة لتلك التي تحققت خلال القرن الـ20. إنها رسالة ملهمة وقوية حول الدور المحوري للتعليم.
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



جامعة أوكلاند النيوزيلندية... حرية أكاديمية وتاريخ مثير للجدل

جامعة أوكلاند النيوزيلندية... حرية أكاديمية وتاريخ مثير للجدل
TT

جامعة أوكلاند النيوزيلندية... حرية أكاديمية وتاريخ مثير للجدل

جامعة أوكلاند النيوزيلندية... حرية أكاديمية وتاريخ مثير للجدل

تعد جامعة أوكلاند أكبر جامعة في نيوزلندا، وتقع في مدينة أوكلاند. وتأسست الجامعة في عام 1883 بصفتها هيئة تأسيسية تابعة لجامعة نيوزيلندا، وتتكون الجامعة من ثماني كليات موزعة على ستة أفرع، ويبلغ عدد الطلاب نحو 40 ألفا.
وكانت الجامعة تجري القليل من الأبحاث حتى ثلاثينات القرن الماضي، عندما ازداد الاهتمام بالأبحاث الأكاديمية خلال فترة الكساد الاقتصادي. وعند هذه المرحلة، أصدر المجلس التنفيذي للكلية عددا من القرارات التي تتعلق بالحرية الأكاديمية بعد الإقالة المثيرة للجدل للمؤرخ النيوزيلندي جون بيغلهول (ويقال إن سبب الإقالة خطاب أرسله إلى إحدى الصحف يدافع فيه عن حق الشيوعيين في نشر آدابهم في المجال العام)، الأمر الذي ساعد في تشجيع نمو الكلية وأبحاثها.
وافتتحت الملكة إليزابيث الثانية مبنى كلية الطب الجديدة في غرافتون بتاريخ 24 مارس (آذار) من عام 1970.
وفي مايو (أيار) لعام 2013 ابتاعت الجامعة موقعا تبلغ مساحته 5 أفدنة لصالح حرم الجامعة بالقرب من منطقة المال والأعمال الرئيسية في نيوماركت. وسوف يوفر الموقع المشترى للجامعة إمكانية التوسع على مدى الخمسين عاما المقبلة مع كلية الهندسة التي تتخذ مكانها بصفتها أولى كليات الحرم الجامعي الجديد اعتبارا من عام 2014. وتعتبر جامعة أوكلاند من أفضل الجامعات في نيوزيلندا، وفقا لآخر إصدار من تقرير التصنيفات الجامعية العالمية.
ولقد هبطت مرتبة الجامعة درجة واحدة فقط على الصعيد العالمي في العام الماضي، وهي تحتل الآن المرتبة 82 بين أفضل جامعات العالم، لكنها تعتبر الأفضل في البلاد رغم ذلك.
ومن بين مؤشرات التصنيف الجامعية الستة والمستخدمة في تقييم الجامعات العالمية، أحرزت جامعة أوكلاند أعلى الدرجات من حيث السمعة الأكاديمية التي تحتل الجامعة بسببها المرتبة 56 على العالم.
ويأتي هذا الترتيب نتيجة للأداء القوي للجامعة على مؤشر التصنيفات الجامعية العالمية لعام 2017، حيث حازت على مرتبة مميزة بين أفضل عشرين جامعة في العالم بالنسبة لعلوم الآثار والتعليم.
كان روجر كيرتس غرين، البروفسور الفخري لعصور ما قبل التاريخ، وحتى وفاته في عام 2009 من أقدم أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، وهو الحاصل على درجة البكالوريوس من جامعة نيومكسيكو، ودرجة الدكتوراه من جامعة هارفارد، وزميل الجمعية الملكية في نيوزيلندا. ولقد كان عضوا في هيئة التدريس من عام 1961 حتى 1966، ثم من عام 1973 حتى وفاته، وعضو هيئة التدريس الأطول من حيث سنوات الخدمة وغير المتقاعد هو برنارد براون الحائز على وسام الاستحقاق النيوزيلندي، ودرجة البكالوريوس في القانون من جامعة ليدز، ودرجة الماجستير (التخصص) في القانون من جامعة سنغافورة. ولقد كان محاضرا متفرغا في كلية الحقوق بالجامعة من عام 1962 حتى 1965، ثم من عام 1969 فصاعدا، أما ويليام فيليبس، وهو من أبرز خبراء الاقتصاد المؤثرين والمعروف بمنحنى فيليبس الشهير، فقد كان يدرس في الجامعة من عام 1969 حتى وفاته في عام 1975، وعكف روبرت جنتلمان وروس إيهاكا في تسعينات القرن الماضي على تطوير لغة «R» للبرمجة الحاسوبية في الجامعة، التي تستخدم على نطاق واسع من قبل علماء الإحصاء والبيانات.