تخوف عراقي بشأن استراتيجية واشنطن الجديدة تجاه المنطقة الغربية

أعلنت الحكومة العراقية، أمس، أنها تسلمت دفعة جديدة لم تعلن عن عددها من طائرات «F16» الأميركية إلى إحدى القواعد الجوية العراقية. وقالت الوزارة في بيان لها إن «قائد القوة الجوية الفريق الركن أنور حمه أمين، استقبل دفعة جديدة من طائرات (F16) التي وصلت إلى إحدى القواعد الجوية».
وأضافت الوزارة أن هذه «الدفعة تشكل تكملة لسلسلة الدفعات التي ستصل للعراق في القريب العاجل استكمالاً للعقد المبرم بين جمهورية العراق والولايات المتحدة الأميركية نهاية هذا العام». ويأتي تسليم هذه الدفعة من الطائرات في ظل جدل سياسي حول استراتيجية واشنطن الجديدة في العراق، لا سيما بعد تحرير مدينة الرمادي قبل نحو شهر ونصف الشهر، ومع بقاء المعارك مستمرة في محيط المدينة وأطرافها وتزايد الاهتمام الأميركي بشأن الموصل، الأمر الذي أصبح الأكثر إثارة للجدل في مختلف الأوساط السياسية العراقية لا سيما قادة «الحشد الشعبي» والفصائل المسلحة الذين باتوا يرون أن استبعادهم من معركة تحرير الرمادي ومن ثم الموصل إنما هو جزء من مخطط يهدف إلى إقامة الإقليم السني في المنطقة الغربية من العراق.
وفي هذا السياق يرى عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي عن كتلة التغيير الكردية هوشيار عبد الله في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «المشكلة تكمن في أن الاستراتيجية الأميركية السياسية والعسكرية في المنطقة غير واضحة إلى حد كبير وهو ما يجعل من الصعب التعاطي معها نظرًا للمتغيرات التي يمكن أن تحصل فيها»، مشيرًا إلى أن «الأميركان اتبعوا ما بعد 2003 سياسة خاطئة، وذلك بالتعامل مع جهة على حساب جهة أخرى، وهو ما جعلهم في حالة صداقة مع طرف وعداء مع طرف آخر، وهو ما انعكس على أدائهم في مختلف الميادين».
وأضاف عبد الله أن «الأميركان يقولون إنهم يدعمون الحكومة المركزية وهو أمر جيد سواء على مستوى التسليح أو حتى المواقف السياسية لكنهم مثلا يعبرون عن مواقف أخرى تتناقض مع هذا المبدأ في الوقت الذي أيدوا خلال السنوات الأولى التي تلت سقوط النظام السابق الشيعة، فإنهم اليوم يبدون أكثر قربًا من السنّة كما أنهم في الوقت الذي يقولون فيه إنهم أصدقاء للكرد فقد دخلوا طرفًا حتى في الخلافات الحزبية بين القوى الكردية وهو أمر لم يكن سليمًا».
على صعيد متصل، يرى الخبير العسكري العراقي العميد المتقاعد ضياء الوكيل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «تسليم الولايات المتحدة الأميركية دفعة جديدة من طائرات (إف 16)، إنما هو استحقاق متأخر، حيث كان ينبغي أن يتم تسليم هذه الطائرات، البالغ عددها 36 طائرة خلال عام 2013، حيث كانت الحجة في التأخير أن قاعدة بلد الجوية، وهي من كبرى القواعد الجوية في العراق، لم تكن مهيأة لاستقبال هذا النوع من الطائرات». وأضاف الوكيل أنه «في الوقت الذي لم يعلن عن عدد الطائرات التي تم تسلمها، سبق أن تسلمنا أربع طائرات، وهو ما يعني أننا حتى الآن ليس لدينا سرب واحد من هذه الطائرات المكونة من ثلاثة أسراب، وهي حتى لو وصلت كلها، فإنها لن تكفي لعمليات الاستطلاع والدوريات نظرًا لسعة رقعة المعركة ضد تنظيم داعش». وبشأن ما إذا كان هناك تغير في الاستراتيجية الأميركية أكد العميد الوكيل أن «استراتيجية أميركا الجديدة هي بالإضافة إلى عمليات الدعم اللوجيستي والاستشارة والتدريب، فإنها بدأت تعمل على إقامة مناطق نفوذ بواسطة حلفاء في شمال العراق مع الأكراد والأتراك الذين دخلوا العراق في منطقة بعشيقة بضوء أخضر أميركي وفي المنطقة الغربية مع العشائر السنية وصولا إلى شمال شرقي سوريا مع قوات سوريا الديمقراطية».
وأوضح الوكيل أن «دخول روسيا الكثيف في سوريا هو الذي أدى إلى هذا المتغير المهم في الاستراتيجية الأميركية بحيث بدا التركيز الأميركي على الموصل أكثر من الرمادي»، كاشفًا عن «قيام الولايات المتحدة الأميركية بتوسيع مطار رميلان في سوريا في منطقة الحسكة لتعزيز وجودها وإنزال طائراتها بدءًا من الموصل، حيث الهدف هو خلق بيئة صديقة هناك تشمل العشائر السنية غرب العراق والأكراد والأتراك شمالاً وسوريا شرقًا».