إعادة إصدار روايات إحسان عبد القدوس في ذكرى رحيله الـ26

نجله أحمد عبد القدوس: اكتشفنا تزوير أكثر من 25 رواية له

TT

إعادة إصدار روايات إحسان عبد القدوس في ذكرى رحيله الـ26

تعد الكلاسيكيات الأدبية كنزا من كنوز التراث الثقافي، وتُقدم دور النشر حول العالم على طباعة الكلاسيكيات من الروايات وأمهات الكتب لكي يطلع عليها الشباب. مؤخرا، اتجهت عدة دور نشر مصرية، ومنها «الدار المصرية اللبنانية» للقيام بإعادة طباعة الكلاسيكيات الأدبية والتي لقيت نجاحا كبيرا في العام الماضي، ومنها كتب المنفلوطي وهيكل والعقاد وطه حسين وغيرهم من الأدباء.
وقامت المصرية اللبنانية الأسبوع الماضي بمبادرة جديدة حيث أطلقت «نادي الكتاب» بمكتبة القاهرة الكبرى الذي سيعقد شهريا، وناقش في أولى فعالياته رواية (أنا حرة) لإحسان عبد القدوس مع إصدار طبعة جديدة من الأعمال الكاملة للكاتب والروائي الراحل إحسان عبد القدوس (1919 – 1990) والذي تحل ذكرى رحيله في 11 من يناير (كانون الثاني) من كل عام، وهو واحد من أبرز وأهم كتَّاب الصحافة المصرية والعربية في القرن العشرين، ومن أشهر كتَّاب الرواية والقصة القصيرة كذلك.
كانت تحظى روايات عبد القدوس وقصصه بجماهيرية كبيرة، حيث كانت تناقش قضايا المرأة وتحررها بجرأة وكانت أعماله تنفرد بالنسب الأعلى قراءة، كما كان لها نصيب الأسد من اهتمام صناع السينما حيث لاقت نجاحا جماهيريا كبيرا وصنفت الأفلام المأخوذة عن رواياته ضمن أهم 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية.
شارك في الاحتفاء برواية «أنا حرة» أحمد عبد القدوس نجل الكاتب الراحل إحسان عبد القدوس، والكاتب منير عامر، والناقدان د. صلاح فضل، ود. جابر عصفور، بحضور نجله الثاني الكاتب الصحافي محمد عبد القدوس، والروائيين مكاوي سعيد وأشرف الخمايسي، والسيناريست مصطفى محرم، والفنانة نبيلة عبيد، والفنان سمير صبري، والمنتج السينمائي محسن علم الدين.
وكشف أحمد عبد القدوس، عن الفائدة من طبع الكلاسيكيات من أعمال والده ورسالته في حماية تراثه الأدبي، وأن الكاتب الصحافي حلمي النمنم، وزير الثقافة المصري، قد نبهه إلى وجود تزوير في نسخ طبعت من قبل في الأسواق العربية تختلف عن قراءته للرواية الأصلية، قائلا: «اكتشفنا تزويرا وتحريفا في بعض الأحداث أو الألفاظ فيما يقرب من 25 رواية من أعمال إحسان عبد القدوس، ونحمد الله كثيرا أن والدتي كانت محتفظة بالنسخ الأصلية لكل ما نشره والدي وبالتالي تمكنا من إعادة نشرها».
وعن طقوس عبد القدوس في الكتابة، قال نجله: «إنه كان قبل شروعه في الكتابة يتأنق ويرتدي أفضل ملابسه، ويحدد وقتا معينا للكتابة، أما معظم وقت فراغه فكان عبارة عن لقاءات وزيارات من رجال السياسة والثقافة والصحافة والفن».
