مائتا مليار دولار لإعادة إعمار ليبيا.. والحل في اتفاق السلام

خسائره النفطية تجاوزت 68 مليارًا نتيجة الصراع على السلطة

مائتا مليار دولار لإعادة إعمار ليبيا.. والحل في اتفاق السلام
TT

مائتا مليار دولار لإعادة إعمار ليبيا.. والحل في اتفاق السلام

مائتا مليار دولار لإعادة إعمار ليبيا.. والحل في اتفاق السلام

فقدت ليبيا أكثر من 68 مليار دولار من الإيرادات النفطية منذ عام 2013 وسط صراع على السلطة بين الفصائل المتناحرة التي أودت بصناعة الطاقة إلى طريق مسدود وساعدت بصورة مباشرة على تدمير الاقتصاد.
ووفقًا لتقدير من قبل المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس (NOC)، يأتي الإنتاج المفقود نتيجة إغلاق نحو 75 من الحقول والموانئ النفطية. وسبق أن صرح مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط المملوكة للدولة، بأن «الاقتصاد في حالة حرجة جدا»، مُضيفًا أن «العلاقات بين الحكومتين هي في الواقع سيئة للغاية وشلت صناعة النفط».
وانخفض إنتاج النفط من أعلى مستوى عند 1.8 مليون برميل يوميا في عام 2010، إلى 362 ألف برميل يوميًا في الوقت الحالي مع استمرار عمل بعض محطات للتصدير التي تتم تحت سيطرة الميليشيات. وانخفضت قيمة العملة مقابل الدولار واليورو إلى مستوى قياسي بلغ 300 في المائة، وارتفعت معدلات البطالة، ولم يعد هناك خيارات بديلة لتحقيق مزيد من الإيرادات، مما يجعل من الصعب جدا على البنك المركزي والحكومة تحقيق التوازن في الميزانية.
وبجانب الوضع السياسي المتأزم في ليبيا، يأتي انهيار أسعار النفط إلى نحو 30 دولارا في وقت تصل فيه تكلفة الإنتاج في ليبيا إلى نحو 23 دولارا، ليزيد من الضغط على الميزانية العامة للبلاد. وتراجع أسعار النفط العالمية، دمر كثيرا من الأعمال النفطية في ليبيا، ويقول محمد القورشي من صندوق النقد الدولي والمسؤول عن ليبيا إن «العجز في الميزانية وصل إلى 54 في المائة من الدخل القومي للدولة خلال العام الماضي، وهو الأعلى عالميًا».
وتخشى الحكومة الليبية من عدم القدرة على الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه الشعب والوطن في ظل عدم وجود بدائل إلا من خلال الذهاب إلى احتياطيات البلاد من العملات الأجنبية وبيع بعض الأصول من صناديق الثروة السيادية، وهيئة الاستثمار الليبية (ليا). وستضطر الحكومة إلى اتخاذ تدابير جادة وقوية من أجل خفض الإنفاق ووضع الخطط المستقبلية لكيفية الخروج من هذه الفوضى.
ويقول ألبرتو غالو، رئيس أبحاث الائتمان الكلي في رويال بنك أوف سكوتلاند: «إذا استمر الانخفاض الحالي في أسعار النفط، سيؤثر ذلك على قيمة كثير من صناديق الثروة السيادية وقدرتها على ضخ أموال في عالم الاستثمار». مُضيفًا أن «دولارات النفط أصبحت غير قادرة على إسعاف الاقتصاد». ووفقًا للبنك، فقد انخفض تدفق الإجمالي لعائدات النفط في الاقتصاد العالمي في العام 2015 إلى أقل من مائتي مليار دولار، هبوطا من نحو 800 مليار دولار في عام 2012.
ومائتا مليار دولار هو أيضًا المبلغ المطلوب لإعادة إعمار مرافق البنية التحتية في ليبيا خلال السنوات العشر المقبلة، وفقًا للبنك الدولي، وذلك بحسب تقرير له تحت عنوان «الموجز الاقتصادي الفصلي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، نشر الجمعة الماضية.
ويقول البنك، إنه إذا تم اتفاق سلام بين البرلمانين المتنافسين في ليبيا في الأشهر القليلة القادمة، فذلك سيساعد على تعزيز صادرات النفط الليبية، في ظل تكهنات بإعادة العمل بمرفأين مغلقين يبلغ نصيبهما قرابة 50 في المائة من صادرات البلاد من النفط الخام.
ورغم تضخم المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد الليبي، تأتي ليبيا في المركز الثاني في مؤشر تغطية الاحتياطات الرسمية للواردات الشهرية الصادر عن صندوق النقد الدولي، إذ سجلت قيمة معيارية تقدر بـ2.376 نقطة لتغطي احتياجاتها نحو 53 شهرًا مقبلة، حيث يحدد التقدير العالمي لهذا المؤشر الحد الأدنى لتغطية الواردات في أربعة أشهر، وهو من الأدوات التقليدية لقياس كفاية الاحتياطات الرسمية للواردات، وارتباطها المباشر بالاستهلاك المحلي والإنتاج.



التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.