اشتباكات الليبيين تصل إلى معرض القاهرة الدولي للكتاب

مؤيدو القذافي حاولوا الاعتداء على شلقم ورشقوه بالبيض

اشتباكات الليبيين تصل إلى معرض القاهرة الدولي للكتاب
TT

اشتباكات الليبيين تصل إلى معرض القاهرة الدولي للكتاب

اشتباكات الليبيين تصل إلى معرض القاهرة الدولي للكتاب

امتدت الاشتباكات بين الفصائل الليبية المتناحرة إلى معرض القاهرة الدولي للكتاب بالعاصمة المصرية، حيث نشبت مساء أول من أمس مشادة عنيفة بين مؤيدي ومعارضي الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، نال فيها عبد الرحمن شلقم، وزير الخارجية الليبي الأسبق، القدر الأكبر من الهجوم، الذي تنوع ما بين التراشق بالألفاظ والكراسي وإلقاء «البيض»، قبل أن تقوم قوات الأمن المصرية بالسيطرة على الموقف وتفريق الموجودين.
وجاءت الاشتباكات خلال ندوة «الثقافة في مواجهة التطرف»، التي عقدت بالمعرض للحديث عن الوضع الليبي، بحضور حلمي النمنم، وزير الثقافة المصري الذي كرمه شلقم، وعقب انتهاء التكريم وانصراف النمنم بدأ أنصار القذافي بالهتاف له، واصفين القذافي بأنه الفاتح وبطل القومية العربية.
كما اتهموا وزير خارجية ليبيا الأسبق بالعمالة باعتباره طالب مجلس الأمن بتدخل «الناتو» في ليبيا عسكريًا، مما تسبب في مقتل الكثير من الأسر، قائلين: «أنت سلمت ليبيا لأميركا يا عميل الأميركان وحبيب (داعش)»، مستنكرين استضافته في معرض القاهرة للكتاب، كون مصر قلب العروبة النابض وأرضها الطاهرة، ورفع الغاضبون صور القذافي.
وحاول أنصار القذافي الاعتداء عليه، وقاموا بإلقاء زجاجات المياه والبيض على الوزير الأسبق، مما دفع منظمي الندوة إلى تهريب شلقم، ووزير الثقافة الليبي خالد نجم من القاعة الرئيسية.
وتدخلت الشرطة للسيطرة على الموقف، وقامت بإخلاء أرض المعارض بالقوة، وبالفعل تم إخلاء المعرض من الجمهور وموظفي هيئة الكتاب قبل الانتهاء من أعمالهم المكلفين بها، كما احتجزت قوات الشرطة مجموعة من مؤيدي القذافي داخل القاعة، وقررت التحقيق معهم لمعرفة ملابسات الواقعة.
وتعد هذه الاشتباكات هي المرة الثانية داخل المعرض بين الليبيين، حيث شهدت ندوة ليبية تحت عنوان «الوفاق الوطني آمال وتطلعات» يوم الاثنين الماضي صداما بين الليبيين.
وعملية الاعتداء على شلقم شملت أيضًا عبد الحفيظ غوقة المتحدث السابق باسم المجلس الوطني الانتقالي الذي تشكل عقب ثورة 17 فبراير (شباط)، والكاتب الصحافي والإعلامي الليبي محمود شمام، وهرول جميعهم إلى خارج القاعة، بينما هتف شباب ليبي: «الوطن للجميع».
بعض المثقفين الليبيين أبدوا أسفهم لما جرى داخل معرض القاهرة الدولي للكتاب، معتبرين ما حدث مؤشر على خطورة الأوضاع التي وصل إليها المجتمع الليبي وحالة التجاذبات السياسية والانقسامات التي باتت تسود الشارع الليبي، التي شملت حتى المهجرين خارج الوطن، معتبرين ما جرى من أشخاص يمثلون النخب الليبية ينذر ليس فقط بزيادة تأزم الأوضاع، ولكن زوال الدولة نفسها.
وقالت علياء العبيدي مندوبة المجتمع المدني الليبي في القاهرة: «على الليبيين أن يتخلصوا من عقدة الماضي، من سبتمبر (أيلول) وفبراير على السواء، وليكن ولاؤهم للوطن لتبقى ليبيا فوق الجميع».
وأضافت العبيدي وهي إحدى القيادات النسائية في ثورة فبراير: «لو أعلم أن الأمور ستطور إلى هذا الحد ما شاركت في ثورة فبراير».
وتابعت: «كنا أشبه بالفراشات نحلم بالحرية وحسبنا السراب شراب والنار نور فاحترقنا»، وأكدت العبيدي على أهمية أن يكون للمثقف الليبي دور حقيقي في هذه المحنة التي تعيشها البلاد «فنريد قلبًا أبيض وراية بيضاء نتجاوز بهما الحاضر المزعج إلى المستقبل الذي يليق بنا، لتكون ليبيا للجميع وعلينا أن نتجاوز هذه الثنائيات البغيضة التي رسخها الغرب والجماعات الإرهابية من أجل تدمير ليبيا والليبيين». وقد أفرجت أجهزة الأمن المصرية عن 5 ليبيين قد احتجزتهم في معرض الكتاب، على خلفية الاشتباكات التي اندلعت مساء أمس.
وعبد الرحمن شلقم من أذرع النظام الليبي في عهد العقيد معمر القذافي، عمل رئيسًا لهيئة الصحافة والإعلام ثم سفيرًا لليبيا لدى إيطاليا، وبعد ذلك كلفه العقيد القذافي بوزارة الخارجية، وبعد التصالح مع الغرب كلف عبد الرحمن شلقم من قبل القذافي بأن يكون سفيرًا لليبيا لدى واشنطن ثم مندوبًا لليبيا في الأمم المتحدة لكن شلقم كان أول المنشقين عن نظام القذافي مع بداية ثورة فبراير 2011 وبكى لتدخل الغرب عسكريًا في ليبيا.
وقال رئيس الهيئة العامة للكتاب المصرية، هيثم الحاج، تعليقًا على أحداث ندوة شارك فيها مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة السابق، عبد الرحمن شلقم، في معرض الكتاب: «إن الندوة تم إنهاؤها بناءً على طلب المشاركين».
وقال الحاج في بيان صدر بعد الندوة: «في إطار رسالة معرض القاهرة الدولي للكتاب في عامه الحالي، تحت عنوان (الثقافة في المواجهة)، ودعمًا للعلاقات الثقافية بين مصر والدول العربية كافة، استضاف المعرض مجموعة من الفعاليات الثقافية لكثير من الدول العربية مثل البحرين والكويت وتونس والسعودية، والإمارات وليبيا ولبنان، وفي إطار المشاركة الرسمية للوفد الرسمي الليبي الشقيق». وأضاف الحاج في بيانه: «في أثناء الفعالية قام بعض الحضور بالتشويش والهتاف ضد المنصة بعد بدء حديث السيد عبد الرحمن شلقم بدقائق معدودة، مما أسفر عن إنهاء الفعالية بناء على طلب المنصة والوفد الرسمي المشارك نظرًا لصعوبة استكمال الندوة، وتم استيعاب الموقف واحتواؤه من إدارة المعرض والمنظمين».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».