كما أوضح الكاتب الصحافي محمد عبد القدوس «أن كتابات والده الصحافية والسياسية لم تقل أهمية عن أعماله الروائية، حيث رسخ مدرسة صحافية حرة من خلال صحيفة (روزاليوسف)، أما صحيفة (أخبار اليوم) فكان توزيعها في عهده يتجاوز المليون نسخة».
وذهب الناقد الأدبي صلاح فضل إلى أن إحسان عبد القدوس كان من أهم الأدباء الذين أسسوا لفن الرواية العربية، واستطاع أن يعبر عن تطورات سياسية وتاريخية هامة عبر أدبه، وأنه كان الصوت الثاني بعد قاسم أمين في الدفاع عن قضايا وحرية المرأة، مشيرا إلى أن روايته أنا حرة كانت أول رواية تتحدث باسم المرأة ولم يكن يوازيه في هذا إلا نزار قباني في الشعر. وفي إشارة إلى الاتهامات التي كانت تلاحق أعماله الأدبية بتهمة إفساد أخلاق فتيات مصر وجرأة رواياته في الحديث عن العلاقات العاطفية؛ استعاد فضل لقاءه مع عبد القدوس في المكسيك حينما واجهه بذلك، فكان رده: «إنه يسرد قصصا واقعية ويجسد نبض المجتمع» مؤكدا أن «المرأة هي أساس المجتمع وتحررها يعني تحرره».
واستطرد فضل أنه حينما اتهمه بالإفراط في مدح جمال عبد الناصر وحكمه وتحويله لديكتاتور، فما كان من عبد القدوس إلا أن قال مدافعا، بأنه رغم صداقته الوطيدة بالرئيسين عبد الناصر والسادات، فإنه لم يكن دوما على وفاق مع السلطة فرغم صداقته الحميمة مع جمال عبد الناصر فإن ذلك لم يمنعه من الزج به في السجن.
وطالب الحضور ومن بينهم الفنان سمير صبري والفنانة نبيلة عبيد بحاجة السينما إلى أعمال لها قيمة أدبية مثل التي قدمت عن أعمال عبد القدوس، في ظل الانحدار الذي تعاني منه.
وتجدر الإشارة إلى أن إحسان عبد القدوس (1919 - 1990) هو نجل السيدة فاطمة اليوسف مؤسسة مجلة «روزا اليوسف» وهي تركية الأصل ولبنانية المولد، كما كان والده محمد عبد القدوس ممثلا ومؤلفا. فكانت نشأته في بيت تعقد به الندوات والصالونات الثقافية التي تجمع كبار رجال الفكر والأدب والسياسة والفن.
كتب أكثر من 600 قصة وقدمت السينما نحو 50 عملا أدبيا له، وإن كان قد أصابها التحريف لتناسب جمهور السينما وفقا للجهات الرقابية. وقد منحه الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى، كما منحه الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك وسام الجمهورية. ونال جائزة الدولة التقديرية في الآداب سنة 1989.
وقد أصدرت الدار المصرية اللبنانية خلال الفترة الماضية خمسة أعمال له، هي: أنا حرة، آسف لم أعد أستطيع، عقلي وقلبي، سيدة في خدمتك، النساء لهن أسنان بيضاء. وستصدر الدار المصرية اللبنانية أعمال إحسان عبد القدوس الروائية والقصصية والسياسية الكاملة قريبًا.



