القضاء على بلعيد.. ضربة إلى «القاعدة» ومعركة الحسم مؤجلة

كان يسمى «الرجل الخفي».. ويتحرك في مثلث عدن وأبين ولحج

القضاء على بلعيد.. ضربة إلى «القاعدة» ومعركة الحسم مؤجلة
TT

القضاء على بلعيد.. ضربة إلى «القاعدة» ومعركة الحسم مؤجلة

القضاء على بلعيد.. ضربة إلى «القاعدة» ومعركة الحسم مؤجلة

يؤكد الخبراء في مجال محاربة الإرهاب أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب تلقى ضربة قوية بمقتل جلال بلعيد المرقشي، الذي يصنف على أنه آخر القادة العسكريين في الجيل الأخير من التنظيم في اليمن، والذين قتل الكثير منهم في ظروف مماثلة، أي بواسطة الطائرات الأميركية بدون طيار «الدرون»، والتي باتت تتحرك في المناطق التي يوجد فيها مشتبهون بالانتماء لتنظيم القاعدة، بصورة شبه يومية.
كان بلعيد هو الرجل الأول للقاعدة في محافظة أبين وكان يتحرك، بشكل مكثف، في إطار مثلث محافظات عدن وأبين ولحج، إلى جانب أنه كان يتكئ على ما يشبه الحماية القبلية من قبيلة المراقشة، التي شهدت مناطقها انطلاق أولى عمليات المتشددين بداية وأواخر تسعينات القرن الماضي، حيث شكلت جبال المراقشة، في السابق، معقلا مهما لتلك الجماعات المتشددة، منذ ما بعد عودتها من أفغانستان، والتي اتهمت من قبل بعض الأحزاب والأطراف السياسية بتنفيذ سلسلة اغتيالات لقادة عسكريين وسياسيين ومثقفين من المنتمين للحزب الاشتراكي اليمني وأحزاب أخرى، مطلع عقد التسعينات.
وبحسب الخبير اليمني في شؤون الإرهاب، سعيد عبيد الجمحي، فإن شخصية بلعيد أحيطت، الفترة الماضية، بنوع من الهالة حول قدراته في التحرك السريع وفي التخفي (ويسمى الرجل الخفي) وعدم القدرة على رصد تحركاته أو الإمساك به. ولذلك يؤكد الجمحي لـ«الشرق الأوسط» أن مقتله يشكل ضربة قوية، خاصة في ظل استمرار مسلسل قتل القيادات بواسطة الطائرات الأميركية من دون طيار، وهو الأمر الذي يعتقد أنه يشكل إنهاكا للتنظيم المتطرف.
ورغم التطورات التي يشهدها اليمن منذ الثورة الشعبية ضد نظام الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، عام 2011، وحتى التمرد والانقلاب على الشرعية والحرب التي تقودها دول التحالف في اليمن، بقيادة المملكة العربية السعودية لإعادة الشرعية، فإن تعقب الأجهزة الأميركية لقيادات وعناصر القاعدة في اليمن لم تتوقف، رغم مغادرة القوات الأميركية، الخاصة بمكافحة الإرهاب، التي كانت ترابط في قاعدة العند، بمحافظة لحج بجنوب البلاد، للقاعدة العسكرية الاستراتيجية قبيل اجتياحها من قبل الميليشيات الحوثية وتواطؤ القوات الموالية للمخلوع صالح من داخل القاعدة، مطلع العام الماضي. لكن السلطات اليمنية، ونظرا لظروف الحرب مع المتمردين الحوثيين، لم تتمكن من مواجهة التنظيم المتشدد الذي سيطر على مدن سواحل محافظة حضرموت وأجزاء واسعة من محافظة أبين إلى جانب بعض أجزاء محافظة شبوة.
غير أن الباحث الجمحي يعتقد أن العمليات العسكرية ضد تنظيم القاعدة لطرده من المناطق التي يسيطر عليها حاليا، معركة مؤجلة إلى حين اكتمال السيطرة على العاصمة صنعاء وإنهاء انقلاب الحوثي - صالح على السلطة والشرعية، كما يؤكد أن «المعارك التي تدور والتي تدار من الجو ضد القاعدة، تحقق انتصارات قوية، وقد تكون تمهيدية للمواجهات المباشرة على الأرض»، مع تأكيده، أيضًا، أن تنظيم القاعدة في اليمن «فقد الكثير من قياداته ومن الصعب أن يتم تعويض تلك القيادات».
ويأتي مقتل بلعيد وعدد من رفاقه في الغارة التي استهدفت مركبتهم في وادي ضيقة بمديرية المحفد بمحافظة أبين، والذين دفنوا، وفقا لشهود عيان، في مقبرة الطميسي بمدينة زنجبار، وسط إطلاق رصاص مكثف من قبل عناصر التنظيم الذي يسيطرون على المحافظة منذ 2011، بتواطؤ من القوات الموالية للمخلوع صالح، بعد أيام قلائل على سيطرة مسلحي التنظيم على مدينة عزان في محافظة شبوة، فيما تعد مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، هي المركز الرئيسي للتنظيم في اليمن، حاليا.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.