«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
TT

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي»، بدولة قطر، مساء الثلاثاء، الفائزين في فئات الدورة العاشرة، وذلك خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي لأمير البلاد، وشخصيات بارزة، وأعضاء البعثات الدبلوماسية، ونخبة من الباحثين والعاملين بمجال الترجمة.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المترجمين وتقدير دورهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين شعوب العالم، وتقدير دورهم عربياً وعالمياً في مد جسور التواصل بين الأمم، ومكافأة التميز في هذا المجال، وتشجيع الإبداع، وترسيخ القيم السامية، وإشاعة التنوع، والتعددية والانفتاح.

الشيخ ثاني بن حمد لدى حضوره حفل تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كما تطمح إلى تأصيل ثقافة المعرفة والحوار، ونشر الثقافة العربية والإسلامية، وتنمية التفاهم الدولي، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين اللغة العربية وبقية لغات العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب، ويبلغ مجمل قيمة الجائزة في مختلف فئاتها مليوني دولار أميركي.

وقال الدكتور حسن النعمة، أمين عام الجائزة، إنها «تساهم في تعزيز قيم إنسانية حضارةً وأدباً وعلماً وفناً، اقتداءً بأسلافنا الذي أسهموا في بناء هذه الحضارة وسطروا لنا في أسفار تاريخها أمجاداً ما زلنا نحن اليوم الأبناء نحتفل بل ونتيه مفتخرين بذلك الإسهام الحضاري العربي في التراث الإنساني العالمي».

وأشاد النعمة بالكتاب والعلماء الذين ترجموا وأسهموا في إنجاز هذه الجائزة، وبجهود القائمين عليها «الذين دأبوا على إنجاحها وإخراجها لنا في كل عام لتكون بهجة ومسرة لنا وهدية من هدايا الفكر التي نحن بها حريُّون بأن نرى عالمنا أجمل وأسعد وأبهج وأرقى».

الدكتور حسن النعمة أمين عام الجائزة (الشرق الأوسط)

من جانب آخر، أعربت المترجمة والأكاديمية، ستيفاني دوغول، في كلمة نيابة عن الضيوف وممثلة للمترجمين، عن شكرها لجهود دولة قطر وجائزة الشيخ حمد للترجمة في تكريم المترجمين والمثقفين من كل أنحاء العالم، موجهة التحية لجميع الفائزين، وللغة العربية.

يشار إلى أنه في عام 2024، توصلت الجائزة بمشاركات من 35 دولة حول العالم، تمثل أفراداً ومؤسسات معنية بالترجمة، من بينها 17 دولة عربية. وقد اختيرت اللغة الفرنسية لغة رئيسية ثانية إلى جانب اللغة الإنجليزية، بينما اختيرت الهنغارية والبلوشية والتترية واليوربا في فئة اللغات القليلة الانتشار.

الفائزون بالدورة العاشرة

وفاز بالجائزة هذا العام «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية»، في المركز الثاني رانية سماره عن ترجمة كتاب «نجمة البحر» لإلياس خوري، والثالث إلياس أمْحَرار عن ترجمة كتاب «نكت المحصول في علم الأصول» لأبي بكر ابن العربي، والثالث (مكرر): ستيفاني دوغول عن ترجمة كتاب «سمّ في الهواء» لجبور دويهي.

وعن «فئة الترجمة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية»، فاز بالمركز الثاني الحُسين بَنُو هاشم عن ترجمة كتاب «الإمبراطورية الخَطابية» لشاييم بيرلمان، والثاني (مكرر) محمد آيت حنا عن ترجمة كتاب «كونت مونت كريستو» لألكسندر دوما، والثالث زياد السيد محمد فروح عن ترجمة كتاب «في نظم القرآن، قراءة في نظم السور الثلاث والثلاثين الأخيرة من القرآن في ضوء منهج التحليل البلاغي» لميشيل كويبرس، والثالث (مكرر): لينا بدر عن ترجمة كتاب «صحراء» لجان ماري غوستاف لوكليزيو.

من ندوة «الترجمة من اللغة العربية وإليها... واقع وآفاق» (الشرق الأوسط)

أما (الجائزة التشجيعية)، فحصل عليها: عبد الواحد العلمي عن ترجمة كتاب «نبي الإسلام» لمحمد حميد الله. بينما فاز في «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية»، حصلت على المركز الثالث: طاهرة قطب الدين عن ترجمة كتاب «نهج البلاغة» للشريف الرضي. وذهبت الجائزة التشجيعية إلى إميلي درومستا (EMILY DRUMSTA) عن ترجمة المجموعة الشعرية «ثورة على الشمس» لنازك الملائكة.

وفي (فئة الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية) حصل على المركز الثاني مصطفى الفقي وحسام صبري عن ترجمة كتاب «دليل أكسفورد للدراسات القرآنية» من تحرير محمد عبد الحليم ومصطفى شاه، والثاني (مكرر): علاء مصري النهر عن ترجمة كتاب «صلاح الدين وسقوط مملكة بيت المقدس» لستانلي لين بول.

وفي «فئة الإنجاز»، في قسم اللغة الفرنسية: (مؤسسة البراق)، و(دار الكتاب الجديد المتحدة)، و«في قسم اللغة الإنجليزية»: (مركز نهوض للدراسات والبحوث)، و(تشارلز بترورث (Charles E. Butterworth)، وفي لغة اليورُبا: شرف الدين باديبو راجي، ومشهود محمود جمبا. وفي «اللغة التترية»: جامعة قازان الإسلامية، و«في قسم اللغة البلوشية»: دار الضامران للنشر، و«في اللغة الهنغارية»: جامعة أوتفوش لوراند، وهيئة مسلمي المجر، وعبد الله عبد العاطي عبد السلام محمد النجار، ونافع معلا.

من ندوة «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة» (الشرق الأوسط)

عقدٌ من الإنجاز

وعقدت الجائزة في الذكرى العاشرة لتأسيسها ندوة ثقافية وفكرية، جمعت نخبة من أهم العاملين في مجال الترجمة والمثاقفة من اللغة العربية وإليها، تتناول الندوة في (الجلسة الأولى): «الترجمة من اللغة العربية وإليها: واقع وآفاق»، بينما تتناول (الجلسة الثانية): «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة، وكيفية تطوير هذا الدور».

وخلال مشوارها في عشر سنوات، كرّمت الجائزة مئات العاملين في الترجمة من الأفراد والمؤسسات، في نحو 50 بلداً، لتفتح بذلك آفاقاً واسعة لالتقاء الثقافات، عبر التشجيع على الاهتمام بالترجمة والتعريب، ولتصبح الأكبر عالمياً في الترجمة من اللغة العربية وإليها، حيث اهتمت بها أكثر من 40 لغة، كما بلغت القيمة الإجمالية السنوية لمجموع جوائزها مليوني دولار.

ومنذ تأسيسها، كرمت الجائزة 27 مؤسسة ودار نشر من المؤسسات التي لها دور مهم في الترجمة، و157 مترجماً و30 مترجمة، حيث فاز كثيرون من مختلف اللغات الحية عبر العالم. حتى اللغات التي يتحدث بها بضعة ملايين بلغتها الجائزة وكرمت رواد الترجمة فيها من العربية وإليها. أما اللغات الكبرى في العالم فكان لها نصيب وافر من التكريم، مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألانية والصينية والكورية واليابانية والتركية والفارسية والروسية.

وشملت الجائزة كذلك ميادين القواميس والمعاجم والجوائز التشجيعية للمترجمين الشباب وللمؤسسات الناشئة ذات الجهد الترجمي، وغطت مجالات الترجمة شتى التخصصات الإنسانية كاللغوية والتاريخية والدينية والأدبية والاجتماعية والجغرافية.

وتتوزع فئاتها على فئتين: «الكتب المفردة»، و«الإنجاز»، تختص الأولى بالترجمات الفردية، سواء من اللغة العربية أو إليها، وذلك ضمن اللغات الرئيسية المنصوص عليها في هذه الفئة. وتقبل الترشيحات من قبل المترشح نفسه، ويمكن أيضاً ترشيح الترجمات من قبل الأفراد أو المؤسسات.

أما الثانية فتختص بتكريم الجهود الطويلة الأمد المبذولة من قبل الأفراد والمؤسسات في مجال الترجمة من اللغة العربية أو إليها، في عدة لغات مختارة كل عام، وتُمنح الجائزة بناء على عدد من الأعمال المنجزة والمساهمة في إثراء التواصل الثقافي والمعرفي.